«الطعون» تلقي بظلالها على انتخابات «النواب» رغم «فيتو» السيسي

الرئيس المصري قال إن اعتراضه على بعض الممارسات يعكس «عدم رضاه» عنها

ناخبات في طابور أمام مركز اقتراع بمحافظة القاهرة الثلاثاء (أ.ش.أ)
ناخبات في طابور أمام مركز اقتراع بمحافظة القاهرة الثلاثاء (أ.ش.أ)
TT

«الطعون» تلقي بظلالها على انتخابات «النواب» رغم «فيتو» السيسي

ناخبات في طابور أمام مركز اقتراع بمحافظة القاهرة الثلاثاء (أ.ش.أ)
ناخبات في طابور أمام مركز اقتراع بمحافظة القاهرة الثلاثاء (أ.ش.أ)

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، إن بعض ملاحظاته على عملية التصويت في انتخابات مجلس النواب كانت بمثابة «فيتو» لعدم رضاه عنها، «واعتراضاً على بعض الممارسات».

وشدد السيسي خلال حضوره اختبارات كشف الهيئة للطلبة المُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية المصرية والكليات العسكرية، بمقر الأكاديمية بالعاصمة الإدارية الجديدة، على رغبته «في إتمام كل الأمور على خير وجه، وهو ما يتماشى مع رغبة الشعب المصري».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب (الرئاسة المصرية)

ورغم «فيتو» السيسي، تُلقي الطعون القضائية بظلالها على الانتخابات قبل جولات الإعادة المقررة الشهر المقبل. وحددت محكمة القضاء الإداري في مصر، الأربعاء، مصير 259 طعناً قُدمت على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، وقررت إحالة بعض الطعون على الدوائر التي نجح مرشحون فيها إلى محكمة النقض، فيما تم مد أجل البت في دوائر أخرى إلى جلسة السبت المقبل، وفق ما صرح به المحامي أشرف الزواوي لـ«الشرق الأوسط».

ومن المقرر أن تبدأ الهيئة الوطنية للانتخابات في تلقي نتائج المرحلة الثانية عقب إعلان النتيجة الرسمية في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، تمهيداً لمراجعة الطعون المقدمة بشأنها.

«طعون» في الأولى و«نزاهة» بالثانية

وتنوعت الطعون المقدمة للقضاء على نتائج المرحلة الأولى بين طلبات لإلغاء العملية الانتخابية في بعض الدوائر، وإلغاء جولة الإعادة، على خلفية اتهامات بـ«وجود مخالفات في عمليات الفرز والتجميع». كما تضمنت طلباً واحداً بوقف العملية الانتخابية بالكامل في المرحلة الأولى، وطعناً آخر يطالب بإلغاء فوز «القائمة الوطنية» التي أعلنت فوزها بمقعد.

وشهدت المرحلة الأولى من الانتخابات جدلاً واسعاً حول ما يعرف بـ«المال السياسي»، أدى إلى قرار بإلغاء الانتخابات في 19 دائرة بسبع محافظات، على وقع تدخل مباشر من السيسي وتوجيهه لضمان شفافية العملية الانتخابية.

واكتملت في الساعات الأولى من صباح الأربعاء عمليات فرز الأصوات في المرحلة الثانية التي أجريت يومي الاثنين والثلاثاء، وإعلان الحصر العددي في جميع اللجان العامة بمحافظات تلك المرحلة، التي بلغ عدد ناخبيها المؤهلين للإدلاء بأصواتهم 34 مليوناً و611 ألفاً و991 ناخباً، موزعين على 73 دائرة انتخابية تشمل 5287 لجنة فرعية.

وخاض المنافسة بالنظام الفردي 1316 مرشحاً على 141 مقعداً، بالإضافة إلى قائمة انتخابية واحدة في قطاع شرق الدلتا، وقطاع القاهرة، وجنوب ووسط الدلتا.

طابور ناخبين في محافظة جنوب سيناء يوم الثلاثاء (تنسيقية شباب الأحزاب)

وتتجه «القائمة الوطنية»، التي تضم أحزاباً كبرى صاحبة أغلبية برلمانية سابقة وأخرى معارضة، إلى تحقيق «انتصار مريح» بالنظر إلى غياب أي منافس لها، وفق مراقبين. فيما قال مدير «المجموعة المصرية للدراسات البرلمانية»، عبد الناصر قنديل، إن نتائج المرحلة الثانية جاءت «متقاربة إلى حد كبير»، مشيراً إلى أن الحسم قد يتجه بصورة أكبر إلى أصوات المصريين في الخارج.

