إشارات مودّة إيرانية لمصر تؤكد «دفء العلاقات»

وجدت في لقاء المنتخبين المنتظر بكأس العالم «فرصة» لتعزيز التعاون

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع نظيره الإيراني في القاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع نظيره الإيراني في القاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

إشارات مودّة إيرانية لمصر تؤكد «دفء العلاقات»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع نظيره الإيراني في القاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع نظيره الإيراني في القاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

تتواصل إشارات «المودة» الإيرانية إلى مصر، بما يعكس «دفء العلاقات» الثنائية بين البلدَين أخيراً، في وقت رأى فيه خبراء أن علاقات القاهرة وطهران «مستقرة وفي تطور، ولا ينقصها سوى استعادة فتح السفارات».

ونظر رئيس «مكتب رعاية المصالح الإيرانية» في القاهرة، مجتبى فردوسي بور، إلى وجود منتخب بلاده لكرة القدم مع نظيره المصري في مجموعة واحدة خلال مباريات كأس العالم المقبل «فرصة لتعزيز التعاون والأخوة والصداقة» بين البلدَين. وأشار في رسالة عبر صفحة «المكتب» على موقع «فيسبوك»، يوم الأحد، إلى «تحسن الأجواء ودفء العلاقات الثنائية بين القاهرة وطهران، استناداً إلى الخطوات العملية البناءة التي جرت خلال الفترة الأخيرة».

ووضعت قرعة كأس العالم 2026 المنتخب المصري لكرة القدم في المجموعة الثامنة إلى جانب إيران وبلجيكا ونيوزيلندا.

وعدّ فردوسي بور، اللقاء الرياضي الذي سيجمع منتخبَي البلدَين «سيمثّل حلقة جديدة في سلسلة الروابط التاريخية والحضارية العميقة بين مصر وإيران». وقال في رسالته: «نرحب بإخواننا المصريين في كل ميدان يقربنا من بعضنا، سواء في ملعب كرة القدم، أو في ساحة الحوار والتعاون المشترك». واختتم رسالته بشعار: «عاشت الأخوّة الإيرانية-المصرية».

وكان البلدان قد قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979 قبل أن تُستأنف بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال. وشهد العامان الماضيان لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدَين، لتتطور في مايو (أيار) 2023 بتوجيه رئاسي إيراني لوزارة خارجية بلادها باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر.

والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان على هامش «قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي»، التي عُقدت في مصر، ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ويُشار إلى أن إشارات «المودة» الإيرانية لمصر تزامنت مع اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الإيراني، عباس عراقجي، أشادا فيه بـ«وتيرة اللقاءات والاتصالات بين الجانبَين الفترة الأخيرة». وأكدا «مواصلة التشاور والتنسيق حول الموضوعات الثنائية، وتعزيز التعاون بما يحقق المصالح المشتركة»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، الأحد.

اتصال عبد العاطي وعراقجي تناول تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد وزير الخارجية المصري أهمية «مواصلة جهود خفض التصعيد وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار، للتوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي الإيراني، وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».


مقالات ذات صلة

رئيس «منظمة الطاقة الإيرانية»: حاجتنا النووية حتمية

شؤون إقليمية إسلامي يشرح للرئيس مسعود بزشكيان نماذج من أجهزة الطرد المركزي في معرض للبرنامج النووي خلال أبريل الماضي (أرشيفية - الرئاسة الإيرانية)

رئيس «منظمة الطاقة الإيرانية»: حاجتنا النووية حتمية

«السياسات النووية للبلاد تُدار وفق منظومة خاضعة للخبرة وليست بيد شخص واحد. مصلحة البلاد تقتضي متابعة الموضوع حتى تُرفع العقوبات، والسعي مستمر لحلّ هذه المشكلة».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن محاكمة إيراني أوروبي اعتُقل خلال الحرب مع إسرائيل بتهمة التجسّس

أعلنت السلطة القضائية في إيران أنّ مواطناً إيرانياً أوروبياً اعتُقل خلال الحرب الأخيرة التي استمرّت 12 يوماً مع إسرائيل، أُُحيل إلى المحاكمة بتهمة التجسّس.

