مصر والهند لتعزيز «الشراكة الاستراتيجية»

مودي يتلقى رسالة خطية من السيسي تتصل بالعلاقات الثنائية

وزير الخارجية المصري يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى رئيس وزراء الهند   (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى رئيس وزراء الهند (الخارجية المصرية)
TT

مصر والهند لتعزيز «الشراكة الاستراتيجية»

وزير الخارجية المصري يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى رئيس وزراء الهند   (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى رئيس وزراء الهند (الخارجية المصرية)

تعزز مصر والهند «شراكتهما الاستراتيجية»، وسلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الجمعة، رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، تناولت سبل تطوير العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين. كما ترأس الجولة الأولى من «الحوار الاستراتيجي» بين البلدين، في نيودلهي مع وزير الشؤون الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار.

وأعرب عبد العاطي، خلال لقاء مودي، عن الاعتزاز بالتطور اللافت الذي تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين، والذي تجسد في تبادل الزيارات رفيعة المستوى، ورفع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، فضلاً عن منح الرئيس السيسي «قلادة النيل العظمى» لرئيس الوزراء الهندي تقديراً لدوره في تعزيز العلاقات بين البلدين، مؤكداً تطلع بلاده لعقد الدورة الثامنة من اللجنة المصرية - الهندية المشتركة خلال النصف الأول من عام 2026 والتي تستضيفها القاهرة، بما يسهم في الارتقاء بمستوى التعاون المشترك في مختلف المجالات.

وبحسب إفادة للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف، الجمعة، أكد الوزير عبد العاطي الاهتمام بالتوسع في التعاون مع الهند في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار، والعمل على رفع حجم التبادل التجاري ليصل إلى 12 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة (الدولار يساوي 47.5 جنيه في البنوك المصرية).

وتناول لقاء عبد العاطي ومودي «سبل التعاون في مجال الربط والممرات التجارية الدولية بمختلف أبعادها السياسية والاقتصادية، لا سيما في ظل ما تمتلكه مصر من بنية تحتية متقدمة التي تسمح بالربط بين البحر الأحمر والمتوسط، بالإضافة إلى الدور المحوري لقناة السويس».

وأكد رئيس الوزراء الهندي اعتزاز بلاده بعلاقة الصداقة الوطيدة مع مصر والشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، مشيداً بالجهود الحثيثة التي تضطلع بها مصر لدعم السلام والأمن والاستقرار بالشرق الأوسط، مثمناً مخرجات قمة شرم الشيخ للسلام والتي شهدت التوقيع على اتفاق لوقف الحرب في غزة.

في سياق ذلك، أكد متحدث «الخارجية المصرية»، في إفادة الجمعة، أن انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي «يعكس التطور المتسارع في العلاقات الثنائية بين البلدين، والرغبة المشتركة في تطوير الشراكة الاستراتيجية التي تم تدشينها خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي، إلى مصر في يونيو (حزيران) 2023، وتؤكد على اعتزام مصر والهند الارتقاء بمستوى التعاون المشترك والحرص على متابعة تنفيذ مُذكرات التفاهم التي تم التوصل إليها في مختلف المجالات بما يحقق المصلحة المشتركة».

وأعلنت مصر في يونيو 2023 ترفيع العلاقات مع الهند إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، وذلك خلال زيارة مودي إلى القاهرة، وعقده قمة ثنائية مع الرئيس المصري.

الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين مصر والهند (الخارجية المصرية)

ورحب عبد العاطي وجايشانكار خلال الجولة الأولى من «الحوار الاستراتيجي» بما وصلت إليه العلاقات الثنائية بين مصر والهند من تطور خلال السنوات الماضية، لا سيما في ظل التفاهم والتنسيق المشترك بين قيادتي البلدين، خاصة مع احتفال البلدين العام الحالي بالذكرى السبعين لتوقيع اتفاقية الصداقة المصرية - الهندية، وأعربا عن تطلعهما لمزيد من التطوير في التعاون الثنائي في شتى المجالات بما يُحقق مصلحة الشعبين.

