«السودان» و«فلسطين» على رأس ملفات قمة جدة

السفير حسام زكي لـ«الشرق الأوسط»: رئاسة السعودية للقمة قوة دفع كبيرة للعرب

اجتماع سابق على مستوى المندوبين بجامعة الدول العربية (الشرق الأوسط)
اجتماع سابق على مستوى المندوبين بجامعة الدول العربية (الشرق الأوسط)
TT

«السودان» و«فلسطين» على رأس ملفات قمة جدة

اجتماع سابق على مستوى المندوبين بجامعة الدول العربية (الشرق الأوسط)
اجتماع سابق على مستوى المندوبين بجامعة الدول العربية (الشرق الأوسط)

في بهو فندق الهيلتون في جدة، كانت الوفود العربية حاضرةً بشكل كبير، والتجهيزات لتحضيرات قمة جدة، يوم الجمعة، تسير بشكل دقيق، وقف السفير حسام زكي مساعد الأمين العام للجامعة العربية، يتحدث بتفاؤل كبير بأن قمة جدة ستكون «قمة التجديد والتغيير» بعد أن خرج من اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري، يوم الاثنين، وذلك عطفاً على توقعاته بأن النهج السعودي في التعامل خلال رئاسة القمة سيكون مختلفاً، وقال: «لعلنا نشهد تجديداً وتغييراً في أسلوب التعامل».

سألت السفير زكي عن التحضيرات للقمة، فأجاب بأنها على وشك الانتهاء، في انتظار أن يعقد وزراء الخارجية اجتماعهم، الأربعاء، لمناقشة كافة الموضوعات، وحسم المعلق منها في حال وجوده، على حد تعبيره. وأضاف: «كل شيء سيكون جاهزاً أمام القمة لاعتماده، ونمضي قدماً في العمل العربي برئاسة السعودية من بعد 19 مايو (أيار) الحالي».

اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري التي عقدت في جدة يوم الاثنين (الشرق الأوسط)

الجهود السعودية

يجزم الأمين العام المساعد للجامعة العربية، بأن فترة الرئاسة السعودية للقمة العربية ستكون مبشرة وقوة دفع كبيرة للعرب. وقال: «السعودية تشهد حالة نشاط دبلوماسي وسياسي طيب ومبشر، ورئاستها للقمة العربية ستكون رئاسة نشيطة حريصة على المصلحة العربية».

وتابع: «المملكة دائماً تسعى لأن تكون هناك إضافة عربية في مختلف الملفات، والأمل معقود بأن تشكل هذه القاطرة العربية المهمة قوة دفع كبيرة لكي يتمكن العرب من إيجاد حلول عربية للمشكلات العربية».

ملفات قمة جدة

الملف السوداني سوف يتصدر أبرز الملفات الساخنة لقمة جدة، حسب السفير حسام زكي، مبيناً أن «وضع السودان يمثل وضعاً ضاغطاً ومؤسفاً، واستمراره للأسف يؤثر بالسلب على استقرار دولةٍ عضو مهمةٍ في المنظومة العربية، ونأمل لجهود وقف هذا الصدام المسلح أن تتكلل بالنجاح».

وأضاف: «كلنا تابعنا الجهد السعودي الأميركي الذي تكلل بالتوصل لهدنة، ولكن المأمول أكثر من ذلك أن يكون هناك عمل مضنٍ لكي نسعى للتوصل إلى وقف مستمر لإطلاق النار، هناك مجموعة اتصال عربية مشكلة بقرار الجامعة الأخير في 7 مايو (أيار) من السعودية ومصر والأمين العام، ونتوقع أن تجتمع اللجنة على مستوى وزراء الخارجية على هامش القمة، والهدف هو بحث كيفية التحرك قدماً لتحقيق هذا الهدف».

ولفت زكي إلى أنه بالإضافة للسودان «هناك ملفات سياسية مهمة دائماً تأتي في مقدمتها فلسطين، لكن ليس أقلها الأوضاع في مناطق الأزمات العربية، والعلاقات التي بدأت تأخذ شكلاً جديداً ما بين الدول العربية من جانب، وبعض الدول الإقليمية من جانب آخر، ونعني إيران وتركيا».

