المغرب: أخنوش يعلن وفاة 3 خلال الاحتجاجات... ويؤكد تجاوب الحكومة مع المطالب المجتمعية

شدد على أن الحوار هو «السبيل الوحيد لمعالجة الإشكالات»

جانب من التعزيزات الأمنية في مدينة سلا لضبط الأمن (أ.ف.ب)
جانب من التعزيزات الأمنية في مدينة سلا لضبط الأمن (أ.ف.ب)
TT

المغرب: أخنوش يعلن وفاة 3 خلال الاحتجاجات... ويؤكد تجاوب الحكومة مع المطالب المجتمعية

جانب من التعزيزات الأمنية في مدينة سلا لضبط الأمن (أ.ف.ب)
جانب من التعزيزات الأمنية في مدينة سلا لضبط الأمن (أ.ف.ب)

قال رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، اليوم الخميس، إن ثلاثة أشخاص لقوا حتفهم خلال ما وصفها بالتطورات «المؤسفة»، التي شهدتها عدة مدن في المملكة خلال اليومين الماضيين.

وأكد أخنوش في كلمة بثها التلفزيون المغربي، «تجاوب» الحكومة مع المطالب المجتمعية، واستعدادها لإجراء حوار بشأنها، في إشارة إلى احتجاجات شبابية تطالب بإصلاحات اجتماعية، وتحولت إلى أعمال عنف.

وأضاف أخنوش أن اليومين الماضيين شهدا «تصعيداً خطيراً مسّ بالأمن والنظام العامين»، لافتاً إلى إصابة المئات من قوات الأمن، وإلحاق أضرار بالممتلكات العامة والخاصة.

دعوات للحوار لحل الإشكالات

شدد رئيس الحكومة المغربية على أن الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجة «الإشكالات» التي تواجه البلاد، وتحقيق الطموح المشترك لجميع المواطنين. واندلعت الاحتجاجات، التي دعت إليها مجموعة تطلق على نفسها «جيل زد 212»، في مطلع الأسبوع مطالبة بتحسين التعليم والرعاية الصحية.

قوات الأمن تزيل بقايا سيارات تم إحراقها خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة سلا (أ.ف.ب)

وتتعلق الوفيات، وفق وزارة الداخلية، بأعمال العنف والشغب، التي وقعت أمس الأربعاء بالقليعة بعمالة إنزكان أيت ملول (جنوب)، حيث حاولت مجموعة من الأشخاص الاستيلاء على الذخيرة، والعتاد والأسلحة الوظيفية بمركز للدرك الملكي، أسفرت عن تسجيل 3 وفيات.

ونوّه أخنوش، في تصريح تم تقديمه خلال بداية أشغال المجلس الحكومي، بالتدخلات النظامية لمختلف الهيئات الأمنية، التي تواصل أداء واجبها الدستوري في حماية الأمن والنظام العامين، وصون الحقوق والحريات الفردية والجماعية، مؤكداً أن «الحكومة، عبر مختلف الأحزاب المكونة لها، قامت بالتفاعل مع مطالب التعبيرات الشبابية».

جانب من أعمال التخريب التي عرفتها بعض أحياء مدينة سلا (أ.ف.ب)

كما شدد قائد الجهاز الحكومي على أن السلطة التنفيذية «تعلن تجاوبها مع هذه المطالب المجتمعية، واستعدادها للحوار والنقاش من داخل المؤسسات والفضاءات العامة»، مجدداً مرة أخرى التأكيد على أن «المقاربة المبنية على الحوار هي السبيل الوحيد لمعالجة مختلف الإشكالات التي تواجهها بلادنا، وتسريع وتيرة تفعيل سياسات العمومية، موضوع المطالب الاجتماعية، بما يساهم في تحقيق الطموح المشترك لجميع المغاربة».

