هروب مراهقين جزائريين إلى إسبانيا يعيد ملف الهجرة إلى الواجهة

مواطنون ندّدوا بمشاكل «البطالة والفساد» التي تدفع الشباب إلى الهروب من البلد

مهاجران سريان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض المتوسط (وزارة الدفاع الوطني)
مهاجران سريان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض المتوسط (وزارة الدفاع الوطني)
TT

هروب مراهقين جزائريين إلى إسبانيا يعيد ملف الهجرة إلى الواجهة

مهاجران سريان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض المتوسط (وزارة الدفاع الوطني)
مهاجران سريان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض المتوسط (وزارة الدفاع الوطني)

أثارت لقطات مصورة انتشرت بشكل واسع على تطبيق «تيك توك» لسبعة مراهقين جزائريين مبتهجين، بعدما وصلوا على متن قارب بطريقة غير نظامية إلى إسبانيا، نقاشاً محتدماً حول هجرة الشباب من بلد نصف سكانه دون سن الثلاثين.

ردود فعل حادة

تظهر اللقطات، التي نشرت في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي على تطبيق التواصل الاجتماعي الشهير، مراهقين في البحر داخل قارب صغير حتى وصولهم إلى شاطئ بجزيرة إيبيزا، بعدما اجتازوا مسافة 300 كيلومتر في تسع ساعات كما قالوا.

وشوهد أحد المقاطع 3.4 مليون مرة، وأظهر آخر أحد «الحراقة» (مهاجر سرّي) المراهقين، وأصغرهم يبلغ 14 عاماً على ما قيل، وهو يربت على محرك القارب، فيما يصيح قائد الزورق الذي يبدو أكبرهم سناً «هذه إسبانيا!». وأثارت هذه اللقطات ردود فعل حادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فبينما ندّد البعض بمشاكل «البطالة والفساد»، التي تدفع الشباب إلى الهروب، حمل البعض الآخر على أولياء المراهقين للسماح بالرحلة.

مهاجرون سريون بعد أن أوقفتهم قوات خفر السواحل الإسبانية (أ.ب)

وفي وقت لاحق، تحدث أحد المراهقين الثلاثة، الذي عرّف عن نفسه على «تيك توك» باسم «أُويس بلكيف»، في بث مباشر عبر التطبيق من مركز المهاجرين القُصّر في إسبانيا للإجابة عن أسئلة متابعيه حول رحلتهم. ونصح المراهق باستخدام تطبيق «نافيونيكس بوتينغ»، مؤكداً أنه بالإمكان استعماله من دون خدمة الإنترنت إذا تم تحميل الخرائط، وأكد أن التطبيق «يعمل على نظامي آيفون وأندرويد».

وروى هذا المراهق في تصريحات نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» كيف «سرقوا القارب ليلاً وانطلقوا» من شاطئ مدينة تمنفوست (لابيروز سابقاً) الساحلية، الواقعة على الطرف الشرقي لخليج الجزائر. وكشف عن أنهم قاموا بتخزين الوقود قبل أيام، عن طريق ملء خزان دراجة نارية يملكها صديق من محطة وقود، ومن ثم تفريغه في دلاء تحضيراً للرحلة.

مركب مسروق أو مستأجر؟

يقول هذا المراهق: «لقد تساءل البعض عما كنا نفعله، لكننا لم نقل شيئاً». لكنّ عاملاً في منظمة إسبانية غير حكومية لإنقاذ المهاجرين أكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف هويته، أن خططهم لم تكن سرية، مبرزاً أن أولياءهم تواصلوا معه مسبقاً في حال اختفى المراهقون، ومشيراً إلى أن ادعاءات سرقة القارب كانت «قصة ملفقة»، كما أكد أن «القارب استأجره والد أحد الفتيان». ورفض كل أولياء المراهقين، الذين حاولت «وكالة الصحافة الفرنسية» التواصل معهم، الإدلاء بشهادتهم، كما رفض أستاذ يُزعم أنه درّس لثلاثة من هؤلاء الشباب أيضاً التعليق.

