«استنفار» غرب ليبيا إثر ضربات جوية نفذتها طائرات تركية

وسط اتهامات متصاعدة لحكومة «الوحدة» بـ«استهداف المدنيين»

أهالي الزاوية خلال عرض بيانهم الرافض لقصف المدينة (الأهالي)
أهالي الزاوية خلال عرض بيانهم الرافض لقصف المدينة (الأهالي)
TT

«استنفار» غرب ليبيا إثر ضربات جوية نفذتها طائرات تركية

أهالي الزاوية خلال عرض بيانهم الرافض لقصف المدينة (الأهالي)
أهالي الزاوية خلال عرض بيانهم الرافض لقصف المدينة (الأهالي)

بينما يتجه مجلس النواب الليبي لتمرير ميزانية حكومة «الاستقرار» الموالية له، رغم دعوات محلية وأممية لإنهاء الانقسام المؤسسي، أثارت الضربات الجوية التي نفذتها طائرات مسيّرة تركية، بالتنسيق مع وزارة دفاع حكومة «الوحدة المؤقتة»، موجة استنكار واستنفار في غرب البلاد.

وندد بيان حمل توقيع 42 من عمداء بلديات المنطقة الغربية والجبل الغربي، وجّه إلى السفير التركي والقيادة التركية، بهجمات طائرات مسيّرة تركية على بعض المدن الليبية، ما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين دون مبرر، وعد ذلك «انتهاكاً صريحاً لسيادة ليبيا، وتهديداً لحياة المواطنين الآمنين».

وطالب البيان أنقرة بوقف دعمها العسكري للجماعات التي تهدد أمن ليبيا، والتوقف الفوري عن استخدام الطائرات المسيّرة. مشدداً على أن عمداء البلديات «لا يسعون إلى صراع مع تركيا، بل إلى علاقات قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، لكنهم لن يقفوا صامتين أمام الاستهداف المنهجي لليبيا».

كما ندد أهالي مدينة الزاوية بقصف طال منازل المدنيين داخل المدينة، وقالوا في بيان لهم إن هذه الأعمال تستهدف الأبرياء، وتعرض حياة المدنيين للخطر. وحملوا البعثة الأممية مسؤولية «العبث والتقاعس» حيال الانتهاكات المتكررة التي تشهدها المدينة، مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوضع حد لهذه التجاوزات وحماية المدنيين، كما طالبوا النائب العام الصديق الصور بفتح تحقيق شامل، ومحاسبة حكومة الدبيبة على ما يرتكب من جرائم ضد السكان المدنيين، داعين إلى ضرورة «احترام القانون الدولي الإنساني وضمان سلامة المدنيين في جميع المناطق».

النائب العام الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

وقال «المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان» إن القصف الجوي الذي استهدف، الجمعة، منزلاً سكنياً في مدينة الزاوية، بطيران مسيّر تحت ذريعة مكافحة جرائم تهريب المهاجرين، أدى إلى ترويع عائلة مدنية داخل منزلها، وإصابة عدد من أفرادها، وتسجيل أضرار مادية جسيمة، في مشهد وُصف بأنه صادم وغير مسبوق في استهداف المدنيين بمناطق مأهولة بالسكان.

وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام محلية، تضرر ورشة لصيانة الدراجات المائية بمدينة صبراتة، جرّاء القصف، على الرغم من نفي صاحبها أي صلة بأعمال التهريب.

وكانت وزارة الدفاع بحكومة «الوحدة» قد أعلنت تنفيذ ضربات جوية دقيقة في مناطق محددة، لم تذكرها، ضمن ما وصفته بعمليات عسكرية شاملة لتدمير تمركزات عناصر خارجة عن القانون، تقوم بأعمال تهريب البشر والاتجار بالمخدرات.

الدبيبة استغل اجتماعه في إسطنبول مع الرئيس التركي للدفاع عن العملية الأمنية الأخيرة في طرابلس (الوحدة)

وكان رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، قد استغل اجتماعه في إسطنبول مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الجمعة، للدفاع عن العملية الأمنية الأخيرة في طرابلس، المخصصة لتفكيك المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، التي تورطت فيما وصفه الدبيبة بأنه ابتزاز مؤسسات الدولـة والتدخل في عملها السيادي. وقال إن العملية «تعبر عن خيار سياسي وأمني واضح لاستعادة هيبة الدولة... وعن سياسات وبناء مؤسسات وطنية تعمل في ظل القانون دون وصاية أو تهديد». وعد تفكيك هذه البنى الموازية «خطوة مفصلية لإنهاء نفوذ العصابات، وتهيئة المناخ لتطبيق السياسات الوطنية، خصوصاً ملفي الهجرة والحدود».

