ليبيا: تأكيد برلماني على ضرورة التوافق بشأن القوانين الانتخابية

«الأعلى للدولة» لمناقشة تعديلها تمهيداً لإقرارها وإرسالها لـ«النواب»

هانا تيتيه في اجتماع مع لجنة خريطة الطريق المشكلة من المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
هانا تيتيه في اجتماع مع لجنة خريطة الطريق المشكلة من المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
TT

ليبيا: تأكيد برلماني على ضرورة التوافق بشأن القوانين الانتخابية

هانا تيتيه في اجتماع مع لجنة خريطة الطريق المشكلة من المجلس الأعلى للدولة (المجلس)
هانا تيتيه في اجتماع مع لجنة خريطة الطريق المشكلة من المجلس الأعلى للدولة (المجلس)

عكست تصريحات برلمانيين وأعضاء من المجلس الأعلى للدولة الليبي وعدد من السياسيين تأكيداً على أهمية التوافق بشأن القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات العامة. وجاء ذلك بعد أقل من 20 يوماً لإنجاز الخطوتين الأوليين من «خريطة الطريق»، التي طرحتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه، وهما: إعادة تشكيل مجلس المفوضية الوطنية للانتخابات، وتعديل الإطار القانوني للعملية الانتخابية، تمهيداً لتشكيل «حكومة موحّدة جديدة»، تُهيّئ لإجراء الاستحقاق المنتظر.

عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي (رويترز)

وقال عضو مجلس النواب، عدنان الشعاب، إن «مجلسه سيتعاطى بمرونة مع ملف التوافق على القوانين»، وأضاف الشعاب في تصريح نقلتها «ليبيا الأحرار»، إن البرلمان «هو مَن أصدر القوانين قبل عامين، وهو لا يرى أنها بحاجة إلى تعديل، ومن ثم هو الآن ينتظر ما سيرد في تقرير لجنة (الأعلى للدولة) من مقترحات للنظر فيها».

أما النائب محمد عامر العباني فقال من جهته إن «هناك توجهاً واسعاً للتوافق حول القوانين، بما يمهّد للخطوة الثالثة في خريطة الطريق؛ وهي تشكيل (حكومة موحدة)، تمهّد لإجراء الانتخابات التي ينشدها كل الليبيين».

وأضاف أن «القوانين جرى إصدارها ونشرها في الجريدة الرسمية، وربما تحتاج إلى مراجعة أو إلى إعادة تنقيح، وليس صحيحاً أنها أقرت من البرلمان بشكل منفرد، فمشاريع تلك القوانين أُعدّت بواسطة لجنة مشتركة من أعضاء المجلسين، وهي لجنة (6+6)».

وتحدّث العباني عن «وجود ضغوط على المجلسين، تتمثل في إمكانية استبعادهما من المشهد إذا تكرر إخفاقهما في إحداث توافقٍ على القوانين».

من جهته، تحدّث النائب الأول لرئيس «المجلس الأعلى للدولة»، حسن حبيب، عن توافق مجلسه مع البرلمان بشأن مجلس المفوضية العليا للانتخابات، وعدَّ ذلك «خطوة متقدمة؛ وإن كانت الأسهل مقارنةً بملف القوانين الانتخابية».

وقال حبيب لـ«الشرق الأوسط»: «هناك ملاحظات على القوانين، كما أن اللجنة الاستشارية المشكلة من البعثة قدّمت توصيات وخيارات لمعالجتها»، لافتاً إلى أن «أعضاء مجلس النواب يتفهمون هذا الأمر»، بعدما قال إن «مستوى التواصل بين المجلسين ارتفع، بما يُسهم في الوصول إلى حلولٍ وسط».

وأكد حبيب أن المساعي والآمال منصبّة على التوصل إلى قوانين «قابلة للتطبيق من الناحية السياسية على الجميع بكل حيادية»، عادّاً أن ذلك هو «الضمان الرئيسي لعدم إثارة مخاوف وقلق قطاعات في الشارع من أنها تستهدف إقصاء طرف بعينه، أو تعزيز فرص غيره». كما لفت حبيب إلى أنّ لجنة تقييم «خريطة الطريق» بمجلسه «رفعت مقترحات لتعديل تلك القوانين، ستناقش في جلسة رسمية الاثنين المقبل، تمهيداً لإقرارها ثم إرسالها إلى البرلمان».