«الشرق الأوسط» (طهران)
الخليج الأمين العام جاسم البديوي (مجلس التعاون)

«مجلس التعاون» يستنكر التصريحات الإيرانية تجاه دول الخليج

أعرب جاسم البديوي أمين عام مجلس التعاون، عن استنكار دول الخليج وإدانتها للتصريحات الإعلامية الصادرة عن مسؤولين إيرانيين تجاهها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية صور لقادة عسكريين وعلماء نوويين قُتلوا في الضربات الإسرائيلية على إيران خلال يونيو الماضي (رويترز)

عراقجي: مستعدون لمفاوضات نووية جدّية مع واشنطن

«إن الخلاف الرئيسي لا يزال يتمثل في رفض واشنطن الاعتراف بحق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية البيت الأبيض وضع ملصقات لأشخاص وُصفوا بأنهم مهاجرون غير شرعيين تم القبض عليهم (أرشيفية - رويترز)

50 إيرانياً سيعودون من الولايات المتحدة بعد تشديد سياسة الهجرة الأميركية

خدمات الهجرة الأميركية قررت طرد نحو 400 إيراني موجودين حالياً في الولايات المتحدة، معظمهم دخلوا بشكل غير قانوني.

«الشرق الأوسط» (طهران)

ليبيا: إنفاق حكومي «متزايد» في مقابل أزمات معيشية خانقة

محافظ المصرف المركزي الليبي في اجتماع سابق مع رئيس ديوان المحاسبة والنائب العام ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الليبي في اجتماع سابق مع رئيس ديوان المحاسبة والنائب العام ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المصرف المركزي)
TT

ليبيا: إنفاق حكومي «متزايد» في مقابل أزمات معيشية خانقة

محافظ المصرف المركزي الليبي في اجتماع سابق مع رئيس ديوان المحاسبة والنائب العام ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الليبي في اجتماع سابق مع رئيس ديوان المحاسبة والنائب العام ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المصرف المركزي)

على الرغم من الارتفاع القياسي في إنفاق السلطتَيْن التشريعية والتنفيذية، تواصل ليبيا الغرق في حالة الانقسام السياسي، من دون أي خطوات ملموسة لتوحيد المؤسسات أو فتح مسار سياسي واضح. وفي المقابل، تتصاعد الأعباء المعيشية على المواطن، في مشهد يراه متابعون دليلاً جديداً على «غياب أي عائد فعلي لهذا الإنفاق المتنامي».

الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (مكتب الدبيبة)

وقد بدا هذا الواقع أكثر وضوحاً مع الزيادة الكبيرة في نفقات حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ومجالس: («الرئاسي»، و«النواب»، و«الأعلى للدولة»)، التي ارتفعت بنحو 42 في المائة خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، لتصل إلى نحو 5.7 مليار دينار، مقارنةً بنحو 4 مليارات دينار في الفترة نفسها من العام الماضي، بفارق يناهز 1.7 مليار دينار، حسب أرقام المصرف المركزي (الدولار يساوي 5.43 دينار في السوق الرسمية، و8.19 دينار في الموازية)

ورغم هذه الأرقام الضخمة للنفقات، فإنه ومن وجهة نظر وزير النفط السابق محمد عون، «غير ذات جدوى»، بل عدها «تبذيراً وتفريطاً في ثروة ليبيا». ويعتقد عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بوجود «فساد غير مسبوق ومخالفة واضحة للقوانين والتشريعات النافذة»، مسلطاً الضوء على قرارات النائب العام الصديق الصور بحبس عدد من المسؤولين على مختلف المستويات.

هذا الإنفاق العام أيضاً، ورغم تضخّمه، فإنه -وحسب رؤية المحلّل السياسي حسام الفنيش- «لم يُترجم إلى خطوات جادّة لتوحيد المؤسسات أو إنهاء حالة الانسداد السياسي عبر مسار انتخابي واضح».

ويرى الفنيش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة لا تكمن في حجم الإنفاق فقط، بل في غياب العائد السياسي والاقتصادي له، إذ يُستخدم المال العام لتدوير الأزمة بدلاً من دفع التنمية، في حين يدفع المواطن الثمن من قوته الشرائية اليوم ومن فرصه المستقبلية غداً».

