في ظل احتدام الأزمة السياسية والاقتصادية في ليبيا، تصاعد الجدل داخل مجلس النواب خلال جلسة مغلقة عقدها، اليوم الثلاثاء، لمناقشة «أزمة السيولة» في البلاد، وسط تصاعد أصوات غاصبة تطالب بإسقاط رئيس المجلس عقيلة صالح.
تزامن ذلك مع اتساع الخلاف بين البرلمان و«المصرف المركزي» بشأن أزمة السيولة، بينما دعت حكومة أسامة حماد إلى إصدار تشريع يجرّم الاحتفاظ بـ«كميات كبيرة» من العملة الورقية خارج المنظومة المصرفية، في محاولة لمعالجة أزمة السيولة النقدية الخانقة، التي تعيشها البلاد.

وشهد مجلس النواب جلال جلسته المنعقدة في بنغازي (شرق) «نقاشات ساخنة وجدالاً واسعاً» داخل أروقته، في ظل تغيب رئيسه لليوم الثاني على التوالي.
جاء هذا فيما أعلن «المصرف المركزي»، في بيان، الثلاثاء، استعداد محافظه ونائبه وأعضاء مجلس الإدارة لتلبية أي دعوة رسمية من صالح لحضور جلسة علنية، يتم خلالها عرض تقارير الأداء والإنجازات، والرد على ما وصفه البيان بـ«المغالطات»، التي وردت في بعض مداخلات النواب، إضافة إلى توضيح الحقائق والظروف والتحديات، التي واجهها المصرف خلال الفترة الماضية.
ومع أن المصرف انتقد عقد مجلس النواب جلسته، دون حضور ممثلي المصرف، رغم أنها تناولت أداء المؤسسة النقدية الأعلى في البلاد، فقد رحب بما طرحه المجلس من ملحوظات وانتقادات واستفسارات، مؤكداً أن من حق المصرف ومحافظه تقديم الردود والتوضيحات اللازمة، تعزيزاً لمبدأ الشفافية أمام الشعب الليبي.
يأتي هذا البيان في ظل تصاعد الجدل بين المؤسسة النقدية والسلطة التشريعية، بعد مطالبة بعض أعضاء مجلس النواب، خلال جلسة الاثنين، باستدعاء المحافظ ونائبه للمساءلة حول السياسات النقدية، وإدارة الموارد المالية للدولة، وسط انتقادات لأداء المصرف، وتأثير قراراته على الوضع الاقتصادي والمعيشي.

كان مجلس النواب قرر استدعاء ناجي عيسى، محافظ المصرف، ونائبه مرعي البرعصي، ومجلس إدارته، للاستماع اليهم، ومعرفة الإجراءات المتخذة لمعالجة أزمة السيولة الخانقة التي تمر بها البلاد.
واستكمل المجلس في جلسته المغلقة، الثلاثاء، مناقشاته بعد تعليقها، مساء الاثنين، بشأن إلغاء الضريبة المفروضة على النقد الأجنبي، وملف المناصب السيادية، علماً بأن المصرف أعلن مؤخراً وجود 10 مليارات دينار مطبوعة خارج منظومته المصرفية.
في السياق نفسه، دعت حكومة حماد إلى إصدار تشريع يجرّم الاحتفاظ بكميات كبيرة من العملة الورقية خارج المنظومة المصرفية، وذلك في إطار جهودها لمعالجة أزمة شح السيولة النقدية، وتعزيز الثقة في الجهاز المصرفي.
واعتبرت الحكومة، في بيان رسمي موجّه إلى رئيس وأعضاء مجلس النواب، أن «ظاهرة اكتناز الأموال أدت إلى تراجع السيولة في المصارف، وتفاقم الاقتصاد غير الرسمي، وارتفاع معدلات التضخم»، مؤكدة أن هذا الإجراء يهدف إلى إعادة ضخ النقد داخل النظام المصرفي، ودعم الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد.

وتزامنت هذه التطورات، مع إعلان مسعد بُولُس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، أن محادثات السلام في ليبيا تشهد «تقدماً ملحوظاً»، مؤكداً أن الإدارة الأميركية تعمل على تسريع الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق شامل يُنهي حالة الانقسام التي تعيشها البلاد منذ عام 2011.
وأوضح بُولُس في مقابلة مع وكالة «بلومبرغ» الأميركية، خلال زيارته إلى روما، أن واشنطن ترى أن الفرصة سانحة لتحقيق تسوية سياسية تضمن الاستقرار في ليبيا، وقال بهذا الخصوص: «نعتقد أن التوصل إلى اتفاق سلام في ليبيا ممكن، لكن لا يمكن تنفيذ العملية بين ليلة وضحاها، ونأمل أن يتحرك هذا المسار بسرعة»، مشيراً إلى أن بلاده تتابع عن قرب جهود الأطراف الليبية والدولية لدعم العملية السياسية، ومؤكداً أن الولايات المتحدة تسعى إلى توحيد المؤسسات، وإرساء الأمن عبر مقاربة شاملة تقوم على السلام والشراكة والازدهار، بما يعزز استقرار ليبيا والمنطقة.
في تطور آخر، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات عن بدء عمل 39 لجنة في 11 بلدية ضمن المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، لاستقبال طلبات تسجيل المواطنين غير المقيدين في بلدياتهم. وأوضحت المفوضية أن اللجان تعمل من الأحد إلى الخميس لتسهيل إجراءات التسجيل واستكمال مراحل العملية الانتخابية.

على صعيد غير متصل، قال الفريق صدام حفتر، نائب ونجل القائد العام لـ«الجيش الوطني»، إنه بحث مع ألكسندر لوكاشينكو، رئيس بيلاروسيا بالعاصمة مينسك، الثلاثاء، في إطار زيارته الرسمية، أوجه التعاون الثنائي وتعزيز العلاقات في بعض المجالات الحيوية.
وحسب مكتب القائد العام، تم بحث التعاون العسكري، والتعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، وتشجيع الشراكات بين البلدين في مجالات البنية التحتية والصناعات والزراعة، بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة، ودعم جهود الإعمار داخل ليبيا.