من جهته، كشف الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، اليوم الخميس، عن أن بعض الأشكال الاحتجاجية «اتخذت منحى تصعيدياً جسيماً بتحولها إلى تجمهرات مست بالأمن والنظام العامين، وتخللتها أعمال عنف وشغب خطيرة، انخرطت فيها بشكل مثير للاستغراب أعداد كبيرة من القاصرين، تعدت في المجمل نسبة 70 في المائة من مجموع المشاركين، وشهدت استخدام أسلحة بيضاء، والرشق بالحجارة، وتفجير قنينات للغاز وإضرام النيران في العجلات المطاطية».

وأضافت وزارة الداخلية أن المؤسف في أحداث العنف والشغب هذه أنها عرفت مشاركة نسب كبيرة من الأطفال والقاصرين، بلغت في أحيان متعددة نسبة 100 في المائة من المجموعات المشاركة.

وكشفت وزارة الداخلية عن أن أعمال العنف والشغب عرفت للأسف في مناطق متفرقة أبعاداً أشد جسامة وأكثر خطورة، بانخراط بعض المشاغبين في عمليات هجوم، باستعمال الأسلحة البيضاء، واقتحام واكتساح بنايات مملوكة للدولة ومقرات مصالح أمنية، كما وقع في القليعة بعمالة إنزكان أيت ملول، حيث حاولت مجموعة من الأشخاص الاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة الوظيفية الموضوعة، رهن إشارة هذه المصالح؛ مما اضطرت معه عناصر الدرك الملكي إلى استعمال السلاح الوظيفي، في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، نتج عنه تسجيل 3 وفيات.

دعوات جديدة للمظاهرات

بالموازاة مع تصريحات رئيس الحكومة المغربية، دعت حركة «جيل زد 212» الشبابية، اليوم الخميس، إلى مظاهرات «سلمية» جديدة، للمطالبة بتحسين الخدمات العامة، بعد ليلة من الاحتجاجات تخللتها بعض أعمال العنف، أسفرت عن مقتل شخصين برصاص قوات الأمن.

عناصر قوات الأمن تعتقل شباناً شاركوا في الاحتجاجات بمدينة سلا (أ.ف.ب)

وهذا أخطر حادث منذ انطلاق الاحتجاجات السبت، بدعوة من هذه المجموعة الشبابية، التي ما زال أعضاؤها غير معروفين، والتي تصف نفسها بأنها «مساحة للنقاش» حول مسائل وقضايا جوهرية، مثل الصحة والتعليم ومكافحة الفساد. وقالت الحركة على موقع «ديسكورد» إن «مظاهرات سلمية» ستخرج الخميس لرفع المطالب نفسها.

وليل الأربعاء، قُتل شخصان برصاص قوات الأمن المغربية أثناء محاولتهما اقتحام ثكنة للدرك جنوبي المملكة المغربية خلال أعمال شغب غير مسبوقة، أعقبت دعوات التظاهر، رغم أنّ جُلّ هذه المظاهرات جرى بهدوء.

وحسب وسائل إعلام محلية، وقعت أعمال تخريب في منطقة قرب أغادير، حيث أضرم أشخاص النار في مكاتب البلدية. وأفادت مواقع إخبارية محلية بوقوع أعمال شغب في مدن صغيرة أخرى، لم تكن ضمن لائحة المناطق التي دعت الحركة للتظاهر فيها.

واجهة بنك تم إحراقه خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة سلا (أ.ف.ب)

وفي الدعوة إلى التظاهر، شددت «جيل زد 212» على «المحافظة على السلمية». كما جدّدت الحركة التأكيد على مطالبها، وأبرزها «تعليم يليق بالإنسان ومن دون تفاوتات»، و«صحة لكل مواطن من دون استثناءات».

ويجمع اسم هذه الحركة بين «جيل زد»، أي الفئة العمرية التي ينتمي إليها أفرادها، وهم مواليد نهاية العقد الأخير من القرن الماضي وبداية العقد الأول من القرن الحالي، وبين الرقم 212، وهو مفتاح الاتصال الهاتفي الدولي بالمملكة المغربية.