السويح: «هناك أعضاء يرغبون في الانتخابات سريعاً لإدراكهم استحالة استمرار الانقسام الحكومي والمؤسسي وتداعياته» (مفوضية الانتخابات)

وفي إحاطتها أمام مجلس الأمن، شددت هانا تيتيه على أنه في حال عرقلة التوجه نحو الانتخابات من قبل من وصفتهم بـ«أطراف الوضع القائم»، فإنه يتم البحث عن «بدائل»، مؤكدة أن الأمم المتحدة قادرة على «اتخاذ أي تدابير ضرورية» بدعم من مجلس الأمن الدولي، وهو ما تم تفسيره بوصفه إشارة لاحتمال تفعيل خيار مجلس تأسيسي جديد يقصي المؤسسات الحالية.

بدوره، أبدى عضو «الأعلى للدولة» علي السويح تفهماً لعدم ثقة الشارع بالمجلسين، في ظل إخفاقهما المتكرر على مدار سنوات في التوافق، وإحراز تقدّم بشأن ملفات رئيسية، وفي مقدمتها ملفا الإطار القانوني للانتخابات، وتغيير شاغلي المناصب السيادية.

وقال السويح لـ«الشرق الأوسط»: «كل السيناريوهات باتت مفتوحة؛ فهناك أعضاء يرغبون في الانتخابات سريعاً لإدراكهم استحالة استمرار الانقسام الحكومي والمؤسسي وتداعياته من ضعف الرقابة على المال العام، في حين يسعى آخرون للتعامل مع الخريطة الأممية لتفادي اتهامهم بالعرقلة».

ورغم إقراره بتباين التوجهات بين المجلسين بشأن المرشحين للرئاسة، يرى السويح أن ملف القوانين «لا يشكّل عثرة» كما يتخيل البعض، وقد يتم التوافق على تبنّي مقترحات وتوصيات اللجنة الاستشارية لحسم الخلافات حول تلك القوانين».

في غضون ذلك، يُشير بعض المراقبين إلى استمرار اعتراض كتلة من أعضاء «الأعلى للدولة» على جواز ترشّح مزدوجي الجنسية للرئاسة، بدافع اعتراضهم على خوض القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، للسباق، وهو ما يُنبئ بتفجير الأزمة مع البرلمان مجدداً.

وسبق أن رشح كل من عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، وحفتر، وسيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي لخوض سباق الانتخابات الرئاسية التي كان مقرراً إجراؤها نهاية 2021.

المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» (رويترز)

من جهته، رأى رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية» أسعد زهيو أن المجلسين قد يعتمدان «براغماتية سياسية» لإنجاز ملفي تغيير «مجلس إدارة المفوضية» والقوانين الانتخابية «لتخفيف الضغوط الراهنة عليهما»، محذّراً «من إمكانية العودة إلى توظيف مهاراتهما في المناورة، وإثارة الخلافات لعرقلة الاستحقاق الانتخابي خلال فترة تولّي (الحكومة الموحدة) مهامها».

وقال زهيو لـ«الشرق الأوسط» إن تغيير مفوضية الانتخابات «لا يُمثل مشكلة، وقد يُعتمَد على توصيات اللجنة الأممية لحل خلافات القوانين، باستثناء مسألة فك الارتباط بين نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية؛ وهي قضية تُثير جدلاً واسعاً بين النواب». مشيراً إلى أن «البعثة ربما قدّمت إشارة إغراء للمجلسين بأن إنجازهما فيما يتعلق بـالمفوضية والقوانين الانتخابية قد يمنحهما فرصة تشكيل الحكومة المقبلة؛ وهما لن يترددا في القبول بذلك، رغم ميل رئيس البرلمان عقيلة صالح للإبقاء على حكومة أسامة حماد، وميل رئيس (الأعلى للدولة) محمد تكالة لبقاء حكومة الدبيبة».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)

واختتم زهيو موضحاً أنه «إذا تمسك كل منهما بحليفه وعرقلا تشكيل الحكومة الجديدة، فسيتم تجاوز دورهما بمجرد تشكيل مجلس تأسيسي يتولّى وضع القوانين الانتخابية»، حسب اعتقاده.


