حديث نتنياهو بشأن التهدئة في غزة... مناورة أم تحرّك جاد؟

قطر تنفي وجود «مؤشرات إيجابية»

فلسطيني أصيب بنيران إسرائيلية أثناء تجمعهم قرب مركز إغاثة غذائية، يتلقون الرعاية في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني أصيب بنيران إسرائيلية أثناء تجمعهم قرب مركز إغاثة غذائية، يتلقون الرعاية في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث نتنياهو بشأن التهدئة في غزة... مناورة أم تحرّك جاد؟

فلسطيني أصيب بنيران إسرائيلية أثناء تجمعهم قرب مركز إغاثة غذائية، يتلقون الرعاية في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني أصيب بنيران إسرائيلية أثناء تجمعهم قرب مركز إغاثة غذائية، يتلقون الرعاية في مستشفى ناصر بخان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)

يواصل رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الحديث عن المفاوضات بشأن وقف الحرب في قطاع غزة، لليوم الثاني على التوالي، وسط حديث إعلام إسرائيلي عن «تقدم كبير» بالمفاوضات، وتأكيد الوسيط القطري على عدم وجود مؤشرات إيجابية بعد.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن حديث نتنياهو ربما يكون مناورةً منه أو ضمن توافق عسكري سياسي داخلي بإسرائيل يتضمن إعطاء الأولوية لساحة إيران، وإنهاء مؤقت لجبهة غزة بما يضمن التفرغ للمواجهة الحالية وتأمين الحدود مع لبنان وسوريا ومصر والأردن.

وأعلن متحدث الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أن جهود الوساطة لوقف إطلاق النار بغزة «مستمرة ولكن لا مؤشرات إيجابية بعد في ظل التصعيد بين إسرائيل وإيران».

ذلك الحديث الحذر جاء غداة تصريحات نتنياهو، في مؤتمر صحافي، الاثنين، بأن «(المبعوث الأميركي للشرق الأوسط) ستيف ويتكوف قدم اقتراحاً، ونتيجة للضغوط على غزة، يبدو أنه كانت هناك بعض التحركات وأعطيت تفويضاً أوسع للفريق المفاوض. نحن ننتظر إجابة»، الذي سبقه بيوم تلويح رئيس الوزراء الإسرائيلي بإمكان حدوث انفراجة قريباً، وقال إنه قد يرسل وفداً للتفاوض، وإنه أصدر توجيهاته بالمُضي قدماً في المفاوضات.

فلسطينيون يتفقدون أنقاض منزل تضرر جراء غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط غزة (أ.ف.ب)

وأكدت دول عربية وغربية، الثلاثاء، على «استمرارية دعمنا اللا متزعزع لكافة الجهود الرامية لإنهاء الحرب في غزة، وتحقيق تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تطبيق حل الدولتين، وضمان الاستقرار والأمن لجميع الدول في المنطقة».

جاء ذلك التأكيد في بيان مشترك للرئاسة المشتركة لمؤتمر الأمم المتحدة الدولي رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين، فرنسا والسعودية ورؤساء مجموعات العمل التابعة للمؤتمر: البرازيل، وكندا، ومصر، وإندونيسيا، وآيرلندا، وإيطاليا، واليابان، والأردن، والمكسيك، والنرويج، وقطر، والسنغال، وإسبانيا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية.

أستاذ العلوم السياسية المصري، المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، يرى أن تصريحات نتنياهو المتكررة تأتي في إطار أولويات داخلية تريد التهدئة بجبهة غزة لاعتبارات عسكرية واستراتيجية مرتبطة بنقل القوات على الحدود، لا سيما مع لبنان وسوريا، وكذلك مع مصر والأردن، مشيراً إلى أنه لا جديد في المفاوضات بغزة، وربما تحمل التصريحات مناورة ورسالة متعددة الأطراف.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور سهيل دياب، أن تصريحات نتنياهو تأتي في ظل توافق عسكري وسياسي، مؤكداً «أن الجيش الإسرائيلي يتحدث بوضوح منذ أيام بأن جبهة غزة ساحة ثانوية، وأنه يجب تفرغ الجهود العسكرية تجاه إيران».

ويرى دياب أن نتنياهو «لا يريد حالياً موقفاً سياسياً معاكساً للتقديرات العسكرية، وأنه اختار هدف إيران التي نفذ به سياسة الهروب للأمام، بعد فشله في إنهاء ملف الرهائن أو هزيمة (حماس) بالمطلق، بجانب أنه يريد ترضية للأوروبيين لتخفيف الضغوط عليه».

