تساؤلات حول مستقبل «الوحدة» الليبية

مجلسا «النواب» و«الدولة» يواصلان سعيهما لتشكيل حكومة جديدة

الدبيبة مستقبلاً في مكتبه وفداً من الهيئة الطرابلسية السبت (مكتب الدبيبة)
الدبيبة مستقبلاً في مكتبه وفداً من الهيئة الطرابلسية السبت (مكتب الدبيبة)
TT

تساؤلات حول مستقبل «الوحدة» الليبية

الدبيبة مستقبلاً في مكتبه وفداً من الهيئة الطرابلسية السبت (مكتب الدبيبة)
الدبيبة مستقبلاً في مكتبه وفداً من الهيئة الطرابلسية السبت (مكتب الدبيبة)

مع استمرار الاحتجاجات الشعبية في العاصمة الليبية طرابلس للمطالبة برحيلها، تحدث سياسيون ومراقبون عن عدد من السيناريوهات المتعلقة بمصير حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، خلال الفترة المقبلة.

ومع تأكيد المراقبين على أن استخدام الرصاص بمواجهة المتظاهرين الذين احتشدوا في «ميدان الشهداء» بالعاصمة مساء الجمعة الماضي، استنفد الكثير من «شرعية» تلك الحكومة، أشاروا إلى أنه يقلل أيضاً من فرص رئيسها في احتواء الغضب الشعبي كما حدث باحتجاجات سابقة.

وقال الباحث الليبي في معهد الدراسات الدولية بجامعة جونز هوبكنز الأميركية، حافظ الغويل، إن بقاء الدبيبة في موقعه «بات صعباً بعد خروج المظاهرات المطالبة برحيله، والمنددة بتصاعد نفوذ عائلته وتدخلها في شؤون الحكم». ويرى الغويل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المشهد الليبي «بات منفتحاً على سيناريوهات عدة، ما بين تسلّم المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي زمام الأمور وإدارة السلطة التنفيذية بالعاصمة لفترة زمنية، وبين محاولة مجلس النواب والمتحالفين معه بـ(المجلس الأعلى للدولة) توظيف حراك الشارع للدفع بتشكيل (حكومة جديدة)».

ووفقاً لرؤيته؛ فإن حل إقالة الدبيبة والمقربين منه وعدم إسقاط «الوحدة» التي تتخذ من العاصمة مقراً، يعد «الخيار الأفضل»، وأرجع الغويل ذلك لـ«الحفاظ على ما تتمتع به الحكومة من شرعية واعتراف دولي، ومن ثم ضمان استمرار إدارة الأموال الليبية وتصدير النفط».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة»، والثانية في بنغازي بقيادة أسامة حماد، المكلفة من البرلمان وتحظى بدعم المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني».

بالمقابل، ورغم تأكيده على أن بقاء حكومة الدبيبة «بات مستحيلاً»، استبعد عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، علي التكبالي، «تمكن مجلسه من تشكيل حكومة جديدة للبلاد» خلال جلسته المقررة الاثنين.

ويعتقد التكبالي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن الأمر متعلق بمدى توافق المجتمع الدولي بشأنها، معرباً عن قناعته بأن «خروج الليبيين للشارع لم يكن بدافع إسقاط حكومة الوحدة فقط، وإنما للتنفيس عن معاناته لأكثر من عقد من المؤسسات والأجسام المتصدرة للمشهد كافة».

ويواصل مجلسا «النواب» و«الأعلى للدولة» سعيهما لمناقشة ملفات المرشحين لـ«الحكومة الجديدة» يومي الاثنين والثلاثاء.

ولم يبتعد وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة المؤقتة، السفير حسن الصغير، عن الآراء السابقة في أن رحيل حكومة «الوحدة» بات مسألة حتمية، وعزا ذلك إلى «انتهاء التحالف بشكل تام بين رئيسها وأغلب التشكيلات المسلحة الكبرى المتمركزة بالمنطقة الغربية».

وتوقع الصغير لـ«الشرق الأوسط» أن «تتريث البعثة لعدة أيام قبل إعلان ما تحاول نسجه حالياً من خطط للتسريع بإيجاد سلطة تنفيذية جديدة لعموم ليبيا، في إطار ما تقوده من مسارات لحل الأزمة السياسية».

وأعرب عن قناعته «باستحالة معارضة الدبيبة أو حلفائه لأي من تلك الخطط، أو محاولة عرقلتها، من خلال الحديث مثلاً عن استفتاء على مشروع الدستور، كما دأب دائماً في خطاباته بالفترة الأخيرة»، مشيراً إلى أن حراك الشارع «لا يمكن التنبؤ به، وبالتالي إذا تصاعد فإنه يمكن أن يسبق تلك الخطوات».