مظاهرات لـ«تحقيق العدالة الاجتماعية»

منذ السبت والسلطات تمنع مظاهرات دعت إليها «جيل زد» في مدن عدّة. لكن للمرة الأولى، سمحت السلطات للحركة بتنظيم مظاهرات في مدن عدة، مساء الأربعاء، وقد جرت غالبية هذه الاحتجاجات بهدوء وفي أجواء اتسمت بالسلمية. وتجمّع بضع مئات من المتظاهرين، غالبيتهم من الشباب، في كل من الدار البيضاء وفاس وطنجة، وتطوان ووجدة، وأطلقوا شعارات تدعو إلى تحقيق «العدالة الاجتماعية»، و«إسقاط الفساد»، فيما دعا آخرون إلى «رحيل» رئيس الوزراء عزيز أخنوش، وفق فيديوهات مباشرة بثّتها وسائل إعلام محلية.

لكن مع تقدّم ساعات الليل اندلعت أعمال شغب في مدن أخرى، لم تكن ضمن المناطق التي دعت الحركة للتظاهر فيها، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية. ففي مدينة سلا قرب الرباط أضرم ملثّمون النار في سيارتين للشرطة، وكذلك أيضاً في محيط وكالة مصرفية، وفق ما أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»، لكن بعيداً عن الحي الذي دعت الحركة للتظاهر فيه. وأفادت مواقع إخبارية محلية بوقوع أعمال شغب في مدن صغيرة، لم تكن ضمن لائحة المناطق التي دعت الحركة للتظاهر فيها، ومن بينها سيدي بيبي، وتارودانت بضواحي أغادير (جنوب)، وقلعة مكونة (جنوب شرق)، وبثّت صوراً وفيديوهات تظهر تخريب سيارات، وآثار حجارة في بعض الشوارع.

وفي دعوتها إلى التظاهر، الأربعاء، شدّدت «جيل زد 212» على «المحافظة على السلمية». كما جدّدت الحركة التأكيد على مطالبها، وأبرزها «تعليم يليق بالإنسان ودون تفاوتات»، و«صحة لكل مواطن دون استثناءات». وبدأت أعمال الشغب والصدامات مع قوات الأمن منذ ليل الثلاثاء، حين شهدت بعض المظاهرات «تصعيداً خطيراً مسّ بالأمن والنظام العامين، بعدما تحولت إلى تجمهرات عنيفة، استعملت فيها مجموعة من الأشخاص أسلحة بيضاء، وزجاجات حارقة والرشق بالحجارة»، وفق ما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، رشيد الخلفي، أمس الأربعاء.

وأوضح الخلفي أن هذا الأمر تسبّب، حتى ليل الثلاثاء، في «إصابة 263 عنصراً من القوات العمومية بجروح متفاوتة الخطورة، و23 شخصاً آخرين، من بينهم حالة استدعت الخضوع للمتابعة الطبية». كما تم وضع 409 أشخاص رهن الحراسة النظرية، وأطلق سراح متظاهرين آخرين بعد التحقق من هوياتهم، من دون تحديد عددهم.

«ضبط النفس»

أكّد الخلفي أنّ محتجّين «اقتحموا عدداً من الإدارات والمؤسسات والوكالات البنكية والمحلات التجارية، وقاموا بأعمال نهب وتخريب بداخلها»، في إنزكان وأيت عميرة وتيزنيت، ضواحي أغادير (جنوب). مشيراً إلى إضرام النار وإلحاق أضرار بـ142 عربة للقوات العمومية، و20 سيارة خصوصية. كما أوضح الخلفي أنّ السلطات ستواصل إجراءات حماية الأمن والنظام العامين، مع «ضبط النفس وعدم الانسياق وراء الاستفزازات»، مشدداً أيضاً على «التعامل بكل حزم وصرامة (...) مع كل الأشخاص، الذين يثبت ارتكابهم أفعالاً أو تصرفات تقع تحت طائلة القانون».