واستعرضت جولة الحوار الاستراتيجي بين مصر والهند سبل تعزيز التعاون الاقتصادي ⁠والتجاري والاستثماري ودعم التعاون في مجال التكنولوجيا والابتكار، وتعزيز الشراكة الدفاعية خاصة في مجال التدريب المشترك والصناعات الدفاعية، والتعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات، فضلاً عن تبادل وجهات النظر حول الموضوعات السياسية الإقليمية والدولية.

وحضر السيسي في يناير (كانون الثاني) 2023 احتفالية «يوم الجمهورية» الذي وافق اليوم الذي بدأ فيه العمل بدستور جمهورية الهند عام 1950. وقال السيسي، حينها، إن «ما يجمع بين مصر والهند من قواسم مشتركة ومصالح متبادلة وروابط ثقافية وثيقة يجعل من البلدين الصديقين (جسراً مهماً) للتلاقي والحوار والتعاون، ويضع علينا مسؤولية مشتركة لنشر مبادئ وقيم العدالة والسلام والمساواة والتسامح و(نبذ العنف) والاحترام المتبادل بين الشعوب».

الرئيس المصري ورئيس وزراء الهند يوقعان اتفاقيات بين البلدين في يونيو 2023 (الرئاسة المصرية)

وبحسب متحدث «الخارجية المصرية»، الجمعة، فإن الوزير عبد العاطي أعرب عن التطلع لعقد الاستحقاقات الثنائية بين البلدين وعلى رأسها الدورة الثامنة للجنة المصرية - الهندية المُشتركة بالقاهرة، مشدداً على «أهمية عقد (مُنتدى رجال أعمال) على هامش انعقاد اللجنة المُشتركة لدعم التعاون الاقتصادي بين البلدين».

واستعرض عبد العاطي الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة المصرية منذ عام 2016، بما في ذلك اتباع سياسة نقدية رشيدة وتطبيق نظام سعر صرف مرن، وهو ما انعكس إيجاباً على تحسن أداء الاقتصاد المصري ورفع تصنيفه الائتماني، ما أسهم في تهيئة مناخ جاذب للاستثمار. وحث الشركات الهندية على الاستثمار في مصر لتلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير إلى الخارج، لا سيما عبر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي تمنح الشركات العاملة فيها حوافز استثمارية وإعفاءات ضريبية وجمركية متعددة.

من جهته، أكد وزير الخارجية الهندي «حرص بلاده على العمل لتطوير العلاقات مع مصر في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية»، مشيداً بالدور الريادي والنشط الذي تلعبه مصر في دعم السلام والأمن والاستقرار بالشرق الأوسط.

واتفق عبد العاطي وجايشانكار على التقدير بأن «النظام الدولي متعدد الأطراف الحالي يعاني من أزمة مصداقية وفاعلية عميقة، على نحو تجلى بوضوح في حالة الشلل التي أصابت المؤسسات المنوط بها معالجة أزمات العالم، لا سيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما أدى إلى تحول كثير من الأزمات إلى كوارث إنسانية دون مساءلة أو رادع، وأن هذا الفشل في اتخاذ الإجراءات الضرورية من غزة إلى السودان، يشير إلى أن الهياكل الحالية لم تعد تخدم مبادئ السلم والأمن الدوليين التي تأسست من أجلها على نحو فعال»، وفق بيان «الخارجية المصرية».


مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

جددت مصر دعوتها إلى «ضرورة إقرار هدنة إنسانية شاملة في السودان لضمان تدفق المساعدات الإنسانية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من تصويت المصريون في السعودية (تنسيقية شباب الأحزاب)

المصريون بالخارج يصوّتون في انتخابات «النواب»

بدأ المصريون المقيمون في الخارج، الجمعة، الإدلاء بأصواتهم في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري).

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع «اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان» بمصر الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

إبقاء «مجلس حقوق الإنسان» بمصر في «تصنيف أ» الدولي... ماذا يعني؟

ثمنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها الجمعة، «قرار الإبقاء في الفئة (أ)»، وقالت إنه خطوة «تعكس الثقة في استقلالية مجلس حقوق الإنسان وفاعليته»

أحمد جمال (القاهرة )
العالم العربي وزير الإسكان المصري ووزير البلدية القطري يوقعان اتفاق علم الروم بحضور رئيس الوزراء المصري (مجلس الوزراء المصري)

«علم الروم»... صفقة قطرية تعزز الحضور الخليجي بالساحل الشمالي المصري

عززت دولة قطر الحضور الخليجي، في استثمارات منطقة الساحل الشمالي بمصر، بصفقة استثمارية لتنمية منطقة «علم الروم» على ساحل البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال افتتاح مصنع لفلاتر السيارات (مجلس الوزراء المصري)

مصر للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات

قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن بلاده تسير بخطى ثابتة نحو التحول إلى «مركز إقليمي ودولي لصناعة السيارات»، مع وجود البنية التحتية.

