الإدارة الأميركية تبدأ تطبيق عقوبات جديدة على السودان

بعدما اتهمت القوات الحكومية بـ«استخدام أسلحة كيماوية»

دبابات متضررة أمام مبنى البنك المركزي السوداني بالخرطوم (رويترز)
دبابات متضررة أمام مبنى البنك المركزي السوداني بالخرطوم (رويترز)
TT

الإدارة الأميركية تبدأ تطبيق عقوبات جديدة على السودان

دبابات متضررة أمام مبنى البنك المركزي السوداني بالخرطوم (رويترز)
دبابات متضررة أمام مبنى البنك المركزي السوداني بالخرطوم (رويترز)

شرعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تطبيق عقوبات جديدة على السودان، بعدما اتهمت حكومة رئيس المجلس الانتقالي قائد القوات المسلّحة السودانية، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، باستخدام أسلحة كيماوية، خلال عام 2024، في سياق الحرب الدائرة مع «قوات الدعم السريع»، بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي».

انتهاكات جسيمة

كانت الولايات المتحدة قد فرضت سلسلة عقوبات على طرفَي الحرب السودانية بسبب ما عدَّته انتهاكاتٍ جسيمة، وأعلنت «التزامها الكامل بمحاسبة المسؤولين عن المساهمة في انتشار الأسلحة المحظورة دولياً».

كما أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، في نهاية مايو (أيار) الماضي، أن الولايات المتحدة خلصت، قبل أشهر، إلى أن «الحكومة السودانية استخدمت أسلحة كيماوية خلال عام 2024». وأشارت إلى قانون أميركي خاص بمراقبة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، والقضاء عليها لعام 1991، مُبرزة أن الكونغرس اطلع على تقرير بخصوص «عدم امتثال الحكومة السودانية لاتفاقية الأسلحة الكيماوية، على الرغم من أنها طرفٌ فيها».

قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان خلال مراسم أداء اليمين بعد تعيين كامل إدريس رئيساً جديداً للوزراء (رويترز)

ومع مُضيّ 15 يوماً على إخطار الكونغرس من قِبل وزارة الخارجية، فرضت الولايات المتحدة سلسلة عقوبات على السودان تشمل قيوداً على الصادرات الأميركية إلى هذا البلد، وعلى الوصول إلى خطوط الائتمان الحكومية الأميركية، وبدء سَريان هذه العقوبات، الجمعة، مطالِبة الحكومة السودانية بـ«وقف كل استخدامات الأسلحة الكيماوية، والوفاء بالتزاماتها، بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية»، مؤكدة أنها «ستظل ملتزمة، بشكل كامل، بمحاسبة المسؤولين عن المساهمة في انتشار» هذه الأسلحة الفتّاكة.

وبدأت الحرب في السودان، منتصف أبريل (نيسان) 2023، نتيجة صراع على السلطة بين البرهان و«حميدتي»، ما أدى إلى موجات من العنف على أساس عِرقي، وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأغرقت عدة مناطق في مجاعة. وقد أدت الحرب إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح نحو 13 مليون شخص.

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)

وفرضت واشنطن، في يناير (كانون الثاني) الماضي، عقوبات على البرهان، متهمة إياه بالتمسك بإنهاء الصراع عن طريق الحرب، وليس عبر المفاوضات. كما خلصت إلى أن أعضاء من «قوات الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها ارتكبوا «إبادة جماعية»، وفرضت عقوبات على بعض قيادات هذه القوة، بما في ذلك «حميدتي».

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أربعة مسؤولين أميركيين كبار أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيماوية، مرتين على الأقل، خلال الصراع، ونشر هذه الأسلحة في مناطق نائية من البلاد. وأوضحت أن الأسلحة المستخدمة هي غاز الكلور، الذي يسبب أضراراً دائمة للأنسجة البشرية.

كامل إدريس رئيس وزراء السودان الجديد (رويترز)

وبوتيرةٍ متسارعة بدأت تتناقص، منذ أسابيع، مساحات سيطرة «قوات الدعم السريع» في ولايات السودان لصالح الجيش، الذي تمددت انتصاراته في العاصمة الخرطوم، بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي ومقارّ الوزارات بمحيطه والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.