اعتقال أحد المشاركين في احتجاجات سلا (إ.ب.أ)

وفي وقت لاحق أفاد مسؤول برئاسة النيابة العامة، بأن النيابات العامة «ستتعامل بمنتهى الصرامة والحزم مع أعمال التخريب وإضرام النار والعنف»، مذكراً بأن «الأفعال المذكورة قد تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجناً، وإذا اقترنت ببعض الظروف فقد تصل إلى السجن المؤبد».

والأربعاء، قرّرت النيابة العامة في الرباط ملاحقة مجموعة جديدة من 97 شخصاً، بينهم ثلاثة أوقفوا خلال مظاهرات الاثنين، بينما أخلي سبيل 26 آخرين، وفق ما أفادت محاميتهم، سعاد براهمة. ويضاف هؤلاء إلى 37 شخصاً قررت النيابة العامة نفسها ملاحقتهم الثلاثاء، بينهم ثلاثة قيد التوقيف، بسبب محاولتهم التظاهر الأحد.

ومجموعة «جيل زد 212» التي ظهرت مؤخراً على موقع «ديسكورد» تصف نفسها بأنها «فضاء للنقاش» حول «قضايا تهمّ كلّ المواطنين مثل الصحة، والتعليم، ومحاربة الفساد»، مؤكدة رفض «العنف» و«حب الوطن والملك».


مقالات ذات صلة

كرة القدم المغربية تختتم عاماً استثنائياً

رياضة عربية منتخب المغرب يواصل تحطيم الأرقام القياسية (أ.ف.ب)

كرة القدم المغربية تختتم عاماً استثنائياً

شكّل عام 2025 محطة مفصلية في تاريخ كرة القدم المغربية بعدما جمع بين أرقام قياسية لا سابق لها للمنتخب الأول وإنجازات عالمية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
رياضة عربية نزلاء السجون في المغرب سيشاركون في بطولة مصغرة تضم 150 نزيلاً من 15 جنسية أفريقية (كأس أفريقيا)

من خلف القضبان... سجناء في المغرب يحتفلون بكأس أفريقيا بطريقتهم الخاصة

أشعلت كأس أمم أفريقيا لكرة القدم حماس الجميع، حتى إن نزلاء السجون في المغرب سيشاركون في بطولة مصغرة تضم 150 نزيلاً من 15 جنسية أفريقية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عربية حكيم زياش (إكس)

المغربي حكيم زياش ينعى شقيقه

أعلن المغربي حكيم زياش، مساء الثلاثاء، عن وفاة شقيقه، من خلال حسابه على منصة «إنستغرام»، ما أثار موجة من التضامن والمواساة من الأندية والجماهير.

«الشرق الأوسط» (الرباط )
الاقتصاد مشهد عام لميناء الحاويات في القصر الصغير في طنجة بالمغرب (رويترز)

«مرسى المغرب» لتشغيل المواني للاستحواذ على 45 % من «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية

قالت شركة «مرسى المغرب» لتشغيل المواني، إنها وقعت صفقة للاستحواذ على حصة 45 في المائة في شركة «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية، مقابل 94 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي، حيث تستند إلى مرجعيات من بينها إعلان منبر جدة، مشدداً على أن بلاده لن تقبل بوجود أي قوات أممية أو أي رقابة مفروضة عليها.

وأوضح إدريس، خلال مؤتمر صحافي في بورتسودان بعد عودته من الولايات المتحدة، أن معظم التفاعلات في جلسة مجلس الأمن تجاه مبادرة الحكومة للسلام كانت «إيجابية»، وأكد أن هذه المبادرة من شأنها أن توقف الحرب وتحقق السلام العادل والشامل للشعب السوداني.

