تصاعد المطالب الغربية بحماية الليبيين والالتزام بوقف إطلاق النار

«الرئاسي» أشاد بـ«سلمية المظاهرات» ودعا لمواصلة «التعبير السلمي»

جانب من الاحتجاجات العارمة التي شهدتها طرابلس مساء الجمعة للمطالبة برحيل كل الأجسام السياسية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات العارمة التي شهدتها طرابلس مساء الجمعة للمطالبة برحيل كل الأجسام السياسية (إ.ب.أ)
TT

تصاعد المطالب الغربية بحماية الليبيين والالتزام بوقف إطلاق النار

جانب من الاحتجاجات العارمة التي شهدتها طرابلس مساء الجمعة للمطالبة برحيل كل الأجسام السياسية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات العارمة التي شهدتها طرابلس مساء الجمعة للمطالبة برحيل كل الأجسام السياسية (إ.ب.أ)

إثر الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها العاصمة طرابلس، مساء أمس الجمعة، دعا المجلس الرئاسي الليبي إلى «مواصلة التعبير السلمي الراقي في مختلف المدن، من أجل بناء دولة عصرية تُعبر عن آمال الجميع»، وسط مطالب أممية وغربية متصاعدة بحماية المدنيين، والالتزام بوقف إطلاق النار.

وأشاد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بسلمية المظاهرات التي شهدتها المنطقة الغربية في البلاد، وعبَّر عن فخره بما وصفه بالمشهد الوطني الحضاري، الذي قدّمه أبناء الشعب في العاصمة عبر العودة لحق التعبير السلمي والمسؤول عن تطلعاتهم. كما أشاد في بيان، السبت، بدور المؤسسات الأمنية في صون هذا الحق، لافتاً إلى أن الرهان لطالما كان على الاستماع لرأي الشعب بكل الوسائل لتحقيق التغيير الإيجابي.

المنفي أشاد بسلمية المظاهرات التي شهدتها المنطقة الغربية في البلاد (أ.ف.ب)

وشهد وسط طرابلس مظاهرة حاشدة، للجمعة الثانية على التوالي، وذلك على خلفية الاشتباكات المسلحة الأخيرة، بمشاركة وفود من الأحياء والمناطق المجاورة للعاصمة، للمطالبة بالتغيير السياسي الشامل في البلاد.

وطالب متظاهرون تجمعوا مساء الجمعة فى ميدان الشهداء بالعاصمة بإسقاط كل الأجسام السياسية المتمسكة بالسلطة ومحاسبتها، وعلى رأسها حكومة الوحدة، التي اتهموها بـ«الانحراف عن مسارها، ونقض العهود والالتزامات والواجبات تجاه الشعب الليبي».

ونقلت وكالة «الأنباء الليبية» الرسمية عن المتظاهرين قولهم إنهم سئموا من استمرار الأزمات، وتدهور الأوضاع المعيشية، في ظل ما وصفوه بـ«استحواذ فئة محدودة على موارد الدولة»، داعين إلى إنهاء حالة الانقسام والفساد.

انتشار أمني مكثف في وسط العاصمة طرابلس (داخلية «الوحدة»)

كما طالب المحتجون البعثة الأممية والأطراف الدولية الفاعلة باحترام إرادة الشعب الليبي، والاستماع إلى أصوات المواطنين، الذين خرجوا للاحتجاج في الميادين، مطالبين بحقهم في بناء دولة ديمقراطية، عبر انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة وشاملة.

في المقابل، شهدت مدينة مصراتة الواقعة غرب البلاد مظاهرة مؤيدة لرئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، حيث رفع المتظاهرون شعارات منددة برئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري.

وجددت السفارة الأميركية، دعوتها للسلام في طرابلس، وقالت في بيان، مساء الجمعة، عبر منصة «إكس» إنه يجب على جميع الأطراف التحلي بضبط النفس، وحماية المدنيين، والالتزام بوقف إطلاق النار.

كما ذكّرت السفارة الفرنسية في بيان مماثل بحق المواطنين في التظاهر السلمي، وبمسؤولية السلطات في ضمان سلامة المتظاهرين، وطالبت بحماية المدنيين، وتجنب أي تصعيد واحترام وقف إطلاق النار من قبل جميع الأطراف.

عدد من المشاركين في الاحتجاجات السلمية وسط العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

وكانت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» قد استبقت المظاهرات بإعلان انتشار وتمركز عناصر من الدعم المركزي في مواقع استراتيجية داخل العاصمة طرابلس، ضمن خطتها الأمنية لضمان سلامة المواطنين وحماية الممتلكات العامة والخاصة.

