معارضون مصريون يتأهبون لخوض انتخابات «النواب» عبر «تحالفات»

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (أ.ف.ب)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (أ.ف.ب)
TT

معارضون مصريون يتأهبون لخوض انتخابات «النواب» عبر «تحالفات»

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (أ.ف.ب)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (أ.ف.ب)

يتأهب معارضون مصريون لخوض انتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) المقررة في الربع الأخير من العام الحالي عبر «تحالفات».

وأعلن حزبا «المحافظين» و«الدستور» (المعارضان) تشكيل تحالف «الطريق الحر» لخوض الانتخابات بـ«رؤية إصلاحية تتبنى سياسات اقتصادية لصالح المواطن»، وفق بيان صادر عن الحزبين، الأحد، طالب بـ«فتح المجال العام ليكون صوت الشعب حاضراً وفاعلاً».

وينضوي حزب «الدستور» ضمن أحزاب «الحركة المدنية الديمقراطية» التي تضم عدداً من أحزاب المعارضة، والتي تواصل مشاورات لبلورة مشاركتها في انتخابات «النواب»، بعدما تلقت خلال اجتماعات الأسبوع الماضي 140 طلب ترشح ضمن مناقشات تهدف إلى التنسيق بين مرشحي الحركة حال وجود أكثر من مرشح للحركة بالدائرة نفسها، حسب بيان رسمي أخيراً.

وجاء الإعلان عن تحالف «الطريق الحر» بعد يومين من إعلان حزب «الجيل الديمقراطي» عن تدشين «الائتلاف الوطني» من أجل ضم أحزاب «من التيارين الإصلاحي والمدني الاجتماعي لخوض الانتخابات»، على ألا يقتصر على المشاركة على «نظام القوائم» لكن أيضاً التنسيق على «مقاعد الفردي».

وتجرى الانتخابات البرلمانية عبر 143 دائرة انتخابية تخصص للانتخابات بالنظام الفردي، و4 دوائر انتخابية تخصص للانتخاب بنظام القوائم، ويكون عدد مقاعد البرلمان 568 مقعداً، نصفها للدوائر الفردية والنصف الآخر لـ«القوائم المغلقة»، بما يعني فوز أعضاء القائمة كلهم حال تحقيقها أعلى الأصوات، فيما يعين رئيس الجمهورية 5 في المائة من نواب المجلس بما يعادل 28 مقعداً.

ينتظر أن تعلن «الهيئة الوطنية للانتخابات» بمصر الجدول الزمني لاستحقاق مجلس النواب قريباً (الهيئة الوطنية)

وقال عضو المكتب السياسي لحزب المحافظين مجدي حمدان لـ«الشرق الأوسط» إن تحالف «الطريق الحر» لا يتعارض مع نشاط «الحركة المدنية» التي لم تتخذ موقفاً موحداً حتى الآن رغم قرب إجراء الانتخابات، وفي ظل وجود تباين حول بعض النقاط بين الأحزاب المنضوية داخلها، مشيراً إلى أن «التحالف يسعى للمشاركة مع أشخاص وأحزاب أخرى من أجل إبراز صوت المعارضة في البرلمان المقبل».

وأضاف أن المناقشات الأولية الجارية ترتكز على إفساح المجال لمرشحي «المحافظين» و«الدستور» في الدوائر الانتخابية وعدم وجود منافسة على المقعد نفسه بالدائرة لتجنب تفتيت الأصوات، مشيراً إلى أن التحالف مرتبط بالانتخابات حتى الآن فحسب.

وعدّ المتحدث باسم «الحركة المدنية»، وليد العماري، وهو عضو بحزب «الدستور»، أن الإعلان عن الانخراط في التحالف لن يشهد تعارضاً مع سعي «الحركة المدنية» للتنسيق بين مرشحيها بمختلف الدوائر في ظل استمرار الترتيبات الخاصة بعملية الترشح والمناقشات الجارية، لافتاً إلى أن كافة التفاصيل ستكون جاهزة للمناقشة بشكل أكثر تفصيلاً قريباً.

