تعزز مصر والهند «شراكتهما الاستراتيجية»، وسلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الجمعة، رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، تناولت سبل تطوير العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين. كما ترأس الجولة الأولى من «الحوار الاستراتيجي» بين البلدين، في نيودلهي مع وزير الشؤون الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار.
وأعرب عبد العاطي، خلال لقاء مودي، عن الاعتزاز بالتطور اللافت الذي تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين، والذي تجسد في تبادل الزيارات رفيعة المستوى، ورفع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، فضلاً عن منح الرئيس السيسي «قلادة النيل العظمى» لرئيس الوزراء الهندي تقديراً لدوره في تعزيز العلاقات بين البلدين، مؤكداً تطلع بلاده لعقد الدورة الثامنة من اللجنة المصرية - الهندية المشتركة خلال النصف الأول من عام 2026 والتي تستضيفها القاهرة، بما يسهم في الارتقاء بمستوى التعاون المشترك في مختلف المجالات.
وبحسب إفادة للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف، الجمعة، أكد الوزير عبد العاطي الاهتمام بالتوسع في التعاون مع الهند في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار، والعمل على رفع حجم التبادل التجاري ليصل إلى 12 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة (الدولار يساوي 47.5 جنيه في البنوك المصرية).
وتناول لقاء عبد العاطي ومودي «سبل التعاون في مجال الربط والممرات التجارية الدولية بمختلف أبعادها السياسية والاقتصادية، لا سيما في ظل ما تمتلكه مصر من بنية تحتية متقدمة التي تسمح بالربط بين البحر الأحمر والمتوسط، بالإضافة إلى الدور المحوري لقناة السويس».
وأكد رئيس الوزراء الهندي اعتزاز بلاده بعلاقة الصداقة الوطيدة مع مصر والشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، مشيداً بالجهود الحثيثة التي تضطلع بها مصر لدعم السلام والأمن والاستقرار بالشرق الأوسط، مثمناً مخرجات قمة شرم الشيخ للسلام والتي شهدت التوقيع على اتفاق لوقف الحرب في غزة.
في سياق ذلك، أكد متحدث «الخارجية المصرية»، في إفادة الجمعة، أن انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي «يعكس التطور المتسارع في العلاقات الثنائية بين البلدين، والرغبة المشتركة في تطوير الشراكة الاستراتيجية التي تم تدشينها خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي، إلى مصر في يونيو (حزيران) 2023، وتؤكد على اعتزام مصر والهند الارتقاء بمستوى التعاون المشترك والحرص على متابعة تنفيذ مُذكرات التفاهم التي تم التوصل إليها في مختلف المجالات بما يحقق المصلحة المشتركة».
وأعلنت مصر في يونيو 2023 ترفيع العلاقات مع الهند إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، وذلك خلال زيارة مودي إلى القاهرة، وعقده قمة ثنائية مع الرئيس المصري.

ورحب عبد العاطي وجايشانكار خلال الجولة الأولى من «الحوار الاستراتيجي» بما وصلت إليه العلاقات الثنائية بين مصر والهند من تطور خلال السنوات الماضية، لا سيما في ظل التفاهم والتنسيق المشترك بين قيادتي البلدين، خاصة مع احتفال البلدين العام الحالي بالذكرى السبعين لتوقيع اتفاقية الصداقة المصرية - الهندية، وأعربا عن تطلعهما لمزيد من التطوير في التعاون الثنائي في شتى المجالات بما يُحقق مصلحة الشعبين.
واستعرضت جولة الحوار الاستراتيجي بين مصر والهند سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري ودعم التعاون في مجال التكنولوجيا والابتكار، وتعزيز الشراكة الدفاعية خاصة في مجال التدريب المشترك والصناعات الدفاعية، والتعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات، فضلاً عن تبادل وجهات النظر حول الموضوعات السياسية الإقليمية والدولية.
وحضر السيسي في يناير (كانون الثاني) 2023 احتفالية «يوم الجمهورية» الذي وافق اليوم الذي بدأ فيه العمل بدستور جمهورية الهند عام 1950. وقال السيسي، حينها، إن «ما يجمع بين مصر والهند من قواسم مشتركة ومصالح متبادلة وروابط ثقافية وثيقة يجعل من البلدين الصديقين (جسراً مهماً) للتلاقي والحوار والتعاون، ويضع علينا مسؤولية مشتركة لنشر مبادئ وقيم العدالة والسلام والمساواة والتسامح و(نبذ العنف) والاحترام المتبادل بين الشعوب».

وبحسب متحدث «الخارجية المصرية»، الجمعة، فإن الوزير عبد العاطي أعرب عن التطلع لعقد الاستحقاقات الثنائية بين البلدين وعلى رأسها الدورة الثامنة للجنة المصرية - الهندية المُشتركة بالقاهرة، مشدداً على «أهمية عقد (مُنتدى رجال أعمال) على هامش انعقاد اللجنة المُشتركة لدعم التعاون الاقتصادي بين البلدين».
واستعرض عبد العاطي الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة المصرية منذ عام 2016، بما في ذلك اتباع سياسة نقدية رشيدة وتطبيق نظام سعر صرف مرن، وهو ما انعكس إيجاباً على تحسن أداء الاقتصاد المصري ورفع تصنيفه الائتماني، ما أسهم في تهيئة مناخ جاذب للاستثمار. وحث الشركات الهندية على الاستثمار في مصر لتلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير إلى الخارج، لا سيما عبر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي تمنح الشركات العاملة فيها حوافز استثمارية وإعفاءات ضريبية وجمركية متعددة.
من جهته، أكد وزير الخارجية الهندي «حرص بلاده على العمل لتطوير العلاقات مع مصر في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية»، مشيداً بالدور الريادي والنشط الذي تلعبه مصر في دعم السلام والأمن والاستقرار بالشرق الأوسط.
واتفق عبد العاطي وجايشانكار على التقدير بأن «النظام الدولي متعدد الأطراف الحالي يعاني من أزمة مصداقية وفاعلية عميقة، على نحو تجلى بوضوح في حالة الشلل التي أصابت المؤسسات المنوط بها معالجة أزمات العالم، لا سيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما أدى إلى تحول كثير من الأزمات إلى كوارث إنسانية دون مساءلة أو رادع، وأن هذا الفشل في اتخاذ الإجراءات الضرورية من غزة إلى السودان، يشير إلى أن الهياكل الحالية لم تعد تخدم مبادئ السلم والأمن الدوليين التي تأسست من أجلها على نحو فعال»، وفق بيان «الخارجية المصرية».