عودة سوريا

طالب الأمين العام المساعد للجامعة العربية بالنظر إلى عودة سوريا لحضن الجامعة باعتبارها بداية لمرحلة جديدة في التعامل مع الوضع في سوريا، وقال: «على مدار 12 سنة كان هناك تعامل من الجامعة العربية مع الأزمة السورية يتسم بشكل أساسي بأن الحكومة في دمشق جمدت مشاركتها في كافة أنشطة الجامعة، الآن هذه المرحلة انتهت».

ثم يتساءل بقوله: «لماذا وصلنا إلى هذه النقطة، الحقيقة كان لدى جميع الدول انطباع بأن الجامعة العربية غائبة تماماً عن أي مساعٍ لمساعدة سوريا للنهوض من عثرتها، وحل الأزمة السورية بشكل سياسي يسمح بعودتها والنهوض على قدميها، وأن تقدم لشعبها ما هو مأمول».

وتابع: «لكنْ الحقيقة اكتشف الجانب العربي أن المجتمع الدولي ربما بفعل تداعي أحداث كثيرة أصبح يضع ملف سوريا في موقف متأخر من أولوياته، طبعاً حدثت أمور كثيرة، أهمها حرب أوكرانيا وغيرها، وهذا أدى إلى (أن) تداعيات الأزمة السورية (تكون) على الدول المجاورة كبيرة مثل تجارة المخدرات والإرهاب واللاجئين، وهي مسائل ضاغطة جداً على الواقع في الدول المجاورة لسوريا ودول عربية أخرى».

وختم السفير حديثه عن الملف السوري بقوله: «وبالتالي الأمل هنا أنه من خلال الآلية الجديدة التي تم إنشاؤها، واللجنة التي شكلت عربياً لمتابعة الموضوع والاتصالات يمكن لها أن تفتح فصلاً جديداً في التعامل العربي مع الوضع السوري وتساعد السوريين في الخروج من أزماتهم الحالية».

العلاقة مع إيران

قال السفير حسام زكي، إن الجامعة العربية ترى الاتفاق السعودي الإيراني جيداً، ويمكن أن تنتج عنه أمور إيجابية تنعكس على الاستقرار في المنطقة إذا خصلت النيات، ونعني النيات الإيرانية، مبيناً أن هناك اتفاقات سابقة، وربما النيات لم تخلص، أو كانت هناك اعتبارات عديدة أدت لعدم تنفيذ الالتزامات.

وأضاف: «المأمول أنه إذا خلصت النيات، ونفذت الالتزامات، أن تشهد هذه المنطقة شكلاً من أشكال استرخاء العلاقة بين الأقطار العربية من جانب، وبين إيران من جانب آخر، لأن تاريخنا الحديث في هذه العلاقة ليس جيداً ومليئاً بالتدخلات السلبية، لكننا نريد فتح صفحة جديدة، وهذا الاتفاق بمثابة صفحة جديدة، وإذا خلصت النيات يمكننا أن نحقق الكثير لمصلحة شعوب المنطقة».

 

السفير حسام زكي مساعد الأمين العام للجامعة العربية (الشرق الأوسط)

دور الجامعة العربية وإصلاحها

بكل هدوء، حاول السفير زكي التفريق بين الانتقادات المتكررة لأداء الجامعة، والدعوات لإصلاحها، قائلاً إن الأمرين منفصلان. وقال: «فيما يتعلق بحضور الجامعة العربية في الملفات والأزمات العربية، نحن حاولنا ونحاول قدر الإمكان أن يكون علم الجامعة العربية موجوداً في كافة المحافل، وأن يكون لها رأي وإسهام في أي أزمة أو مشكلة عربية».

واستطرد بقوله: «لكن كيف يمكن أن تأتي بأزمة ما تم الإلقاء بها تحت عتبة المجتمع الدولي في مجلس الأمن، ثم نقول الجامعة لم تقم بدورها! إذا طرح الموضوع على مجلس الأمن، فما هو المطلوب من الجامعة العربية، وأزيد بالقول إن مجلس الأمن لم يستطع حل الموضوع أو يتعامل معه، هذا أمر فيه إجحاف».