وأظهرت مؤشرات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب تقدم عدد من مرشحي المعارضة والمستقلين. وبحسب نتائج أولية حقق مرشحون معارضون حضوراً سواء بالفوز مثل عبد المنعم إمام (حزب العدل)، وأحمد فرغلي، وضياء الدين داود، والدكتور رضا عبد السلام (مستقلون)، أو ببلوغ جولة الإعادة مثل أحمد بلال البرلسي (حزب التجمع) وعبد العليم داود (الوفد).

وقال المرشح عبد المنعم إمام لـ«الشرق الأوسط» إن هذه النتائج «تكشف عن نزاهة المرحلة الثانية بالنظر إلى ما شهدته المرحلة الأولى»، متوقعاً «منافسة محتدمة في جولة الإعادة من الصعب توقع نتائجها».

«مرشحو الغلابة»

وتمثلث المفاجأة في المؤشرات الأولية بوصول ما يعرف بـ«مرشحي الغلابة» لجولة الإعادة، وهم مرشحون تمكنوا من الوصول رغم محدودية إمكانياتهم المادية وشراسة المنافسين ومالهم السياسي، بحسب المحامي والحقوقي خالد علي.

وهؤلاء المرشحون هم محمد زهران الموظف بوزارة التربية والتعليم، وعماد الغلبان الباحث القانوني بوزارة المالية، وعماد العدل المدرس بالتربية والتعليم، وعبد الفتاح خطاب النقابي العمالي بالسياحة.

«مرشح الغلابة» عماد العدل ممسكاً طلمبة مياه للإشارة إلى شعاره الانتخابي (صفحته على فيسبوك)

وقال خالد علي عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «هؤلاء الأربعة تحدوا كل الظروف، طافوا على دوائرهم على أقدامهم، وزعوا دعايتهم المحدودة بأنفسهم، واكتسبوا مصداقية لدى الناخبين، وانضم العديد من الشباب لحملاتهم»، متوقعاً أن تكون جولة الإعادة «في غاية الصعوبة بالنسبة لهم».

وحظيت حملة المرشح زهران باهتمام واسع لدى قطاعات من المصريين، اعتماداً على جهده الشخصي وخطابه المناوئ للمال السياسي والرشى.

وقد أدار حملته من مقهى شعبي في حي المطرية بشرق القاهرة، وجاب الشوارع موزعاً ملصقاته بنفسه، وتكفل أحد محلات الكشري بتوفير وجبات لحملته. ووصفه مدير «المجموعة المصرية للدراسات البرلمانية» قنديل بأنه «الحصان الأسود في المرحلة الثانية للانتخابات»، عادّاً ذلك مؤشراً على مستوى من النزاهة وتغير نمط التصويت.

ناخبون في محافظة بورسعيد خلال المرحلة الثانية للانتخابات مجلس النواب الثلاثاء (تنسيقية شباب الأحزاب)

كما أظهرت المؤشرات تراجع بعض الأسماء المحسوبة على أحزاب كبرى، مثل خروج مرشحي حزبَي «مستقبل وطن» و«حماة الوطن» من السباق في فاقوس بالشرقية، بينما تتجه الدائرة إلى جولة إعادة محتدمة على ثلاثة مقاعد بين خمسة مرشحين مستقلين ومرشح واحد فقط من «مستقبل وطن».

«أداء مغاير»

وأوضح قنديل لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً من مرشحي أحزاب التحالف الرئيسي، الذي شكّل الأغلبية في البرلمان السابق، سجّلوا تراجعاً ملحوظاً، وهو ما يعكس تحولات في المزاج الانتخابي مرتبطة بإلغاء النتائج في المرحلة الأولى بعد التجاوزات.

غير أن الهدوء بدا في تلك الأحزاب، إذ قال الأمين العام لحزب «مستقبل وطن» محمد سعفان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن أداء الحزب «كان مُرضياً»، مضيفاً: «الملاحظة الأهم هي زيادة أعداد المشاركة في المرحلة الثانية على المرحلة الأولى، إذ بدأ المصريون يدركون أن صوتهم سيكون له تأثير، مما سيزيد المشاركة في جولة الإعادة».

