«الوحدة» تدشّن خطة أمنية لتعزيز سيطرتها على العاصمة الليبية

تزامناً مع تحرك مماثل لـ«اللواء 444 قتال» فى ترهونة

الطرابلسي يتابع الخطة الأمنية فى طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
الطرابلسي يتابع الخطة الأمنية فى طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
TT

«الوحدة» تدشّن خطة أمنية لتعزيز سيطرتها على العاصمة الليبية

الطرابلسي يتابع الخطة الأمنية فى طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
الطرابلسي يتابع الخطة الأمنية فى طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

في محاولة جديدة لترسيخ حضورها الأمني، وتعزيز سيطرتها على العاصمة الليبية طرابلس، بعد سنوات من التحديات والانقسامات، أعلنت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة عن إطلاق وزير داخليتها المكلّف، عماد الطرابلسي، ما وصفته بـ«الخطة الأمنية الشاملة»، مشيرة إلى أنها «تستهدف إعادة الانضباط إلى الشارع، وتوحيد الأجهزة الأمنية تحت مظلة وزارة الداخلية».

عناصر أمنية فى طرابلس (مديرية أمن العاصمة)

وخلال متابعته تنفيذ الخطة مساء الأحد، أكد الطرابلسي أن الاعتداء على رجال الأمن يُعد «اعتداءً على هيبة الدولة»، مشدداً على استمرار الجهود لتأمين المواطنين، ودعم سلطة القانون.

وأوضح الوزير أن الخطة تُنفّذ بمشاركة مديرية أمن طرابلس، وعدد من الأجهزة الأمنية والشرطية في إطار تنسيق مشترك يهدف إلى فرض الانضباط، وردع المخالفين، مشيراً إلى انطلاق الحملات الميدانية من بلدية حي الأندلس عبر أربعة مراكز شرطة رئيسة، مع التشديد على عدم التهاون مع أي جهات تعمل خارج تبعية الوزارة.

وشدّد الطرابلسي على أن تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا لن يتم «إلا من خلال مؤسستين أساسيتين هما وزارتا الداخلية والدفاع؛ باعتبارهما الركيزة الرئيسة لحماية الوطن، وصون سيادته»، مؤكداً أن المحافظة على الأمن العام واجب وطني وقانوني لا يمكن التهاون فيه.

وأشار إلى أن منتسبي وزارة الداخلية وأعضاء هيئة الشرطة يطالبون بحقوقهم المشروعة التي نصّ عليها القانون رقم (6)، موضحاً أن الوزارة قامت بعدد من المراسلات الرسمية لتفعيل البنود المتعلقة بتحسين الأوضاع الوظيفية والمالية للعاملين في القطاع الأمني.

وأضاف أن مطالب رجال الشرطة لا تقتصر على تفعيل القانون فحسب، بل تشمل أيضاً ضرورة إقرار علاوات ومزايا أمنية خاصة تتناسب مع طبيعة مهامهم، خصوصاً في ظل الظروف الراهنة التي تتطلب جهداً مضاعفاً، ومخاطرة عالية للحفاظ على استقرار البلاد.

محمود حمزة آمر «اللواء 444 قتال» خلال زيارته لترهونة الليبية (بلدية ترهونة)

وفي سياق ميداني متصل، أفاد «اللواء 444 قتال» التابع لحكومة «الوحدة» بأن الكتيبة «126 قوات خاصة» المكلّفة بتأمين مدينة ترهونة نفذت جمعاً صباحياً، الاثنين، بحضور قائدها محمود حمزة، وممثلين عن القبائل والمجلسين الاجتماعي والبلدي ومؤسسات المجتمع المدني.

وأكد اللواء أن المدينة، التي تبعد نحو 80 كيلومتراً جنوب العاصمة، «طوت صفحة مؤلمة من سنوات القهر والظلم والفساد وهروب عصابة (الكانيات)»، مشدداً على أن وجوده في أي منطقة يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وتكريس مبادئ العدالة ودولة القانون.

