الكلاب الضالة تنتشر في الشوارع المصرية وتُثير انقسامات حول مواجهتها

مطالبة برلمانية بـ«خطة حكومية»

الكلاب تنتشر في أحد شوارع محافظة الجيزة بشكل لافت (الشرق الأوسط)
الكلاب تنتشر في أحد شوارع محافظة الجيزة بشكل لافت (الشرق الأوسط)
TT

الكلاب الضالة تنتشر في الشوارع المصرية وتُثير انقسامات حول مواجهتها

الكلاب تنتشر في أحد شوارع محافظة الجيزة بشكل لافت (الشرق الأوسط)
الكلاب تنتشر في أحد شوارع محافظة الجيزة بشكل لافت (الشرق الأوسط)

قبل أيام، حين كانت مادونا حُفني تقف مع أشقائها، حاملة نجلها ذا العامين عند مدخل منزل عائلتها بمحافظة أسيوط (جنوب مصر) هجم عليهم كلب فجأة مستهدفاً الصغير. حاولت الأم حماية طفلها، لكن: «الهجوم كان شديداً، وحين كنت أحاول إبعاده سقط نجلي على وجهه فكُسر أنفه، وخضع لعملية تجميل فيه، بخلاف جرعات مصل السعار»، وفق ما كتبت على صفحتها في موقع «فيسبوك».

ولقيت مادونا تفاعلاً لافتاً بين فريقين، الأول يذكر حوادث مشابهة مع «الكلاب الضالة» وسط استياء من زيادة أعدادها بشكل كبير في معظم شوارع مصر، وآخر من نشطاء ومناصري حقوق الحيوان، ممن يُرجعون عنف بعض الكلاب الضالة إلى ما تتعرض له من عنف مقابل من البعض في الشارع.

صورة متداولة عبر «فيسبوك» لكلب بلدي بمنطقة الأهرامات (فيسبوك)

ولا تُعد الحادثة أو حالة الجدل المثارة حولها بالجديدة، إذ تشهد الساحة المصرية انقساماً بين من يرغبون في التخلص من الكلاب «بأي طريقة»؛ حتى لو بتسميمها، أو نقلها إلى أماكن مخصصة بعيداً عن السكان، وآخرين يتعاطفون مع الكلاب الضالة، ويقدمون لها الطعام، ويتطوعون لإنقاذها من الإصابات العديدة التي تتعرض لها في الشارع، وهؤلاء يرون أن الحل الأمثل لتقليل أعدادها هو «التعقيم»، أي نزع رحم الأنثى حتى لا تُصبح قادرة على الولادة، وبمرور الوقت سيقل العدد بشكل طبيعي، دون أن يخلّ بالتوازن البيئي الذي قد يحدث إذا اختفت دفعة واحدة.

وتقول رئيسة مجلس إدارة جمعية الرفق بالحيوان، هدى مقلد، لـ«الشرق الأوسط» إن «الدولة المصرية أطلقت عام 2021 استراتيجية وطنية للقضاء على مرض السعار، من خلال تطعيم الكلاب الضالة، وإطلاق حملات توعية للمواطنين بطريقة التعامل معها»، مشيرة إلى أن «الاستراتيجية تؤكد تبني الدولة منهجاً مغايراً للعنف السابق الذي كانت الكلاب تتعرض له، سواء من بعض الأجهزة الرسمية أو المواطنين».

وأضافت: «جمعيات الرفق بالحيوان التي أصبحت منتشرة حالياً تعمل بالتعاون مع هيئة الطب البيطري، على تطعيم الكلاب في المناطق التي تصلنا منها شكاوى المواطنين جراء كثرتها»، مشيرة إلى أن تكلفة تطعيم الكلب الواحد تبلغ 50 جنيهاً (نحو دولار) لكن «الدولة لا تتحمل هذه التكلفة، فإما أن تتحملها جمعيات الرفق بالحيوان ذات الموارد المحدودة، وإما يتشارك الأهالي في المنطقة لتطعيم كلابها».

وأطلق البعض من «متضرري الكلاب» غروبات عبر «فيسبوك»، تُطالب بالتخلص منها، منتقدين «أنشطة جماعات الرفق بالحيوان من منطلق أن الأولى بالرعاية هو الإنسان».

رئيسة جمعية الرفق بالحيوان هدى مقلد

وزادت حالات العقر من الحيوانات في مصر إلى أكثر من 574 ألف حالة عام 2019، بارتفاع 20 في المائة حسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).