وسبق أن حذّر تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في يونيو (حزيران) 2025 من أن «الانقسام السياسي والهشاشة المؤسسية يعوقان قدرة السلطات الليبية على ضبط الإنفاق العام، ما يجعل تحقيق إصلاحات مالية أو هيكلية صعباً».

ويرى الباحث السياسي الليبي محمد الأمين أن «الأرقام المعلنة حول حجم الإنفاق العام في ليبيا تكشف عن خلل جوهري في أولويات الصرف، إذ إن الأموال التي كان يُفترض أن تُترجم إلى بنى تحتية فعّالة أو مشاريع تنموية أو منظومات حماية اجتماعية، تحوّلت عملياً إلى أدوات لصناعة الولاءات وتمويل شبكات النفوذ».

ويضيف الأمين لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً كبيراً من هذا الإنفاق لا يذهب لتلبية احتياجات المواطنين؛ بل لتثبيت تحالفات السلطة والسلاح وتأمين استقرار سياسي مؤقّت يأتي على حساب التنمية والعدالة»، مشيراً إلى أن «المال العام يُدار خارج منطق الدولة الحديثة، ليُستخدم وسيلة لإدارة توازنات سياسية واجتماعية هشّة، لا بوصفه رافعة اقتصادية أو تنموية».

ويتساءل: «إلى متى يمكن لهذا النمط من الإنفاق أن يستمر دون مساءلة حقيقية؟»، محذّراً مما سمّاه «التسيّب المالي»، ويرى أن تداعياته ستكون لها «تكلفة باهظة على المجتمع الليبي ومستقبل الدولة».

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي (الحكومة)

في المقابل، لم تُسجّل مسارات توحيد الحكومتَيْن الليبيتَيْن أو المؤسسة العسكرية المنقسمة أي تقدّم ملموس خلال العامين الماضيين، رغم سخاء الإنفاق، حسب مراقبين رأوا أن محاولات الحل ظلّت رهينة المناورات الداخلية والمبادرات الدولية التي لم تُثمر شيئاً، في بلد يعيش انقساماً مزمناً بين حكومتَين؛ «الوحدة» في الغرب برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى تهيمن على الشرق والجنوب بقيادة أسامة حماد.

الملاحظ أن هذا الإنفاق المتزايد من جانب السلطتَين التشريعية والتنفيذية يتزامن مع شكاوى لا تنقطع من قطاعات من الليبيين من نقص السيولة، والأزمات المعيشية الخانقة، وعدم وصول الكتاب المدرسي إلى الطلاب، بالإضافة إلى احتجاجات مرضى الأورام والأمراض المزمنة، وهي حالات ترصدها وسائل الإعلام المحلية ونشطاء المجتمع المدني ولا يتم إنكارها رسمياً.

ويعتقد الفنيش أن «جزءاً كبيراً من النفقات يُصرف تحت مسمّيات (الإعمار والتنمية) دون أثر حقيقي؛ ما يحوّلها إلى دورة مالية مغلقة داخل شبكات مصالح، ويزيد الضغوط على الاستقرار المالي والنقدي»، في وقت تتآكل فيه القدرة الشرائية لليبيين ويستمر تراجع قيمة الدينار.

كما أن هذه المعطيات تفتح الباب واسعاً أمام الحديث عن الفساد، خصوصاً بعد ترتيب ليبيا المتدنّي في آخر تقرير لـ«الشفافية الدولية» العام الماضي، بعدما حلّت في المرتبة الـ173 من أصل 180 دولة بمؤشر مدركات الفساد، متراجعةً عن العام الذي قبله بثلاث مراتب، وذلك إلى جانب تقارير الأجهزة الرقابية الرسمية وأبرزها «ديوان المحاسبة».

ويربط رئيس حزب الائتلاف الجمهوري، عز الدين عقيل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، هذا الإنفاق الحكومي بالحالة السياسية في عموم البلاد، قائلاً إن «مستوى الفساد وإهدار المال العام بلغ درجات غير مسبوقة»، عادّاً حجم النهب «يفوق ما شهدته أي دولة خلال القرن الأخير»، وأن المؤسسات المالية والاقتصادية «تعاني ترهّلاً حاداً نتيجة هذا الانفلات».