وينظر إلى هذا التحرك على أنه امتداد غير مباشر للسياسة الأمنية العامة التي تتبناها حكومة «الوحدة»، والرامية إلى توسيع نطاق سيطرتها على المناطق الواقعة خارج العاصمة، عبر الاستعانة بجهود التشكيلات النظامية، وعلى رأسها اللواء «444 قتال»، في تأمين المدن المجاورة، وتثبيت مظاهر حضور الدولة ومؤسساتها.

يُذكر أن ميليشيات «الكانيات» سيطرت على ترهونة لسنوات وتحالفت مع قوات المشير خليفة حفتر خلال محاولة اقتحام طرابلس عام 2019، قبل أن تنهار سيطرة الميليشيا عام 2020 بعد فشل الهجوم، حيث اتُّهمت بـ«ارتكاب جرائم جسيمة ضد المدنيين خلال تلك الفترة.

وفي سياق متصل، أكدت عضو مجلس النواب صباح جمعة عن مدينة ترهونة، خلال اجتماعها مع ممثلين عن المدينة في بنغازي، أنها استأنفت العمل على تقديم مشروعات حيوية إلى الجهات التنفيذية، مشيرة إلى بحث المشاريع التي سيتم التعاقد عليها لتطوير الخدمات والبنى التحتية في مختلف القطاعات.

وفي شأن آخر، نفى اللواء «444 قتال» إصدار تعليمات بإيقاف مخصصات الوقود للمنطقة الجنوبية، مؤكداً لوسائل إعلام محلية أن التدفقات اليومية مستمرة بمعدل يتراوح بين 600 و800 ألف لتر يومياً، مرجعاً الأزمة إلى تدخل جهات أمنية لم يسمّها اتهمها بتوزيع الوقود وتهريبه خارج البلاد.

وفي تطور قضائي منفصل، أمرت النيابة العامة في طرابلس بحبس ثلاثة متهمين على خلفية اختطاف مدير شركة الخدمات العامة بطرابلس، محمد إسماعيل، بعد ضبطهم بواسطة «جهاز الردع»، حيث ثبت تورطهم في الجريمة، وهروبهم سابقاً من مؤسسة الإصلاح والتأهيل، ووجّه المحقق بتنفيذ الأحكام السابقة بحقهم بالسجن لمدد تتراوح بين 9 و22 سنة.

كما أمرت النيابة بحبس المندوب السابق في بعثة ليبيا لدى منظمة الأغذية والزراعة (فاو) احتياطياً، بعد ثبوت تصرفه غير المشروع في أكثر من 861 ألف دولار من أموال المشاريع الأممية دون موافقة الرقيب المالي.


مقالات ذات صلة

سجناء ليبيا بالخارج... ملف يعود إلى الواجهة بعد «تجاهل»

تحليل إخباري هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)

سجناء ليبيا بالخارج... ملف يعود إلى الواجهة بعد «تجاهل»

يرى الناشط الحقوقي الليبي طارق لملوم أن «ملف السجناء بالخارج تحوّل إلى ساحة تنافس بين الحكومتين المتنازعتين على السلطة» في غرب البلاد وشرقها.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا «بانر» يضم عدداً من ضحايا «سجن أبو سليم» (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)

هل يتجه الدبيبة للإفراج عن عبد الله السنوسي؟

يرى حراك اجتماعي معبر عن «ضحايا مذبحة سجن أبو سليم» التي وقعت في عهد القذافي «أي إطلاق محتمل للسنوسي سيمثل اعتداء على هيبة الدولة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أول اجتماع لمجموعة العمل التركية المصرية المشتركة في أنقرة يوم 12 نوفمبر (الخارجية التركية)

مصر وتركيا تؤكدان ضرورة الانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترمب للسلام

أكدت مصر وتركيا ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة والعمل على الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا لقاء المبعوثة الأممية هانا تيتيه ونائبتها مع قيادات النظام الليبي السابق (البعثة الأممية)

تصاعد الجدل في ليبيا بشأن قصف «الوحدة» ميناء زوارة

جددت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، هانا تيتيه، التزامها بالتواصل مع جميع الليبيين في مختلف أنحاء البلاد ضمن عملية تنفيذ «خريطة الطريق» السياسية.