في سياق ذلك، أكدت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» مواصلة أجهزتها الأمنية تنفيذ مهامها الميدانية الهادفة إلى تعزيز الأمن والاستقرار داخل العاصمة طرابلس، وذلك عبر تكثيف التمركزات، وتسيير الدوريات الأمنية، وتفعيل نقاط التفتيش في عدد من المحاور الرئيسية، مشيرة إلى استمرار جهودها لضمان الأمن العام.

في المقابل، ندد «حراك أبناء سوق الجمعة» بطرابلس بتدهور الأوضاع الأمنية، معتبراً أنها أصبحت رهينة للعصابات والميليشيات المسلحة، وقال إن الحكومة «لم تحقق لا وحدة ولا أمن»، وعدّ مقتل أحد الشبان في وضح النهار وأمام كاميرات المراقبة «دليلاً على الانفلات الأمني المتعمد، ونتاجاً لمنظومة فاسدة تتحكم فيها دولة موازية، تقودها عائلة الدبيبة».

رئيس مجلس النواب عقيلة صالح دعا أعضاءه إلى حضور جلسة رسمية ستُعقد الاثنين المقبل (مجلس النواب)

في غضون ذلك، دعا رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أعضاءه إلى حضور جلسة رسمية، ستُعقد الاثنين المقبل بمقر المجلس في مدينة بنغازي (شرق)، لمناقشة مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للعام الحالي، إضافة إلى بعض البنود المدرجة ضمن جدول أعمال المجلس، وفقاً لما أعلنه الناطق باسم المجلس، عبد الله بليحق، في بيان مقتضب السبت.

وسعت حكومة حماد مؤخراً لإقناع مجلس النواب بتمرير ميزانيتها، التي تم تعديلها من 174 مليار دينار إلى 160 مليار دينار، تماشياً مع طلب المصرف المركزي، رغم اعتراضات محلية وأممية، حيث سبق للبعثة الأممية أن طالبت كل الأطراف الليبية بالبدء فوراً في الاتفاق على ميزانية وطنية موحّدة ومتوازنة، كما دعا رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، لاعتماد ميزانية وطنية موحدة بإشراف دولي محايد، مع ضمان الشفافية والتوزيع العادل، والرقابة اللاحقة من الجهات المعنية.

صدام حفتر مع رئيس تشاد (الجيش الوطني)

إلى ذلك، أدرج «الجيش الوطني» زيارة الفريق صدام، رئيس أركان قواته البرية، نجل قائده العام المشير خليفة حفتر، إلى العاصمة التشادية أنجمينا، في إطار الحرص على تعزيز علاقات التعاون والتنسيق مع دول الجوار، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار المشترك. وقال إن صدام ناقش، بصفته مبعوثاً من حفتر، مع الرئيس التشادي، محمد إدريس ديبي إتنو، سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، ودعم جهود إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.


مقالات ذات صلة

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

شمال افريقيا شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

أُقيمت في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مراسم تأبين رسمية وعسكرية مهيبة لرئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، محمد الحداد، ومرافقيه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سجن معيتيقة في طرابلس (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)

«تكدس مراكز الاحتجاز» في ليبيا يعيد ملف السجناء للواجهة

دفعت الشكاوى المتصاعدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وتردّي أوضاع السجناء، حكومتي شرق وغرب ليبيا إلى إعادة فتح ملف السجون.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا تركيا أقامت مراسم عسكرية رسمية لوداع جثامين ضحايا طائرة الحداد ومرافقيه قبل نقلها إلى طرابلس السبت (الدفاع التركية - إكس)

تركيا تودّع ضحايا طائرة الحدّاد بمراسم عسكرية... وطرابلس تقيم تأبيناً رسمياً

تم نقل جثامين رئيس أركان الجيش الليبي محمد على الحداد ومرافقيه الذين كانوا على متن طائرة تحطمت ليل الثلاثاء الماضي عقب مباحثات رسمية في أنقرة