أحزاب مصرية تنسق للفوز بمقاعد برلمانية (رويترز)

واعتبر الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية»، عمرو هاشم ربيع، أن تنسيق المعارضة عبر «تحالفات» ومحاولات ترتيب وجود أكثر من مرشح معارض في سباق الانتخابات أمر يحمل دلالات إيجابية، خاصة إذ تمكنت من تشكيل أكثر من قائمة انتخابية بدلاً من وجود قائمة واحدة تكون مضمونة النجاح على غرار ما حدث في انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) التي جرت أخيراً.

وأضاف ربيع لـ«الشرق الأوسط» أن فكرة الانتخابات البرلمانية تكون مرتبطة بوجود حالة من التنافس في الدوائر الانتخابية وعرض برامج ورؤى حزبية مختلفة، ولا يمكن أن تتحول إلى عملية تزكية للمرشحين لغياب التنافس، مؤكداً أن الأمر يحمل جانباً إيجابياً يجب تسليط الضوء عليه.

ورغم بدء مشاورات تشكيل «القائمة الموحدة» من أحزاب الأغلبية البرلمانية إلى جانب بعض الأحزاب المعارضة، فإن هذه المشاورات لم تعلن عن نتائجها حتى الآن وسط تقديرات لمراقبين بالإعلان عنها باللحظات الأخيرة على غرار ما حدث في انتخابات «الشيوخ» لتجنب الدخول في سجالات.

وينص الدستور المصري على إجراء انتخابات مجلس النواب خلال الـ60 يوماً السابقة لانتهاء مدة المجلس الحالي، الذي تنتهي مدته في يناير (كانون الثاني) المقبل، في وقت يفترض أن تعلن «الوطنية للانتخابات» الجدول الزمني التفصيلي للانتخابات خلال الأسابيع المقبلة.


مقالات ذات صلة

اعتذار علاء عبد الفتاح عن «تدويناته المُحرضة» لم يخفف الهجوم عليه

شمال افريقيا علاء مع عائلته في لندن بعد وصوله (حساب شقيقته على فيسبوك)

اعتذار علاء عبد الفتاح عن «تدويناته المُحرضة» لم يخفف الهجوم عليه

لم يخفف اعتذار قدمه الناشط المصري - البريطاني علاء عبد الفتاح عبر حساباته بمواقع التواصل بشأن «تدوينات تُحرض على العنف» كتبها سابقاً عبر حساباته، من الانتقادات.

أحمد عدلي (القاهرة)
المشرق العربي  الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً السفير المصري علاء موسى في وقت سابق (الرئاسة اللبنانية)

السفير المصري في بيروت: لا إنذارات أو تحذيرات خفية موجهة إلى لبنان

أكد السفير المصري لدى لبنان علاء موسى أن تنفيذ الاتفاقات والقرارات الدولية يشكّل المدخل الأساسي لتجنيب لبنان مزيداً من التوترات

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)

«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

يناقش المسلسل المصري «لا تُرد ولا تُستبدل» مشاكل اجتماعية عدة مرتبطة بمرض الفشل الكلوي وصعوبة العثور على متبرعين.

أحمد عدلي (القاهرة )
المشرق العربي وزيرا الطاقة المصري واللبناني أثناء توقيعهما مذكرة التفاهم (رئاسة الحكومة اللبنانية)

مذكرة تفاهم بين القاهرة وبيروت لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي

وقّع لبنان مذكرة تفاهم مع مصر لتلبية احتياجاته من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق شارع «الترعة البولاقية» بحي شبرا في القاهرة يجذب راغبي شراء زينة الكريسماس ورأس السنة (الشرق الأوسط)

احتفالات مصرية بـ«رأس السنة» تتجاوز الجدل العقائدي

في حين يشهد الفضاء الإلكتروني المصري بكثرة ترديد السؤال السنوي: «هل الاحتفال برأس السنة حرام أم حلال؟»، حسم الشارع موقفه.