«تزييف للحقائق»

من جانبها، سارعت الخرطوم لرفض التصريحات والاتهامات الأميركية، إذ قال الناطق باسم الحكومة السودانية وزير الثقافة والإعلام، خالد الإعيسر، إن ما صدر عن واشنطن من اتهامات وقرارات «يتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق». ووصف الادعاءات الأميركية بأنها «كاذبة»، حيث «استهدفت مجدداً الجيش السوداني بعد إنجازات ميدانية غيّرت واقع المعركة، وبعد تعيين رئيس للوزراء». كما عَدَّ أن الإدارة الأميركية «تسعى إلى تضليل الرأي العام وتوفير غطاء سياسي لجهاتٍ فقدت شرعيتها، وارتكبت جرائم ضد السودانيين»، مضيفاً أن واشنطن سعت سابقاً إلى فرض الاتفاق الإطاري على السودانيين «بطريقةٍ تضمن بقاء الميليشيات ضمن مشهد انتقالي مصطنع».


مقالات ذات صلة

هدوء القتال في السودان... هدنة غير معلنة أم استراحة محارب؟

تحليل إخباري البرهان و«حميدتي» خلال تعاونهما في إطاحة نظام البشير (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

هدوء القتال في السودان... هدنة غير معلنة أم استراحة محارب؟

تشهد محاور القتال في السودان هدوءاً نسبياً، أرجعه خبراء إلى إنهاك الطرفين المتحاربين والصراعات الداخلية في صف كل طرف والضغوط الدولية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نزوح من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» (أرشيفية - الشرق الأوسط)

الفاشر المحاصرة تنازع القتال والجوع

على وقع الحصار المستمر لمدينة الفاشر في غرب السودان، تراجعت قدرات السكان الشرائية، وباتوا عاجزين عن شراء القليل من الطعام بسبب الغلاء.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جامعة الخرطوم قبل الحرب (المكتبة الوطنية السودانية)

السودان: 3 مليارات دولار خسائر «التعليم العالي» جراء الحرب

قدَّرت وزارة التعليم العالي السودانية الأضرار الناتجة عن الحرب بقطاع التعليم العالي بنحو 3 مليارات دولار.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو يلقي كلمة  أمام قواته (أرشيفية - قناته على «تلغرام»)

«تحالف تأسيس» لــ«الشرق الأوسط»: الإعلان عن الحكومة خلال أيام

قالت مصادر من «تحالف السودان التأسيسي» إن تشكيل الحكومة على أراضي سيطرة «قوات الدعم السريع» سيكون خلال أيام

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا فلاحون سودانيون (رويترز - أرشيفية)

مزارعو السودان يعانون من جفاف أراضيهم مع استمرار الحرب

يعاني مزارعو السودان من جفاف أراضيهم، وارتفاع تكلفة الزراعة مع استمرار الحرب، وخسارتهم مواسمهم الزراعية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الدبيبة يتوعد ميليشيات في طرابلس بـ«الحرب»

رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة بليبيا عبد الحميد الدبيبة (حكومة «الوحدة«)
رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة بليبيا عبد الحميد الدبيبة (حكومة «الوحدة«)
TT

الدبيبة يتوعد ميليشيات في طرابلس بـ«الحرب»

رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة بليبيا عبد الحميد الدبيبة (حكومة «الوحدة«)
رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة بليبيا عبد الحميد الدبيبة (حكومة «الوحدة«)

في تصعيد جديد للأزمة الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس، أعلن رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة تمسكه بخطة «بسط سلطة الدولة»، وتفكيك الميليشيات المسلحة.

ووضع الدبيبة شروطاً لتجنيب الحرب ضد المجموعات المسلحة، من بينها تسليم المطلوبين للنائب العام، وإخضاع المطارات والموانئ والسجون لسلطة الدولة. وقال مخاطباً التشكيلات الخارجة عن القانون: «صبرُنا نفد وآن الأوان لبسـط سلطة الدولة».

وفي شرق ليبيا، فرضت حكومة أسامة حمّاد في بنغازي قيوداً على تحركات أفراد البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وأدرجت ذلك ضمن ما سمّته «ضوابط تحقق التوازن بين الالتزامات الدولية، وضرورة فرض الأمن والسيادة الوطنية».

ودعت حكومة حمّاد البعثات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية إلى «الالتزام الكامل بالأغراض الدبلوماسية»، مُشدّدةً على عدم القيام بأي زيارات أو لقاءات رسمية داخل الدولة الليبية من دون إشعار مسبق.