مهاجرون مرحّلون من الجزائر في قرية حدودية بالنيجر (موقع مهاجرون)

وقال أحد سكان تمنفوست، طالباً عدم ذكر اسمه، إنه يعرف أصغر الفتيان، الذي يُلقب «لوبتي» (الصغير)، مؤكداً أنه كان يطمح لأن يكون لاعب كرة قدم في صفوف الفريق البلدي. وأضاف أنه بعدما حاول الصبي الانضمام إلى أكاديمية نادي بارادو (الدرجة الأولى في البطولة) وتم رفضه، «ظن أنه ستكون لديه فرصة أفضل للعب بشكل احترافي في إسبانيا». ونادراً ما تصدر السلطات الجزائرية بيانات حول الهجرة غير النظامية. لكن مجلة «الجيش» التابعة لوزارة الدفاع الجزائرية علقت على القضية بقولها: «لقد حاولت بعض وسائل الإعلام المعادية استغلال واقعة هجرة سبعة أطفال قصر سراً لتقديم صورة مغلوطة عن الجزائر (...)، وذلك من خلال حملات تضليلية تستهدف تشويه سمعة بلادنا، والطعن في جهود الدولة أمام الرأي العام الوطني والخارجي».

وشددت المجلة على أن الحدث «عمل معزول (...) لا يعبر عن الواقع الجزائري»، وأن «العديد من الدول تعرف مستويات أكبر من الهجرة غير الشرعية». لكن وكالة حماية الحدود الأوروبية «فرونتكس» تفيد بأن الهجرة غير النظامية عبر غرب البحر الأبيض المتوسط من شمال أفريقيا، باتجاه إسبانيا، ارتفعت بنسبة 22 في المائة مقارنة بالعام السابق، مشيرة إلى أن عمليات المغادرة من الجزائر تشكل أكثر من 90 في المائة من أصل 11791 عملية عبور تم رصدها على هذه الطرق منذ بداية العام.

وأضافت مجلة «الجيش» أن «الضجة الإعلامية لبعض الأبواق الناعقة» هدفها المساس بالجزائر، رغم أن «مشاريع كبرى (...) انعكست إيجاباً على الوضع الاقتصادي، وساهمت في خلق آلاف الوظائف للشباب».

«ظاهرة معقدة»

لا تقتصر دوافع مغادرة الجزائر، ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا والغنية بالموارد الطبيعية والبالغ عدد سكانها 47 مليون نسمة، على المشاكل الاقتصادية فحسب. في هذا السياق، قالت الباحثة في شؤون الهجرة الأوروبية بجامعة آلبورغ في كوبنهاغن، أحلام شملالي، «إنها ظاهرة معقدة مدفوعة بعوامل متعددة، مثل قلة الفرص، والمظالم السياسية، وقيود التنقل»، مع فرض تأشيرات نحو كل الدول الأوروبية.

وتابعت شملالي موضحة أن «هناك إحباطات في كل أنحاء المغرب العربي بسبب الجمود السياسي وخيبة الأمل، خصوصاً بعد الربيع العربي. يشعر الناس أن التغير الموعود لم يتحقق أبداً»، مبرزة أن «الهجرة يمكن أن تكون ببساطة من أجل كسب الاستقلالية... فالشبان يريدون حياة جديدة، وهم يبحثون أحياناً عن التحدي والهروب والمغامرة».

أما الباحث في علم الاجتماع الجزائري، ناصر جابي، فرأى أن عاملاً آخر يدخل في ظاهرة الهجرة المبكرة، وهو أن «الشباب الآن يرون الحدود بمنظور مختلف: فهم أكثر عولمة من الأجيال السابقة» بفعل شبكات التواصل الاجتماعي. وتحدث جابي عن الإحباطات السياسية، بعد قمع احتجاجات الحراك السلمي في الجزائر سنة 2019، ومطالبة البعض بـ«مزيد من الحرية الاجتماعية» في بلد محافظ. كما أشار إلى أن الهجرة لا تقتصر على الشباب فقط، فمن بين المهاجرين الذين يعبرون المتوسط إلى أوروبا «موظفون حكوميون وعائلات كاملة، وفتيات وحيدات».