ووثقت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» تفريق عناصر تابعة لمديرية أمن مدينة مصراتة، والقوة المشتركة التابعة لحكومة الوحدة، المتظاهرين المطالبين بالتغيير السياسي وإجراء الانتخابات، والاعتداء على أحدهم مساء الجمعة، أمام مجلسها البلدي.

«ليبيا أكبر منكم» شعار تصدر احتجاجات طرابلس للجمعة الثانية على التوالي (أ.ف.ب)

من جانبه، دعا الاتحاد الأفريقي، السبت، إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا، بعد اشتباكات دامية شهدتها العاصمة في وقت سابق من هذا الشهر، ومظاهرات طالبت باستقالة رئيس الوزراء. ودان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، السبت، أعمال العنف الأخيرة، داعياً إلى «وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار»، وإلى «مصالحة شاملة بقيادة ليبيّة»، مضيفاً أنه «يناشد عدم التدخل الخارجي».

بدورها، أعادت مصر عدداً من مواطنيها من العاصمة الليبية طرابلس، على ما أفادت وزارة الخارجية المصرية. وقالت الوزارة إن الحكومة المصرية «قامت بإرسال طائرة تابعة لشركة (مصر للطيران)، أمس الجمعة، إلى ليبيا، حيث تم إعادة 71 مواطناً مصرياً من الذين أبدوا رغبة في العودة إلى أرض الوطن». كما قامت تركيا بإجلاء 82 من رعاياها من طرابلس الأسبوع الماضي.


مقالات ذات صلة

ما إمكانية معاقبة «معرقلي» العملية السياسية في ليبيا؟

شمال افريقيا اجتماع «لجنة المتابعة الدولية» بشأن ليبيا في برلين (البعثة الأممية)

ما إمكانية معاقبة «معرقلي» العملية السياسية في ليبيا؟

أثيرت تساؤلات في ليبيا حول إمكانية فرض «عقوبات» دولية على شخصيات سياسية وميليشياوية في البلاد.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا تعزيزات أمنية في طرابلس قبل انطلاق مظاهرات الجمعة (داخلية الوحدة)

«الوحدة» الليبية تلاحق «متورطين» في هجوم مسلح على عناصرها بطرابلس

تلاحق حكومة «الوحدة» المؤقتة في ليبيا «متورطين» في هجوم مسلح على عناصرها بطرابلس.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا حماد يترأس اجتماع حكومة «الاستقرار» (الحكومة)

«الاستقرار» الليبية تدعو اليونان للحوار عقب «حديث التنقيب» جنوب كريت

أبدى رئيس حكومة الاستقرار الليبية، أسامة حماد، تعجبه من حديث اليونان بشأن تراخيص التنقيب واستغلال مادة الهيدروكربونات في مناطق بحرية جنوب جزيرة كريت

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا المنفي خلال لقائه الحداد (المجلس الرئاسي الليبي)

المنفي يشدد على «تطهير» العاصمة الليبية من المظاهر المسلحة

تلقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي «إحاطةً كاملة» عن الوضع الأمني والعسكري بالعاصمة، و«مدى استجابة الأطراف وعودة جميع القوات لمعسكراتها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حقل «الشرارة» النفطي في جنوب ليبيا (الاتحاد العام لعمال النفط والغاز)

طرابلس تتمسك برفض تنقيب أثينا عن النفط بالمناطق «المتنازع عليها»

عبرت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عن «قلقها البالغ» من إطلاق اليونان «دعوة دولية لتقديم عطاءات للتنقيب عن الهيدروكربون بمناطق بحرية متنازع عليها».

جمال جوهر (القاهرة)

معارك بابنوسة بغرب كردفان مستمرة

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
TT

معارك بابنوسة بغرب كردفان مستمرة

تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)
تسببت الحرب السودانية في مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص (د.ب.أ)

لا أحد يستطيع «الجزم» بما يحدث في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان السودانية، التي تشهد معارك كسر عظم واستنزاف منذ عدة أيام، بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وفي حين يؤكد الجيش أنه سحق القوات المهاجمة عن المدينة التي تعد آخر معاقله بولاية غرب كردفان، تناقلت مواقع مؤيدة لـ«قوات الدعم السريع»، مقاطع فيديو تفيد بسيطرة «الدعم» على أجزاء كبيرة من المدينة واقترابهم من استعادة السيطرة عليها، بما في ذلك مقرات تابعة للفرقة 22، إحدى أكبر تجمعات قوات الجيش السوداني في غرب البلاد.