وأضاف رئيس الوزراء: «نحن دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، بل الحرب قد فُرضت علينا»، محذراً من أن أي هدنة لا يصاحبها نزع سلاح مَن سماهم «الميليشيات» ستؤدي إلى تعقيد الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وأوضح أن مبادرة الحكومة للسلام تستند إلى مرجعيات عدة، منها قرارات مجلس الأمن وإعلان منبر جدة الموقع في مايو (أيار) 2023، إلى جانب الزيارات التي أجراها رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا سيما لمصر وقطر.

كان رئيس الوزراء السوداني قد توجه إلى الولايات المتحدة يوم السبت الماضي ليبحث مع مسؤولين بالأمم المتحدة تعزيز التعاون بين الجانبين ويجري مشاورات بشأن تداعيات الحرب وآفاق السلام.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بعد صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها مؤخراً على مدينة الفاشر عقب حصارها لمدة 18 شهراً، فيما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.


مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

أفادت السلطات الصومالية، أمس (الخميس)، بأن انتخابات المجالس المحلية شهدت «إقبالاً واسعاً» في أول انتخابات مباشرة تجري بالبلاد منذ 57 عاماً.

ذلك الإقبال الذي تحدثت عنه مقديشو، تؤكده الصور التي تخرج من مراكز الاقتراع الـ523، ويراه خبير في الشؤون الأفريقية «يعكس رغبة شعبية خالفت رهانات المعارضة بعدم المشاركة، وتشكل فرصة لمسار ديمقراطي قد يتشكل عبر الانتخابات المباشرة، مما يدفع الرافضين لهذا المسار لبدء حوار بشأن المستقبل، لا سيما قبل رئاسيات 2026».

وتوافد سكان محافظة بنادر إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية المباشرة، في أول عملية انتخابية من هذا النوع تشهدها العاصمة مقديشو منذ نحو 6 عقود.

وافتُتح 523 مركزاً للاقتراع في تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وأغلقت عند السادسة مساءً، وسط إجراءات تنظيمية وأمنية مشددة شملت 16 مديرية من مديريات المحافظة التي تضم العاصمة مقديشو، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس، مشيرة إلى وجود «إقبال واسع على مراكز الاقتراع في بنادر».

وبحسب الجهات المختصة، تسلّم 503 آلاف و916 ناخباً بطاقات الاقتراع من بين المسجلين، تمهيداً للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية. وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري، السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991 يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي، فيما أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل 20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، أن «تسجيل الانتخابات إقبالاً شعبياً لافتاً تجاوز التوقعات، عكس رغبة واضحة لدى سكان مقديشو في الانخراط بالعملية السياسية، وطيّ صفحة طويلة من العزوف القسري عن المشاركة الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه «يُنظر إلى هذا الحراك الشعبي بوصفه مؤشراً على تعافٍ تدريجي تشهده العاصمة، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، بعد سنوات من الهشاشة والصراع».

وأكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عقب الإدلاء بصوته، وذلك في مركز مسرح الدولة الوطنية، أن انتخابات المجالس المحلية في محافظة بنادر، تمثل «محطة تاريخية مفصلية وحلماً طال انتظاره»، مشيراً إلى أنها تشكل خطوة أساسية تقود البلاد نحو الانتخابات الدستورية الشاملة.

طوابير من الناخبين خلال الإدلاء بأصواتهم في محافظة بنادر (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقب الإدلاء بصوته في ذلك الاقتراع، أكد رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، أن الانتخابات المباشرة لمجالس الإدارة المحلية في إقليم بنادر تمثل خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في البلاد.

وتقدمت سفارة الصومال بمصر في بيان، بالتهنئة لشعب وحكومة الصومال على بدء الانتخابات المحلية، مؤكدة أنها لحظة تاريخية وتحويلية، حيث يشارك المواطنون في هذه العمليات الديمقراطية لأول مرة منذ نحو 6 عقود.