ولفت زكي إلى أنه «من الغرابة أحياناً أن نجد أن إرادات الدول العربية تجمع على شيء فيتحقق، إذن المسألة مسألة إرادة، إذا وجدت فالأمور تتحقق، هذا أمر يجب أن يكون واضحاً للجميع، الجامعة العربية هي محصلة إرادات دولها».

فيما يرى الأمين العام المساعد للجامعة العربية أن الإصلاح مصطلح حق يراد به إلى حد كبير التعطيل، مبيناً أن إصلاح الجامعة العربية ليس المشكلة، حيث إن لها عنواناً هو الأمين العام، وهو المخول بفعل الميثاق والممارسة والعرف أن يتحرك وله هامش من التحرك وليست الإصلاحات التي تعوقه، على حد تعبيره.

وأضاف: «لكن أخبرني عن الدول التي لا تدفع مستحقاتها ومساهماتها للجامعة (لا نريد تسميتها)، وهل هذا أمر يصب في مصلحة الجامعة أم لا، هل هذا يمّكن الجامعة من أداء الأدوار المنوطة بها أم لا، كلمة الإصلاح جميلة ووقعها لطيف ومستعملة في محافل كثيرة، لكن قل لي ما هي الإشكالية التي نريد التعامل معها وأقول لك هل تستحق إصلاحاً أم لا».

وأعطى السفير مثالاً قبل عام 2005 عندما تعرضت الجامعة العربية لهجوم ضارٍ لعدم التصويت على القرارات والاكتفاء بالتوافق، لافتاً إلى أن «الجامعة العربية اعتمدت نظام التصويت منذ عام 2005، أي منذ 18 سنة، لكنه لم يستخدم مرة واحدة».

وبعيداً عن العمل، يقول السفير حسام إنه يقرأ حالياً كتاب «300 ألف عام من الخوف» للكاتب جمال أبو الحسن، كما يحاول مشاهدة بعض أفلام الأبيض والأسود، وسماع بعض الموسيقى أحياناً أخرى.

حقائق

نظام التصويت في الجامعة العربية

الجامعة العربية اعتمدت نظام التصويت منذ عام 2005 ولم يستخدم مرة واحدة


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي: قمة الفرصة الأخيرة لإنقاذ أوكرانيا

أوروبا أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل ببلجيكا 16 يوليو 2025 (رويترز) play-circle

الاتحاد الأوروبي: قمة الفرصة الأخيرة لإنقاذ أوكرانيا

اليوم تقف أوروبا أمام مفترق حاسم يضع الاتحاد أمام المحك في لعبة متقاطعة بين روسيا والولايات المتحدة والصين، تتقاذف أطرافها الكرة الأوكرانية.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا إيمانويل ماكرون مرحباً بزيلينسكي عند مدخل قصر الإليزيه (إ.ب.أ)

قمة ماكرون - زيلينسكي تطلق مروحة اتصالات أوروبية

مشاورات مكثفة وموسعة جذبتها القمة بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأوكراني فولوديمير زيلنسكي في باريس.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا خلال لقاء رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين روسيا 28 نوفمبر 2025 (أ.ب)

بوتين خلال استقباله أوربان: سأكون سعيداً بعقد لقاء مع ترمب في بودابست

أكّد الرئيس الروسي بوتين خلال لقائه رئيس الوزراء المجري أوربان، الجمعة، أنه سيكون سعيداً بعقد لقاء قمة مع نظيره الأميركي ترمب في بودابست.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال جلسة اليوم الثاني لقمة قادة «مجموعة العشرين» (واس)

السعودية تؤكد التزامها بالعمل مع «العشرين» لمنظومة اقتصادية أكثر شمولاً وعدالة

أكدت السعودية، الأحد، التزامها بمواصلة العمل مع دول مجموعة العشرين لتعزيز منظومة اقتصادية أكثر شمولاً وعدالة واستدامة، تقوم على التعاون والابتكار وتكافؤ الفرص.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف (إ.ب.أ)