أهمية بابنوسة

بابنوسة، ويدللها أهلها باسم «القميرة» (تصغير قمر)، إحدى مدن ولاية غرب كردفان المهمة، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 700 كيلومتر، وتنبع أهميتها من كونها «تقاطع طرق» تربط غرب السودان بوسطه وشماله، بل وجنوبه قبل انفصاله، وعندها يتفرع خط السكة حديد إلى مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، وإلى مدينة واو بجنوب السودان، وتعد واحدة من أكبر من مراكز سكك حديد السودان.

ويعتمد اقتصاد المدينة على التجارة والزراعة والرعي، ويوجد بها أول مصنع لتجفيف الألبان في الإقليم، أنشئ بمنحة من دولة يوغسلافيا السابقة على عهد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود في خمسينيات القرن الماضي، وافتتحه الرئيس اليوغسلافي المارشال جوزيف بروز تيتو. وتضم الفرقة 22 التابعة للجيش، إلى جانب عناصرها، قوات قادمة من ولايات ومناطق دارفور وكردفان سيطرت عليها «قوات الدعم السريع».

أطفال سودانيون في معسكر للنازحين بولاية جنوب كردفان (أرشيفية - رويترز)

وظلت المدينة تشهد معارك منذ الأيام الأولى للحرب، ما أدى إلى هجرة أهلها، إلى مدينة المجلد القريبة، والقرى والبلدات المجاورة، وتحولت إلى مدينة «أشباح» يسكنها جنود من الطرفين المتقاتلين. ثم توقف القتال فيها في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، باتفاق ثلاثي بين الجيش و«الدعم السريع» والإدارة الأهلية بالمدينة، قضى بوقف التصعيد وتحليق الطيران الحربي والقصف في المدينة، لكن الأوضاع ظلت متوترة في المدينة، واعتصمت بها قوات الجيش بمقراتها غرب المدينة، بينما ظلت «قوات الدعم السريع» تسيطر على الأحياء «المهجورة».

لكن المدينة شهدت معارك ضارية منذ السبت، وقال عنها الجيش، في بيان رسمي، إن قواته في الفرقة 22، سحقت هجوماً كبيراً لـ«قوات الدعم السريع» التي حشدت لها من كل صوب، وتوعد بتحويل المدينة إلى مقبرة لـ«قوات الدعم السريع»، «وما يجمعون».

حرب استنزاف

ولم تصدر تعليقات رسمية من «قوات الدعم السريع» حول حقيقة الوضع في المدينة، لكن منصتها على «تلغرام» ذكرت أنها سيطرت على اللواء 189 التابع للفرقة، فيما ذكرت منصات تابعة للجيش أن «قوات الدعم السريع» بسطت سيطرتها مؤقتاً على مقر اللواء، واضطرت للانسحاب بعد تدخل قوات الجيش، بيد أن مصدراً عسكرياً طلب عدم كشف اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة بابنوسة أسوة بمدينة الفاشر، تعد «مناطق استنزاف» لـ«قوات الدعم السريع»، حيث خسرت أعداداً كبيرة من الرجال والعتاد أثناء محاولتها مهاجمة مقرات الجيش، وأضاف: «في معركة بابنوسة أمس، نصب الجيش فخاً لـ(الدعم السريع)، فاندفع بمقاتليه تجاه مقر الفرقة، قبل أن يطبق عليهم، ويصدهم، ملحقاً بهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد».

الحرب شرَّدت ملايين السودانيين بين نزوح في الداخل ولجوء إلى الخارج (أ.ف.ب)

وتعد معارك بابنوسة محورية لكل من الجيش و«الدعم السريع»، ففي حال سيطرت «قوات الدعم السريع» على المدينة ستبسط سيطرتها على كامل ولاية غرب كردفان المحادة لدولة جنوب السودان من جهة الجنوب، وولايتي شمال وجنوب كردفان من جهة الشرق، وولايات جنوب وشمال دارفور، من جهة الغرب، وذلك بعد أن أكمل سيطرته على مدينتي «النهود والخوى»، وحال احتفاظ الجيش بقاعدته في بابنوسة، يكون قد احتفظ بموطئ القدم في الولاية، يمهد لخطواته باتجاه دارفور.