ويرى الناشط في «حقوق الحيوان» عمر سامي، أن «تطعيم الكلاب ضد السعار هو الطريق الأمثل للتعامل معها، وليس قتلها»، موضحاً أنه «لو قتل أهالي منطقة ما، الكلاب الموجودة فيها، فستنتقل إليها كلاب أخرى؛ لذا فالأفضل حماية أنفسهم وأطفالهم بتطعيمها بحيث لو عقرت أحداً فإنه لا يصبح معرضاً للإصابة بمرض السعار».

وأشار سامي لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه مع زملائه، «طعموا العديد من الكلاب الفترة الماضية، لكن لا يزال البعض يرفض أن تشاركهم الكلاب شوارعهم».

وبخلاف العقر، يشكو العديد من المصريين من «الإزعاج» الذي تسببه لهم الكلاب ليلاً، إذ تظل تعوي لساعات، ما يحرمهم من النوم. أحد هؤلاء الصحافي محمد عطية (42 عاماً)، الذي كان يتعايش مع هذه الضوضاء، حتى عقره كلب في وقفة عيد الأضحى، فرأى ضرورة «التخلُّص منها بنقلها إلى مناطق بعيدة عن السكان».

وتُرجع هدى مقلد، شدة عواء الكلاب ليلاً إلى «فترة التزاوج»، ورأت أن «الحل هو تعقيم الكلاب، وهذا سيجعلها أكثر هدوءاً، وسيحل أزمة زياداتها الكبيرة، إذ تلد أنثى الكلب مرتين في العام الواحد».

لم تكن مادونا تعبأ بالأمر حتى إصابة نجلها، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «عندنا الكلاب كثيرة جداً، لم نكن نعيرها اهتماماً ما دامت لا تُؤذينا، حتى وصل الأمر إلى عقر نجلي بهذه الطريقة البشعة، لذلك استشعرت خطورتها الكبيرة علينا».

وكان النائب في مجلس الشعب (البرلمان) محمود موسى، قد تقدّم بطلب إحاطة في مايو (أيار) الماضي، حول تعرّض المواطنين لمخاطر الكلاب الضارة، بعد عقر طفل في الشرقية، وهذا ليس الطلب الأول، إذ سبق أن قدمت لجنة الإدارة المحلية طلب إحاطة للحكومة لإيجاد حل لأزمة الكلاب الضالة في أبريل (نيسان) 2024.

ولا توجد إحصائية دقيقة بعدد الكلاب الضالة في مصر، لكن بات ملحوظاً زيادتها بشكل لافت، وسيرها في مجموعات داخل الشوارع والمدن. وسبق أن قدّر وكيل نقابة البيطريين محمود حمدي، خلال برنامج «كلمة أخيرة» في أبريل الماضي، العدد بين 20 و30 مليون كلب ضال.


مقالات ذات صلة

التصعيد الإسرائيلي ضد إيران يعزز التقارب بين القاهرة وطهران

شمال افريقيا السيسي يلتقي بزشكيان على هامش «قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي» بالقاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

التصعيد الإسرائيلي ضد إيران يعزز التقارب بين القاهرة وطهران

اتصالات ولقاءات مصرية إيرانية عززها التصعيد الإسرائيلي على طهران تُبرز تقارباً في المواقف والعلاقات التي تقف دون مستوى السفير منذ عقود.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا طالبات عقب أداء امتحان اللغة العربية في الثانوية العامة (غرفة عمليات إدارة الشرابية التعليمية على «فيسبوك»)

مصر: تسريب بامتحانات «الثانوية» يثير الجدل حول إجراءات مواجهة «الغش»

أثار تسريب جديد في امتحانات الثانوية العامة بمصر، الأحد، الجدل حول إجراءات وزارة التربية والتعليم لمواجهة «الغش».

رحاب عليوة (القاهرة )
شمال افريقيا مصر تؤكد أنها بعيدة عن أي تأثير مباشر عقب استهداف المنشآت النووية الإيرانية (الشرق الأوسط)

تطمينات مصرية بشأن آثار استهداف المنشآت النووية الإيرانية

أكدت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية أن «مصر بعيدة عن أي تأثير مباشر نتيجة للتطورات التي حدثت فجر الأحد من استهداف لمنشآت تخصيب وتحويل اليورانيوم بإيران».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

هل يُسهم حديث ترمب عن «سد النهضة» في حلحلة الأزمة بين مصر وإثيوبيا؟

أثار حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «سد النهضة» تساؤلات حول مدى إمكانية تدخل واشنطن لحلحلة الأزمة القائمة بين القاهرة وأديس أبابا حول «السد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عبور سفينة حاويات قناة السويس (هيئة قناة السويس)