وأشار قنديل إلى أن محافظات الدلتا قدمت أداءً «لافتاً ومغايراً» للمرحلة الأولى، مضيفاً أن العملية الانتخابية خلال يومي التصويت وأعمال الفرز «عكست مشهداً مختلفاً بصورة واضحة» مقارنة بالمرحلة الأولى وأيضاً بانتخابات عامي 2015 و2020.

ومن المتوقع أن تشهد دائرة مركز ومدينة طنطا تنافساً محتدماً، بعد أن أسفرت النتائج عن جولة إعادة تشمل ثلاثة مرشحين من أحزاب «مستقبل وطن» و«حماة الوطن» و«الجبهة الوطنية»، إلى جانب ثلاثة مستقلين؛ هم الصيدلي عبد القوي غلوش، والمُعلم عبد العزيز إسماعيل، واللواء الغباشي بدير، الذي لم يشمله اختيار «مستقبل وطن» في الجولة السابقة.

وشملت المرحلة الثانية 13 محافظة، هي القاهرة، والقليوبية، والدقهلية، والغربية، والمنوفية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس، وجنوب سيناء، وشمال سيناء.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

شمال افريقيا أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج» أحمد عبد القادر (ميدو) الذي سبق وجرى توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا تُظهر هذه الصورة المأخوذة من مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين مباني مدمرة وأعمدة دخان تتصاعد في الأفق إثر غارات إسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

مصر: لا مجال للحديث عن تقسيم غزة... والانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترمب ضرورة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي شاحنة محمَّلة بمساعدات إنسانية تنتظر الإذن على الجانب المصري من معبر رفح مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس» تدعو الوسطاء للضغط على إسرائيل لفتح معبر رفح في الاتجاهين

دعت حركة «حماس» الوسطاء والدول الضامنة لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار في غزة، إلى ممارسة ضغط جاد على إسرائيل لوقف «خروقاتها» للاتفاق.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا بهو المتحف المصري الكبير (الشرق الأوسط)

رفع قيمة تأشيرة الدخول إلى مصر... هل يؤثر على تدفقات السياحة؟

أثار قرار الحكومة المصرية زيادة «رسوم تأشيرات الدخول» إلى البلاد بنحو 20 دولاراً تساؤلات حول مدى تأثيره على حركة السياحة الوافدة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
TT

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج»، أحمد عبد القادر (ميدو)، الذي سبق توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية في لندن خلال تصديه لما عرف بحملة «حصار السفارات المصرية بالخارج»، في أغسطس (آب) الماضي.

وأعلن الشاب المصري عبر حسابه على «فيسبوك»، الخميس، «إلغاء قرار منعه من السفر وتحديد إقامته والمراقبة، واتخاذه قرار بالعودة إلى مصر»، مشيراً إلى إسقاط غالبية التهم الموجهة ضده، فيما تتبقى أمامه قضية واحدة مرتبطة بـ«تهديد المتظاهرين» ستنظر في أغسطس 2026.

وترجع وقائع القضية إلى إيقاف ميدو من جانب الشرطة البريطانية برفقة نائبه أحمد ناصر عدة ساعات على خلفية الاشتباك مع محتجين مصريين وعرب أمام سفارة مصر في لندن اتهموا خلالها السلطات المصرية بمنع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، قبل الإفراج عن الموقفين إثر اتصال بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ومستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول.

ورغم عودة ناصر بعدها إلى مصر على الفور، ظل ميدو ممنوعاً من مغادرة بريطانيا لحين نظر المحكمة في قضيته التي بدأت في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واستكملت في جلسة الخميس الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

ومنذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، شهدت سفارات وبعثات دبلوماسية مصرية حول العالم احتجاجات ومحاولات «حصار وإغلاق»، بدعوى مطالبة القاهرة بفتح «معبر رفح» على الحدود مع غزة، وإيصال المساعدات لأهالي القطاع الذين يعانون «التجويع»، وذلك رغم تأكيدات مصرية رسمية متكررة على عدم إغلاق المعبر من الجانب المصري، وأن منع دخول المساعدات يعود للقوات الإسرائيلية المسيطِرة على الجانب الفلسطيني من المعبر.

وقال مسؤولون وبرلمانيون مصريون إن حصار السفارات المصرية في الخارج يأتي ضمن «حملات تحريضية» تدبرها جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة في مصر، بهدف «تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية».

وفي رسالته على «فيسبوك»، الخميس، وجه ميدو الشكر إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية عبد العاطي الذي قال إنه لم يتأخر عن الوقوف بجانبه خلال الفترة الماضية.

