ما مصير حكومة حمّاد في ظل توجه البرلمان الليبي إلى تشكيل «وزاري جديد»؟

في ظل استمرار المجتمع الدولي اعترافه بحكومة طرابلس وتمسّك الدبيبة بالسلطة

عقيلة صالح وحماد خلال لقاء سابق (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)
عقيلة صالح وحماد خلال لقاء سابق (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)
TT

ما مصير حكومة حمّاد في ظل توجه البرلمان الليبي إلى تشكيل «وزاري جديد»؟

عقيلة صالح وحماد خلال لقاء سابق (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)
عقيلة صالح وحماد خلال لقاء سابق (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي)

بينما يواصل مجلس النواب الليبي مشاوراته لتشكيل «حكومة جديدة»، يتساءل سياسيون ومحللون عن مستقبل الحكومة المكلفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد، في ظل استمرار اعتراف المجتمع الدولي بحكومة طرابلس، ووسط تمسّك رئيسها عبد الحميد الدبيبة بالسلطة.

ودعا مجلس النواب المرشحين لرئاسة «الحكومة الجديدة» إلى حضور جلسة برلمانية، الاثنين، لعرض برامجهم وخطط عملهم.

من جلسة سابقة لأعضاء مجلس النواب (المجلس)

وكانت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، قد صرّحت بأن المجتمع الدولي لا يزال يعترف بحكومة «الوحدة»؛ ورأت أن «أي مبادرة جديدة يقوم بها أي طرف بشأن تشكيل حكومة يجب ألا تكون أحادية». فيما أبدى 26 نائباً رفضهم تشكيل «حكومة جديدة» من دون حدوث توافق سياسي بشأنها.

وقال رئيس «لجنة الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب الليبي، طلال الميهوب، أحد الموقعين على البيان، إنه رفض تشكيل حكومة جديدة لـ«عدم تبلور وجهة النظر الدولية بشأن الأوضاع في ليبيا حتى الآن، بما يسمح بفرض واقع سياسي جديد». ويعتقد الميهوب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه في ظل الأوضاع الراهنة فإن حكومة حمّاد «ستتضرّر من عملية التغيير»، نافياً ما يتردد عن وجود خلافات بين القوى السياسية والعسكرية في شرق ليبيا حول مصيرها.

محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي (رويترز)

وكان مجلس النواب قد سحب الثقة من حكومة الوحدة «المؤقتة» التي يرأسها الدبيبة، والتي تتخذ من طرابلس مقراً لها بعد أقل من ستة أشهر من توليها السلطة في مارس (آذار) 2021، وشكّل حكومة ثانية في فبراير (شباط) 2022، لكنها لم تستطع دخول العاصمة لتسلم السلطة.

وعلى مدار العامَيْن الماضيَيْن، وبالتزامن مع تصاعد خلافاته مع حكومة «الوحدة»، كرّر البرلمان دعوته إلى تشكيل «حكومة جديدة موحدة» لتتولى إدارة البلاد وتمهّد لإجراء الانتخابات.

ويرى الميهوب أن رئاسة البرلمان ترى أن خطوة تشكيل حكومة جديدة «قد تمثّل ضغطاً على المجتمع الدولي للدفع بإزاحة الدبيبة، خصوصاً بعد خروج المظاهرات الكبيرة ضده». وقال بهذا الخصوص: «أنا ومعي بعض النواب نعدها تكراراً لتجارب فاشلة، تفتقر إلى التوافق السياسي الشامل حولها، خاصة مع ما يمر به المجلس الأعلى للدولة من انقسام».

بدوره، انتقد رئيس «مجموعة العمل الوطني» للدراسات الاستراتيجية، خالد الترجمان، قرار رئيس البرلمان تغيير حكومة حمّاد في ظل مساعيه لإزاحة الدبيبة، «دون امتلاكه أي ضمانات دولية أو حتى محلية». ويرى الترجمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المعطيات الراهنة لا تعكس رغبة دولية في التخلي عن الدبيبة، على الرغم مما شهدته العاصمة من اشتباكات مسلحة، واستقالة عدد من وزرائه.

