«قوات الدعم السريع» تكثف قصف الفاشر غرب السودان

منسقة الشؤون الإنسانية تزور الفارين من المدينة المحاصرة

صورة جوية تُظهر تصاعد الدخان من «مخيم زمزم» قرب مدينة الفاشر خلال أبريل الماضي (أ.ف.ب)
صورة جوية تُظهر تصاعد الدخان من «مخيم زمزم» قرب مدينة الفاشر خلال أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

«قوات الدعم السريع» تكثف قصف الفاشر غرب السودان

صورة جوية تُظهر تصاعد الدخان من «مخيم زمزم» قرب مدينة الفاشر خلال أبريل الماضي (أ.ف.ب)
صورة جوية تُظهر تصاعد الدخان من «مخيم زمزم» قرب مدينة الفاشر خلال أبريل الماضي (أ.ف.ب)

واصلت «قوات الدعم السريع» السودانية قصف مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور، بالمدفعية، بينما حلقت المسيَّرات التابعة لها في سماء المدينة، وسُمعت أصوات انفجارات عديدة لم تُحدد مواقعها.

وقال شاهد لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الدعم السريع» ظلت تقصف الفاشر منذ الصباح الباكر من يوم السبت، واستمر القصف لعدة ساعات قبل أن يتوقف بعد منتصف اليوم، فيما أثارت المسيرات التي تحلق في السماء الذعر بين المدنيين.

ودأبت «قوات الدعم السريع» على شن هجمات مستمرة على مناطق سيطرة الجيش، خصوصاً مقر «الفرقة السادسة مشاة»، بشكل مستمر بهدف كسر دفاعات الجيش ودخول مناطق سيطرته في المدينة، لكن الجيش تصدى لهذه الهجمات.

وحققت «قوات الدعم السريع» تقدماً لافتاً في الآونة الأخيرة، وتوغلت في الأحياء الشرقية والجنوبية للمدينة المحاصرة منذ أكثر من عام، كما توغلت في مخيم «أبو شوك» للاجئين، وأحياء «مربع 17»، «أولاد الريف»، «الوادي»، «تمباسي»، «مكركا».

وفي المقابل يسيطر الجيش على القطاع الغربي من المدينة وأجزاء من حي أبو شوك.

ويرجع تقدم «قوات الدعم السريع» إلى حصولها واستخدامها لمسيرات يُرجح أنها من طراز «إف بي في» (FPV) ذات الدقة العالية، في تنفيذ هجمات منسقة، تمهد لهجمات السيارات المدرعة بغرض شل تحركات الجيش وفتح ثغرات في خطوط دفاعه.

منسقة الشؤون الإنسانية

دينيس براون المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية مع أفراد المجتمع المحلي خلال زيارتها لمنطقة طويلة شمال دارفور (موقع الأمم المتحدة)

وفي سياق متصل، قامت منسقة الشؤون الإنسانية، دينيس براون، بزيارة منطقة «طويلة» في ولاية شمال دارفور التي تبعد عن الفاشر نحو 50 كيلومتراً، وتضم نحو 600 ألف نازح، فرّ معظمهم من الفاشر والمناطق المجاورة لها، ومن الخرطوم منذ بداية الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

ووصفت الوصول إلى بلدة «طويلة» بأنه كان معقداً وصعباً، بقولها: «اضطررنا لتغيير مسارنا مرات عديدة لكثرة خطوط الجبهات داخل السودان، والوصول إلى المكان الذاهبون إليه كان صعباً للغاية». وأضافت: «استغرقت الرحلة خمسة أيام، قطعنا خلالها 5 آلاف كيلومتر عبر ثلاث دول، وثلاث طائرات مختلفة، وثلاثة أيام من القيادة».

وقالت إن الهدف من زيارتها لبلدة «طويلة» هو أن المنطقة تعد مركز استجابة إنسانية قريبة من الفاشر، مضيفة أن «منسق الشؤون الإنسانية يحتاج إلى الوجود على الأرض، فضلاً عن قرب هذه المنطقة من الفاشر».

وكشفت عن شح تمويل عمليات الاستجابة الإنسانية في المنطقة، قائلة: «لدينا فريق جيد من الأمم المتحدة على الأرض، لكنه عاجز، وليس بمقدوره تقديم الخدمات التي يجب أن نقدمها، لأننا لا نملك المال للقيام بذلك».

الفرار من المدينة

موجات النزوح من الفاشر لا تتوقف (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأوضحت براون أن الفرار من القتال في الفاشر لا يزال مستمراً، وأن النساء وصلن إلى بلدة «طويلة» هرباً من العنف بعد مقتل أزواجهن وأطفالهن. ونقلت للصحافيين قصة نساء فررن من الفاشر، وقالت إن إحداهن مع أطفالها الثلاثة استغرقوا سبعة أيام على ظهر حمار للوصول إلى بلدة «طويلة»، وبينهم طفل رضيع يعاني سوء تغذية حاد. وقالت: «هذه مجرد نتيجة يجب أن نتوقعها لأناس يمرون بهذا الوضع المروع ويضطرون للمجيء إلينا، بدلاً من وصولنا إليهم».