ويرى بعض السياسيين أن زيادة الإنفاق من جانب السلطات الليبية لا يمكن فصلها عن الأدوار الدولية المتصاعدة على المسار الاقتصادي، في ظل واقع تصفه المبعوثة الأممية هانا تيتيه بـ«حالة عدم اليقين الاقتصادي» الناتجة عن غياب ميزانية موحدة، ما يزيد هشاشة الاقتصاد ويعقّد أداء مؤسسات الدولة.

ويصف محلّلون هذا المسار بأنه شكل من «تدوير الأزمة» بدلاً من معالجتها، يحذّر خبراء اقتصاد وسياسة من أن استمراره سيحمّل ليبيا كلفة اجتماعية وسياسية واقتصادية باهظة في المديين القريب والبعيد.


حراك سياسي في الجزائر مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية

أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» منذر بودن خلال تجمع في جنوب الجزائر (إعلام حزبي)
أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» منذر بودن خلال تجمع في جنوب الجزائر (إعلام حزبي)
TT

حراك سياسي في الجزائر مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية

أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» منذر بودن خلال تجمع في جنوب الجزائر (إعلام حزبي)
أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» منذر بودن خلال تجمع في جنوب الجزائر (إعلام حزبي)

تشهد الساحة السياسية في الجزائر حراكاً لافتاً في ظل التحضير للانتخابات التشريعية والمحلية المقرر تنظيمها قبل نهاية النصف الأول من عام 2026. وتبرز في هذا السياق عودة تشكيلتَي المعارضة، «حزب العمال» و«جبهة القوى الاشتراكية»، بعد غيابهما عن الاستحقاقات السابقة.

وكثف رؤساء الأحزاب السياسية، في الأيام الأخيرة، تنقلاتهم عبر البلاد؛ فهم يجوبون الولايات، ويلتقون المناضلين والمتعاطفين، ويعيدون تنظيم هياكلهم المحلية لتعزيز وجودهم وحشد قواعدهم.

وركّز «التجمع الوطني الديمقراطي» الموالي لسياسات الحكومة، على التنمية في مناطق الجنوب، خلال تجمّع في تمنراست في أقصى الجنوب، حيث أكد أمينه العام، منذر بودن بأنه «سيدافع عن بناء مطار دولي في الولاية يكون قادراً على منافسة، بل وتجاوز، مطار العاصمة». وأشار إلى أن جميع الخطوط الجوية التي تربط أوروبا وأميركا الشمالية بأفريقيا، تعبر المجال الجوي لتمنراست، وهي ميزة يراها حاسمة لإنشاء مطار دولي بالولاية. ولفت بودن إلى اقتناء الخطوط الجوية الجزائرية طائرات جديدة، في المدة الأخيرة، مؤكداً على «ضرورة وضع برنامج خاص مدعوم من الحكومة لتوسيع أسطوله لربط تمنراست بجميع العواصم الأفريقية».

ودعا عبد الكريم بن مبارك أمين عام «حزب جبهة التحرير الوطني»، وهو الحزب الأول في البرلمان، خلال تجمع بغرب البلاد، إلى «تقوية الجبهة واليقظة الدائمة لمواجهة الخصومات الخارجية»، مناشداً الجزائريين «الالتفاف حول الخيارات السيادية للبلاد ومواقفها على الساحة الدولية».

وحسب بن مبارك، فإن البلاد «تتقدم بثقة نحو البناء والتنمية معتمدة على إمكاناتها الذاتية، وهذا التوجه يزعج أطرافاً معينة تسعى إلى زرع الشك حول الدولة ومؤسساتها»، من دون توضيح ما يقصد، ولكن كلامه جزء من سردية رسمية تحذّر من احتمال تعرض الدولة لمضايقات من الخارج، على أساس أن مواقفها من بعض الملفات «باتت مزعجة»، منها نزاع الصحراء والوضع في غزة منذ العدوان الإسرائيلي عليها عام 2023.