جانب من استقبال الشاب المصري أحمد ناصر بعد عودته من لندن في أغسطس الماضي (صفحته على فيسبوك)

وقال نائبه ناصر لـ«الشرق الأوسط» إن هناك بلاغات متبادلة بينهما واثنين ممن هاجموا السفارة وإنها ستُنظر أمام القضاء في مايو (أيار) المقبل، بينما ستُنظر بلاغات أخرى مقدمة ضد ميدو في أغسطس، متوقعاً الحصول على براءة من الادعاءات التي ينظرها القضاء البريطاني كونها «احتوت على معلومات غير صحيحة».

وأضاف: «ميدو لا يواجه أي مشكلات قانونية في العودة إلى بريطانيا خلال الفترة المقبلة»، مشيراً إلى أنه سيعود معه لاستكمال مشاريعهما ونشاطهما التجاري مع استمرار سريان إقامتهما الدائمة.

وعَدَّ عضو مجلس النواب مصطفى بكري القرار البريطاني «متوقعاً» ويعكس نجاح جهود الدبلوماسية المصرية في الدفاع عن المواطنين المصريين بالخارج.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ميدو لم يرتكب أي جريمة يعاقَب عليها، وإنما الجريمة هي التي ارتكبها المتطرفون الذين ذهبوا إلى السفارة لمحاصرتها».


عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
TT

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

تلاحق عشرات الطعون القضائية نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، لتضاف إلى سلسلة الطعون التي رافقت المرحلة الأولى، وأدت إلى إعادة الانتخابات في عدة دوائر، وسط جدل سياسي حول إجراءات الاستحقاق البرلماني.

وصوت المصريون، الخميس، في اليوم الثاني (الأخير) للانتخابات في الدوائر الـ19 الملغاة، بالإضافة إلى دائرة إعادة بالفيوم، ضمن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب.

وجرت عمليات التصويت في 1775 لجنة فرعية على مستوى الـ20 دائرة في 7 محافظات، والتي يتنافس فيها 455 مرشحاً على 43 مقعداً.

وتوالت الطعون على المحكمة الإدارية العليا ضد قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات بإعلان نتائج الجولة الأولى للمرحلة الثانية، حيث بلغ عددها حتى منتصف اليوم 200 طعن من مختلف المحافظات المشمولة بالمرحلة، وفق وسائل إعلام محلية.

وتحفظت الهيئة الوطنية للانتخابات عن التعليق على هذا العدد من الطعون، فيما قال المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهيئة ما زالت تنتظر نهاية يوم الخميس، وهو آخر موعد قانوني لتقديم الطعون، وفق الجدول الزمني المعتمد».

وأوضح مصدر قضائي مصري أن الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا ستبدأ فحص ملفات الطعون، وحددت الجلسة الأولى لنظرها في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. كما يحق للمرشحين غير الفائزين التقدم بطعونهم خلال 48 ساعة من إعلان النتيجة.

لقطة من أمام إحدى اللجان الانتخابية بمحافظة الجيزة (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

ونظراً لتزايُد الطعون المرتبطة بالمرحلة الثانية للانتخابات، يرجح أستاذ القانون الدستوري عبد الله المغازي احتمال إعادة الانتخابات في عدد من دوائر المرحلة الثانية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاحتمال «يتوقف على طبيعة الأسباب التي يستند إليها المرشحون في طعونهم، ومدى اقتناع المحكمة بصلابة الحجج القانونية المقدَّمة».

وشدّد المغازي على أن المحكمة تعتمد معياراً رئيسياً يتمثل في التحقق من سلامة العملية الانتخابية، وضمان الالتزام الصارم بالأطر القانونية المنظمة لها قبل إصدار أي قرار بإعادة الاقتراع.

وتوزعت الطعون على المرحلة الثانية للانتخابات على 10 محافظات هي: القاهرة، والدقهلية، والقليوبية، والشرقية، وكفر الشيخ، والغربية، وشمال سيناء، والمنوفية، والإسماعيلية، ودمياط، بحسب وسائل إعلام محلية.

يأتي هذا وسط حالة من الجدل السياسي والقانوني، عقب سلسلة المخالفات التي رافقت التصويت في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، ودفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة التجاوزات.