مقالات ذات صلة

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

شمال افريقيا عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

أدى التصادم المسلح بين تشكيلين في مدينة الزواية غرب ليبيا إلى نشر حالة من الذعر بين المواطنين، الأمر الذي اضطر جهاز الإسعاف والطوارئ إلى تحذير المسافرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

النيابة العامة تحقق في قضية تزوير «أوراق وطنية»

قال مكتب النائب العام الليبي إن التحقيقات انتهت من فحص تسعة قيود عائلية وتبين للمحقق تآمر موظف بمكتب السجل المدني مع تسعة أشخاص غير ليبيين

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية في مكتبه بطرابلس الأربعاء (مكتب الدبيبة)

محادثات أممية - كندية حول سبل تنفيذ «خريطة الطريق» الليبية

ناقشت المبعوثة الأممية إلى ليبيا مع الدبيبة آليات تطبيق «خريطة الطريق»، بما في ذلك إطلاق «الحوار المهيكل» وقضايا أخرى تتعلق بتطورات العملية السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا على الرغم من قبول البعض بمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية فإنهم أبدوا مخاوفهم من عقبات كبيرة تعترض المسار الذي اقترحته المفوضية (مفوضية الانتخابات)

كيف يرى الليبيون إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل؟

رفض مجلس حكماء وأعيان طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وجود دستور، وذهب إلى ضرورة تجديد الشرعية التشريعية أولاً عبر الانتخابات البرلمانية.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا محادثات صدام حفتر وقائد «أفريكوم» (الجيش الوطني)

«الجيش الوطني» الليبي يناشد واشنطن رفع «حظر التسليح»

دعا الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الولايات المتحدة عبر قيادتها العسكرية في أفريقيا «أفريكوم» لرفع حظر التسليح المفروض دولياً منذ 2011

خالد محمود (القاهرة )

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
TT

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)

فرضت محكمة جزائرية، مساء أمس (الخميس)، عقوبة 3 سنوات حبساً موقوفة النفاذ، وغرامة مالية تبلغ مليون دينار جزائري، في حق الكاتب الصحافي المتهم الموقوف، سعد بوعقبة؛ بعد إدانته بتهمة إهانة وقذف موجه باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضد رموز «ثورة التحرير الوطني». كما وقَّعت الهيئة القضائية ذاتها عقوبة عاماً حبساً موقوفة النفاذ في حق المتهم الثاني، الموجود تحت الرقابة القضائية، «عبد الرحيم. ح»، عن المشارَكة في الجُرم نفسه، بجنحة إهانة وقذف موجه باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضد رموز «ثورة التحرير الوطني»، مع الحكم بمصادرة عتاد القناة وغلقها نهائياً.

وجاء منطوق الحكم بعدما التمست النيابة في الجلسة عقوبتهما، بعد استجواب دقيق خضع له المتهمان، وتمسك كل واحد منهما بإنكار ما نُسب إليه من وقائع.

وأكد المتهم بوعقبة في تصريحاته أمام القاضي أنه لم يقل سوءاً في زعيم الثورة، الراحل أحمد بن بلة، موضحاً أنه يعدّه أحد رموز «ثورة التحرير الوطني»، وأحد أصدقائه، وجمعته به علاقة صداقة لا أحد يشكِّك فيها، بحسب ما نقلته صحف محلية. وقال إنه طوال مساره المهني لم يشعر بالإحباط رغم المتابعات القضائية التي طالته سابقاً، سوى في هذه القضية التي أكد أنها آلمته. كما تقدَّم بوعقبة في الجلسة بالاعتذار لابنة الضحية بن بلة مهدية، التي ذرفت دموعاً حارقة جراء ما عدّته إهانةً طالت والدها.

