شخصية قانونية على رأس «مجلس الأمة» الجزائري

عزوز ناصري الرئيس الجديد لمجلس الأمة (متداولة)
عزوز ناصري الرئيس الجديد لمجلس الأمة (متداولة)
TT

شخصية قانونية على رأس «مجلس الأمة» الجزائري

عزوز ناصري الرئيس الجديد لمجلس الأمة (متداولة)
عزوز ناصري الرئيس الجديد لمجلس الأمة (متداولة)

تسلّم عضو «مجلس الأمة» الجزائري (الغرفة العليا للبرلمان)، عزوز ناصري، الاثنين، رئاسة المجلس؛ ما يمنحه صفة «الرجل الثاني في الدولة» بموجب أحكام الدستور، وذلك خلفاً للمناضل المخضرم صالح قوجيل.

وجرى تداول اسم ناصري (80 سنة) يوم الأحد 18 مايو (أيار) بين أعضاء المجلس، وهو قاضٍ سابق شغل رئاسة مجلس قضاء قسنطينة (شرق البلاد) في الثمانينات، ثم تولى رئاسة المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة في القضاء المدني، من 1995 إلى 2001. كما كان عضواً في المجلس الدستوري بين 1989 و1995، الذي أصبح لاحقاً المحكمة الدستورية إثر تعديل دستوري سنة 2020.

دخل عزوز ناصري عالم السياسة عبر انضمامه إلى حزب «طلائع الحريات»، الذي أسسه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، لكنه انسحب منه بعد مغادرة بن فليس إثر خسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2019. وقد عُيّن عضواً في «الثلث الرئاسي» لـ«مجلس الأمة» من قِبل الرئيس عبد المجيد تبون في فبراير (شباط) 2022.

مجلس الأمة الجزائري (البرلمان)

ويُذكر أن ناصري كان زميلاً لتبون في «المدرسة الوطنية للإدارة» في ستينات القرن الماضي؛ وهو ما يراه بعض المراقبين سبباً محتملاً لترشيحه لهذا المنصب.

وبحسب سياسيين عرفوه عن قرب، يتميّز عزوز ناصري بـ«خبرة قانونية رفيعة، والتزام سياسي واضح».

أما صالح قوجيل، فقد ترأس «مجلس الأمة» طيلة ست سنوات، وأعلن بنفسه تنحيه يوم الأحد 18 مايو عن عمر ناهز 94 عاماً. وكان قد خلف الراحل عبد القادر بن صالح في رئاسة المجلس، بعد أن تولى الأخير رئاسة الدولة مؤقتاً عقب استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم 2 أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط الحراك الشعبي الرافض ترشحه لعهدة خامسة.

ثُبّت قوجيل في منصبه بالانتخاب في فبراير 2021، ثم أعيد انتخابه في مطلع 2022. وكان قبل ذلك عضواً معيناً في «الثلث الرئاسي» منذ يناير (كانون الثاني) 2013.

وبموجب الدستور الجزائري، يتولى رئيس «مجلس الأمة» مهام رئاسة الدولة مؤقتاً لمدة 90 يوماً في حال شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب الوفاة أو الاستقالة أو مانع صحي؛ ما يجعله ثاني أهم شخصية في هرم الدولة.

وخلال فترة ترؤسه المجلس، تميّز قوجيل بمداخلاته في قضايا الشأنين الوطني والدبلوماسي، ومساهماته في النقاشات التاريخية؛ كونه مجاهداً سابقاً في حرب التحرير (1954 - 1962).

صالح قوجيل رئيس مجلس الأمة الذي انتهت ولايته (متداولة)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أصدرت المحكمة الدستورية رأياً بخصوص تفسير المادة 122 من دستور 2020، التي تنص على أنه «لا يجوز لأي شخص أن يتولى أكثر من ولايتين برلمانيتين متتاليتين أو منفصلتين». وقد لجأ قوجيل بنفسه إلى المحكمة للاستفسار حول أحقيته بعهدة جديدة. وجاء قرار المحكمة واضحاً، مؤكداً أن النص «لا يشوبه غموض أو تعارض»، وأن العهدة محددة بست سنوات، ولا يجوز تجاوز ولايتين.