مقالات ذات صلة

«غوغل» تؤكد أنها لم تقم بأي تعديلات على خرائطها بشأن المغرب

شمال افريقيا «غوغل» تؤكد أنها لم تقم بأي تعديلات على خرائطها بشأن المغرب

«غوغل» تؤكد أنها لم تقم بأي تعديلات على خرائطها بشأن المغرب

أفادت شركة «غوغل» أن الخطوط المنقطة الفاصلة تقليدياً بين المغرب والصحراء الغربية لم تكن قط معروضة على خرائطها للمستخدمين في المغرب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

الجزائر: إطلاق ترتيبات لإدانة جرائم الاستعمار الفرنسي

تشديد على أهمية «حصر وتوثيق جميع المناطق المتضررة من ويلات الاستعمار في الجزائر وأفريقيا، ورصد آثاره البيئية والبشرية التي ما تزال قائمة إلى اليوم».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة المناخ بشرم الشيخ 2022 (الرئاسة الجزائرية)

زيارة مرتقبة من مسؤولة فرنسية إلى الجزائر تبعث آمالاً لطي صفحة التوتر

من المنتظر أن تقوم الأمينة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية آن ماري ديكوت بزيارة إلى الجزائر قريباً لطي صفحة الخلافات، بعد تأزم بالغ في العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير الداخلية أثناء أحد خطاباته (الوزارة)

جدل واسع حول أسلوب وزير الداخلية الجزائري في كسر تقاليد الخطاب الرسمي

خلال زيارته تيبازة لم يتردد في توبيخ رئيس بلدية كان منشغلاً بهاتفه أثناء كلمته الرسمية قائلاً له بلهجة حادة: «إذا لم يكن خطابي مهماً لك فخذ هاتفك وغادر المكان».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية (إعلام حزبي)

حزب مُعارض يحذر من «انزلاق الجزائر نحو عدم الاستقرار»

احتج حزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائري المعارض على «نهج الإغلاق والجمود، وإنكار الواقع المتبع من طرف السلطات».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«غوغل» تؤكد أنها لم تقم بأي تعديلات على خرائطها بشأن المغرب

«غوغل» تؤكد أنها لم تقم بأي تعديلات على خرائطها بشأن المغرب
TT

«غوغل» تؤكد أنها لم تقم بأي تعديلات على خرائطها بشأن المغرب

«غوغل» تؤكد أنها لم تقم بأي تعديلات على خرائطها بشأن المغرب

أفادت شركة «غوغل» أن الخطوط المنقطة الفاصلة تقليدياً بين المغرب والصحراء الغربية لم تكن قط معروضة على خرائطها للمستخدمين في المغرب.

وبعد ساعات قليلة من إعلان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دعمه لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية لأول مرة، أشار ناشطون مغاربة على الإنترنت إلى غياب الخطوط الفاصلة.

وقدمت وسائل إعلام محلية غياب الخطوط كنتيجة لتغيير أجرته شركة «غوغل» على خرائطها.

لكنّ متحدثاً باسم الشركة الأميركية قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم نقم بأي تعديلات بشأن المغرب والصحراء الغربية على خرائط غوغل»، مشيراً إلى أنها تمتثل للوائحها المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين أطراف عدة.

وأوضح أن «الأشخاص الذين يستخدمون الخرائط خارج المغرب يرون الصحراء الغربية والخطوط المنقطة»، في حين أن «أولئك الذين يستخدمونها في المغرب لا يرونها».