الكرملين ينفي تكهنات بوجود خلاف بين لافروف وبوتين

نفى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الجمعة، التكهنات بوجود خلاف بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والرئيس فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

حزم سعودي لفرض الاستقرار الأمني شرق اليمن

تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
TT

حزم سعودي لفرض الاستقرار الأمني شرق اليمن

تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)

دفع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي في شرق اليمن بدعم إماراتي، تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية إلى اللجوء إلى مسار الحزم لفرض الاستقرار السياسي والأمني في اليمن بعد أسابيع من محاولات لنزع فتيل الأزمة، حيث نفذ التحالف، الثلاثاء، ضربة جوية وقائية لاستهداف شحنة عسكرية غير قانونية في ميناء المكلا، بالتزامن مع التشديد على ضرورة خروج قوات أبوظبي من اليمن خلال 24 ساعة والتوقف عن تسليح أي طرف استجابة لطلب القيادة اليمنية الشرعية.

وفي حين جددت السعودية، التزامها بأمن اليمن واستقراره، وسيادته، ودعمها الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، عبرت في بيان لوزارة خارجيتها عن أسفها لما قامت به دولة الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة، تُعد تهديداً للأمن الوطني للمملكة، والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة.

وقالت وزارة الخارجية السعودية «إن تلك الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تُعد بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تخدم جهوده في تحقيق أمن اليمن واستقراره».

المجلس الانتقالي الجنوبي يحاول إخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (رويترز)

وأكدت السعودية في هذا الإطار أن أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني هو خط أحمر لن تتردد المملكة حياله في اتخاذ جميع الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده.

وجددت الرياض تأكيدها أن «القضية الجنوبية» في اليمن قضية عادلة، لها أبعادها التاريخية، والاجتماعية، وأن السبيل الوحيد لمعالجتها هو عبر طاولة الحوار ضمن الحل السياسي الشامل في اليمن، الذي ستشارك فيه جميع الأطياف اليمنية بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي.

وشددت الخارجية السعودية على أهمية استجابة الإمارات لطلب اليمن بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن.

وقال البيان إن السعودية تأمل أن تسود الحكمة وتغليب مبادئ الأخوة، وحسن الجوار، والعلاقات الوثيقة التي تجمع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومصلحة اليمن، وأن تتخذ الإمارات الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتي تحرص المملكة على تعزيزها، والعمل المشترك نحو كل ما من شأنه تعزيز رخاء وازدهار دول المنطقة واستقرارها.

ضربة وقائية محدودة

في سياق الإجراءات الوقائية لحماية المدنيين، أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، أن قوات التحالف الجوية، قامت صباح الثلاثاء، بتنفيذ عملية عسكرية «محدودة» استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت بميناء المكلا بمحافظة حضرموت.

وأوضح المالكي أنه في يومي السبت والأحد، الموافق 27-28 ديسمبر (كانون الأول) 2025، تم دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف.

وأشار المتحدث باسم التحالف إلى أن طاقم السفينتين قام بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين، وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، مما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍّ سلمي، وكذلك انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015.

لقطة جوية لشحنة عسكرية وصلت إلى ميناء المكلا لدعم المجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ب)

وقال المالكي: «استناداً لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، لقوات التحالف باتخاذ جميع التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت من السفينتين بميناء (المكلا)، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

خفض التصعيد

أكد المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، تركي المالكي، استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي حضرموت والمهرة، ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف إنجاح جهود السعودية والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع.

المجلس الانتقالي الجنوبي نفذ تصعيداً عسكرياً أحادياً في حضرموت والمهرة (أ.ف.ب)

وكان التحالف دعا قبل تنفيذ الضربة جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكداً أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعياً الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.


مسؤول يمني: الرئاسة تحركت لمواجهة تهديد مباشر لأمن البلاد

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

مسؤول يمني: الرئاسة تحركت لمواجهة تهديد مباشر لأمن البلاد

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

أكد مسؤول يمني أن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي جاءت للحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية، ومواجهة خطر داهم لأمن واستقرار ووحدة اليمن، لا سيما والخطر الحوثي لا يزال ماثلاً.