الأمين العام لـ«حزب جبهة التحرير الوطني» عبد الكريم بن مبارك خلال تجمع دعائي (إعلام حزبي)

رسائل سياسية إلى الخارج

وشدد بن مبارك على «التماسك الوطني»، مؤكداً أن «رسالتنا لمن يزعجهم حرصنا على سيادة قرارنا هي: جيشها متين ومؤسساتنا راسخة وشعبها موحد، وكلنا نشكل جسداً واحداً وقلباً واحداً». وندّد بن مبارك بـ«تصرفات جماعات إرهابية تنشط في الخارج تسعى للمساس بالوحدة الوطنية (...) وكل هذه المحاولات مصيرها الفشل»، في إشارة ضمنية إلى ما يسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل» التي أعلنت عن إطلاق «دولة مستقلة» في 14 ديسمبر (كانون الأول) 2025 بفرنسا.

من جهته، أكد فاتح بوطبيق، رئيس «حزب جبهة المستقبل» المتماشي مع خطط السلطة التنفيذية، في لقاء مع المناضلين بورقلة (800 كلم جنوب)، أن «الظرف الحالي يتطلب تكاتف جهود الجميع لبناء جزائر قوية»، مذكراً بأن المسؤولين الحكوميين «مطالبون بالوجود في الميدان للإصغاء إلى انشغالات المواطنين، خاصة في مناطق الجنوب التي تواجه تحديات متعددة». وأشار إلى «أهمية إدماج المزيد من الكفاءات الشابة في الخطط الاقتصادية جديدة».

ووفق فاتح بوطبيق، فإن حزبه مستعد للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، «وسنقدم مقترحات عملية قادرة على المساهمة في تحسين الخدمة العمومية ودعم الاستثمار المحلي، بهدف الاستجابة إلى تطلعات المواطنين وتحسين معيشتهم».

رفع القيود عن الصحافة

أما رئيس حزب «صوت الشعب» الأمين عصماني، فدعا خلال مهرجان دعائي بوسط البلاد، إلى «إرساء إطار قانوني فعلي وعملي يضمن للصحافيين ممارسة مهنتهم في ظروف مناسبة»، في إشارة إلى مضايقات تتعرض لها وسائل إعلام وصحافيين، حيث أدان القضاء، الخميس الماضي، «عميد الصحافيين» سعد بوعقبة بالسجن 3 سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة «الإساءة إلى رموز الثورة».

وفي مؤتمر صحافي عقده بعد نهاية التجمع، خاطب عصماني الصحافيين بقوله: «أنتم، بشكل أو بآخر، سلطة تنظيم الحياة السياسية، نحن في حاجة إلى نقدكم وتساؤلاتكم، وعلينا كسياسيين أن نضمن لكم وضعاً يليق بكم». وأبرز أن «طريق حرية الصحافة طويل، على رغم ما تحقق من مكاسب». وتابع: «صحيح أن الصحافة الجزائرية راكمت إنجازات عدة، غير أن صحافيينا في حاجة إلى مساحة أكبر من الحرية ليؤدوا مهامهم بكرامة ووفق الضوابط المهنية، من خلال نقل مختلف الآراء بكل حرية».

الأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون خلال اجتماع مع كوادر الحزب (إعلام حزبي)

بدورها، عرضت الأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون، على كوادر حزبها، ما دار بينها وبين الرئيس عبد المجيد تبون خلال لقائها به يوم 25 من الشهر الماضي، مؤكدة أنها ناقشت معه مشروع تعديل قانون الأحزاب السياسية، الذي انتقدته بعض الأحزاب بدعوى أنه «يقيد حريتها في النشاط».

وفي الشهر نفسه، ترأست اجتماعاً لأطر الحزب في شرق البلاد، حيث تم تقييم الوضع الاقتصادي، مع التأكيد على ضرورة تعزيز حضور الحزب ميدانياً والاستعداد الجيد للمواعيد السياسية القادمة.