خالد محمود (القاهرة )
شؤون إقليمية لقاء وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والمصري بدر عبد العاطي في أنقرة في 4 فبراير الماضي (الخارجية التركية)

مجموعة العمل المشتركة بين مصر وتركيا تجتمع للمرة الأولى في أنقرة

تعقد مجموعة التخطيط المشتركة التركية - المصرية اجتماعها الأول في أنقرة، الأربعاء، برئاسة وزيري خارجية البلدين هاكان فيدان وبدر عبد العاطي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بعثة أممية للتحقيق في انتهاكات الفاشر

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)
TT

بعثة أممية للتحقيق في انتهاكات الفاشر

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)

كلّف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، بعثة لتقصي الحقائق وتحديد هوية جميع المسؤولين عن الانتهاكات التي يُشتبه في ارتكابها بمدينة الفاشر السودانية، تمهيداً لتقديمهم إلى العدالة.

وفي ختام جلسة طارئة، عقدها المجلس لبحث وضع حقوق الإنسان في الفاشر، اعتمد قراراً يأمر بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان بإجراء تحقيق. وكُلِّفت البعثة توثيق جميع انتهاكات القانون الدولي المرتكبة من جانب جميع الأطراف.

وفي افتتاح الجلسة الطارئة التي عقدت بطلب من المملكة المتحدة وألمانيا وآيرلندا وهولندا والنرويج، ندّد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتقاعس المجتمع الدولي، متوعداً بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات. وقال فولكر تورك إن مدينة الفاشر مغلقة، ولا يمكن لعمال المساعدات الإنسانية دخولها. ودعا إلى اتخاذ إجراءات ضد الأفراد والجهات التي «تُؤجج وتستفيد» من الحرب بالسودان.


«الأمم المتحدة» لإرسال لجنة تحقيق في انتهاكات الفاشر

TT

«الأمم المتحدة» لإرسال لجنة تحقيق في انتهاكات الفاشر

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)

كلّف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، بعثة لتقصي الحقائق وتحديد هوية جميع المسؤولين عن الانتهاكات التي يُشتبه في ارتكابها في مدينة الفاشر السودانية، تمهيداً لتقديمهم إلى العدالة.

وفي ختام جلسة طارئة، عقدها المجلس لبحث وضع حقوق الإنسان في الفاشر، اعتمد قراراً يأمر بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان بإجراء تحقيق. وكُلِّفت البعثة توثيق جميع انتهاكات القانون الدولي المرتكبة من جانب جميع الأطراف. وفي افتتاح الجلسة الطارئة التي عقدت بطلب من المملكة المتحدة وألمانيا وآيرلندا وهولندا والنرويج، ندّد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتقاعس المجتمع الدولي، متوعداً بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات.

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك يتحدث عن الفاشر في جنيف (إ.ب.أ)

وقال فولكر تورك إنه «تم تصوير بقع الدم التي تلطّخ الأرض في الفاشر من الفضاء»، وإن «وصمة العار في سجل المجتمع الدولي أقل وضوحاً للعيان، لكن تداعياتها ليست أقل». وأشار المفوض إلى أن الفظائع في الفاشر بالسودان هي «أخطر الجرائم» التي كانت متوقَّعة وكان يمكن منعها. وحثَّ المجتمع الدولي على التحرك، وقال «هناك كثير من التصنع والتظاهر، وقليل من العمل». وطالب، في كلمة افتتاحية أمام المندوبين، بـ«الوقوف في وجه هذه الفظائع التي تمثل استعراضاً لاستخدام القسوة السافرة لإخضاع شعب بأكمله والسيطرة عليه». وأصدر فولكر تورك تحذيراً شديداً إزاء تصاعد العنف في كردفان المجاورة لدارفور، بالسودان، حيث القصف والحصار وإجبار الناس على ترك منازلهم.