وأوضح الدكتور متعب بازياد نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني أن قرارات مجلس الدفاع الوطني اليمني، كمؤسسة دستورية، باركت جهود الأشقاء في السعودية لخفض التصعيد واحتواء الموقف المتأزم وحماية المدنيين في المحافظات الشرقية ووقف الانتهاكات بحقهم.

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «الأخ الرئيس كان طيلة الفترة الماضية يكرّس في كل اللقاءات والمناسبات، وحتى في أوج الخلاف بين القوى السياسية، أهمية الحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية في الوعي العام وعقل الدولة، وقاتل قتالاً شرساً دون اهتزاز هذا المركز، كأهم أعمدة مظاهر السيادة ووحدة القرار والسيادة».

وقال: «من هذا المركز استمدّت القرارات التي تتحدث عنها اليوم قوتها ومشروعيتها، فالقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية له سلطات واسعة تكفي لاتخاذ ما يلزم بشأن الحفاظ على وحدة البلاد والذود عن سيادتها وسلامة أراضيها وحياة الشعب وكرامته».

استخدام القوة خارج القانون

أشار الدكتور بازياد إلى أن تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية منذ الوهلة الأولى، جاء بطلب الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس السابق، ولتحقيق أهداف محددة، أبرزها حماية مسار الانتقال السلمي للسلطة في اليمن من تغوّل أي طرف يستخدم القوة العسكرية لفرض رؤيته أو مشروعه السياسي للحل دون إرادة الشعب، وخلافاً للمسار السلمي الذي حددته المرجعيات السياسية الثلاث (المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة).

وتابع: «في تلك اللحظة التي انقلب فيها الحوثي وصالح على هذا المسار السلمي، تشكّل في اليمن مشهد ميليشيات منفلتة هدّدت حياة اليمنيين، كما زعزعت الأمن والسلم في الجوار والمنطقة، واليوم يتشكّل مشهد مشابه في استخدام القوة خارج القانون وخارج أطر المؤسسات الدستورية لفرض مشروع سياسي يهدد وحدة البلاد ويزعزع الأمن والسلام في أجزاء واسعة من اليمن، المحافظات الشرقية على وجه التحديد».

وبحسب نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني فإن «وجود قوات متمردة في هذه المناطق الشرقية يمثل أيضاً حساسية خاصة لأمن واستقرار الأشقاء في المملكة وسلطنة عُمان، اللتين أبدتا قلقهما الواضح جراء تدهور الوضع الأمني في حضرموت والمهرة وعلى الحدود».

مواجهة خطر داهم

يؤكد الدكتور متعب بازياد أن «المملكة العربية السعودية، كقائدة لتحالف دعم الشرعية، إلى جانب قيادة الدولة اليمنية، كانتا أمام خطر داهم لأمن واستقرار ووحدة اليمن، لا سيما والخطر الحوثي لا يزال ماثلاً، وأيضاً أمام تهديد عابر للحدود، فكانت قرارات مجلس الدفاع الوطني اليمني، كمؤسسة دستورية، التي باركت جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية لخفض التصعيد واحتواء الموقف المتأزم وحماية المدنيين في المحافظات الشرقية ووقف الانتهاكات بحقهم».

وأضاف: «المملكة تقوم بدور مقدّر في هذا الميدان انطلاقاً من التزامها السياسي والأخلاقي بقيادة مساعي إحلال السلام في اليمن».

عربات عسكرية محترقة جراء الضربة التي نفذها تحالف دعم الشرعية في اليمن ضد دعم عسكري خارجي في ميناء المكلا فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)

مخرجات الحوار الوطني

أوضح الدكتور متعب أن المحافظات الشرقية (حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى) التي توصّل أبناؤها إلى صيغة تكامل فيما بينها من خلال إقليم فيدرالي وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل، تُعدّ أكثر جهات اليمن تقبّلاً لحضور الدولة وثقافة القانون، وهذه بيئة مناسبة للمساهمة في بناء مشروع وطني جامع انطلاقاً منها.