أما «جبهة العدالة والتنمية» المعارضة، فشددت خلال اجتماع ترأسه زعيمها عبد الله جاب الله، على «رفض الغلق السياسي والإعلامي، والمطالبة برفع القيود عن الحريات وإطلاق سراح معتقلي الرأي». كما دعا جاب الله إلى «إعادة الاعتبار للعمل السياسي ودور الأحزاب، وإصلاح المنظومة القانونية للانتخابات بما يضمن نزاهتها ويمنح اللجنة المستقلة صلاحيات فعلية».

زعيم «حزب جبهة العدالة والتنمية» عبد الله جاب الله (إعلام حزبي)

وطالب جاب الله أيضاً بإصلاحات اقتصادية عاجلة «لمواجهة التضخم وتدهور القدرة الشرائية، وتحسين تسيير الاقتصاد الوطني». مع التأكيد على «ضرورة التحكم في قيمة الدينار كي تكون أي زيادات في الأجور ذات أثر حقيقي». داعياً مناضلي الحزب إلى تعزيز حضورهم الميداني استعداداً للاستحقاقات السياسية المقبلة.


«مخالفات النواب» تقود لمطالب بإصلاح انتخابي في مصر

توافد على اللجان الانتخابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب -أرشيفية)
توافد على اللجان الانتخابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب -أرشيفية)
TT

«مخالفات النواب» تقود لمطالب بإصلاح انتخابي في مصر

توافد على اللجان الانتخابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب -أرشيفية)
توافد على اللجان الانتخابية في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب -أرشيفية)

جدل واسع صاحب الانتخابات البرلمانية الحالية في مصر، ودفع رئيس البلاد للتدخل، والتوجيه بمعالجة «مخالفات» شابت العديد من دوائرها، لتعلو معه أصوات تطالب بتغيير النظام الانتخابي ككل. وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» الحاجة الماسة لتغيير نظام القوائم المعمول به حالياً لاختيار نصف عدد المقاعد.

ومنتصف الشهر الماضي حث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الهيئة الوطنية للانتخابات المشرفة على العملية الانتخابية على «التدقيق التام عند فحص هذه الأحداث والطعون المقدمة بشأنها»، واتخاذ ما يلزم من قرارات، بما في ذلك إعادة الانتخابات «حتى يأتي أعضاء مجلس النواب ممثلين فعليين عن شعب مصر تحت قبة البرلمان».

وعقب التوجيه الرئاسي مباشرة قررت الهيئة الوطنية للانتخابات إلغاء انتخابات مجلس النواب في 19 من أصل 70 دائرة انتخابية بالجولة الأولى نظراً لطعون، و«مخالفات».

وأكدت الهيئة أنها ألغت نتائج التصويت على المقاعد الفردية في 19 من أصل 70 دائرة انتخابية بالجولة الأولى، بعد تلقي طعون، وتوثيق مخالفات. وقال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات حازم بدوي في مؤتمر صحافي إن المخالفات شملت الدعاية الانتخابية أمام مراكز الاقتراع، وعدم إعطاء المرشحين أو مندوبيهم صورة من محضر حصر الأصوات، والتفاوت في عدد الأصوات في اللجان الفرعية، واللجان العامة.

وفي 10 الشهر الماضي تم فتح باب الاقتراع للجولة الأولى من بين جولتين لانتخاب مجلس النواب، الذي تمتد ولايته التشريعية إلى غاية نهاية الولاية الثالثة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي الأخيرة له بموجب الدستور الحالي.

ومنذ بدء التصويت، ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو ترصد مخالفات، وأحاديث لمرشحين عن اتهامات تتعلق بعدم السماح لهم بالمنافسة النزيهة خلال الانتخابات، حتى إن البعض طالب بإلغاء الانتخابات كلياً، خاصة بعد صدور أحكام قضائية ببطلان العديد من الدوائر الفردية بسبب المخالفات، ورغم التدخل الرئاسي، وإجراءات الهيئة المنظمة للانتخابات لمعالجة المخالفات، لم يتوقف الجدل، وذهب البعض إلى ضرورة تغيير النظام الانتخابي نفسه.