وبعد إلغاء نتائج 19 دائرة في سبع محافظات دفعة واحدة، أصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارات أبطلت فيها نتائج 30 دائرة أخرى؛ لتقفز نسبة الدوائر الملغاة في النظام الفردي إلى ما يتجاوز 60 في المائة.

وتؤكد الهيئة الوطنية للانتخابات أن الإجراءات المتخذة لتصحيح المسار «تعكس قوة مجلس النواب المقبل»، وفقاً للمستشار بنداري الذي قال في تصريحات متلفزة إن كل الإجراءات القانونية والرقابة القضائية اتُّخذت لضمان أن يكون المجلس منتخباً بإرادة الناخبين.

لكن الكاتب الصحافي عبد الله السناوي يرى أن حجم الدوائر الملغاة والأحكام القضائية التي انتقدت امتناع الجهة المشرفة عن تقديم محاضر الفرز في المرحلة الأولى، «لا يمكن اعتبارهما مجرد خلل إجرائي عابر».

وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الطعون المتزايدة وإعادة الانتخابات في هذا العدد الكبير من الدوائر «ليستا دليلاً على تصحيح المسار، بل هما مؤشر على اضطراب أعمق في البيئة القانونية والتنظيمية»، مشدداً على أن أنصاف الحلول «لا تبني شرعية مستقرة للبرلمان»، ودعا إلى «إصلاح عميق للبنية القانونية للانتخابات، وفتح المجال العام، وإطلاق الحريات السياسية؛ كخطوة أولى لإصلاح هذا المشهد».

ومن المقرر إعادة التصويت في الدوائر الثلاثين الملغاة بحكم «الإدارية العليا» للمرحلة الأولى، بحيث تُجرى الجولة الأولى يومي 8 و9 ديسمبر الحالي للمصريين بالخارج، ويومي 10 و11 ديسمبر للداخل، على أن تعلن النتيجة يوم 18 من الشهر.

وفي حالة الإعادة، تُجرى الانتخابات في الخارج يومي 31 ديسمبر و1 يناير (كانون الثاني)، وفي الداخل يومي 3 و4 يناير، وتُعلن النتيجة النهائية يوم 10 يناير.


تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة»، متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «الحقبة الاستعمارية»، وعرقلة المفاوضات بين البلدين، وهو ما عدَّه خبراء ومحللون «لغة تصعيدية» قد تضاعف الخلافات القائمة.

وفي بيان صدر، الأربعاء، قالت الخارجية الإثيوبية إن المسؤولين المصريين «يدَّعون احتكار مياه النيل تحت ذريعة معاهدات تم إبرامها خلال الحقبة الاستعمارية». وأثار البيان حفيظة المصريين.

ورغم استمرار المفاوضات بين البلدين بمشاركة السودان لأكثر من 12 عاماً بحثاً عن التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن بناء «سد النهضة» وتشغيله، اتهم البيان الإثيوبي مصر بـ«عرقلة المفاوضات»، ودعت أديس أبابا الجهات المعنية إلى إدانة ما وصفته بـ«السلوك غير المسؤول من جانب مصر بالتظاهر بالانخراط في التفاوض والحوار دون جدوى».

وصدر البيان بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي من «الممارسات الإثيوبية غير المسؤولة» على حوض نهر النيل الشرقي، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي في برلين مع وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، الثلاثاء، أنها «تُشكل خطراً داهماً على مصالح مصر المائية وأمنها القومي».

مؤتمر صحافي بين وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي والألماني يوهان فاديفول الثلاثاء تحدث فيه عن موقف مصر من سد النهضة (الخارجية المصرية)

وكانت إثيوبيا قد افتتحت سد النهضة رسمياً في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد 14 عاماً من بدء أعمال البناء، وهو أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا.

واتفق خبراء مصريون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن بيان إثيوبيا «حمل لغة تصعيدية» قد تضاعف من خلافات البلدين فيما يتعلق بالتعامل مع الملف المائي، ويفتح الباب أمام إقدام القاهرة على اتخاذ إجراءات قانونية إزاء ما تراه عدم التزام بالقوانين المنظمة لاستخدامات المياه في الأنهار الدولية، دون استبعاد أي حلول حال تعرض مصالحها للضرر.

وأبدت إثيوبيا من خلال البيان تمسكها بما تعده حقها في «استخدام مواردها المائية»، مؤكدة أنها «غير ملتزمة مطلقاً بأن تطلب الإذن من أي جهة لاستخدام الموارد الطبيعية الموجودة داخل حدودها».