أحمد جمال (القاهرة)

البشير أيّد تصفية منفذي محاولة اغتيال مبارك «لطمس الأدلة»

المحبوب عبد السلام خلال المقابلة (الشرق الأوسط)
المحبوب عبد السلام خلال المقابلة (الشرق الأوسط)
TT

البشير أيّد تصفية منفذي محاولة اغتيال مبارك «لطمس الأدلة»

المحبوب عبد السلام خلال المقابلة (الشرق الأوسط)
المحبوب عبد السلام خلال المقابلة (الشرق الأوسط)

يروي الدكتور المحبوب عبد السلام، أحد أبرز المقربين من منظر انقلاب 1989 الدكتور حسن الترابي، تفاصيل دقيقة عن مسار الحركة الإسلامية في السودان وتحولها من تنظيم دعوي إلى سلطة أمنية قابضة، مؤكداً أنها «لم تكن مؤهَّلة لحكم السودان».

ويكشف عبد السلام، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن العلاقة بين الترابي والرئيس عمر البشير بلغت نقطة الانفجار بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، حين تبيَّن أن العملية نُفِّذت من دون علم الرجلين، وأن نائب الترابي آنذاك علي عثمان طه، الذي أصبح نائب البشير لاحقاً، هو مَن خطط لها.

ويضيف أن اجتماعاً، عُقد عقب الحادثة في منزل طه، شهد صداماً عنيفاً حين اقترح الأخير تصفية مُنفِّذي العملية «لطمس الأدلة»، فرفض الترابي بشدة، وعدّ الأمر مخالفاً للشرع، بينما أيّده البشير في القرار، وهو ما عدّه عبد السلام بداية المفاصلة بين الشيخ والرئيس، لتلي ذلك الاجتماع تصفيات للمتورطين.

يؤكد عبد السلام أن الترابي كان صاحب الكلمة العليا في السنوات الأولى من حكم «الإنقاذ»، قبل أن ينقلب عليه البشير بعد «مذكرة العشرة» عام 1998 التي طالبت بتنحيه عن رئاسة الحركة. ويرى عبد السلام أن تجربة الإسلاميين في الحكم انتهت إلى «عداء مع المجتمع المدني»، إذ وقفت ضد الشباب والنساء والفن، معتبراً أن الثورة السودانية عام 2019 كانت تعبيراً عن رفض شامل لتلك الحقبة التي أدخلت البلاد في صراعات مزمنة.


مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

جددت مصر دعوتها إلى «ضرورة إقرار هدنة إنسانية شاملة في السودان، لضمان تدفق المساعدات الإنسانية». وشدد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، على «ضرورة فتح الممرات الإنسانية لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية»، وأدان في اتصال هاتفي مع نظيرته البريطانية، إيفيت كوبر، الجمعة، «الانتهاكات التي وقعت في مدينة الفاشر، (شمال دارفور)».

وأعلنت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، (غرب السودان)، آخر مقرات الجيش في الإقليم. واتهمت الحكومة السودانية، عناصر «الدعم السريع» بارتكاب جرائم بحق المدنيين في المدينة. كما أفادت الأمم المتحدة بـ«وقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان».

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الجمعة، تبادل عبد العاطي وكوبر «التقديرات إزاء تطورات الأوضاع في السودان»، وجدد التأكيد على موقف بلاده الثابت «الداعم لوحدة واستقرار السودان ومؤسساته الوطنية».

وأطلع وزير الخارجية المصري نظيرته البريطانية على جهود بلاده في إطار «الآلية الرباعية الدولية» الخاصة بدعم التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وأشار إلى «ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى هدنة إنسانية مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان للتخفيف من معاناة الشعب السوداني»، حسب بيان «الخارجية المصرية».