محمد عجم (القاهرة )

الجزائر: حديث عن «تعديل دستوري فني» يثير جدلاً وحيرةً بين السياسيين

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأحد (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأحد (الرئاسة)
TT

الجزائر: حديث عن «تعديل دستوري فني» يثير جدلاً وحيرةً بين السياسيين

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأحد (الرئاسة)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأحد (الرئاسة)

فاجأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأوساط السياسية بإعلانه تأجيل دراسة «تعديل دستوري فني»، وذلك بعد ساعات قليلة من تأكيد الرئاسة أن الموضوع مطروح للدراسة والمصادقة في مجلس الوزراء؛ وسط تخمينات بأن هذا التعديل قد يمسّ القواعد المنظمة للولايات الرئاسية التي يحددها الدستور الحالي بعهدتين فقط.

وأفاد بيان لمجلس الوزراء، مساء الأحد، بأن الرئيس «أمر بتأجيل التعديل الفني للدستور من أجل الدراسة، تعزيزاً للمكسب الديمقراطي الانتخابي الذي تمثله السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»، وهي الجهاز الإداري والفني الذي يعهد له الدستور بتنظيم العملية الانتخابية بالكامل، بينما كانت قبل انتخابات الرئاسية التي جرت في 2019 من صلاحيات وزارة الداخلية.

وكان بيان للرئاسة قد أكد قبل ذلك ببضع ساعات أن الرئيس سيبحث في اجتماعه بحكومته «مشروع قانون يتضمن تعديلاً دستورياً فنياً، ومشروعي قانونين عضويين يتعلقان بنظام الانتخابات والأحزاب السياسية، بالإضافة إلى عرض يخص تعويض تكاليف النقل في المجال الاقتصادي».

وأدخل حديث الرئاسة عن «تعديل دستوري فني» العديد من المراقبين والناشطين السياسيين في حيرة، عكستها حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. ففي كل التغييرات التي شهدها دستور البلاد، جرى استعمال كلمة «تعديل» فقط، دون «فني».

لماذا كلمة «فني»؟

يقول خبير القانون والمحامي المعروف عبد الله هبول، الذي اشتغل قاضياً في سنوات سابقة، إن أي دستور هو وثيقة سياسية «وأي لمسة تُدخل عليه هي فعل سياسي بالضرورة وليس فنياً».

وذهبت قراءات أخرى إلى الربط بين هذا التعديل و«طموح مفترض» لتمديد العهدة الرئاسية لما بعد عام 2029، رغم خلوّ خطاب الرئيس العلني من أي إشارة بهذا المعنى.

ويستند أصحاب هذا الطرح إلى سابقة وقعت عام 2008، حين ألغى الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة القيد الدستوري على عدد الولايات عبر تصويت البرلمان، مما مهد الطريق لترشحه لولاية ثالثة في انتخابات 2009.

لكن بوتفليقة عاد وأغلق الترشح للرئاسة بولايتين في تعديل للدستور عام 2016، في خطوة أثارت استغراب قطاع واسع من الجزائريين.

ولما عدَّل الرئيس الحالي تبون الدستور في 2020، أبقى على هذا القيد، حيث تذكر المادة 88 منه: «مدة العهدة الرئاسية 5 سنوات... لا يمكن لأي شخص ممارسة أكثر من عهدتين متتاليتين أو منفصلتين، وتُعدّ العهدة كاملة في حالة انقطاعها مهما كان السبب». غير أن الدستور ينص، في موضع آخر، على أن لرئيس الجمهورية «حق المبادرة بتعديل الدستور»، حيث يعرض التعديل على الاستفتاء الشعبي بعد التصويت عليه في البرلمان.

جولة حوار الرئاسة الجزائرية مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

وبخصوص «التعديل الدستوري الفني» المؤجل، أفاد سياسيون مؤيدون لسياسات الرئيس بأن «الأمر قد يتعلق بتغيير تواريخ إجراء الانتخابات أو بتمديد أو تقصير بعض الآجال القانونية، أو باستعادة وزارة الداخلية بعض الصلاحيات التي أخذتها سلطة تنظيم الانتخابات».

وحسبهم، قد يشمل التعديل الدستوري المتوقع إعادة توزيع بعض الصلاحيات الإجرائية، كتنظيم كيفية المصادقة على القوانين أو ضبط العلاقة الإجرائية بين غرفتي البرلمان، من دون المساس بطبيعة النظام السياسي أو جوهره.