ويعتقد كلني أن طريقة إدارة الحكومة للعملية الانتخابية، إلى جانب المشهد العام الذي ساد المدينة خلال يوم الاقتراع، حملا رسائل سياسية متعددة؛ من أبرزها قدرة الدولة على تنظيم استحقاقات انتخابية في بيئة أمنية معقّدة، والحدّ من المخاوف التي روّجت لها أطراف معارضة بشأن استحالة تطبيق مبدأ «صوت واحد لكل مواطن» في مقديشو.

وكان «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، أعلن في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو، الأسبوع الماضي، رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس، الرئيس حسن شيخ محمود، مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

ورغم الشكوك العميقة التي عبّرت عنها قوى المعارضة حيال إجراء انتخابات المجالس المحلية في العاصمة مقديشو، والمخاوف الواسعة من احتمالات الاضطراب الأمني والسياسي، شهدت المدينة محطة سياسية غير مسبوقة، تمثلت في إجراء انتخابات محلية بعد ما يقارب 60 عاماً من الانقطاع، وفق كلني.

نائب رئيس الوزراء الصومالي صالح أحمد جامع خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

وقد شكّلت هذه الانتخابات حدثاً استثنائياً في الوعي الجمعي، لا سيما لدى ما يقارب 3 أجيال من سكان العاصمة الذين لم يسبق لهم أن عايشوا عملية اقتراع رسمية مباشرة، يُمنح فيها المواطن حق اختيار ممثليه السياسيين عبر صندوق الاقتراع.

ويتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر. واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

رئيس الوزراء الصومالي خلال جولة تفقدية في عدد من مراكز الاقتراع بالعاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

وسيطوي زخم الإقبال في تلك الانتخابات مشهد الخلافات، بحسب ما يعتقد كلني، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن مشهد الإقبال في الانتخابات قد يسفر عن ارتفاع مستوى الثقة الشعبية بالحكومة، لا سيما بالحزب الحاكم، بوصفه الجهة التي أشرفت على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وتعزيز ثقة الأحزاب والتنظيمات السياسية في المنظومة الأمنية الوطنية وقدرتها على تأمين الاستحقاقات الديمقراطية، وتحوّل تدريجي في موقف المعارضة التي كانت تشكك في إمكانية إجراء انتخابات مباشرة بالعاصمة.

ويتوقع أيضاً انجذاب شرائح من المتعاطفين مع المعارضة نحو الحكومة، مع احتمال انضمام بعضهم إلى صفوف الحزب الحاكم، فضلاً عن ازدياد ثقة المجتمع الدولي في المسار الانتخابي الصومالي، واستمرار دعمه لحكومة الرئيس حسن شيخ محمود من أجل تعميم الانتخابات المباشرة على كامل البلاد.


البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
TT

البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان، آخر التطورات في السودان، و«التعاون الدفاعي» بين الجانبين، في ظل التطورات الأخيرة في السودان، وضمنها تحقيق «قوات الدعم السريع» تقدماً في ولاية شمال دارفور قرب الحدود مع تشاد.

واستقبل إردوغان، البرهان، بمراسم رسمية في القصر الرئاسي بأنقرة، أمس (الخميس)، ثم عقدا جلسة ثنائية، أعقبتها جلسة موسعة بحضور عدد من الوزراء. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية والتطورات في السودان، والخطوات الكفيلة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، والتعاون الدفاعي بين أنقرة والخرطوم، حسبما ذكرت الرئاسة التركية.

وكانت تقارير كشفت سابقاً عن تزويد تركيا للجيش السوداني بطائرات مسيَّرة، العام الماضي، استخدمها لتحقيق تقدم مهم ضد «قوات الدعم السريع» في مناطق مثل الخرطوم والأبيض.

كما أعرب مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، قبل أيام، عن إدانة بلاده الشديدة لـ«الظلم» الذي تمارسه «قوات الدعم السريع» ضد المدنيين في السودان.