وفي رسالة وداع مؤثرة وجّهها لأعضاء «مجلس الأمة» يوم الأحد، عبّر قوجيل عن فخره بتحمله هذه المسؤولية «في مرحلة وطنية حاسمة شهدت بداية عهد جديد للجزائر»، في إشارة إلى انتخاب تبون، الذي كان من أبرز داعميه.

وقال في خطابه: «أغادركم وأترك بين أيديكم وصية الشهداء: اعتنوا بالجزائر»، مضيفاً: «أرحل بنفس مطمئنة، مقتنعاً أن الجزائر المنتصرة لن تضعف بفضل قوة مؤسساتها»، وهو الشعار الذي رفعه الرئيس تبون في حملته الانتخابية لسنة 2024.


مقالات ذات صلة

الجزائر: النيابة العامة تلتمس 10 سنوات سجناً للكاتب صنصال

شمال افريقيا الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال (متداولة)

الجزائر: النيابة العامة تلتمس 10 سنوات سجناً للكاتب صنصال

التمست النيابة بمحكمة جزائرية، الثلاثاء، السجن 10 سنوات مع التنفيذ ضد الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال، الذي أثار أزمة سياسية حادة مع فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عربية صورة لـ«ملعب 5 جويلية» وهو مكتظ قبل انطلاق مباراة السبت (حسابات مشجعين)

أنباء عن تأجيل نهائي كأس الجزائر بعد مأساة 5 يوليو

تواترت أنباء عن تأجيل موعد نهائي مسابقة كأس الجزائر المقرر بين شباب بلوزداد حامل اللقب وجاره اتحاد الجزائر، على خلفية وفاة 3 أشخاص وإصابة العشرات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

تحقيق جديد يفتح ملف «مسؤولية» فرنسا عن تجاربها النووية في الجزائر

يُصر الجزائريون على مطلب التعويض المادي عن التفجيرات النووية الفرنسية في صحرائهم، وعلى مسؤولية باريس في تنظيف المواقع الملوثة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا اجتماع سابق لقضاة جزائريين حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (صورة أرشيفية)

الجزائر تتعهد الخروج من «اللائحة الرمادية» لغسل الأموال

تعهدت الحكومة الجزائرية بالخروج من «اللائحة الرمادية» لـ«مجموعة العمل المالي»، التي تصنف البلدان «الأقل انخراطاً» في جهود مكافحة غسل الأموال.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عالمية الحارس الدولي الجزائري ألكسندر أوكيدجا (وسائل إعلام جزائرية)

الجزائري أوكيدجا يغادر ميتز بعد 7 مواسم

أعلن ميتز الصاعد حديثاً لدوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم، الجمعة، رحيل الحارس الدولي الجزائري، ألكسندر أوكيدجا، عن النادي بعد 7 مواسم قضاها مع الفريق.

«الشرق الأوسط» (ميتز)

تيتيه أمام مجلس الأمن: جل الليبيين فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية

الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
TT

تيتيه أمام مجلس الأمن: جل الليبيين فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية

الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)

قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، إحاطة حول الوضع في ليبيا، تطرقت في مستهلها إلى اجتماع لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، المنبثقة عن مسار برلين في مدينة برلين، برعاية كل من ألمانيا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وذلك في أول لقاء ينعقد بعد انقطاع دام لأربع سنوات. مشيرة إلى أن هذا الاجتماع «شكل خطوة كبيرة نحو إعادة إحياء التنسيق الدولي بشأن ليبيا، وحشد الدعم الدولي لجهود الأمم المتحدة، الرامية لإحراز تقدم في العملية السياسية»، ومع ذلك فإن جل الليبيين «فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية»، بحسب تعبيرها.

من جلسة مجلس الأمن حول ليبيا (المجلس)

وأشادت تيتيه بجهود جميع أعضاء لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا في التزامهم بدعم جهود البعثة لإعادة إطلاق عملية سياسية شاملة، وأيضاً في «مشاركتهم البنّاءة»، ودعوتهم لبذل الجهود من أجل تعزيز الهدنة القائمة في الوقت الحالي في طرابلس. وكذا إشادتهم بعمل اللجنة الاستشارية، الذي تناول تحديد مسارات قابلة للتطبيق لمعالجة المسائل الخلافية، التي يمكن أن تعوق الجهود الرامية إلى وضع خريطة طريق سياسية جديدة لإجراء الانتخابات. إضافة إلى دعمهم لمجموعات العمل الأربع، المعنية بالسياسة والاقتصاد والأمن وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مجمعين في ذلك على عقد لقاءات دورية من أجل تنسيق الدعم الدولي، وتوجيهه دعماً لعملية سياسية بتيسير من الأمم المتحدة.