«الشرق الأوسط» (أنقرة - القاهرة)
شؤون إقليمية يؤدي المسؤولون الصلاة بجوار نعوش رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي أحمد الحداد وسبعة مسؤولين آخرين الذين لقوا حتفهم إثر تحطم طائرتهم بعد نحو 30 دقيقة من إقلاعها من أنقرة متجهة إلى طرابلس وذلك خلال مراسم نقل الجثامين إلى ليبيا من أنقرة (رويترز) play-circle 00:32

وصول جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه إلى طرابلس

أفادت وزارة الدفاع التركية بأنّ جثامين رئيس الأركان الليبي ومرافقيه الذين قضوا في حادث تحطم طائرة قرب أنقرة ستُعاد إلى البلاد اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شمال افريقيا الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، التي كانت تقل رئيس الأركان.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
TT

استنفار عربي لمواجهة اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»

مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)
مواطنون يحتفلون باعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال" في العاصمة هارجيسا أول من أمس (أ. ف. ب)

يعوّل الصومال على دعم عربي وإسلامي لمواجهة اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» دولةً مستقلةً، وقد استجابت جامعة الدول العربية لطلبه بعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، اليوم.

وأكَّد السفير الصومالي في القاهرة والمندوب الدائم لدى الجامعة، علي عبدي أواري، لـ«الشرق الأوسط» أنَّ «بلاده تتحرَّك على المستويين العربي والإسلامي، لرفض ما أعلنت عنه تل أبيب، والدفاع عن السيادة الصومالية»، وقال: «من بين التحركات طلب اجتماع للجامعة العربية بشكل عاجل». وأشار إلى أنَّ «بلاده تدعو لاجتماع قمة عربية إسلامية قريباً، ضمن تحركاتها الدبلوماسية».

وحرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيراتٍ من السلطة الفلسطينية و«حماس» ومقديشو، من أنَّه يحمل احتمالاً لأن يكون هذا الإقليم موطناً جديداً لاستقبال الفلسطينيين ضمن مخطط تهجير سعت إليه إسرائيلُ منذ بداية الحرب قبل نحو عامين.

وأشار خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إلى مخاوفَ من أنَّ الخطوة الإسرائيلية ستُعيد ملف التهجير للواجهة بقوة، وستعمل تل أبيب على زيادة الضغوط على الضفة وغزة لدفعهم قسراً لذلك، وسط غياب خطط تنفيذية للإعمار والاستقرار.

وسط طوفان ردود فعل على الخطوة الإسرائيلية، وبخلاف الرفض العربي، جاء موقف لافت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ طغى عليه «السخرية من ذلك الإقليم». فقد أعلن ترمب عن رفضه الاعترافَ باستقلال «أرض الصومال»، متسائلاً: «هل يعرف أحدٌ ما هي أرض الصومال، حقّاً؟».


بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

بعثة إنسانية تدخل الفاشر للمرة الأولى

سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)
سودانيون فرّوا من الفاشر يستريحون لدى وصولهم إلى مخيم "الأفاد" للنازحين بمدينة الدبة شمال السودان 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

دخلت بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنَّ بعثة تقييم وصلت إلى مدينة الفاشر، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مضيفاً أنَّ البعثة تضمُّ وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية.

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، وقال في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول جاء عبر مسار يسَّرتْه الولايات المتحدة.


بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
TT

بعثة أممية إنسانية تدخل الفاشر المنكوبة للمرة الأولى منذ 18 شهراً

جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)
جرحى أُصيبوا خلال معارك الفاشر في وقت سابق يخضعون للعلاج بمستشفى ميداني شمال دارفور (رويترز)

كشفت الأمم المتحدة عن وصول بعثة إنسانية أممية إلى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أول دخول إنساني للمدينة منذ سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها، بعد حصار طويل استمرَّ لأكثر من عام، خلّف أوضاعاً إنسانية كارثية. في غضون ذلك دانت قيادة الجيش التشادي، السبت، هجوماً شنَّته «قوات الدعم السريع» السودانية على بلدة حدودية داخل الأراضي التشادية؛ ما أسفر عن مقتل جنديَّين تشاديَّين وإصابة ثالث، ووصفت الهجوم بأنه «عدوان غير مُبرَّر» على سيادة تشاد.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أحكمت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بعد حصار استمرَّ لأكثر من 18 شهراً، تخللته معارك عنيفة، وسط تقارير وأدلة على وقوع عمليات قتل جماعي، واختطاف، واغتصاب بحق المدنيين.