وفي تقدير وزير سابق تحدثت معه «الشرق الأوسط» وطلب عدم نشر اسمه: «يُستعمل وصف التعديل الفني لإيصال رسالة طمأنة مفادها أنه لن يمس الثوابت الوطنية مثل اللغة والدين والعلم، ولن يطول المبادئ الديمقراطية الجوهرية، ويُقدم الهدف من هذا التعديل على أنه تحيين لبعض النصوص الدستورية لتتلاءم مع متطلبات المرحلة الجديدة أو لتسهيل سير عمل مؤسسات الدولة».

غير أن هذا التوجه لا يبدد المخاوف خصوصاً لدى قوى المعارضة؛ حيث يُخشى أن يتحول التوصيف «الفني» إلى وسيلة لمنح السلطة التنفيذية صلاحيات أوسع، مما قد يؤدي إلى إعادة رسم خريطة توازنات القوى داخل بنية النظام.

قانون الأحزاب

في شأن متصل بالحياة السياسية، صادق مجلس الوزراء في الاجتماع نفسه على مشروع قانون متعلق بالأحزاب السياسية، لافتاً في بيانه إلى أن ذلك تم «بعد الموافقة على التعديلات المقترحة التي طلبتها الأحزاب السياسية».

أعضاء الحكومة الجزائرية خلال المصادقة على قانون الأحزاب الجديد (الرئاسة)

كانت الرئاسة قد تسلمت في الأشهر الأخيرة تعديلات على مشروع الحكومة الخاص بقانون الأحزاب السياسية أعدتها قوى المعارضة و«الموالاة»، تناولت في معظمها تخفيف القيود الإدارية وتعزيز ضمانات حرية العمل الحزبي. كما شملت تقليص صلاحيات وزارة الداخلية في الترخيص لتأسيس الأحزاب، وتوضيح أحكام منع «الترحال السياسي»، أي تنقل القياديين من حزب لآخر، وتخفيف شرط حل الحزب في حال عدم المشاركة في انتخابين متتاليين.

واجتمع الرئيس بغالبية الأحزاب، العام الماضي، حيث عرض عليها بعض «قوانين الإصلاح»، وسمع من قادتها تحفظات حول «التجاوزات» في مجال الحقوق النقابية والسياسية وحرية الصحافة.

ومن أهم ما شملته التحفظات ما ينص عليه القانون حول حل الحزب السياسي في حال عدم تقديمه مترشحين في انتخابين متتاليين، في خطوة تهدف إلى حل الأحزاب غير النشطة أو الشكلية، وإلزام التشكيلات السياسية بالمشاركة الفعلية في الحياة العامة.


اعتذار علاء عبد الفتاح عن «تدويناته المُحرضة» لم يخفف الهجوم عليه

علاء مع عائلته في لندن بعد وصوله (حساب شقيقته على فيسبوك)
علاء مع عائلته في لندن بعد وصوله (حساب شقيقته على فيسبوك)
TT

اعتذار علاء عبد الفتاح عن «تدويناته المُحرضة» لم يخفف الهجوم عليه

علاء مع عائلته في لندن بعد وصوله (حساب شقيقته على فيسبوك)
علاء مع عائلته في لندن بعد وصوله (حساب شقيقته على فيسبوك)

لم يخفف اعتذار قدمه الناشط المصري - البريطاني علاء عبد الفتاح عبر حساباته في مواقع التواصل بشأن «تدوينات تُحرض على العنف» كتبها سابقاً عبر حساباته، من الانتقادات التي يواجهها، وسط دعوات في القاهرة ولندن لإسقاط جنسيته.

واعتذر عبد الفتاح، الذي أفرجت عنه مصر من السجن ويقيم حالياً في بريطانيا، الاثنين، عن منشورات «صادمة ومؤذية»، نشرها على منصة تواصل اجتماعي قبل أكثر من عقد، وقالت شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا إنها تعمل على تقييمها.