في المقابل، كانت آلة الإعلام الإسرائيلي تروّج لحدوث «تقدم كبير»، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، عن مصادر إقليمية لم تُحددها أن هناك «تقدماً كبيراً جداً» في المفاوضات نحو التوصل لصفقة أسرى، بما يشمل وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.

ولفتت الصحيفة إلى أن مسؤولين أميركيين أبلغوا عائلات المحتجزين الإسرائيليين في الأيام الأخيرة بوجود «مؤشرات إيجابية للغاية» على حدوث انفراجة.

وقالت صحيفة «إسرائيل اليوم» الإسرائيلية، الثلاثاء، إنه «وفقاً للمعلومات المتوفرة لدينا، فإننا نتحدث عن إطلاق سراح ثماني رهائن أحياء وستة قتلى، فور تنفيذ الاتفاق، واثنين آخرين مختطفين خلال وقف إطلاق النار وسيستمر وقف إطلاق النار المقترح لمدة 60 يوماً، ستجري خلالها مفاوضات لإنهاء الحرب، بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن المتبقين».

وحسب الصحيفة «اقترح الأميركيون صيغة تشير إلى ضمانهم بجدية جميع الأطراف المشاركة في إنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة»، لافتة إلى أنه «وفقاً للمعلومات، فقد وافقت (حماس) على الاقتراح، وتراجعت عن مطالب سابقة، بما في ذلك الالتزام الإسرائيلي والأميركي بإنهاء الحرب، فضلاً عن مطالبتها بانسحاب إسرائيلي واسع».

بالمقابل، صرَّحت مصادر قيادية في «حماس» من داخل القطاع وخارجه لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، بأن حراك التفاوض لا يزال مستمرّاً، برغم الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، وقالت إنه يكون في بعض الأحيان أكثر نشاطاً، وأحياناً يكون بطيئاً، بسبب انشغال الوسطاء وغيرهم في ملفات يرونها أكثر إلحاحاً.

ووفق المصادر، فإن الحراك الحالي لم يصل حتى اللحظة إلى «انفراجة أو اختراق حقيقي»، غير أن هناك قدراً من التقدم «يأتي في إطار التجاوب الإيجابي» الذي نقله الوسطاء لقيادة «حماس» عن إمكان التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل بشأن فترة الستين يوماً التي حددها مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف مؤخراً، وضمان استمرارية وقف إطلاق النار خلالها، مع التأكد من توزيع إطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين على فترات لضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار طوال هذه الفترة.

وفي ظل التباين بين ما هو مطروح إسرائيلياً ومن «حماس»، لا يعتقد فهمي، «أن تكون هدنة غزة محل اهتمامات أميركية في ظل أولوية مطلقة حالياً للملف الإيراني، وسعي إسرائيل لتدابير أمنية من طرف واحد واستكمال تصعيدها بغزة».

بالمقابل، يرجح دياب أنه «في ظل هذا التوافق العسكري السياسي في إسرائيل على جبهة إيران، فإن هناك احتمالاً أن يتم الذهاب لعقد صفقة مؤقتة في غزة».


مقالات ذات صلة

عشرات القتلى من المجوّعين بغزة ضحايا لآلة الحرب الإسرائيلية

المشرق العربي لقطات من مقطع فيديو تظهر فتاة تركض من مكان الحادث أثناء غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مخيم البريج الأربعاء (رويترز)

عشرات القتلى من المجوّعين بغزة ضحايا لآلة الحرب الإسرائيلية

واصلت القوات الإسرائيلية، استهدافها للفلسطينيين الذين يتدفقون عند نقاط توزيع المساعدات، ما أدى لمقتل عشرات القتلى والجرحى

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: عودة الحديث عن «صعوبات» رغم «التفاؤل» الأميركي

عاد الحديث من جديد عن «صعوبات» تواجه محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة بالدوحة، حسب تسريبات إعلامية متتالية لا سيما من جانب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي متظاهرون يصطدمون بالشرطة في ميدان ترافلغار بلندن عقب إعلان حظر مجموعة «فلسطين أكشن» (أ.ف.ب)

الشرطة البريطانية تُوقف عشرات من أنصار مجموعة «فلسطين أكشن»

أُوقف عشرات من أنصار «فلسطين أكشن»، السبت، في بريطانيا خلال مظاهرة مؤيّدة للحركة الداعمة للفلسطينيين التي باتت محظورة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري فلسطينيون يصرخون أثناء طلب الطعام من مطبخ خيري وسط أزمة الجوع في غزة (رويترز) play-circle 00:33