محاسبة مؤججي الحرب

ودعا تورك إلى اتخاذ إجراءات ضد الأفراد والشركات التي «تُؤجج وتستفيد» من الحرب بالسودان. وقال إن مدينة الفاشر مغلقة، ولا يمكن لعمال المساعدات الإنسانية دخولها. وتابع: «يجب ألا يفاجأ أي منا» بالتقارير منذ سيطرت قوات «الدعم السريع» على المدينة التي تحدثت عن «عمليات قتل واسعة بحق المدنيين وإعدامات مستهدَفة ضد العِرقيات، والعنف الجنسي؛ بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، والاختطاف بهدف طلب فدية، والاحتجازات التعسفية الواسعة والهجمات على المنشآت الصحية والأطقم الطبية وعمال الإغاثة وغيرها من الأعمال الوحشية المروّعة».

من جانبها قالت عضو فريق الخبراء المستقلّين، منى رشماوي، في الجلسة الطارئة: «أصبحت أجزاء كثيرة من الفاشر ساحة جريمة». وأكدت أنه منذ سقطت المدينة في يد قوات «الدعم السريع»، جمع فريق الخبراء بيانات أفادت بوجود «أعمال وحشية لا تُوصف، وعمليات قتل عمد وتعذيب واغتصاب واختطاف مقابل فدية واحتجاز تعسفي واختفاء قسري، وكل ذلك على نطاق واسع». وأضافت: «يجب إجراء تحقيق شامل لتوضيح الصورة كاملة، ولكن ما نعلمه بالفعل مدمِّر».

نازحون سودانيون في مدينة طويلة بعد فرارهم من الفاشر (رويترز)

من جانبها حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان، من «انتهاكات خطيرة» و«طرق مميتة» يواجهها عشرات الآلاف من النازحين في دارفور وكردفان بالسودان، إضافة إلى «كارثة إنسانية» بسبب عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، ما يُعرّض الأرواح للخطر. وقالت المفوضية إن الأوضاع في الفاشر، التي سيطرت عليها قوات «الدعم السريع» في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «تتجه إلى الانهيار السريع»، في ظل حصار الآلاف بالمدينة. وأشارت إلى نزوح نحو 100 ألف شخص من الفاشر والقرى المحيطة بها، خلال الأسبوعين الماضيين، مع استمرار عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في السودان، ما يُعرّض الأرواح للخطر.

ودعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المجتمع الدولي إلى تكثيف دعمه بتوفير التمويل العاجل وممارسة ضغط أقوى للسماح بإيصال المساعدات بالسودان، مؤكدة أنها تلقت 35 في المائة فقط من الموارد المطلوبة، هذا العام، للاستجابة للأزمة في السودان ودول اللجوء. وأضافت المفوضية أنها تسعى لجمع 84.2 مليون دولار لدعم جهودها لإنقاذ الأرواح بالسودان في العام المقبل.

«الدعم السريع» تدافع

وكانت الولايات المتحدة قد دعت، الأربعاء، إلى تحرك دولي لقطع إمدادات الأسلحة عن قوات «الدعم السريع» وحمّلتها مسؤولية التصعيد الدامي للنزاع في السودان. وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، لصحافيين في كندا: «يجب القيام بشيءٍ ما لقطع إمدادات الأسلحة والدعم الذي تتلقاه»، مضيفاً: «ما يحدث هناك أمر مرعب». وألقى روبيو اللوم على قوات «الدعم السريع» التي سيطرت أخيراً على مدينة الفاشر الرئيسية. وأضاف: «أعتقد أن المشكلة الأساسية التي نواجهها هي أن (قوات الدعم السريع) توافق على أشياء ثم لا تمضي فيها». وقال إن «قوات الدعم السريع» تعتمد على الأموال والدعم الخارجيين من بعض البلدان، «نحن نعرف من هي، وسنتحدث معها بشأن ذلك، ونجعلها تفهم أن ذلك سينعكس بشكل سيّئ عليها وعلى العالم إذا لم نتمكن من وقف ما يحدث».

وأبدت «قوات الدعم السريع» أسفها لتصريحات روبيو، ووصفتها بأنها «متحاملة وغير مُنصفة»، مؤكدة «أنها لا تتلقى أي دعم من أي جهة خارجية». وقالت، في بيان: «هذه المواقف المتحاملة استندت إلى معلومات مضلِّلة أو أحادية المصدر، وتُهدد جهود مبادرة المجموعة الرباعية». وذكرت، في البيان، أن التصريحات الأميركية تتناقض مع مواقف والتزامات «الدعم السريع» التي ظلت تتعاطى بشكل إيجابي مع جهود وقف الحرب في السودان، بينما رفض الجيش جميع المبادرات الدولية بوقف القتال، بما في ذلك مشروع الهدنة الإنسانية الذي طرحته دول الرباعية أخيراً.