وكان عبد الفتاح وصل إلى بريطانيا، يوم الجمعة، بعد ‌حصوله على ‌الجنسية البريطانية في 2021 عن طريق والدته، ‌وقال ⁠رئيس ​الوزراء ‌البريطاني كير ستارمر إنه «سعيد» بهذه الأنباء. ونشرت الصحف البريطانية بعد ذلك مقالات عن منشورات كتبها عبد الفتاح بين عامي 2008 و2014 على منصة «تويتر» سابقاً («إكس» حالياً) وتؤيد فكرة اللجوء إلى العنف ضد «الصهاينة» والشرطة.

وذكر عبد الفتاح، في بيان، أن عدداً من تغريداته أسيء فهمها، ‌لكن بعضها غير مقبول. وتابع قائلاً: «بالعودة إلى تلك التغريدات الآن، تلك التي لم تحرف تماماً بعيداً عن مقصدها، أتفهم حقاً كيف كانت صادمة ومؤذية، ولهذا أعتذر عنها بكل صراحة». وأضاف: «كانت في معظمها تعبيراً عن غضب وإحباط شاب يافع في وقت أزمات بالمنطقة، الحرب على العراق ولبنان وغزة، وتصاعد وحشية الشرطة ضد الشباب المصري».

وأرسل زعيم المعارضة وعضو البرلمان البريطاني، نايجل فاراج، خطاباً لوزارة الداخلية أبرز فيه عدداً من تدوينات عبد الفتاح، مؤكداً أن منحه الجنسية البريطانية خلال فترة حبسه في مصر لم يتضمن إجراء «الحد الأدنى» من التحريات، مطالباً بسحب الجنسية منه وترحيله خارج البلاد.

وقال المتحدث باسم ستارمر إنه لم يكن يعلم بالتغريدات وهو يطالب بالإفراج عن عبد الفتاح، ووصف التعليقات بأنها «شائنة». لكنه قال أيضاً إن الحكومة لديها سجل حافل في مساعدة مواطنيها بالخارج.

وكان عبد الفتاح يقضي حكماً بالسجن لمدة 5 سنوات في مصر صدر بحقه في ‌ديسمبر (كانون الأول) 2021 بعد أن شارك منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي عن وفاة سجين.

وانتقدت تدوينات عدة في مصر موقف عبد الفتاح من الاعتذار للبريطانيين، بوقت لم يقدم فيه اعتذاراً للمصريين مع تداول تدوينات سابقة له أيضاً قيل إنها «حملت تحريضاً على قتل رجال الشرطة وعائلاتهم في مصر».

وضجّت مواقع التواصل في مصر بردود فعل غاضبة تجاه عبد الفتاح الذي أعاد نشر الاعتذار عبر حسابه على «فيسبوك» بالإنجليزية واعداً بحديث قريب باللغة العربية مع متابعيه، بينما اعتبرت تدوينات عدة أن ما حدث معه يعكس إدراكاً بريطانياً متأخراً لما حذرت منه مصر.

وتضمنت التدوينات في مصر مطالبات بسحب الجنسية منه.

ورغم حالة الغضب، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مرور فترة طويلة على التدوينات وتغير أفكار صاحبها واعتذاره عما ورد فيها أمر يجعل هناك تفهماً لموقفه الحالي»، مشيراً إلى أنها «ليست المرة الأولى التي يعاد فيها ظهور هذه التدوينات، وغالبيتها جرى تداوله في مصر من قبل».

وأضاف: «هناك أشخاص لديهم مواقف معارضة ورافضة له بشكل مستمر ولن يقبلوا أي تصريحات منه»، وأن «ما كتبه يعكس تغيراً واضحاً في أفكاره وشرحه لظروف وملابسات كتابة هذه التدوينات».

لكن مستشار رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عماد جاد، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «بيان الاعتذار يعكس محاولة للخروج من الأزمة وليس تعبيراً عن تغير في الأفكار المتشددة التي تبناها من قبل»، مشيراً إلى أن «الاعتذار تضمن فقط ما يتعارض مع الثقافة البريطانية ولم يكن اعتذاراً عن التطرف في الآراء».

ويفسّر جاد بيان الاعتذار بأنه «من أجل احتواء الغضب بعد تصاعد الغضب البريطاني ضده بشكل واضح».