نازحون فارّون من الفاشر بعد سقوطها في أيدي «قوات الدعم السريع» إلى بلدة طويلة القريبة (أ.ف.ب)

وتعمل «الآلية الرباعية» التي تضم «السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة»، من أجل وقف إطلاق النار في السودان، وسبق وأن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكدت «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان»، إلى جانب «الضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين».

وتعوّل مصر على جهود «الآلية الرباعية» لإقرار الهدنة الشاملة في السودان، وفق عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، وأشار إلى أن «القاهرة تستهدف وقف الحرب السودانية، وفق مراحل، تبدأ بهدنة ثلاثة أشهر، وأخرى لمدة تسعة أشهر».

وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أن «رؤية (الآلية الرباعية) تستهدف وضع تسوية سياسية للأزمة السودانية خلال فترة الهدنة، تنتهي بعدها الحرب الداخلية في السودان»، وقال إن «مصر تسعى لحشد الجهود الدولية، للحفاظ على وحدة السودان واستقراره، والحد من الانتهاكات بحق المدنيين، خصوصاً في مناطق المواجهات المسلحة».

نازحتان في مدينة طويلة بولاية شمال دارفور بعد فرارها من الفاشر (أ.ف.ب)

وأدت الحرب الممتدة في السودان، على مدى عامين ونصف العام، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» إلى مقتل عشرات آلاف الأشخاص، وأدت إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أكبر أزمتَي نزوح وجوع في العالم، حسب الأمم المتحدة.

ورغم اقتراح «الآلية الرباعية» لهدنة شاملة في السودان، فإن عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» يرى «صعوبة في التزام طرفَي الحرب بها»، وقال إن «الجيش السوداني و(الدعم السريع) قد يعلنان الموافقة على وقف إطلاق النار، إلا أن هذا لا يعني الالتزام بالتنفيذ، في ضوء تمسك الطرفين بخيار المواجهة العسكرية حتى الآن».

ويتفق في ذلك، مدير وحدة العلاقات الدولية بـ«المركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية»، مكي المغربي، الذي أشار إلى أن «هناك صعوبات في القبول بهدنة وقف إطلاق النار، بسبب الموقف الشعبي الغاضب من أحداث الفاشر».

وباعتقاد المغربي فإن «الضغط على الجيش السوداني للقبول بهدنة، لن يكون مُجدياً بسبب مواقف قبائل وحركات دارفور الرافضة لهذا الخيار»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مسار التفاوض ممكن، لكن على أساس إنهاء التمرد وليس شرعنة (الميليشيا)».

وفي وقت سابق، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، خلال محادثات مشتركة في القاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «أهمية (الآلية الرباعية) بعدّها مظلة للسعي لتسوية الأزمة السودانية، ووقف الحرب بالسودان».


«قوة الاستقرار» في غزة إلى ترتيبات مُيسرة أم تعقيدات؟

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة الاستقرار» في غزة إلى ترتيبات مُيسرة أم تعقيدات؟

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)

يأخذ بند إحلال «قوة استقرار» في قطاع غزة منحنى تصاعدياً مع تقديم مشروع قرار أميركي لمجلس الأمن، وحديث الرئيس دونالد ترمب عن وصول تلك القوات الدولية قريباً إلى القطاع، لتنفيذ بقية ترتيبات وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو شهر.

تلك القوات، التي شهد مشروع قرارها في مرحلة الإعدادات خلافات بشأن مهمتها وانتشارها، وتخوفات مصرية من «صدامات» حول توسيع مهامها، يراها خبراء قد تواجه ترتيبات معقدة، خاصة في ظل رفض إسرائيلي للعرض على مجلس الأمن، ومشاركة تركيا بالقوات، واحتمال ظهور «فيتو» روسي - صيني حال وجود تحفظات فلسطينية، وتوقعوا ألا يكون تشكيل القوات قريباً إلا إذا خلق مسار توافق واسع، يحقق المراد من تلك القوات المعنية بحفظ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ترمب إنه يتوقع وصول القوة الدولية لحفظ الاستقرار إلى غزة «قريباً جداً»، بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة عن طرح مشروع قرار في مجلس الأمن، يهدف إلى دعم خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة.