تحليل إخباري هدنة غزة: ملف خرائط الانسحاب في انتظار ردّ إسرائيل

قالت مصادر في حركة «حماس» إن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة دخلت أسبوعها الحاسم، في انتظار التوصل لاتفاق بشأن البند المتعلق بخرائط انتشار الجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يصرخون أثناء طلب الطعام من مطبخ خيري وسط أزمة الجوع في غزة (رويترز) play-circle

مقتل 116 فلسطينياً في غارات إسرائيلية متواصلة على غزة

أفادت مصادر في مستشفيات غزة بمقتل 116 مواطناً فلسطينياً وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية على القطاع منذ فجر اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (غزة)

حديث ترمب المتجدد عن «سد النهضة» يثير علامات استفهام

ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)
ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)
TT

حديث ترمب المتجدد عن «سد النهضة» يثير علامات استفهام

ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)
ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)

للمرة الثالثة في أقل من شهر كرر الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، انتقاده لما وصفه بـ«تمويل الولايات المتحدة» لـ«سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، مؤكداً ضرره بمصر، وأن بلاده تسعى للحل، مما آثار تساؤلات حول غرض ترمب من ذلك، فيما قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إنه «حتى الآن لم تتوصل إدارة ترمب مع مصر بشأن أي مفاوضات بخصوص (السد)، رغم تصريحات الرئيس الأميركي المتكررة».

وقال ترمب، مساء الجمعة، في خطاب أمام أعضاء مجلس الشيوخ بواشنطن، في معرض رصده لما وصفه بجهود إدارته في حل الأزمات بالعالم: «لقد تم التعامل مع مصر وإثيوبيا، وكما تعلمون فقد كانتا تتقاتلان بسبب (السد)، إثيوبيا بنت (السد) بأموال الولايات المتحدة إلى حد كبير... إنه واحد من أكبر السدود في العالم»، مشيراً إلى أنه تابع بناء «السد» عبر صور الأقمار الاصطناعية، وأن إدارته تعاملت مع مسألة «السد» بشكل جيد، مشدداً على ضرره بمصر، وأنه «ما كان يجب أن يحدث ذلك، خصوصاً أنه ممول من الولايات المتحدة»، منوهاً إلى أن الأمر «سيحل على المدى الطويل».

تعليقاً على ذلك، قال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، لـ«الشرق الأوسط»: «تعودنا من ترمب إطلاق الكلام على عواهنه، والحديث الآن عن أن بلاده شاركت في تمويل بناء (السد الإثيوبي) هو إدانة للسياسة الأميركية بوقوفها مع رغبة إثيوبيا في منع المياه عن مصر»، وتدخل من قبل بدعوى الحل، وحينما ترفض إثيوبيا حلوله يصرح بأن «مصر من حقها ضرب السد، ولولا حكمة مصر لكانت حدثت كارثة في المنطقة».

وأشار بكري إلى أن «ترمب على ما يبدو يريد استخدام ورقة (السد) من أجل التلاعب في ملفات المنطقة، وهو لا يرغب في حل الأزمة من أجل مصلحة مصر كما يدعي، بل لتحقيق أهداف يريدها، وفي جميع الأحوال مصر تبحث عن الحلول السلمية؛ لكنها لن تفرط في أمنها المائي ولا أمنها القومي، ولن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليها مهما كانت الإغراءات والضغوط».

صورة لـ«سد النهضة» وضعها آبي أحمد على صفحته الرسمية بـ«فيسبوك» في أغسطس الماضي

ومنتصف يونيو (حزيران) الماضي، خرج ترمب بتصريح مثير للجدل، قال فيه إن «الولايات المتحدة موّلت بشكل غبي (سد النهضة)، الذي بنته إثيوبيا على النيل الأزرق، وأثار أزمة دبلوماسية حادة مع مصر».

والاثنين الماضي، كرر الحديث نفسه في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، في البيت الأبيض، قائلاً إن «الولايات المتحدة موّلت السد، وإنه سيكون هناك حل سريع للأزمة»، وهو ما دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإشادة بتلك التصريحات من ترمب، ورغبته في حل الأزمة.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، يرى أن «ترمب بتصريحاته المتكررة والمفاجئة خلال هذه الفترة عن (سد النهضة) وضرره لمصر، إنما يريد من ورائها إثبات وجود الولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي مرة أخرى، خصوصاً في ظل تمدد الصين بأفريقيا، ومن ثم يريد ترمب تحسين العلاقات مع أهم دولتين أفريقيتين هما مصر وإثيوبيا، وبقوله إن بلاده التي مولت (السد) يرسل رسالة للكل حتى لو كانت غير حقيقية، بأن الوجود الأميركي لم ينقطع عن المنطقة، ومن ثم يكون لتدخلاته حيثية وتأثير في الملفات الأفريقية».