وفجَّرت قضية بوعقبة جدلاً حاداً حول حرية الرأي والخوض في مسائل التاريخ الخلافية، واحتجَّ الطيف السياسي الجزائري بشدة على وضع الصحافي الكبير بوعقبة في الحبس الاحتياطي قبل محاكمته أمس، بتهمة «الإساءة إلى رموز الثورة»،

وقالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة إنها «تابعت باهتمام قضية إيداع الصحافي سعد بوعقبة الحبس المؤقت، على خلفية تصريحات أدلى بها عُدَّت مسيئةً لرموز الثورة»، مؤكدة أن «مثل هذه القضايا، لا ينبغي أن تقود إلى عقوبات سالبة للحرية، بحكم طبيعتها الصحافية، لأن الدستور يمنع سجن الصحافيين في مثل هذه الحالات»، مشددةً على «احترام كرامة الصحافي وحقوقه، واعتماد حلول حكيمة تحفظ حرية الصحافة، وتجنِّب البلاد التوتر».

من جهتها، عبّرت «حركة البناء الوطني» المؤيدة لسياسات الحكومة، عن «تضامنها مع الصحافي سعد بوعقبة في قضيته»، مشدّدة على أن «معالجة قضايا الرأي يجب ألا تتم عبر الحبس، بل عبر الحوار والتصويب، والاعتذار عند الضرورة». ورأت الحركة أن تصريحات الصحافي التي سببت له المشكلات «كانت في سياق تحليلي لا يرقى إلى اتهام شخصي»، وأن «اعتذاره لعائلة بن بلة كافٍ لإنهاء القضية».


اتحاد الشغل التونسي يدعو لإضراب عام وسط أزمة سياسية متفاقمة

جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
TT

اتحاد الشغل التونسي يدعو لإضراب عام وسط أزمة سياسية متفاقمة

جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)
جانب من المظاهرة التي نظمها «الاتحاد التونسي للشغل» وسط العاصمة أمس الخميس (رويترز)

أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يحظى بتأثير قوي، عن إضراب وطني في 21 يناير (كانون الثاني) المقبل، احتجاجاً على ما عدَّه «قيوداً على الحقوق والحريات»، والمطالبة بمفاوضات لزيادة الأجور، في تصعيد لافت للمواجهة مع الرئيس قيس سعيّد، وسط توترات اقتصادية وسياسية متفاقمة.

وقد يشل هذا الإضراب الوشيك القطاعات العامة الرئيسية، ويزيد منسوب الضغط على الحكومة ذات الموارد المالية المحدودة، مما يفاقم خطر حدوث اضطرابات اجتماعية، وسط تزايد الإحباط وضعف ملحوظ في الخدمات العامة.

وحذر الاتحاد، المدعوم بنحو مليون عضو، من أن الوضع يزداد سوءاً، مندداً بتراجع الحريات المدنية وجهود الرئيس سعيد، الرامية لإسكات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتعهد بمقاومة هذه الانتكاسة.

وفي خطاب أمام مئات من أنصاره قال الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، أمس الخميس، في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء: «لن ترهبنا تهديداتكم ولا سجونكم. لا نخاف السجن... سنواصل نضالنا».

ويطالب الاتحاد بفتح مفاوضات عاجلة بشأن زيادة الأجور، وتطبيق كل الاتفاقيات المعلقة، التي ترفض السلطات تطبيقها.

وأضاف الطبوبي موضحاً أن الاتحاد وجَّه 18 مراسلة إلى الحكومة دون أن يكون هناك تجاوب. مؤكداً في تصريحه للصحافيين: «نحن لا نقبل هذا الخيار. نقبل الحوار والرأي، والرأي المخالف والحوار الهادئ والشفاف، الذي يفضي إلى نتائج ملموسة».

الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي خلال مشاركته أمس في المظاهرة التي نظمها «الاتحاد» وسط العاصمة التونسية (د.ب.أ)

وأقر قانون مالية 2026 زيادة في الأجور، لكن دون الدخول في أي مفاوضات مع اتحاد الشغل، ودون حتى تحديد نسبتها، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع على أنها محاولة جديدة من الرئيس سعيد لتهميش دور الاتحاد.