وقال موضحاً: «للأسف مجلس النواب قد لا يستطيع في ظل التباين الواسع في الآراء داخله قراءة المشهد الدولي بشكل صحيح، وكيف أن ليبيا لا تزال خاضعة لصراع فرقاء هذا المشهد، وأنه لا حيلولة لتفادي انعكاس تداعيات هذا الصراع على أزمتها السياسية».

سياسيون يرون أن حكومة الدبيبة لا تزال حتى الآن تحظى بالاعتراف والتأييد الدولي (أ.ف.ب)

من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي، أحمد أبو عرقوب، أن معارضة عدد من النواب والشخصيات السياسية قرار رئاسة البرلمان بغير حكومة حماد «لا يعود فقط إلى عدم وجود ضمانات بأن تحظى الحكومة الجديدة بالاعتراف الأممي؛ وإنما لتقديرهم لما أنجزته في ملف إعادة الإعمار».

وتضم قائمة المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، اثنين من وزراء حكومة حمّاد، وهما وزيرا الصحة عثمان عبد الجليل، والداخلية اللواء عصام أبو زريبة.

في المقابل، أعرب وزير الدولة السابق للشؤون الاقتصادية، رئيس «مجلس المنافسة ومنع الاحتكار»، سلامة الغويل، عن تأييده لقيام البرلمان بتحريك ملف تشكيل حكومة جديدة، بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة الدبيبة، عادّاً ذلك «تفاعلاً جدياً مع مطالب المحتجين».

جانب من الاحتجاجات المطالبة برحيل حكومة الدبيبة في طرابلس (رويترز)

ووفقاً لتقييمه، فإن أداء حكومة حماد «كان جيداً، حيث استطاعت تحقيق بعض المشروعات التنموية»، مشدداً على أن «الضرورة تدعو إلى تشكيل حكومة موحدة، للتصدي للتحديات الاقتصادية الراهنة التي تطحن ذوي الدخل المحدود والمتوسط، ووقف استنزاف ثروات البلاد، ووقف محاولات ترسيخ الانقسام».

وقلّل الغويل من التخوفات المطروحة حول حساسية أهالي المنطقة الغربية تجاه أي حكومة يُشكّلها البرلمان، معتقداً أن «وجود شخصية تمتلك الخبرة المهنية، والقدرة على التواصل مع القوى السياسية والمجتمعية والقبلية، وتحرص على إحداث توازن بينهم، كفيل بتهدئة مثل هذه المخاوف».


مقالات ذات صلة

هل أحكم رئيس «الوحدة» الليبية قبضته على طرابلس؟

شمال افريقيا الدبيبة قبيل اجتماع أمني موسع في طرابلس الأربعاء (حكومة «الوحدة«)

هل أحكم رئيس «الوحدة» الليبية قبضته على طرابلس؟

تغاضى عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عن مطالبات بعزله، وتحدث عن «الانتقال من مرحلة التحدي إلى مرحلة التمكين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا  نائب وزير الخارجية التركي مستقبلاً تيتيه في أنقرة (البعثة الأممية على «إكس»)

مباحثات أممية - تركية حول الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا

جاء اجتماع رئيسة البعثة الأممية لدى ليبيا، بالمسؤولَين التركيين، في إطار مشاوراتها مع الفاعلين الدوليين والمحليين، بقصد توفير الدعم لنتائج اللجنة الاستشارية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق للمشري وتكالة (أرشيفية)

ليبيا: تكالة يؤكد مجدداً «عدم شرعية» المشري لرئاسة «الأعلى للدولة»

أعاد محمد تكالة صراعه مع خالد المشري على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا إلى «نقطة الصفر» بنفيه ادعاءات المشري حول شرعية رئاسته للمجلس.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا مهاجران سريان يتلقيان الإسعافات بعد إنقاذهما من الغرق في عرض المتوسط (متداولة)