وحسب مصادر صحيفة «ذا ستاندرد» البريطانية، فإن رئيس الحكومة ووزراء حكومته لم يكونوا على علم بالمنشورات التي كتبها عبد الفتاح من قبل، لكن رئيس وحدة دراسات الإعلام والرأي العام بالمركز المصري للفكر والدراسات، محمد مرعي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع ما كتبه عبد الفتاح من قبل جرى إبلاغ الجانب البريطاني به عدة مرات ومن بينها ما حدث خلال زيارة رئيس الوزراء البريطاني السابق ريتشي سوناك إلى مصر عام 2022».

وأضاف: «الاعتذار الذي أعلنه عبد الفتاح لم يتضمن اعتذاراً لضباط وجنود الشرطة المصريين، وهو أمر يعكس بوضوح كونه اعتذاراً لمحاولة الخروج من المأزق، متسائلاً عما إذا كان البريطانيون سيكونون على استعداد لتقبل ازدواجية المعايير بالاعتذار عن التحريض على العنف ضدهم وضد قيمهم وأفكارهم في مقابل قبولها تجاه مؤسسات الدولة المصرية».

ويرصد مرعي «تزايد المطالبات السياسية والشعبية بإسقاط الجنسية المصرية عن علاء عبد الفتاح على خلفية مواقفه الأخيرة»، مشيراً إلى أن «الأمر سيكون مرتبطاً بصانع القرار في مصر ويخضع لاعتبارات عدة».


اتهامات بـ«انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين تلاحق ميليشيا ليبية

مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
TT

اتهامات بـ«انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين تلاحق ميليشيا ليبية

مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)
مهاجرون غير نظاميين من غانا قبيل ترحيلهم من طرابلس (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

تلاحق ميليشيا مسلحة في غرب ليبيا اتهامات حقوقية متزايدة بارتكاب «انتهاكات جسيمة» ضد مهاجرين غير شرعيين من جنسيات متعددة، تشمل المصرية والسورية والعراقية، بالإضافة إلى ابتزاز أسرهم مالياً.

وتأتي هذه الاتهامات بالتزامن مع ترحيب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالجهود المبذولة لمعالجة أوضاع حقوق الإنسان للمحتجزين، لا سيما ما يتعلق بالتصدي للاحتجاز التعسفي على أيدي السلطات في شرق البلاد وغربها.

ويقبع المهاجرون المحتجزون في مركز تابع لميليشيا تُعرف باسم «كتيبة الإسناد الأولى»، تحت قيادة محمد الأمين العربي كشلاف، المُلقّب بـ«القصب»، والمعروف أيضاً بقيادته ميليشيا «شهداء النصر»، التي أُدرجت على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي عام 2018، لدورها في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، حسب حقوقيين، من بينهم المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا.

مهاجرون جرى التمكن من إنقاذهم بعد غرق قاربهم الذي انطلق من سواحل ليبيا باتجاه أوروبا (أرشيفية - أ.ب)

وتقول مؤسسة حقوق الإنسان في ليبيا إن المحتجزين «يُعاملون في ظروف اعتقال سيئة للغاية، تتجاوز كل الأطر القانونية، وهم من جنسيات متنوعة تشمل المصريين، والأكراد السوريين والعراقيين، والبنغلاديشيين».

وحسب بيان المنظمة الحقوقية، تتراوح الانتهاكات بين الاحتجاز التعسفي والابتزاز المالي لأسر المحتجزين، بهدف إجبارها على دفع مبالغ باهظة لإطلاق سراح أبنائها، وسط أنباء عن حالات وفاة بين مهاجرين من بنغلاديش «نتيجة التعذيب الجسدي».

وأظهرت تسجيلات مصوّرة بثتها المنظمة الحقوقية تكدس المحتجزين على الأرض داخل إحدى غرف الاحتجاز، على نحو يعكس حجم معاناتهم اليومية.