وأكّد خلال لقاء في البيت الأبيض مع قادة دول من آسيا الوسطى: «سيحدث ذلك قريباً جداً. والأمور في غزة تسير على ما يرام». وذلك في ردّ على سؤال لأحد الصحافيين بشأن نشر القوة الدولية في القطاع، الذي لا يزال يواجه وضعاً إنسانياً صعباً بعد قرابة شهر من سريان الهدنة بين إسرائيل و«حماس».

وتقدّمت الولايات المتحدة لدول شريكة بمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، يهدف إلى دعم خطة ترمب للسلام في قطاع غزة، وفق ما أفادت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، في بيان، لافتة إلى أن القرار، الذي لم يُحدَّد موعد التصويت عليه بعد، يجيز إنشاء «قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة» تكون مخوّلة «استخدام كل الوسائل الضرورية لتنفيذ ولايتها، بما يتوافق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي».

ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤول أميركي، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة أرسلت مشروع قرار إلى عدد من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنشاء قوة دولية في غزة لمدة عامين على الأقل، مع إمكانية التمديد، بهدف نشر أولى القوات في غزة بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل.

فلسطينيون يستعيدون جثة من تحت أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن ملف «قوة الاستقرار» سيواجه ترتيبات صعبة من بداية عرضه بمجلس الأمن، خاصة أن إسرائيل تعارض إقراره من المنظومة الدولية، ولديها اعتراضات على الدول المشاركة مثل تركيا، فضلاً على أن روسيا والصين قد لا تقبلان بصياغات في النص، وتستخدم أي دولة فيهما الفيتو.

ويستبعد عكاشة أن يكون وصول القوات قريباً كما يتحدث ترمب، لافتاً إلى أنه قد لا يكون ذلك في توقيت قريب في ظل التعقيدات؛ إلا إذا كانت هناك مسارات في الكواليس، تم الاتفاق عليها وتنتظر الإعلان فقط.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أيضاً أن «القوة» ستواجه تعقيدات، خاصة في مجلس الأمن، في ظل احتمال استخدام الصين وروسيا للفيتو تجاوباً مع أي تحفظات عربية أو فلسطينية، مشيراً إلى أنه في ظل هذه الترتيبات المعقدة من المبكر الحديث عن وصول القوات إلا بحدوث تفاهمات واسعة.

ولا تقتصر التخوفات على مجلس الأمن فقط، بل على الأرض أيضاً، وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، في تصريحات متلفزة، أخيراً، إن تكليف القوة الدولية بنزع سلاح «حماس» سيؤدي إلى «صدامات» واشتباكات مسلحة.

وأوضح أن المشكلة تكمن في أن إسرائيل تضع شروطاً تعرقل تطبيق خطة غزة، مشدداً على أن «الفلسطينيين لن يقبلوا بقوة أجنبية تتولى أمن غزة، أو أن يستبدل الاحتلال بوصاية».

ردّ فعل فلسطينيين على مقتل طفلين في غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس (أ.ف.ب)

وفي حوار مع شبكة «سي بي إس» الأميركية، الثلاثاء، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، إن «هناك مناقشات جارية مع الشركاء الأميركيين والإقليميين حول مجموعة من العناصر تتعلق بقوة دعم الاستقرار، وهي تشكيل القوة وهيكلها وولايتها ومدة عملها».

ويرى عكاشة أن الموقف المصري وتخوفاته في محلّها، خاصة أن القاهرة أكثر خبرة بالقطاع من أي جهة، ولديها رؤية للتدرج في نزع السلاح بالتوافق مع القوى الفلسطينية، على أن يسلم لدول عربية مثلاً، وليس إسرائيلية بالتأكيد، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب قد يفاجئ الجميع بدفع بقوات متعددة الجنسيات حال فشل التوافق على بند قوات الاستقرار أممياً وإسرائيلياً».

ويعتقد مطاوع أن «أي دولة عربية أو إسلامية لن تقبل أن تدخل في صدام لنزع السلاح»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «نجاح القوة الدولية المنتظرة يتوقف على إرفاق قوة للشرطة الفلسطينية معها، تكون معنية وحدها بإنفاذ القانون في إطار خطة واضحة مدعومة مالياً وتدريبياً من قوات الاستقرار».