والنيل الأزرق الذي بنت عليه إثيوبيا «سد النهضة» هو المنبع الرئيسي لنهر النيل في مصر.

القانون الدولي

وقال رئيس لجنة الشؤون الأفريقية في مجلس النواب المصري، شريف الجبلي، إن البيان «تجاوز الأعراف الدبلوماسية، ويزيد صعوبة العودة إلى الحوار البناء بين إثيوبيا ومصر والسودان».

وأضاف: «البيان لا يعترف بالاتفاقيات المعمول بها سابقاً بشأن الحقوق المائية التاريخية لدولتي المصب، ويتجاوز قوانين إدارة الأنهار الدولية التي تنص على الاستخدام العادل والمعقول للمياه».

وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن البيان «يتجاهل مسألة عدم الإضرار بالدول الأخرى، وهو ما يشير إلى إصرار إثيوبيا على اتخاذ موقف أحادي بشأن استخدامات مياه النهر، ما يفتح الباب أمام إقدام مصر على اتخاذ إجراءات قانونية لمواجهة انتهاكات القانون الدولي».

وتابع قائلاً: «لدى مصر حقوق تاريخية وقانونية لا يمكن تجاهلها»، مشيراً إلى أن البيان الإثيوبي «يهدد الأمن المائي، ويتطلب خططاً استراتيجية تعمل على مواجهة أي تصعيد غير محسوب في قضية المياه قد يضر بالأمن في منطقة القرن الأفريقي».

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لدى افتتاحه سد النهضة (الخارجية الإثيوبية)

وتتمسَّك القاهرة بما تعده «الحق التاريخي» لها في مياه النيل وفقاً لاتفاقيات دولية تضمن لها حصة تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه.

وأكد الجبلي أهمية استمرار المطالبات المصرية بتطبيق القانون الدولي والتوصل إلى اتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» بإشراف جميع الأطراف الدولية بما فيها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، «لضمان إدارة الموارد المائية بشفافية واستحداث آلية مراقبة مشتركة تتضمن الرقابة التقنية الدقيقة لتتبع تدفقات مياه النيل ومنع الإجراءات الأحادية».

الخيارات المتاحة

مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون السودان السابق، حسام عيسى، قال إن البيان الإثيوبي جاء رداً على النشاط الدبلوماسي المصري الرافض لتصرفات أديس أبابا «الأحادية» بشأن تشغيل السد، «التي أدت إلى فيضانات في السودان وصلت تأثيراتها إلى مصر».

وقبل أيام فندت وزارة الري المصرية إجراءات إثيوبيا التي أدت إلى «عدم انتظام تصريف المياه»، ما دفعها إلى إعلان إجراءات حمائية لاستيعاب المياه الزائدة.

وقال عيسى لـ«الشرق الأوسط»: «مصر تضع الآن جميع أوراقها على الطاولة، ولديها الوسائل المتاحة كافة لحماية مصالحها وأمنها المائي، ولن تقبل بنقص قطرة مياه واحدة، وسعيها إلى تجنب المشاكل والصراعات لا يعني عدم سلكها الطرق كافة التي تضمن أمنها».

وأضاف: «الخلاف المصري مع إثيوبيا يتركز في نهجها القائم على عدم وضع اعتبار للأضرار التي قد يتعرض لها جيرانها، سواء كان ذلك بشأن سد النهضة أو سعيها إلى الوصول لمنفذ بحري على البحر الأحمر».

ويرى الخبير في الشأن الأفريقي، رامي زهدي، أن مصر يمكنها التحرك لحفظ الحقوق المائية عبر استخدام «الوسائل الدبلوماسية، أو اللجوء إلى المحاكم الدولية، أو استخدام وسائل خشنة حالة الضرورة».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن حالات الضرورة تتمثل في «وجود مهددات لاستقرار الدولة المصرية، أو التأثير سلباً على الأمن في منطقة البحر الأحمر، أو الاستمرار في إجراءات تهديد الأمن المائي عبر تصريف كميات هائلة من المياه بما يشكل خطراً داهماً أو شح المياه».

وسبق أن أعلنت مصر انتهاء مسار التفاوض بشأن السد، متهمة إثيوبيا بالتعنت وإفشال المفاوضات، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها في الحفاظ على مصالحها الوجودية وفقاً للقانون الدولي، على أساس أن نهر النيل شريان الحياة في البلاد ومصدرها الوحيد للمياه.