دعوة لتجنب العنف

في سياق حديثها عن الأوضاع الأمنية في طرابلس بعد الاشتباكات الأخيرة، أوضحت تيتيه أنه بمجرد انتهاء الاشتباكات المسلحة في طرابلس، كثفت البعثة تواصلها مع حكومة الوحدة الوطنية، والأطراف السياسية والأمنية الرئيسية، وكذلك القيادات المجتمعية، وشيوخ القبائل والأعيان وممثلي المجتمع المدني والدول الأعضاء المؤثرة على الأرض بهدف درء مزيد من أعمال العنف، والحفاظ على الهدنة الهشة، التي تم التوصل إليها في 14 من مايو (أيار) الماضي، وإعداد آليات لتيسير تهدئة التوترات بهدف الحيلولة دون نشوب المزيد من أعمال العنف، وضمان حماية المدنيين.

من مخلفات اشتباكات طرابلس الدموية (أ.ف.ب)

وفي هذا السياق، ذكرت تيتيه قيام المجلس الرئاسي في 18 من مايو الماضي، بدعم من البعثة، بإنشاء لجنة الهدنة، التي تتألف من أطراف أمنية رئيسية، أنيطت بها مهمة رصد الالتزام بالهدنة، وتيسير وقف دائم لإطلاق النار وضمان حماية المدنيين. وتبع ذلك في 4 من يونيو (حزيران) الحالي تشكيل لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية المؤقتة، برعاية المجلس الرئاسي، لتتولى مهمة تنفيذ التدابير الهيكلية للحفاظ على السلام، وإعادة تنظيم القوات في العاصمة. كما جرى نشر قوات فض الاشتباك في المناطق المتأثرة، وقد أفضت التهدئة إلى انسحاب القوات الرئيسية المدججة بالسلاح من شوارع طرابلس في 11 يونيو، واستعيض عنها بقوات الشرطة والجيش.

لكن رغم كل هذا الجهود، «ما تزال الهشاشة تشوب هذه الهدنة، وما يزال التكهن بالوضع الأمني العام، كما نراه، غير ممكن»، حسب تعبير تيتيه.

مسؤولية الأطراف الأمنية

أكدت تيتيه أن الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في طرابلس في شهر مايو الماضي تسببت في إزهاق أرواح المدنيين، وإصابات بين صفوفهم، والإضرار بالمنشآت المدنية الحيوية، بما في ذلك المشافي والجامعات وأحد السجون. ونتيجة لذلك تكررت المناشدات لتجنب مزيد من الإصابات، لكن لم يتم تأمين ممرات إنسانية من جانب أطراف النزاع.

تعزيزات أمنية مكثفة في طرابلس للمحافظة على «الهدنة الهشة» (أ.ف.ب)

تقول تيتيه: «لقد أبرزت هذه الأحداث تقاعس الأطراف الأمنية التابعة للدولة عن الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث أعقبت هذه الاشتباكات تظاهرات مستمرة. وقد هالني بالأخص العثور على مقابر جماعية في منطقة أبو سليم. وفي الأدلة التي تكشفت إشارات لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك أعمال القتل خارج إطار القانون، والتعذيب والاختفاء القسري، التي يُزعم ارتكابها من جانب أطراف أمنية تابعة للدولة، لا سيما جهاز دعم الاستقرار». مشيرة في هذا السياق إلى أن وجود أشلاء متفحمة، وجثث مجهولة الهوية في المشارح، وموقع يشتبه في استخدامه كمركز احتجاز غير رسمي في حديقة الحيوان في منطقة أبو سليم، يعكس حجم هذه الانتهاكات وفداحتها. وهذه الأحداث تؤكد الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات أمنية قائمة على حقوق الإنسان».

