أثار قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بنسبة 1 في المائة، مساء الخميس، تساؤلات عن تأثير القرار على الأسعار، مع استمرار الحكومة في إعلان تحسن معدلات النمو، وتراجع التضخم.
ويُعدّ قرار «خفض الفائدة» الرابع خلال عام 2025، وقد عزا «المركزي» قراره الأخير إلى التراجع الشهري «واسع النطاق» للتضخم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إضافةً إلى «تحسّن توقعات التضخم والانحسار التدريجي لآثار الصدمات السابقة».
وأكّد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مساء الخميس، أن معدلات النمو للعام المالي المنتهي في 30 يونيو (حزيران) الماضي تجاوزت تقديرات الحكومة، بعدما سجّلت 4.4 في المائة، في حين كانت الخطة تستهدف تحقيق نمو بنسبة 4.2 في المائة.
وأشار مدبولي إلى أن مردود معدلات النمو المرتفعة بدأ يظهر بوضوح في كل مناحي الاقتصاد و«استقرار الأسعار في السلع والخدمات»، مشيراً إلى «تحقيق النمو من خلال القطاعات الإنتاجية المستدامة، مثل الصناعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات».
عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) هاني حليم، عدّ قرار «المركزي» خفض الفائدة «خطوة مهمة» نحو «تحقيق خفض الأعباء التمويلية على قطاعات الإنتاج المختلفة»، مشيراً في بيان، الجمعة، إلى أن «القرار سوف يؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج، ومن ثم تراجع الأسعار تدريجياً».
وقال عضو «لجنة الشؤون الاقتصادية» بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، علي الدسوقي لـ«الشرق الأوسط» إن «الاستمرار في خفض (الفائدة) بالبلاد يعكس نجاح السياسة النقدية المتبعة والمعلنة التي تدعم تشجيع الإنتاج المحلي»، مرجحاً «تراجع أسعار بعض السلع خلال الفترة المقبلة؛ لكن بالتدريج».

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي المصري كريم العمدة لـ«الشرق الأوسط» أنّ «قرار (خفض الفائدة) يُعد طبيعياً ومرتقباً منذ بداية العام الحالي، في ظل استمرار التوجّه العالمي نحو تقليص الفائدة المرتفعة في البنوك المركزية»، مشيراً إلى أنّ «المركزي» سيواصل الخفض بمعدلات متفاوتة تبعاً لتطورات معدلات التضخم والنمو.
وأضاف أن «خفض الفائدة» يشجّع على الاستثمار بما يتيح زيادة النشاط الصناعي، الأمر الذي من شأنه أن يُعزز الصادرات من جهة، ويوفر منتجات بأسعار أكثر تنافسية من جهة أخرى، نتيجة تراجع تكلفة الاقتراض للمشروعات الصناعية والزراعية، بما يسهم في تراجع بعض أسعار السلع، مؤكداً أنّ «معدلات النمو ستشهد ارتفاعاً أكبر خلال الفترة المقبلة».
وسجّل معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن مصر تراجعاً للمرة الثالثة على التوالي، ليكون 12 في المائة خلال أغسطس (آب) الماضي، مقابل 13.9 في المائة الشهر السابق، وفقاً لبيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء».

وأشار عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع» محمد أنيس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ «المركزي» اكتفى بخفض نسبته 1 في المائة فقط، ليحتفظ بهامش يتيح إجراء مزيد من التخفيضات التدريجية خلال الفترة المقبلة، آخذاً في الاعتبار التوقعات المحتملة بعودة مؤشرات التضخم إلى الارتفاع مع إقرار الزيادة المرتقبة في أسعار المحروقات خلال الشهر الحالي.
ويترقب المصريون قراراً في أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بزيادة جديدة في أسعار المحروقات، حسب تصريحات رئيس الوزراء المصري في وقت سابق؛ حيث أكّد أنها قد تكون «الزيادة الكبيرة الأخيرة» بعد سلسلة من الزيادات استهدفت من خلالها الحكومة تخفيض فاتورة الدعم للمحروقات.
ويرى أنيس أن مستهدفات «المركزي» من التضخم يمكن الوصول إليها مع الاستمرار في تحقيق استدامة إنتاجية بعدد من القطاعات، فضلاً عن عودة عائدات قناة السويس بعد انتهاء الاضطرابات الإقليمية الراهنة.
لكن العمدة أكّد أنّ «مواجهة معدلات التضخم لا تعني عودة أسعار السلع إلى مستويات عام 2020، وإنما تعني أن وتيرة الزيادة ستكون أقل بكثير وتسير في معدلات طبيعية، من دون أن تشهد الأسعار طفرات استثنائية كما حدث في فترات سابقة»، مشيراً إلى «أهمية الاستمرار في الحفاظ على معدلات النمو المرتفعة».