وقال: «أعتقد أن هذه فرصة سانحة أن تلتفت الدولة اليمنية لمطالب هذه الجهة وتطلعات أبنائها التي لا تختلف عن تطلعات سائر اليمنيين في بناء دولة اتحادية تقوم على مبدأ الشراكة في السلطة والتوزيع العادل في اقتسام الثروة والموارد».

وختم حديثه بالقول: «هذه الخطة - مخرجات الحوار الوطني - يساهم تحالف دعم الشرعية في دعمها ورعاية مسارها السلمي، ومعه المجتمع الدولي أيضاً، الذي ينشد أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية من العالم التي يقع اليمن في قلبها».


العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

TT

العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الالتزام بحماية المدنيين وصون المركز القانوني للدولة ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن ويقوّض فرص السلام.

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه، حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

توضيح الموقف

أوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا، «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، وُصفت بأنها تمرد على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأشار رئيس «مجلس القيادة» إلى أن «الدولة حققت خلال السنوات الأخيرة، وبدعم من الأشقاء والأصدقاء، إنجازات ملموسة في مكافحة الإرهاب، شملت تفكيك خلايا إرهابية وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية، إلى جانب نجاحات متقدمة في مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات». وأكد أن مكافحة الإرهاب قرار سيادي تمارسه مؤسسات الدولة المختصة، وأنه لا يجوز استخدامه ذريعة لتبرير التصعيد أو فرض وقائع خارج إطار الشرعية.

معدات وآليات عسكرية في ميناء المكلا قدمتها الإمارات لـ«الانتقالي» دون إذن «التحالف» والشرعية (أ.ف.ب)

وبشأن حضرموت، أكد العليمي أن إجراءات إعادة التموضع في وادي حضرموت كانت في مراحلها الأخيرة ضمن خطة انتشار لقوات «درع الوطن»، أُقرت من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وصدّق عليها شخصياً، وبما يحقق الأمن والاستقرار دون الحاجة إلى أي تصعيد عسكري. وأضاف أن رئاسة الدولة، «حرصاً منها على تغليب الحلول السياسية، وجّهت بتشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى من قيادة الدولة والمكونات السياسية لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، غير أن هذه الجهود قوبلت بالتعطيل والإصرار على المضي في مسار التصعيد».

تحكيم العقل

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني دعوته قيادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى تحكيم العقل وإعلاء المصلحة العليا للشعب اليمني، وإلى تسريع انسحاب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة دون قيد أو شرط، محذراً بأن استمرار التصعيد أفضى إلى إهدار مكاسب سياسية واقتصادية وتنموية، وفاقم من معاناة المواطنين.

وأكد العليمي أن الدولة ستواجه أي تمرد على مؤسساتها بحزم، وفقاً للدستور والقانون وقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك رفع أي غطاء سياسي عن مرتكبي الانتهاكات، مشدداً على أن دماء اليمنيين «خط أحمر» لا تهاون فيه.

مسلح من أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» (أ.ف.ب)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بـ«الدور الأخوي الذي تضطلع به السعودية في دعم اليمن وشرعيته الدستورية وقيادة جهود خفض التصعيد، انطلاقاً من المصالح والتحديات المشتركة»، مؤكداً أن هذا الدعم سيظل محل وفاء وتقدير في الذاكرة الوطنية. وفي المقابل، أعرب عن «أسف بالغ للدور الإماراتي المتزايد في دعم تمرد المجلس الانتقالي»، مستشهداً ببيان «قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية» بشأن شحنات سلاح وعتاد عسكري وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح، وما تضمنه من دلائل على تقويض سلطة الدولة وتهديد وحدة الجمهورية وسلامة أراضيها.

وشدد العليمي على أن اليمن لا يحتمل فتح جبهات استنزاف جديدة، وأن طريق الخلاص تكمن في دولة المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، والشراكة في السلطة والثروة، والسلام، واحترام مبادئ حسن الجوار.