وتُعدّ مدينة الزاوية بغرب ليبيا، حيث يقع مركز الاحتجاز، ساحة مركزية للميليشيات المرتبطة بتهريب المهاجرين. وللمدينة أهمية استراتيجية لوجود أكبر مصفاة نفط في الغرب الليبي بها، ولأنها تربط بين حقول النفط والطرق الساحلية، فضلاً عن استخدامها ميناء لتصدير النفط.

ويقول رئيس «مركز بنغازي لدراسات الهجرة واللجوء» طارق لملوم، إن الانتهاكات في الزاوية «ليست تجاوزات فردية، بل نمط ممنهج من تهريب المهاجرين والاتجار بهم، تطور عبر السنوات إلى اقتصاد جريمة متكامل يشمل ثلاث مراحل: تهريب المهاجرين عبر البحر، اعتراضهم وإعادتهم، وأخيراً تحوُّل هذه الإعادات إلى شبكات احتجاز قسري وطلب فدية واستغلال».

ويضيف لملوم لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الشبكات، رغم إدراج قادتها على قوائم العقوبات الدولية، تواصل نشاطها في أغلب المدن الساحلية الليبية، من زوارة مروراً بالمنطقة الوسطى إلى أمساعد على الحدود المصرية، «مستفيدة من حماية اجتماعية وقبلية، وغطاء سياسي من مسؤولين وبرلمانيين، بالإضافة إلى تعاون جهات رسمية داخل الدولة».

ولا تتوافر في ليبيا إحصاءات رسمية دقيقة لعدد السكان والمهاجرين غير النظاميين، حيث يدخل آلاف منهم عبر الصحراء أو منافذ غير خاضعة للرقابة، في حين أعادت سلطات العاصمة في مطلع الشهر الحالي الحديث عن أن ليبيا «تعاني من وجود 3 ملايين مهاجر على أرضها، دخلوا خلال السنوات الأخيرة بطرق غير مشروعة».

وسبق أن قدّرت منظمات أوروبية عدد المهاجرين في ليبيا بنحو مليون و500 ألف مهاجر، من بينهم آلاف داخل مراكز الإيواء في غرب البلاد، وشرقها.

مهاجرون غير نظاميين قبل ترحيلهم من ليبيا إلى مصر (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ليبيا)

جاء ذلك بالتزامن مع ترحيب بعثة الأمم المتحدة بالجهود كافّة لمعالجة أوضاع حقوق الإنسان للمحتجزين، لا سيما التصدي للاحتجاز التعسفي وضمان إشراف مدني كامل على مراكز الاحتجاز.

ووصفت البعثة تشكيل اللجنة الوطنية المؤقتة لمتابعة أوضاع السجناء في بنغازي، وخطوة إنشاء اللجنة الحقوقية في طرابلس؛ بأنه «إيجابي»، مع الإشارة إلى الجهود المستمرة للنائب العام لتحسين أوضاع الاحتجاز وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون.

غير أن طارق لملوم عدَّ هذه الإجراءات «شكلية وغير كافية»، مؤكداً أن اللجان غالباً ما تنتهي دون محاسبة أو تفكيك الشبكات المتورطة.

وحسب رؤية الحقوقي الليبي فإن «المشكلة بنيوية؛ إذ تتداخل الجريمة المنظمة مع الأجهزة الأمنية والمجموعات المسلحة، وتتمتع بغطاء سياسي وقبلي»، وهو يرى أن وضع حد للانتهاكات «يتطلّب فصل الاحتجاز عن الجهات المتهمة بالاتجار، وفتح تحقيقات قضائية حقيقية تؤدي إلى إحالات للنيابة، وتجميد أي صفة رسمية للمتورطين، مع نشر نتائج التحقيقات».

وأضاف أنه من الضروري كذلك «وقف أي تعاون دولي مع الجهات المتورطة، وتحويل الملف من إطار أمني ضيق إلى إطار حقوقي وقضائي لمساءلة الفاعلين وقطع الغطاء السياسي عنهم».

وتكشف أحدث أرقام أعلنتها «المنظمة الدولية للهجرة» هذا الشهر عن إعادة 307 مهاجرين من البحر إلى ليبيا خلال أسبوع واحد، ليصل عدد المعادين منذ بداية العام إلى 26635، بينهم 2336 امرأة و965 طفلاً.