وأقر مجلس الأمن الدولي في 31 أكتوبر (تشرين الأول) نصاً اقترحته الولايات المتحدة بأغلبية 11 صوتاً مؤيداً، دون أي صوت معارض، وامتناع ثلاثة عن التصويت، يؤيد الخطة التي قدمتها الرباط في العام 2007.

وكان مجلس الأمن قبل ذلك يحض المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا على استئناف المفاوضات التي توقفت منذ العام 2019 للتوصل إلى «حل سياسي قابل للتنفيذ ودائم ومقبول من الطرفين».

وينص مقترح الرباط على منح حكم ذاتي تحت السيادة المغربية للصحراء الغربية.


حادث حافلة سياحية بمصر يعيد طرح تساؤلات عن أمان الطرق

مسؤولون يتفقدون حالة المصابين في حادث تصادم بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)
مسؤولون يتفقدون حالة المصابين في حادث تصادم بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)
TT

حادث حافلة سياحية بمصر يعيد طرح تساؤلات عن أمان الطرق

مسؤولون يتفقدون حالة المصابين في حادث تصادم بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)
مسؤولون يتفقدون حالة المصابين في حادث تصادم بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)

أعاد حادث سير لحافلة سياحية بمدينة رأس غارب في محافظة البحر الأحمر المصرية طرح تساؤلات عن أمان الطرق في البلاد، مع تكرار الحوادث في الآونة الأخيرة.

ووقع حادث التصادم في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، بين حافلة سياحية وسيارة نقل، على مسافة نحو 5 كيلومترات من مدينة رأس غارب، وأدى لوفاة مصري وسائحة روسية، وإصابة عشرات الأجانب.

وقالت محافظة البحر الأحمر عبر بوابتها الإلكترونية على موقع «فيسبوك» إن الحادث أسفر عن وفاة شخصين، هما مصري وسائحة روسية.

وبحسب البيان، كانت الحافلة السياحية تقل 38 سائحاً من جنسيات مختلفة، ونُقل المصابون إلى مستشفى رأس غارب لتلقي الإسعافات والعلاج اللازم.

مسؤولون يزورون المصابين في حادث حافلة سياحية بمدينة رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحادث وقع على طريق «رأس غارب - الغردقة»، شمال محافظة البحر الأحمر، وبدأت نيابة مدينة رأس غارب تحقيقاتها، وانتقل فريق المحققين إلى موقع الحادث لإجراء معاينة ميدانية وفحص كاميرات المراقبة المحيطة وسماع أقوال الشهود وسائقي المركبات الأخرى.

الأسباب والحلول

شهدت مصر خلال السنوات الماضية حوادث طرق مفجعة تسببت في وفاة 5260 شخصاً خلال العام الماضي؛ وهو رقم أقل قليلاً مما سجلته الحوادث في عام 2023 حيث بلغ عدد المتوفين 5861، بنسبة انخفاض بلغت 10.3 في المائة. في حين سجّلت إصابات حوادث الطرق ارتفاعاً بنسبة 7.5 في المائة العام الماضي؛ إذ أصيب 76362 شخصاً، مقابل 71016 عام 2023، وفق إحصاءات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء».

ويرى أستاذ النقل والهندسة بجامعة الأزهر، إبراهيم مبروك، أن مواجهة تكرار حوادث الطرق يحتاج إلى عودة لدراسة مسبباتها بشكل علمي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أسبابها الشائعة تنحصر في ثلاثة عوامل هي: حالة الطريق وجودته وأمانه، وحالة السيارة سواء ما يتعلق بصيانتها أو وجود مشكلات فنية بها، والسبب الثالث يتعلق بالسائق وكفاءته.

وأضاف: «لا بد من وضع خطط لتجاوز المشكلات التي تسببها، سواء بتحسين كفاءة الطرق التي تشهد حوادث متكررة، أو مواجهة وجود مشكلات بالسيارات، أو تدريب السائقين». واقترح إنشاء مدارس علمية لتعليم القيادة تمولها شركات التأمين بالمشاركة مع بعض البنوك، ولا يسمح لأي شخص بالحصول على رخصة قيادة إلا بعد التخرج في هذه المدارس.