وفي هذا السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن بعثة تقييم أممية وصلت إلى مدينة الفاشر بعد مفاوضات إنسانية مطولة، عادّاً هذه الخطوة «مؤشراً على انفراجة محدودة» في ملف إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة التي عانت حصاراً خانقاً. وأوضح المكتب أن البعثة ضمَّت وفداً من «برنامج الأغذية العالمي»؛ لتقييم الاحتياجات الغذائية العاجلة، وفريقاً من منظمة الصحة العالمية؛ لتقييم الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية واحتياجاتها الطارئة، إضافة إلى فريق من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مختص بتقييم أوضاع الأطفال، والاحتياجات الإنسانية الملحّة.

ترحيب أميركي

من جهته، رحَّب كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، بوصول بعثة التقييم إلى الفاشر، عادّاً ذلك دليلاً على إسهام الدبلوماسية الأميركية في «إنقاذ الأرواح». وقال بولس، في تغريدة على منصة «إكس»، إن هذا الوصول الحاسم جاء بعد أشهر من المفاوضات عبر مسار يسَّرته الولايات المتحدة، وبجهود مشتركة مع «أوتشا»، وشركاء إنسانيين على الأرض.

مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

ودعا بولس، الذي يشارك في جهود الوساطة الرامية إلى وقف الحرب في السودان، إلى إعلان هدنة إنسانية شاملة، مطالباً طرفَي النزاع بقبولها وتنفيذها فوراً «دون شروط»، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان، كما حثّ المجتمع الدولي على زيادة التمويل لدعم استجابة «أوتشا». ويُعد وصول البعثة التقييمية الأممية إلى الفاشر أول دخول إنساني إلى المدينة منذ مايو (أيار) 2024.

وفي المقابل، أعلنت قوات «حكومة تأسيس» الموالية لـ«قوات الدعم السريع»، والتي تسيطر على إقليم دارفور، في بيان صدر أمس (السبت)، استعدادها الكامل لتأمين وتسهيل العمل الإنساني في إقليمَي دارفور وكردفان. وأفادت بأن زيارة وفد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) ودائرة الأمم المتحدة للسلامة والأمن (UNDSS) شملت مراكز النزوح، والمقار الأممية، وعدداً من المرافق الحيوية داخل مدينة الفاشر.

ووفقاً لبيان «تأسيس»، أكملت البعثة الأممية زيارتها للفاشر، ووصلت بسلام إلى محلية طويلة، دون صدور أي تعليق رسمي من الجيش السوداني بشأن دخول البعثة.

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً بمخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

يُذكر أن الجيش السوداني ظل يرفض، لفترات طويلة، السماح بدخول المنظمات الإنسانية والمساعدات، عبر معبر إدري الحدودي مع تشاد، ما فاقم من الأزمة الإنسانية داخل المدينة، حيث واجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والخدمات الصحية. وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق عن مدير «برنامج الأغذية العالمي» أن الأمم المتحدة اضطرت إلى تقييد عمليات الإغاثة عبر تشاد باتجاه دارفور.

تهديد تشادي

في سياق ثانٍ، نفَّذت طائرة مسيّرة تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مفتوحة مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، هجوماً استهدف بلدة الطينة الواقعة على الحدود التشادية. وقال ضابط رفيع في الجيش التشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن هذه الحادثة تمثل المرة الأولى التي يتكبَّد فيها الجيش التشادي خسائر بشرية مباشرة منذ اندلاع الحرب في السودان.

وعدّت هيئة الأركان العامة التشادية الهجوم «متعمَداً ومقصوداً»، ويمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، محذّرة جميع أطراف النزاع السوداني من أي تجاوز أو مساس بسيادة الأراضي التشادية. وأكد الجيش التشادي، في بيان رسمي، احتفاظه بـ«حق الرد بجميع الوسائل القانونية»، وبممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس في حال تكرار أي اعتداء، استناداً إلى المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطق شمال وغرب إقليم دارفور، باستثناء جيوب محدودة تخضع لسيطرة جماعات قبلية محايدة. وكانت القوات قد أعلنت، الأربعاء الماضي، سيطرتها على بلدتَي أبو قمرة وأم برو في شمال دارفور، وهما منطقتان تقعان على الطريق المؤدي إلى بلدة الطينة التشادية.