مخاوف من عودة الاشتباكات

بخصوص التقارير التي تتحدث عن تحشيدات مستمرة، وتخوف العديد من الليبيين من احتمال تجدد اندلاع الاشتباكات المسلحة، أوضحت تيتيه أن هناك تخوفات متزايدة بأن انعدام الاستقرار سوف يستقطب الأطراف الأمنية في شرق البلاد، ويقوض اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 2020، وهو ما يستدعي بحسب تعبير تيتيه، ضرورة إصلاح القطاع الأمني، فضلاً عن الحاجة إلى مؤسسات عسكرية وأمنية موحدة تتحلى بالمهنية. وفي هذا السياق أكدت أن البعثة سوف تواصل العمل على إحراز تقدم في المسار الأمني، بالتعاون مع الأطراف المعنية الرئيسية. وحثت الأطراف السياسية والأمنية كافة على الامتناع عن التصريحات والأفعال الاستفزازية، التي من شأنها تعميق انعدام الثقة، وتقويض كل الجهود التي تُبذل لخفض التصعيد من أجل الحفاظ على الهدنة الهشة، «لأن هذا ليس وقت الدفع نحو الهاوية والإجراءات الأحادية، وهناك حاجة ماسة إلى التحلي بالحكمة».

مسلسل المشاورات

حول سلسلة المشاورات، التي أطلقتها البعثة على مستوى البلاد حول الخيارات المقترحة من اللجنة الاستشارية، أوضحت تيتيه في كلمتها أن هذه المشاورات تهدف إلى تيسير نقاش عام شامل للجميع على مستوى البلاد حول أفضل السبل لتجاوز الانسداد السياسي، وجمع آراء الليبيين حول الخيارات الأربعة التي اقترحتها اللجنة الاستشارية، وذكّرت في هذا السياق بالتواصل مع القادة السياسيين والأمنيين الرئيسيين، ولقاء البعثة بممثلين عن البلديات والأحزاب السياسية، والشيوخ والأعيان والمجالس الاجتماعية، وأعضاء المجتمع المدني والشباب والمرأة، وكذا المكونات الثقافية واللغوية والأشخاص ذوي الإعاقة. كما أطلق في وقت سابق من هذا الشهر استطلاع للرأي عبر الإنترنت للوصول إلى الجمهور الليبي الأوسع، وسيستمر حتى نهاية شهر يونيو الحالي. كما ستُجرى المزيد من المشاورات لتوسيع نطاق التواصل بشكل أكبر.

تيتيه أكدت رغبة الليبيين في إنهاء المراحل الانتقالية وإجراء الانتخابات (مفوضية الانتخابات)

تقول تيتيه: «من خلال ما جرى التعبير عنه من خلفيات ووجهات نظر سياسية متنوعة، ظهرت حتى الآن رسالة واضحة وموحدة: الكثير من الليبيين يشعرون بخيبة أمل عميقة إزاء الفترات الانتقالية المطولة، وفقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية، معربين عن شكوكهم إزاء استعداد هؤلاء لوضع المصالح الوطنية فوق مصالحهم الخاصة»، مؤكدة أن هناك «رغبة قوية في عملية سياسية تُعزز مشاركة الشعب، وتتيح لهم الفرصة لانتخاب قادتهم، وتُفضي إلى حكومة ذات تفويض واضح، يتيح الفرصة لتغيير حقيقي وملموس. هم يطمحون إلى تجديد تفويض السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإلى حكومة واحدة ومؤسسات موحدة، بما في ذلك المؤسسات العسكرية والأمنية. ويريدون، أكثر من أي شيء آخر، حكومة خاضعة للمساءلة تُعيد الشرعية وتعكس إرادة الشعب. وسيشكّل ما تخرج به هذه المشاورات أساساً لصياغة خريطة طريق توافقية نحو انتخابات وطنية وإعادة توحيد المؤسسات».

وأضافت تيتيه أن البعثة تعتزم تقديم خريطة طريق مُحددة زمنياً، وعملية سياسية تعكس مطلب الشعب الليبي بتغيير ملموس، بهدف إنهاء العمليات الانتقالية. وآمل عرض خريطة الطريق هذه على مجلس الأمن للمصادقة عليها خلال إحاطتي القادمة.