تكثف مصر جهودها لعودة الملاحة بقناة السويس إلى طبيعتها. واستعرض وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الهولندي، كاسبر فيلدكامب، انعكاسات الاتفاق الأخير باليمن مع الولايات المتحدة، على أمن الملاحة البحرية وحركة التجارة الدولية بالبحر الأحمر وقناة السويس.
وقدرت مصر خسائرها من تراجع عائدات قناة السويس العام الماضي، بأكثر من 7 مليارات دولار (الدولار يساوي 49.7 جنيه في البنوك المصرية)، وسط تعويل على استعادة جزء من هذه الخسائر خلال العام الحالي، خصوصاً بعدما أعلنت سلطنة عُمان، أخيراً «التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة، وجماعة الحوثيين اليمنية»، بما يؤدي لضمان حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي، لكن الجماعة اليمنية نفت تضمين الاتفاق السفن الإسرائيلية.
وأبدى الوزير الهولندي خلال الاتصال الهاتفي مع عبد العاطي، تفهمه لأهمية حركة الملاحة بقناة السويس بالنسبة لمصر، مؤكداً «الاستعداد لتشجيع الشركات الهولندية على استئناف حركة الملاحة بالبحر الأحمر وقناة السويس، بما يسهم في استعادة معدلاتها الطبيعية».
وقال رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، قبل أيام، إن الهيئة استجابت لطلبات عدد من الخطوط الملاحية بمنح تخفيضات وحوافز مؤقتة تصل إلى 15 في المائة للسفن العملاقة، لتشجيع العودة للعبور عبر القناة، موضحاً حينها أن «الهيئة تلقت بالفعل انطباعات إيجابية من شركات الملاحة الدولية بشأن هذا القرار».
وذكر ربيع أن قناة السويس تتبنى استراتيجية طموحاً لتطوير وتحديث منظومة الخدمات البحرية واللوجيستية المقدمة لعملائها، وتسعى للانفتاح على عقد شراكات مع الشركات العالمية الكبرى في المجالات البحرية المختلفة.

ودعت هيئة قناة السويس، أخيراً، شركات الملاحة العالمية إلى استئناف عبور السفن عبر القناة، في ضوء ما وصفته الهيئة بـ«التطورات الأمنية الإيجابية» بمنطقة البحر الأحمر. وأكدت أن الظروف الحالية مواتية لاتخاذ قرارات العودة التدريجية لعبور القناة، في ظل رغبة دولية وإقليمية في التوصل لحلول جذرية لإشكالية حرية الملاحة بمنطقة البحر الأحمر.
وقال متحدث وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، السبت، إن الوزير عبد العاطي أشاد بالعلاقات المتميزة مع هولندا في المجالات المختلفة، مؤكداً التطلع لدعم الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وجذب مزيد من الاستثمارات الهولندية إلى مصر وزيادة التبادل التجاري.
وأكد عبد العاطي الاهتمام بتعزيز التعاون في القطاعات المختلفة، ومنها اللوجيستيات وتطوير المواني، والطاقة المتجددة، والصحة، والرقمنة، والبنية التحتية، والخدمات المالية، والذكاء الاصطناعي، والتعليم والبحث العلمي، فضلاً عن التعاون في مجال الهجرة، ليشمل التعاون في «مكافحة الهجرة غير المشروعة»، وبحث الهجرة النظامية.
ووفق متحدث «الخارجية المصرية»، بحث عبد العاطي وفيلدكامب التطورات في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها الأوضاع الكارثية بقطاع غزة، حيث أعرب وزير الخارجية المصري عن تقديره لموقف الجانب الهولندي، والتحرك في الاتحاد الأوروبي لتناول مسألة امتثال إسرائيل باتفاق المشاركة مع الاتحاد الأوروبي، مشدداً على «ضرورة انحياز المجتمع الدولي بشكل كامل لمبادئ القانون الدولي وعدم قبول أي ازدواجية في المعايير».

وأدان الوزير المصري قرار إسرائيل بالموافقة على إنشاء مستوطنات جديدة، ومواصلة استخدام التجويع سلاحاً ضد المدنيين في غزة، بوصفه عقاباً جماعياً، في خرق فاضح للقانون الدولي. فيما أعرب فيلدكامب عن التزام بلاده برفض الاستيطان الإسرائيلي، وضرورة نفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة، في انعكاس لتوافق الرؤى بين مصر وهولندا.
وأدانت مصر، الجمعة، قرار الاحتلال الإسرائيلي بالموافقة على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، وعدّته «استفزازاً وانتهاكاً صارخاً جديداً للقانون الدولي والحقوق الفلسطينية، ويرفضه المجتمع الدولي المتطلع للسلام على أسس عادلة».
وشددت مصر على أن القرار مخالفة فادحة لقرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة، وقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك قرار «2334»، بالإضافة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وقالت القاهرة إن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، حق غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني، ومطلب دولي مشروع لا رجعة فيه. وذكرت أن المستوطنات الإسرائيلية ليس لها أي أساس قانوني، وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة التي تؤكد عدم جواز قيام دولة احتلال بأن «ترحّل أو تنقل جزءاً من سكانها إلى الأراضي التي تحتلها»، كما تشكل المستوطنات الإسرائيلية «عقبة رئيسية أمام تحقيق (حل الدولتين) والسلام العادل والدائم والشامل».

في غضون ذلك، أكد بدر عبد العاطي خلال لقاء الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، في القاهرة، السبت، أن «بلاده ستستمر في جهود التسوية بالتعاون مع الولايات المتحدة وقطر، لوقف إطلاق النار وضمان النفاذ الآمن والمستدام للمساعدات الإنسانية للقطاع، فضلاً عن دعم الأفق السياسي لحل الدولتين».
وبحسب متحدث «الخارجية المصرية»، قال عبد العاطي إن «مصر تعمل دوماً على الحفاظ على استقرار المنظومة الأممية متعددة الأطراف، ودعمها لمواجهة التحديات العالمية المتشابكة»، مشدداً على «أهمية التعاون بوصفه وسيلة فاعلة لتعزيز الاستقرار والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي، لا سيما في ظل ما يموج به العالم من تطورات جيوسياسية واقتصادية غير مسبوقة».