مسؤولون مصريون يتابعون حالة المصابين بمستشفى رأس غارب (محافظة البحر الأحمر)

وأدى تكرار حوادث الطرق إلى تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وجه الحكومة في يوليو (تموز) الماضي بإغلاق الطريق الدائري الإقليمي بعد أن شهد حوادث متكررة. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية في بيان حينها إن السيسي وجّه الحكومة أيضاً بوضع البدائل المناسبة والآمنة حفاظاً على سلامة المواطنين.

وتسعى الحكومة المصرية إلى الحد من الحوادث عبر إصلاح وصيانة الطرق الرئيسية ورفع كفاءتها، فضلاً عن مبادرات تدريب السائقين.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أعلنت وزارة النقل تخرج 250 سائقاً تم تدريبهم ضمن مبادرة «سائق واعٍ... لطريق آمن».

وأكد المستشار الإعلامي لمحافظة البحر الأحمر محمد مخلوف، في تصريحات صحافية، أن الإصابات بين السائحين بسيطة، وتنوعت بين الكدمات والسحجات، موضحاً أنه وفق شهود العيان والمعاينة الأولية فإن سائق الأتوبيس السياحي هو الذي اصطدم بالسيارة النقل التي كانت متوقفة على جانب الطريق.

هل تؤثر في السياحة؟

تثير حوادث التصادم التي تتعرض لها الحافلات السياحية من وقت لآخر مخاوف الخبراء من تأثيرها على السياحة في مصر. ففي أغسطس (آب) الماضي أصيب 11 سائحاً من جنسيات مختلفة نتيجة حادث مروري على طريق «مرسى علم - القصير» بمحافظة البحر الأحمر عقب تصادم بين 3 سيارات.

وفي رأي الأمين العام لـ«المجلس المصري للشؤون السياحية» زين الشيخ، تؤثر حوادث الطرق سلباً في السياحة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «وكالات السياحة تدرج في تقاريرها حالة أمان الطرق، وعندما تتكرر الحوادث خاصة للأفواج السياحية، يكون لذلك تأثير سلبي».

وطالب باتخاذ «مزيد من التدابير للحد من هذه الحوادث، سواء بتدريب السائقين بشكل عام، وسائقي الحافلات السياحية بشكل خاص، وكذلك تشديد الرقابة على الطرق خاصة السياحية».


محادثات «بنّاءة» لمسؤول أممي كبير مع البرهان لمدّ السودانيين بالمساعدات

سودانيون فروا من الفاشر وتجمعوا في طويلة بشمال دارفور (رويترز)
سودانيون فروا من الفاشر وتجمعوا في طويلة بشمال دارفور (رويترز)
TT

محادثات «بنّاءة» لمسؤول أممي كبير مع البرهان لمدّ السودانيين بالمساعدات

سودانيون فروا من الفاشر وتجمعوا في طويلة بشمال دارفور (رويترز)
سودانيون فروا من الفاشر وتجمعوا في طويلة بشمال دارفور (رويترز)

عقد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الثلاثاء، في بورتسودان محادثات «بنّاءة» مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، تناول خلالها جهود وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية، فيما تتسع رقعة المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في غرب البلاد.

وأشاد فليتشر بمحادثات وصفها بأنها «بنّاءة» مع البرهان، لضمان إيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد الغارقة في الحرب منذ أكثر من عامين.

وقال فليتشر في مقطع فيديو وزّعه مجلس السيادة الانتقالي عقب اللقاء: «نرحب بالمحادثات البنّاءة مع الرئيس البرهان عصر اليوم، والهادفة إلى ضمان قدرتنا على مواصلة العمل في كل مكان في السودان لإيصال (المساعدات) بطريقة حيادية، ومستقلة وغير منحازة، لكل من هم في أمسّ الحاجة إلى الدعم الدولي».