فقدان 60 مهاجراً على الأقل بعد غرق قاربين قبالة ليبيا

لقي ما لا يقل عن 60 مهاجراً، بينهم نساء وأطفال، حتفهم بعد غرق قاربين قبالة ساحل ليبيا، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة في مقرّ بلدية أبو سليم (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية لإنهاء نفوذ التشكيلات المسلحة بالعاصمة

أعلنت حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة بدء أعمال هدم سجن «المضغوطة» في بلدية أبو سليم بجنوب العاصمة طرابلس.

خالد محمود (القاهرة)

السودان: إدريس يعلن عزمه تشكيل حكومة من 22 وزارة

رئيس الوزراء السوداني الجديد كامل إدريس أثناء إعلان ملامح حكومته المزمعة (وكالة السودان للأنباء/ سونا)
رئيس الوزراء السوداني الجديد كامل إدريس أثناء إعلان ملامح حكومته المزمعة (وكالة السودان للأنباء/ سونا)
TT

السودان: إدريس يعلن عزمه تشكيل حكومة من 22 وزارة

رئيس الوزراء السوداني الجديد كامل إدريس أثناء إعلان ملامح حكومته المزمعة (وكالة السودان للأنباء/ سونا)
رئيس الوزراء السوداني الجديد كامل إدريس أثناء إعلان ملامح حكومته المزمعة (وكالة السودان للأنباء/ سونا)

أعلن رئيس الوزراء السوداني المعين حديثاً كامل إدريس، ملامح تشكيل حكومته المزمعة، وأطلق عليها حكومة «الأمل المدنية»، من 22 وزارة، وهيئات مستحدثة، مشيراً إلى أن معايير اختيار الوزراء ستُبنى على الكفاءة والخبرة والنزاهة، بعيداً عن المحاصصات والمحسوبية.

وقال إدريس في خطاب جماهيري مساء الخميس، إن حكومته ستلتزم الصدق وتتبع معايير العدل، بما يحقق للمواطنين الأمن والرفاه، وإنها ستعتمد التفكير «الاستراتيجي» في مواجهة مشاكل البلاد، وتابع: «إنها أول حكومة في تاريخ السودان (تجمع الحُسنيين: التكنوقراط واللاحزبيين)، وتعبر عن الأغلبية الصامتة».

وفي نهاية مايو (أيار) الماضي أدى إدريس اليمين الدستورية رئيساً للوزراء، وشرع في عقد لقاءات ومشاورات مع أكاديميين وأساتذة جامعات وشخصيات سياسية وقيادات أهلية، تتعلق باختيار وزارته. وقطع بامتلاكه حق اختيار وزراء من كفاءات مدنية مستقلة، وفقاً لما يراه مناسباً. ووعد بالشروع المتدرج في تكوين الوزارة، موجهاً نداء للكفاءات الوطنية المستقلة والحادبة على خدمة الوطن، لتزويده بسيرهم الذاتية عبر وسائل التواصل التي سوف يتم الإعلان عنها، على أن تتضمن السير الذاتية الهيئة الحكومية أو الوزارة المراد شغلها، وأضاف: «بهذه الوسيلة نكون قد استصحبنا واحدة من أفضل وسائل استقطاب الكفاءات الوطنية المستقلة»، وتابع: «ونكون قد بنينا مخزوناً قومياً مركزياً، يرفد الخدمة المدنية بما تستحقه من مهارة وجدارة وخبرات، البلاد في أمسّ الحاجة إليها».

ووقّعت أحزاب وقوى سياسية لا تعترف بشرعية الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، اتفاقاً مع «قوات الدعم السريع» لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرتها، مقابل تلك التي يترأسها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وهي خطوة أثارت قلق مجلس الأمن من أن تؤدي لتقسيم البلاد التي مزّقتها الحرب.