وتسلط خطوة الاتحاد بشأن إضراب الشهر المقبل الضوء على تزايد الغضب في أوساط المجتمع المدني من تراجع كبير في الحريات، وحملة متسارعة للتضييق على المعارضة والصحافيين ومنظمات المجتمع المدني، وتعطل الحوار الاجتماعي، إضافة إلى أزمة غلاء المعيشة المتفاقمة، التي دفعت العديد من التونسيين إلى حافة الفقر.

وتقول منظمات حقوقية إنه منذ عام 2021، مضى الرئيس سعيد في تفكيك، أو تهميش الأصوات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها اتحاد الشغل، وسجن أغلب قادة المعارضة، وشدد سيطرته على القضاء. وانتقدت اعتقال منتقدين وصحافيين ونشطاء، وتعليق عمل منظمات غير حكومية مستقلة.

فيما ينفي الرئيس سعيد هذه الاتهامات، ويقول إن إجراءاته قانونية وتهدف إلى وقف الفوضى المستشرية، مؤكداً أنه لا يتدخل في القضاء، لكن لا أحد فوق القانون.

ولعب الاتحاد دوراً محورياً في مرحلة الانتقال بعد الانتفاضة، وظل من أبرز المنتقدين لسيطرة الرئيس على معظم السلطات والتفرد بالحكم. ورغم أن الاتحاد دعم في البداية قرار سعيد حل البرلمان المنتخب في 2021، فإنه عارض إجراءاته اللاحقة، واصفاً إياها بأنها محاولة لترسيخ حكم الرجل الواحد.


تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
TT

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)
عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)

أمضت مناطق عدة في مدينة الزاوية الليبية (غرب) ليلتها على وقع دوي الرصاص والقذائف، إثر اشتباكات مسلحة بين تشكيلين محسوبين على حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، خلّفت قتلى وجرحى.

ووقعت هذه الاشتباكات، التي تُعد الأحدث في المدينة التي تعاني من تغول الميليشيات، مساء الخميس، واستمرت حتى الساعات الأولى من يوم الجمعة، بين «الكتيبة 103 مشاة»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة» بإمرة عثمان اللهب، وتشكيل آخر تابع لقوة «الإسناد الأولى - الزاوية»، بقيادة محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر».

آمِر «فرقة الإسناد الأولى» محمد بحرون الملقب بـ«الفأر» خلال حضور مناسبة رسمية بغرب ليبيا (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل)

وأدى التصادم بين التشكيلين إلى نشر حالة من الذعر بين المواطنين، الأمر الذي اضطر جهاز الإسعاف والطوارئ إلى تحذير المسافرين عبر الطريق الساحلي - الزاوية، من الإشارة الضوئية - أولاد صقر وحتى بوابة الحرشة، بضرورة اللجوء إلى طرق بديلة، بعد إغلاقه بسبب التوتر الأمني.

ومع بداية القصف، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ عن إصابة مواطن مدني إثر سقوط مقذوف بالقرب منه على الطريق الساحلي، لكن مع هدوء الأوضاع نقلت مصادر طبية مقتل مواطنين في المواجهات، بالإضافة إلى إصابة آخرين؛ وذلك في حلقة جديدة من الصراع على توسيع النفوذ والسيطرة.

وتتبع قوة «الإسناد الأولى» لمديرية أمن مدينة الزاوية، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، بينما تتبع «كتيبة السلعة» منطقة الساحل الغربي العسكرية.

وعكست متابعات شهود عيان أجواء الصدام المسلح بين الأذرع الأمنية والعسكرية للحكومة. وقال الناشط السياسي منصور الأحرش: «ما إن هطلت الأمطار البارحة في سماء الزاوية، حتى رافقها هطول من الضرب العشوائي بالأسلحة المتوسطة بين تشكيلين مسلحين، أحدهما يتبع وزارة الدفاع، والآخر يتبع وزارة الداخلية؛ ما أدى إلى مقتل مواطنين وإصابة آخرين».

