قال الليبي محمد بن دردف، رئيس فريق الدفاع عن أبو عجيلة المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق المتهم في قضية تفجير «لوكربي»، إن موكله «يتعرّض في محبسه منذ اختطافه (عام 2022) لضغوط جسدية ونفسية قاسية، بهدف انتزاع اعترافات منه».
وخلال اليومَيْن الماضيين، نقلت وسائل إعلام دولية أن أبو عجيلة، المتهم بتصنيع القنبلة التي أسقطت طائرة الركاب الأميركية فوق بلدة لوكربي عام 1988، «أُجبر على الإدلاء باعتراف غير صحيح تحت التهديد والإكراه».
وقال بن دردف لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الاعترافات باطلة، ولا تستند إلى أي وثائق رسمية مشروعة»، مضيفاً أن فريق الدفاع الليبي «كان على علم بارتكاب انتهاكات بحق أبو عجيلة منذ البداية، وتصل إليه تسريبات بهذا الشأن».
وتابع: «موكلي لا يزال يتعرض لضغوط في محبسه الانفرادي بالولايات المتحدة، حيث مُنع فريق الدفاع الليبي من التواصل المباشر معه»، مبرزاً أن «هذه الانتهاكات تترك آثاراً نفسية وجسدية خطيرة عليه، وقد تجبره على الإدلاء باعترافات تحت الإكراه».
وكان ضابط الاستخبارات الليبي السابق قد اختُطف من منزله في طرابلس خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 على يد مسلحين، قبل أن يعلن رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، لاحقاً تسليمه إلى الولايات المتحدة، متهماً إياه بتصنيع المتفجرات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص في حادثة «لوكربي». ومنذ ذلك الحين، يمثل المريمي أمام محكمة اتحادية في واشنطن.

ويقول المحامي الليبي إن عملية تسليم المريمي إلى الولايات المتحدة جرت «خارج الإطار القانوني الليبي»، مستشهداً بتصريحات النائب العام الليبي، الصديق الصور، الذي أكد عدم علمه بتفاصيل عملية التسليم التي تمت في ديسمبر (كانون الأول) 2022.
وحسب ما نقلته «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) نهاية الأسبوع الماضي، عن محامي الدفاع الأميركيين، فإن «أبو عجيلة أُجبر» عام 2012 على ترديد اعترافات مكتوبة مسبقاً تحت التهديد، بعد احتجازه سراً عقب سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، مشيرين إلى أن هذه الاعترافات «انتُزعت تحت وطأة التهديد لأفراد من أسرته».
ويعمل فريق الدفاع الليبي «متطوعاً منذ أكثر من سنتين»، وفق بن دردف الذي أشار إلى «التوجه إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان في تنزانيا لمقاضاة حكومة الدبيبة، بتهمة خطف المريمي من منزله، وهو ما عدّه إخفاءً قسرياً».
ويعتقد المحامي الليبي أن سلطات بلاده «تنصلت من القضية، وربما تخضع لضغوط أميركية»، مشيراً إلى أن عائلة المريمي «تواجه تحديات مالية كبيرة، يصعب معها تحمّل تكاليف توكيل مكتب محاماة أميركي، في ظل غياب أي دعم رسمي».
من جانبها، أعربت أسرة «أبو عجيلة»، عبر تصريحات لـ«الشرق الأوسط» نقلها محاميه، عن شعورها بـ«اليأس والحزن»، لافتة إلى أن والدهم «يُحاكم ظلماً بعيداً عن وطنه»، وأن ما يؤلمهم أكثر من معاناته هو «صمت المسؤولين الليبيين وتقاعسهم عن تقديم أي دعم».
وقالت الأسرة: «لقد تُرك والدنا لمصير مجهول، وكأن قضيته لا تعني أحداً»، مطالبة «الضمائر الحية» بالتدخل لإنقاذه.
يُشار إلى أن ليبيا دفعت في عهد نظام القذافي تعويضات بقيمة 2.7 مليار دولار إلى عائلات ضحايا التفجير، فيما أُطلق سراح عبد الباسط المقرحي، المدان الوحيد في القضية، عام 2009 لأسباب صحية، قبل وفاته في ليبيا عام 2012.
وفي تعليقه على القضية، قال الدبلوماسي المصري السابق وأستاذ القانون الدولي، الدكتور أحمد رفعت، لـ«الشرق الأوسط»، إن الملف «يتداخل فيه البعدان السياسي والقانوني»، مشيراً إلى أن «هذا التعقيد يتطلّب تدخلاً سياسياً».
وذهب رفعت إلى تأكيد أن «تسليم المريمي تم في بلد منقسم بين حكومتَيْن، ومن قِبل طرف واحد، ما يقوّض شرعية هذا الإجراء، خصوصاً في ظل غياب معاهدة لتسليم السجناء بين ليبيا والولايات المتحدة».

وأوضح الدبلوماسي المصري أن هذا الوضع قد يتيح المجال للجوء إلى «المحكمة الجنائية الدولية» أو القضاء الأميركي لوقف المحاكمة، خصوصاً أن نظام روما الأساسي يجرّم «الترحيل القسري أو النقل غير المشروع»، ويعده «جريمة ضد الإنسانية إذا تم بطرد أشخاص من مناطق إقامتهم المشروعة دون سند قانوني دولي».
وتستمر التفاعلات بشأن قضية «لوكربي» وسط انقسام سياسي حاد في ليبيا، حيث تتنافس حكومتان على السلطة: حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة الدبيبة في طرابلس، وحكومة أخرى برئاسة أسامة حماد في بنغازي، تسيطر على شرق البلاد وجنوبها.