مصر تؤكد عدم تأثر حركة الملاحة في قناة السويس بـ«حادثة القنطرة»

أكّدت مصر عدم تأثر حركة الملاحة في قناة السويس بـ«حادثة القنطرة»، مشددة على تعامل قاطرات الإنقاذ البحري بهيئة قناة السويس بـ«احترافية» مع طوارئ الملاحة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

السودان يحتج على لقاء رئيس جنوب أفريقيا بـ«تحالف صمود»

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يلتقي رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك في القصر الرئاسي في بريتوريا يوم السبت (الصفحة الرسمية لتحالف صمود)
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يلتقي رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك في القصر الرئاسي في بريتوريا يوم السبت (الصفحة الرسمية لتحالف صمود)
TT

السودان يحتج على لقاء رئيس جنوب أفريقيا بـ«تحالف صمود»

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يلتقي رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك في القصر الرئاسي في بريتوريا يوم السبت (الصفحة الرسمية لتحالف صمود)
رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يلتقي رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك في القصر الرئاسي في بريتوريا يوم السبت (الصفحة الرسمية لتحالف صمود)

احتجت وزارة الخارجية السودانية بشدة على استقبال رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، وفد التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة «صمود»، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.

وقالت الخارجية في بيان، الأحد، إن «حكومة السودان ترفض أي تعامل من الدول الأفريقية مع هذه المجموعة المعزولة وفتح منابر لها»، مضيفة أنها «ستقيّم علاقاتها بهذه الدول في ضوء دعمها للشرعية الوطنية والوقوف إلى جانب الشعب السوداني في معركة الكرامة».

كان وفد «صمود» قد التقى، السبت، برئيس جنوب أفريقيا بالقصر الرئاسي في بريتوريا، وحثه على دعم جهود السلام في السودان، وفق بيان لجنة الإعلام في التحالف.

وعبر رامافوزا عن اهتمام بلاده بتطورات الوضع في السودان، مؤكداً التزامه بالتواصل مع الأطراف الفاعلة في الإقليم للإسهام في وقف الحرب، والمشاركة في عمليات إعادة الإعمار.

كما تطرق اللقاء للكارثة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوداني جراء الحرب.

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا مع وفد تحالف «صمود» السوداني في القصر الرئاسي في بريتوريا يوم السبت (الصفحة الرسمية لتحالف صمود)

وذكر البيان أن وزارة الخارجية «تتابع تحركات ما يسمى بـ(تحالف صمود)، إحدى الأذرع السياسية الراعية الإقليمية لـ(ميليشيا الدعم السريع) لإيجاد مخرج سياسي بعد الهزائم العسكرية التي تلقتها».

وأشارت الخارجية السودانية إلى أن هذه المجموعة «ليس لها سند شعبي ولا تمثل إلا أفرادها».

وقالت إن «صمود» ساهمت «في خلق الأجواء السياسية التي أدت إلى اندلاع الحرب بسبب إصرارها على احتكار تمثيل المدنيين، وإدارة الفترة الانتقالية، وإقصاء القوى الأخرى، كما أنها عملت على إفشال كل مساعي إطلاق حوار وطني شامل، قبل وبعد الحرب».

وأضافت أن هذه المجموعة «تماهت مع مطالب (ميليشيا الدعم السريع) بأن تبقى جيشاً موازياً في البلاد لفترة لا تقل عن 10 سنوات، ومنحتها الشرعية لإقامة حكومة موازية، بتوقيع اتفاق سياسي معها، تضمّن إنشاء إدارة مدنية في المناطق التي تسيطر عليها (قوات الدعم السريع)».

ودعا وفد «صمود» رئيس جنوب أفريقيا إلى لعب دور فاعل في جهود إحلال السلام، باستثمار ثقل بلاده السياسي والإقليمي لدعم مسار إنهاء الحرب، واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي في السودان.

وضم الوفد السوداني رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان: «التيار الثوري»، ياسر عرمان، ورئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي، بابكر فيصل، والمتحدث الرسمي باسم «صمود»، بكري الجاك.

وتأسس التحالف المدني الديمقراطي من قوى سياسية ومدنية مناهضة للحرب، بعد أن أعلن فك ارتباطه السابق عن تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم»، الذي انخرط عدد من فصائله السياسية والمسلحة في «تحالف السودان التأسيسي» إلى جانب «قوات الدعم السريع» لتشكيل حكومة موازية في البلاد، في مقابل الحكومة التي يقودها الجيش السوداني في بورتسودان.