ودعت المنسقة بشدة لوقف الحرب والعنف وفتح المعابر للوصول إلى سكان الفاشر المحاصرين، بقولها: «أوقفوا العنف، أوقفوا الحرب، اسمحوا لنا بالمرور، نريد الوصول إلى حيث يوجد الناس، لا نريد أن ننتظر وصول الناس إلينا، لأنهم سيكونون عندئذ في وضع صعب للغاية».

ونددت المسؤولة الأممية بالعنف الجنسي، واعتبرت محاربته «أولوية مُلحّة»، ووصفته بأنه «قبيح للغاية»، قائلة: «سبق أن أبلغت الأمم المتحدة عن أنماطه المرتبطة بالنزاع التي تُستخدم سلاح حرب، ويشمل الاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي، والعنف الجنسي الذي يرقى إلى مستوى التعذيب».

حماية المدنيين

دمار لحق بـ«مستشفى الفاشر» إثر معارك سابقة (صفحة حاكم إقليم دارفور على «فيسبوك»)

وشددت على أهمية حماية المدنيين بقولها: «المدنيون في السودان يدفعون ثمناً باهظاً جداً للعنف في ظل التحرش، التخويف، الاغتصاب، القتل، تعطل الخدمات الاجتماعية الأساسية». وأشارت إلى تعطل سلاسل الإمداد بسبب إغلاق الطرق ورداءتها، موضحة أن ذلك يعقد وصول الإمداد، ما يؤدي لرفع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني، في ظل صعوبة الحصول على المياه النظيفة، والمعاناة من الصرف الصحي السيئ، ما أدى لتفشي وباء الكوليرا وحمى الضنك، مضيفة: «هذا وضع قابل للانفجار بالنسبة للأطفال الصغار». وقالت إن خطة الاستجابة الإنسانية في السودان هي الأعلى تمويلاً، وتستهدف نحو 30 مليون شخص، في وقت لا تتعدى فيه نسبة التمويل المتاحة 25 في المائة من جملة المبالغ المطلوبة.


مقالات ذات صلة

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

شمال افريقيا جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز) play-circle

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع»

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نازحون سودانيون يقضون ليلة في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

«أطباء السودان»: «الدعم السريع» قتلت 200 شخص على أساس عرقي بشمال دارفور

أعلنت «شبكة أطباء السودان»، مقتل أكثر من 200 شخص، بينهم أطفال ونساء على أساس عرقي من قبل «الدعم السريع» بمناطق أمبرو، وسربا، وأبوقمرة بولاية شمال دارفور.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في نيويورك الاثنين (الأمم المتحدة)

إدريس: مستعدون للتواصل مع دول مؤيدة لـ«الدعم السريع»

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، الجمعة، إن بلاده مستعدة للتواصل مع دول مؤيدة لـ«الدعم السريع»

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي.

رياضة عربية مشجع سوداني يساند منتخب بلاده خلال مباراته أمام الجزائر (أ.ب)

محمد عبد الرحمن لاعب السودان: سنقدم ما علينا رغم ظروف الحرب

يطبق محمد الغربال سياسة «الأمر الواقع» للتعامل مع الظروف المحيطة بمنتخب السودان لكي يتمكن من النجاح رغم ظروف الحرب التي أثرت على نشاط كرة القدم

«الشرق الأوسط» (الرباط)

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)

يعوّل الصومال على دعم عربي وإسلامي لمواجهة اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً، وقد استجابت جامعة الدول العربية لطلبه بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.

وأكَّد السفير الصومالي في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط» أنَّ «بلاده تتحرَّك على المستويين العربي والإسلامي، لرفض ما أعلنت عنه تل أبيب، والدفاع عن السيادة الصومالية»، وقال: «من بين التحركات طلب اجتماع للجامعة العربية بشكل عاجل». وأشار إلى أنَّ «بلاده تدعو لاجتماع قمة عربية إسلامية قريباً، ضمن تحركاتها الدبلوماسية».

وحرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيراتٍ من السلطة الفلسطينية و«حماس» ومقديشو، من أنَّه يحمل احتمالاً لأن يكون هذا الإقليم موطناً جديداً لاستقبال الفلسطينيين ضمن مخطط تهجير سعت إليه إسرائيلُ منذ بداية الحرب قبل نحو عامين.

وأشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوفَ من أنَّ الخطوة الإسرائيلية ستُعيد ملف التهجير للواجهة بقوة، وستعمل تل أبيب على زيادة الضغوط على الضفة وغزة لدفعهم قسراً لذلك، وسط غياب خطط تنفيذية للإعمار والاستقرار.