إقبال على لجان الاقتراع في انتخابات مجلس النواب المصري (تنسيقية شباب الأحزاب)

ويرى الإعلامي والبرلماني مصطفى بكري أنه: «بالقطع كل شيء وارد بعد أن يمارس مجلس النواب المقبل مهامه، ومن حق أي نائب أو مجموعة طرح قانون جديد للانتخابات، وتغيير نظامها جزئياً أو كلياً بشرط المحافظة على الثوابت المنصوص عليها في الدستور، وخصوصاً ما نصت عليه المواد المتعلقة بتمثيل المرأة، والفئات المتميزة إيجابياً، وهي العمال، والفلاحين، والأقباط، والشباب، وذوي الهمم، والمصريين في الخارج». وتابع بكري لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان هناك أي نظام انتخابي يحقق التمثيل المنصوص عليه لتلكم الفئات بحيث لا نصطدم مع الدستور فهو مرحب به قطعاً، ولا شك أنه بعد ما حدث في الانتخابات الحالية فإن الأمر يحتاج إلى نقاش، وأيضاً مراجعة أحكام المحكمة الدستورية العليا التي أبطلت قانون القوائم النسبية 3 مرات، ومن ثم فكل ذلك يقود إلى قواسم مشتركة، سواء بالإبقاء على النظام الحالي، أو تغييره».

ونظم قانون مجلس النواب إجراءات النظام الانتخابي في مصر التي تجمع بين النظامين الفردي والقوائم المغلقة المطلقة بواقع 284 مقعداً للنظام الفردي، و284 مقعداً بنظام القوائم المغلقة المطلقة. وخول القانون الخاص لمجلس النواب تخصيص مقاعد لعدد من الفئات بالمجتمع، من بينها «المرأة، والشباب، والأقباط، وذوو الإعاقة، والمصريون بالخارج، والعمال، والفلاحون».

ويتضمن القانون الحق للأحزاب السياسية والمستقلين الترشح في دوائر كل من نظامي الانتخاب، ولا يجوز للمترشح أن يجمع بين الترشح في دائرتين بالنظام الفردي، أو في قائمة انتخابية، وعلى مقعد فردي، أو في أكثر من قائمة انتخابية.

ورغم أن المخالفات التي تم رصدها في الانتخابات الحالية وأحكام البطلان طالت الدوائر الفردية فقط، فإن الحديث لا يتوقف عن كون القوائم يشوبها عوار قبل العملية الانتخابية، وتحدث البعض عن دور كبير للمال السياسي في تحديد المرشحين على القوائم.

ويقول مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع: «بجانب المخالفات الصارخة، فمُناخ الانتخابات نفسه تغير نتيجة تغير المرشحين، إذ لم يعد هؤلاء مجرد نخبة من ملاك الأراضي، والتجار، والصناع، والعلماء، والمثقفين، إذ زاد فوق كل هؤلاء ما نضح به النظام الاقتصادي، والاجتماعي الذي تغير، وتبدل بعد عدة عقود، بفعل الحراك الاقتصادي، والاجتماعي الذي ساهم في تبدل الطبقات، ونخب الأعمال، والمستثمرين».

وجرت الانتخابات العام الحالي مناصفة وفق نظامي «الفردي» و«القائمة المطلقة المغلقة». وضمِنت «القائمة الوطنية»، التي تضم أحزاباً موالية ذات أغلبية نيابية سابقة أبرزها «مستقبل وطن» و«حماة الوطن» و«الجبهة الوطنية»، الفوز بمقاعد القائمة في المرحلتين الأولى والثانية، في ظل عدم وجود أي قوائم منافسة.

وشدد ربيع على «الحاجة إلى نظام يستطيع أن يمثل الناس تمثيلاً جيداً، ليكون هناك نظام انتخابي تنافسي، لا يفضي إلى خيار واحد يتم الاستفتاء عليه، كالذي يسمى بالقوائم المطلقة المعيبة دستورياً، وأخلاقياً». وأكد أن هناك العديد من أساتذة القانون الدستوري، وخبراء علم السياسة، وأساطين الانتخابات، والنظم البرلمانية، وبالتعاون، وأخذ رأي الشارع، كل هؤلاء يمكنهم وضع إطار جديد يحقق التمثيل الجيد، والتعبير عن المصالح بأفق أوسع، وأرحب.