وبنوع من الرفض لما يجري في الزاوية على يد التشكيلات المسلحة، ذكّر الأحرش ساخراً بأن الجبهتين المتقاتلتين «تتقاضيان مرتباتهما من الدولة؛ طبعاً خارج منظومة (راتبك لحظي)، وعلينا ألا ننسى العمل الإضافي أيضاً؛ لأن الاشتباكات وقعت خارج الدوام الرسمي».

وسبق أن أطلق مصرف ليبيا المركزي مطلع سبتمبر (أيلول) منظومة «راتبك لحظي»، التي تهدف إلى «تسريع وصول المرتبات لمستحقيها، بدلاً من النظام المعمول به لدى وزارة المالية، والذي كان يستغرق عدة أسابيع لصرف الرواتب للموظفين».

وتمكّن «جهاز دعم الاستقرار»، التابع للمجلس الرئاسي، الذي يقوده حسن أبو زريبة، من استعادة الهدوء في الزاوية بعد تدخله للفصل بين التشكيلين.

ويتكرر الصدام المسلح بين الميليشيات في الزاوية، حيث سبق أن شهدت المدينة اشتباكات بين مجموعات تعد من أذرع حكومة «الوحدة»، إثر محاولة اغتيال قيادي بارز في تشكيل مسلح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان قائد ميليشيا «قوة احتياط الزاوية»، محمد سليمان، الملقب بـ«تشارلي»، ومرافقه عبد الرحمن كارزو، قد أُصيبا بجروح خطيرة بعد استهداف سيارتهما بقذيفة «آر بي جي»، أطلقتها مجموعة مسلحة تابعة لـ«الفأر».

كما سبق أن طالت الاشتباكات المسلحة في الزاوية خزانات النفط في محيط مصفاة الزاوية للتكرير، أوقعت قتيلاً و15 جريحاً على الأقل، وهو ما اضطر «المؤسسة الوطنية للنفط» حينها إلى إعلان «القوة القاهرة»، قبل أن يتم إخماد النيران.

ممثلون عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية وعسكريين ومدنيين خلال مشاركتهم في فعالية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

وعشية الاشتباكات التي شهدتها الزاوية، اختتمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ندوة فنية استمرت يومين، بتعاون وثيق مع وزارات الدفاع والداخلية والخارجية، تناولت «تطبيق مدونة قواعد السلوك للوحدات والمؤسسات العسكرية والأمنية والشرطية»، التي أقرّتها السلطات الليبية في وقت سابق من هذا العام.

وأوضحت البعثة أن الندوة جمعت «كفاءات رفيعة المستوى» من الوزارات المعنية، ورئاسة الأركان العامة، وأعضاء لجنتي الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وبتمثيل فعال للمرأة.

وتمحورت المناقشات، بحسب البعثة، حول ترجمة مبادئ المدونة إلى ممارسات عملية بوضع خطط تدريبية مُعتمدة في جميع المؤسسات الأمنية الليبية، مع التركيز على الامتثال القانوني، والمساءلة والسلوك الأخلاقي، والمسؤولية الاجتماعية، والاحترافية، وهي عناصر أساسية لتعزيز الانضباط المؤسسي، واستعادة ثقة المواطنين، وتعزيز التماسك داخل قطاع الأمن.

واعتمدت الندوة الفنية «خريطة طريق شاملة لتوجيه المرحلة التالية في تعميم مدونة قواعد السلوك»، وتُحدّد الخريطة تدابير لتعزيز وحدة المؤسسات ونزاهتها، وترسيخ آليات المساءلة، وضمان الالتزام الكامل بالمبادئ الدستورية، والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ممثلون عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية في فعالية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

وعَدَّ بدر الدين الحارثي، مدير شعبة المؤسسات الأمنية في البعثة، هذه الخطوة «مهمة نحو ترجمة مدونة قواعد السلوك إلى إجراءات عملية بقيادة وطنية»، وقال إن البعثة «لا تزال ملتزمة التزاماً كاملاً بدعم السلطات الوطنية في مساعيها لتحقيق هذه الإصلاحات، وغيرها من الإصلاحات الاستراتيجية والتشغيلية الضرورية لبناء قطاع أمني مهني، خاضع للرقابة وضوابط المساءلة».