وسط طوفان ردود فعل على الخطوة الإسرائيلية، وبخلاف الرفض العربي، جاء موقف لافت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ طغى عليه «السخرية من ذلك الإقليم». فقد أعلن ترمب عن رفضه الاعترافَ باستقلال «أرض الصومال»، متسائلاً: «هل يعرف أحدٌ ما هي أرض الصومال، حقّاً؟».


بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دخلت بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنَّ بعثة تقييم وصلت إلى مدينة الفاشر، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مضيفاً أنَّ البعثة تضمُّ وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية.

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، وقال في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول جاء عبر مسار يسَّرتْه الولايات المتحدة.


بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
TT

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية. في غضون ذلك دانت قيادة الجيش التشادي، السبت، هجوماً شنَّته «قوات الدعم السريع» السودانية على بلدة حدودية داخل الأراضي التشادية؛ ما أسفر عن مقتل جنديَّين تشاديَّين وإصابة ثالث، ووصفت الهجوم بأنه «عدوان غير مُبرَّر» على سيادة تشاد.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخللته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.

وفي هذا السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن بعثة تقييم أممية وصلت إلى مدينة الفاشر بعد مفاوضات إنسانية مطولة، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة التي عانت حصاراً خانقاً. وأوضح المكتب أن البعثة ضمَّت وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»؛ لتقييم الاحتياجات الغذائية العاجلة، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية؛ لتقييم الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية واحتياجاتها الطارئة، إضافة إلى فريق من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مختص بتقييم أوضاع الأطفال، والاحتياجات الإنسانية الملحّة.

ترحيب أميركي

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، عادّاً ذلك دليلاً على إسهام الدبلوماسية الأميركية في «إنقاذ الأرواح». وقال بولس، في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول الحاسم جاء بعد أشهر من المفاوضات عبر مسار يسَّرته الولايات المتحدة، وبجهود مشتركة مع «أوتشا»، وشركاء إنسانيين على الأرض.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

ودعا بولس، الذي يشارك في جهود الوساطة الرامية إلى وقف الحرب في السودان، إلى إعلان هدنة إنسانية شاملة، مطالباً طرفَي النزاع بقبولها وتنفيذها فوراً «دون شروط»، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان، كما حثّ المجتمع الدولي على زيادة التمويل لدعم استجابة «أوتشا». ويُعد وصول البعثة التقييمية الأممية إلى الفاشر أول دخول إنساني إلى المدينة منذ مايو (أيار) 2024.

وفي المقابل، أعلنت قوات «حكومة تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع»، والتي تسيطر على إقليم دارفور، في بيان صدر أمس (السبت)، استعدادها الكامل لتأمين وتسهيل العمل الإنساني في إقليمَي دارفور وكردفان. وأفادت بأن زيارة وفد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ودائرة الأمم المتحدة للسلامة والأمن (UNDSS) شملت مراكز النزوح، والمقار الأممية، وعدداً من المرافق الحيوية داخل مدينة الفاشر.

ووفقاً لبيان «تأسيس»، أكملت البعثة الأممية زيارتها للفاشر، ووصلت بسلام إلى محلية طويلة، دون صدور أي تعليق رسمي من الجيش السوداني بشأن دخول البعثة.

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً بمخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

يُذكر أن الجيش السوداني ظل يرفض، لفترات طويلة، السماح بدخول المنظمات الإنسانية والمساعدات، عبر معبر إدري الحدودي مع تشاد، ما فاقم من الأزمة الإنسانية داخل المدينة، حيث واجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والخدمات الصحية. وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق عن مدير «برنامج الأغذية العالمي» أن الأمم المتحدة اضطرت إلى تقييد عمليات الإغاثة عبر تشاد باتجاه دارفور.

تهديد تشادي

في سياق ثانٍ، نفَّذت طائرة مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مفتوحة مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، هجوماً استهدف بلدة الطينة الواقعة على الحدود التشادية. وقال ضابط رفيع في الجيش التشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن هذه الحادثة تمثل المرة الأولى التي يتكبَّد فيها الجيش التشادي خسائر بشرية مباشرة منذ اندلاع الحرب في السودان.

وعدّت هيئة الأركان العامة التشادية الهجوم «متعمَداً ومقصوداً»، ويمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، محذّرة جميع أطراف النزاع السوداني من أي تجاوز أو مساس بسيادة الأراضي التشادية. وأكد الجيش التشادي، في بيان رسمي، احتفاظه بـ«حق الرد بجميع الوسائل القانونية»، وبممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس في حال تكرار أي اعتداء، استناداً إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطق شمال وغرب إقليم دارفور، باستثناء جيوب محدودة تخضع لسيطرة جماعات قبلية محايدة. وكانت القوات قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتَي أبو قمرة وأم برو في شمال دارفور، وهما منطقتان تقعان على الطريق المؤدي إلى بلدة الطينة التشادية.