من جهته، أكد البرهان «حرص السودان على التعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة، لا سيما في المجال الإنساني»، بحسب بيان المكتب الإعلامي لمجلس السيادة.

كما عقد فليتشر اجتماعاً مع وزيري الخارجية السوداني محيي الدين سالم، والمصري بدر عبد العاطي، لمناقشة مقترحات وقف إطلاق النار.

وتشهد مناطق واسعة من السودان تصاعداً في المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، إذ امتد القتال من إقليم دارفور الذي أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها عليه الشهر الماضي، إلى مناطق كردفان المجاورة.

وأعلنت «قوات الدعم السريع»، الاثنين، وصول «حشود ضخمة» من مقاتليها إلى مدينة بابنوسة في غرب كردفان، في محاولة للسيطرة على مقر الجيش هناك.

وتقع المدينة على الطريق الرابطة بين الخرطوم وإقليم دارفور، كما تقع في منتصف الطريق بين نيالا في جنوب دارفور الخاضعة لسيطرة «الدعم السريع»، والأُبيّض عاصمة شمال كردفان، التي تشهد معارك متصاعدة بين الطرفين.

وأكد فليتشر في منشور عبر منصة «إكس»، الثلاثاء، وصوله إلى السودان، حيث سيعمل على «وقف الفظائع ودعم جهود السلام والتمسك بميثاق الأمم المتحدة، والضغط من أجل تمكين طواقمنا من الحصول على التمويل اللازم، وحرية الحركة لإنقاذ الأرواح على جانبي خطوط القتال».

وكانت «قوات الدعم السريع» قد سيطرت على مدينة الفاشر في شمال دارفور في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتفرض بذلك سيطرتها على إقليم دارفور في غرب البلاد، بينما يحتفظ الجيش بالسيطرة على الشرق والشمال.

جرحى أصيبوا في معارك الفاشر يخضعون للعلاج في مستشفى ميداني أقامته منظمة «أطباء بلا حدود» في طويلة بشمال دارفور (رويترز)

ومنذ ذلك الحين، تتواتر تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف عرقي وخطف واعتداءات جنسية، فيما أشارت منظمات حقوقية إلى وقوع عمليات قتل على أساس عرقي في المناطق الخاضعة لسيطرة «الدعم السريع».

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فرّ خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من 90 ألف مدني من الفاشر إلى مدن مجاورة، إضافة إلى نحو 40 ألف نازح من شمال كردفان.

وقالت المديرة العامة للمنظمة إيمي بوب في بيان إن انعدام الأمن والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أدّيا إلى ارتفاع كبير في معدلات النزوح وتفاقم الأزمة الإنسانية. وأضافت أن «الأزمة في الفاشر هي نتيجة مباشرة لحصار استمر قرابة 18 شهراً، ومنع حصول الأسر على الغذاء والماء والرعاية الطبية».

وكانت «قوات الدعم السريع» قد أعلنت الأسبوع الماضي موافقتها على هدنة إنسانية اقترحتها الرباعية الدولية حول السودان (مصر، والسعودية، والإمارات، والولايات المتحدة)، لكنها واصلت هجماتها على مدن خاضعة لسيطرة الجيش، من بينها الخرطوم وعطبرة.

من جهته، أكد وزير الدفاع السوداني حسن كبرون أن الجيش سيواصل القتال ضد «قوات الدعم السريع»، بعد مناقشة مجلس الأمن والدفاع مقترح الهدنة المقدم من الرباعية الدولية.

أما البرهان، فتوعد خلال زيارة ميدانية بـ«الثأر للذين قُتلوا ونُكّل بهم في الفاشر والجنينة والجزيرة وكل المناطق التي هاجمها المتمرّدون»، مؤكداً أن «الجيش ماض في دحر هذا العدو وتأمين الدولة السودانية إلى أقصى حدودها».

وأدّت الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عامين إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أزمة جوع حادّة تهدد ملايين المدنيين.