فرج، مدير الشؤون المعنوية سابقاً للجيش المصري، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك مَن يقول إن هدف «ترمب من تلك التصريحات الضغط على مصر، أو مغازلتها لقبول تهجير أهل غزة إليها، مقابل حل أزمة (السد)، وهذا رأي له وجاهة، لكن الهدف الأساسي رغبته في العودة مرة أخرى للتدخل بقوة في ملفات المنطقة، في مواجهة التمدد الصيني، خصوصاً بعدما سحبت أميركا قواتها السابقة من الصومال، وأخلت الساحة للصين هناك، ومن ثم نتوقع منه تحركاً فعلياً في هذا الملف أياً كانت الأهداف».

لقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإثيوبي على هامش القمة الأفريقية الروسية في 2019 (الرئاسة المصرية)

واحتجت مصر والسودان على مشروع «السد»، باعتباره يهدد إمداداتهما من مياه النيل، وطالبا إثيوبيا مراراً بوقف عمليات الملء بانتظار التوصل إلى اتفاق ثلاثي حول أساليب التشغيل.

الخبير في الشؤون الأميركية المقيم في نيويورك، محمد السطوحي، لاحظ أن «حديث ترمب هذه الفترة عن سد (النهضة الإثيوبي) لم يكن رداً على سؤال من أحد الصحافيين، ولا تعليقاً على تفجر الأوضاع، لكنه جاء بمبادرة منه، ضمن رصده جهود إدارته لتحقيق السلام في أنحاء العالم، وهو يفعل ذلك كثيراً وبلغة تحمل الكثير من المبالغة، وكنموذج على ذلك تأكيده الشهر الماضي أن تدخله عام 2020 منع اندلاع الحرب بين إثيوبيا ومصر، رغم أن المفاوضات التي أجريت تحت رعايته فشلت في التوصل إلى اتفاق، بل ورأينا ترمب بعدها يُحرض مصر على تفجير (السد)، بعد أن رفضت إثيوبيا التوقيع على مسودة الاتفاق التي وقعت عليها مصر».

واستضافت واشنطن خلال ولاية ترمب الأولى جولة مفاوضات عام 2020، بمشاركة البنك الدولي، ورغم التقدم الذي شهدته المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، لكنها لم تصل إلى اتفاق نهائي، بسبب رفض الجانب الإثيوبي التوقيع على مشروع الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه وقتها، حيث اتهمت إثيوبيا أميركا بـ«الانحياز».

ترمب كرر للمرة الثالثة حديثه عن تمويل بلاده لـ«سد النهضة» (صورة من Getty Images)

وأضاف السطوحي لـ«الشرق الأوسط» أن «لغة ترمب هذه المرة أكثر هدوءاً تجاه إثيوبيا، بما يشير إلى مدخل جديد للتعاطي مع الأزمة، يعمد لإرضاء حكومة آبي أحمد. لكن يظل منطق الصفقات هو الذي يحكم ترمب تجاه كل القضايا، بما فيها القضايا ذات الأبعاد الاستراتيجية المهمة، حتى أن مفاوضات (السد) السابقة خضعت لإدارة وزارة المالية الأميركية، بينما تفرغ وزير الخارجية لتشجيع إثيوبيا على التمرد على الاتفاق. لذلك عندما يتحدث ترمب الآن عن إمكانية تسوية الأزمة سريعاً فهو شيء جيد، لكن ينبغي على مصر الحذر في اعتبار أن ذلك يعكس الواقع، فهو نفسه مَن تحدث كثيراً عن قدرته على وقف إطلاق النار في أوكرانيا خلال 24 ساعة؛ لكنه بعد 6 أشهر لا يزال يتأرجح بين توجيه اللوم لأوكرانيا ثم روسيا».

يضاف إلى ذلك، بحسب السطوحي، أن «ترمب وإدارته يفكران بمنطق الأولويات، ولا أرى خطورة حقيقية لاندلاع المواجهة العسكرية بين إثيوبيا ومصر الآن، رغم التصريحات القوية من الجانبين، فترمب يشغله الآن أمران أساسيان في سياسته الخارجية (غزة وأوكرانيا)، وهو لا بد أن يرى الآن الارتباط الواضح بين أمن مصر المائي جنوباً وأمنها الشرقي على الحدود مع إسرائيل وغزة، وعلى مصر الحذر من تعامله مع الأزمتين في إطار الصفقات، التي يبحث من خلالها عن حلمه القديم للفوز بجائزة (نوبل للسلام)، حتى لو كان في ذلك انكشاف لأمن مصر من الجانبين».