وكشفت «الدعم السريع» عن «أنها سلّمت ردّها على مقترح الهدنة منذ 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ولم تتلق، حتى الآن، رداً من الجانب الأميركي»، موضحة أنها لن تقبل أي محاولات لجعلها «كبش فداء» للتغطية على رفض الجيش الهدنة. ونفت «الدعم السريع» الاتهامات لقواتها بالتورط في ارتكاب فظائع بحق المدنيين، وقالت: «إن مزاعم الانتهاكات في الفاشر ليست مُمنهجة، وأنها شكلت لجان تحقيق شفافة، وجرى القبض على عدد من الأفراد الذين يُشتبه في ارتكابهم جرائم بحق المدنيين هناك».


سجناء ليبيا بالخارج... ملف يعود إلى الواجهة بعد «تجاهل»

هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)
هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)
TT

سجناء ليبيا بالخارج... ملف يعود إلى الواجهة بعد «تجاهل»

هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)
هانيبال القذافي (الثاني من اليمين) مع فريقه القانوني بعد الإفراج عنه (الشرق الأوسط)

سلطت عملية الإفراج عن هانيبال، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، من سجنه في لبنان، الضوء على السجناء الليبيين بالخارج، وسط اتهامات تطال الحكومتين المتنازعتين على السلطة بـ«إهمال وتجاهل» هذا الملف، ثم إعادته لواجهة الأحداث وفق ما يوصف بأنه بمثابة «ورقة سياسية» يستخدمها هذا الطرف أو ذاك.

وعقب الاحتفاء الرسمي بعملية إطلاق هانيبال، الذي عدّته حكومة «الوحدة الوطنية» إنجازاً سياسياً ودبلوماسياً، سارع حقوقيون وقانونيون إلى اتهامها بأنها «تجاهلت أوضاع باقي السجناء الليبيين في الخارج».

ويرى الناشط الحقوقي الليبي طارق لملوم أن «ملف السجناء بالخارج تحوّل إلى ساحة تنافس بين الحكومتين المتنازعتين على السلطة». وقال: «هذا الملف أهمل لسنوات بسبب الصراع المسلح، في مقابل تركيز كل طرف منهما على الملفات ذات العائد السياسي والمالي، مثل ملف إعادة الإعمار».

وأضاف لملوم لـ«الشرق الأوسط»: «أخيراً جاء الدور على قضية السجناء بالخارج لتصبح الورقة الجديدة للمزايدة السياسية في ليبيا».

وذكر أن الحكومتين وحلفاءهما «سعوا سابقاً إلى التنافس حول الإفراج عن خمسة لاعبين ليبيين أُدينوا في إيطاليا عام 2015 بتُهم الاتجار بالبشر والهجرة غير المشروعة».

وكانت الحكومة الإيطالية قد وافقت أواخر عام 2024 على التصديق على مشروع قانون الاتفاقية الليبية - الإيطالية التي تسمح بنقل المحكومين لقضاء باقي عقوباتهم في ليبيا. إلا أن لملوم أكد أن «الاتفاقية لا تشمل إلا من قضوا نصف المدة، ما يجعلها غير قابلة للتطبيق على وضعية اللاعبين».

وأمام الاتهامات التي وجّهت لحكومة «الوحدة» بـ«تجاهل» قضية الليبيين المحتجزين بالخارج، سارعت وزارة الخارجية التابعة لها بالقول إنها «بعد الإفراج عن 35 سجيناً ليبياً من عدة دول خلال العام الحالي، تواصل جهودها لتأمين الإفراج عن مواطنين آخرين؛ بالإضافة إلى استمرار التنسيق مع عدد من الدول لتسليم سجناء ليبيين لاستكمال مدة محكوميتهم داخل البلاد، وفق الاتفاقيات المبرمة بين ليبيا مع بعض البلدان».

رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال ترؤسه اجتماعاً سابقاً لمجلس الوزراء (حكومة الوحدة)

وأشارت إلى «جهود متواصلة للإفراج عن 22 ليبياً في العراق، وآخرين في مصر»، دون تحديد أعدادهم. كما لفت وليد اللافي، وزير الدولة للاتصالات والشؤون السياسية بحكومة «الوحدة»، إلى نجاح حكومته مؤخراً في إنهاء احتجاز 19 سجيناً في تونس.

وفي موازاة الإعلان عن الإفراج عن هانيبال القذافي، استُقبل المواطن الليبي حسن خليفة الزنتاتي في بنغازي شرق البلاد بعد خمس سنوات من السجن في النيجر، إثر تدخل نائب القائد العام لـ«الجيش الوطني» صدام حفتر لإطلاق سراحه.

ورغم عدد السفارات الليبية الكبير، أشار لملوم إلى «غياب إحصاءات رسمية حول عدد السجناء الليبيين بالخارج»، وقال إن «اكتشاف حالات الاحتجاز يتم غالباً عبر مناشدات أسرهم على وسائل التواصل الاجتماعي».

ورجح، في إطار الرصد لتلك المناشدات، «أن تكون النسبة الأكبر من السجناء موجودة في دول الجوار مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب وتركيا، لإدانتهم في قضايا تتعلق بتهريب الوقود أو العملة أو المخدرات أو حتى بمشاجرات».

وانتقد لملوم ما وصفه «بإهمال الملحقين العسكريين والأمنيين في السفارات الليبية متابعة قضايا المحتجزين، وعدم تكليف محامين لتوضيح أوضاعهم القانونية أو تسهيل زيارات أسرهم».

ووفقاً للملوم، فإن إغلاق ملف السجناء بالخارج بشكل كامل «يظل أمراً صعباً في ظل تشدد بعض الدول، كإيطاليا، في تنفيذ العقوبات داخل سجونها، ورؤية دول أوروبية أخرى لليبيا كدولة غير آمنة، إضافة إلى غياب مبادرات جدية من السفارات الليبية للاهتمام بهذه الفئة».

وبشأن هانيبال القذافي، يعتقد المحلل القانوني الليبي هشام الحاراتي أن عملية الإفراج عنه محاولة من حكومة «الوحدة» لكسب ود أنصار النظام السابق في الغرب الليبي، في مواجهة خصومها في شرق البلاد.

ويرى الحاراتي «أن الإفراج عن هانيبال القذافي تحول من مكسب سياسي إلى مأزق للحكومة؛ إذ أثار تساؤلات حول مصير بقية السجناء بالخارج، ولماذا لم يتم إرسال وفود رفيعة المستوى على غرار الوفد الذي ذهب إلى بيروت للتفاوض بشأنه».

أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (القيادة العامة)

وتتنازع السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والثانية بقيادة أسامة حماد مكلفة من البرلمان وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.

وبمواجهة تبرير حكومة «الوحدة» اهتمامها بملف نجل القذافي بكونه مواطناً ليبياً بغض النظر عن انتمائه السياسي، ضمن جهودها لتصفير عدد من الملفات الشائكة كملف السجناء بالخارج، تصاعدت تساؤلات حول استمرار احتجاز المواطن الليبي أبو عجيلة المريمي في الولايات المتحدة على خلفية تفجير «لوكربي»، كما سبق واتهمت أسرته السلطات في ليبيا بعدم الاهتمام بقضيته.

وأبو عجيلة ضابط سابق في جهاز الأمن الخارجي (الاستخبارات)، خطفه مسلّحون من منزله منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، لكن الدبيبة أقرّ فيما بعد بتسليمه إلى الولايات المتحدة، وقال إنه «إرهابي متهم بتصنيع المتفجرات التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص بريء».

يشار إلى أن لجنة برلمانية أوصت في سبتمبر (أيلول) الماضي بتكليف فريق قانوني لدعم الجوانب القانونية والإجراءات الرسمية إلى جانب التنسيق مع السفارات الليبية في الخارج لضمان متابعة حقوق السجناء وتقديم المساعدة اللازمة لهم.