أما الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، جلال حرشاوي، فيرى أن الدبيبة «قد يجد طريقة للبقاء بموقعه لبعض الوقت، وربما يتجنب في هذا السياق أي اشتباك مع جهاز الردع». وقال إن «مثل تلك التهدئة لن تكون ذات قيمة كبيرة بمستقبل حكومته؛ كون أن الأضرار التي وقعت جراء ما ارتكبته حكومة الدبيبة من أخطاء باتت إلى حد بعيد لا يمكن إصلاحها»، ويرى أنه «أصبحت هناك نظرة لحكومة الدبيبة بأنها باتت ضعيفة للغاية».

ويرفض حرشاوي «وضع فترة زمنية لرحيل الدبيبة عن منصبه»، معرباً عن قناعته بأن «الفاعلين الليبيين والدول الغربية على حد سواء، مع إدراكهم لهذا الضعف، يميلون لاستعداد أكثر للمرحلة المقبلة»، وانتهى إلى «تخوفات أهالي المنطقة الغربية من أي دور لحفتر عبر قيادة العاصمة من تشكيل حكومة جديدة».


مقالات ذات صلة

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

شمال افريقيا عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

تعهدت الأجهزة الأمنية في غرب ليبيا بالقبض على الميليشياوي أحمد الدباشي، الشهير بـ«العمو»، وكل من تورط في جرائم بمدينة صبراتة، وذلك خلال 24 ساعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي يتوسط أطفالاً ليبيين خلال جولته في شوارع طرابلس (مكتب المنفي)

المنفي يشكّل «قوة مشتركة» لتأمين العاصمة الليبية

أجرى محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي جولة في شوارع طرابلس، وذلك عقب قراره بحظر المظاهر المسلحة في العاصمة، وتشكيله «قوة مشتركة» لتأمينها.

«الشرق الأوسط»
شمال افريقيا تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

قال الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» إن «القائمين عليها والمشاركين فيها عازمون على مواصلة مسيرتهم حتى بلوغ معبر رفح بعد إتمام الإجراءات القانونية المطلوبة».

هشام المياني (القاهرة )
شمال افريقيا ليبيون يرحبون بالمشاركين في «قافلة الصمود» أثناء مرورها بشوارع طرابلس (أ.ف.ب)

«شرق ليبيا» يرحّب بـ«قافلة الصمود» ويشدد على احترام «الضوابط المصرية»

في حين كانت تعبر «قافلة الصمود» مدينة مصراتة في غرب ليبيا، أبدت سلطات شرق ليبيا ممثلة في وزارة الخارجية بحكومة أسامة حمّاد، ترحيبها بالمبادرة المغربية.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا بعض المتهمين بتهريب الوقود والسلاح لـ«الحركات المسلحة» عبر الحدود مع ليبيا (كتيبة سبل السلام)

«الوطني الليبي» يعتقل مُهربين على الحدود مع السودان ومصر

قالت كتيبة تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي إنها «ضبطت شبكة مهربين على الحدود الليبية السودانية المصرية، وهم يهربون كميات كبيرة من الوقود والأسلحة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
TT

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)

يتجدد الجدل في مصر من وقت لآخر حول جولات ميدانية لمسؤولين مصريين، خصوصاً مع تكرار تداول مقاطع وأحاديث لمسؤولين تتضمن «تعنيفاً» أو ردوداً غير متوقعة، كان أحدثها واقعة «توبيخ» وزير النقل والصناعة، كامل الوزير، لمسؤول في هيئة «السكك الحديدية» خلال زيارته الأخيرة لـ«محطة مصر»، على خلفية «نقل كمية من الخردة لموقع غير معلوم»، مما اعتبره الوزير «مؤشراً على الإهمال».

وهذه ليست المرة الأولى التي يعنف فيها وزير النقل والصناعة أحد الموظفين خلال جولاته الميدانية؛ فسبق أن أعلن قبل أيام إقالة مسؤول في وزارة الصناعة على الهواء خلال برنامج متلفز.

أيضاً جرى تداول مقطع فيديو، أخيراً، لجولة قام بها محافظ الإسكندرية، أحمد خالد، برز خلاله «تعنيفه» لصاحب محل جزارة على خلفية تحديد سعر كيلو اللحم بـ700 جنيه، معتبراً أن «السعر مبالغ فيه بشكل كبير وبمثابة استغلال للمواطنين».

عضو «لجنة الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، سناء السعيد، انتقدت تكرار وقائع قيام مسؤولين بـ«تعنيف موظفين خلال الجولات الميدانية»، باعتباره أمراً لا يجب أن يتم «خلال الجولات»، في ظل وجود إطار قانوني ينظم عمل الموظفين، ولائحة جزاءات واضحة يمكن تطبيقها، وتتضمن عقوبات تلائم طبيعة كل مخالفة تم ارتكابها.

محافظ الإسكندرية خلال إحدى جولاته الميدانية (محافظة الإسكندرية)

في حين اعتبرت أستاذة الاجتماع السياسي، الدكتورة سامية خضر، أن «تصرفات بعض المسؤولين تؤدي إلى تشجيع موظفين بدرجات أقل على التعامل بالطريقة نفسها مع العاملين معهم، وهي رسائل خاطئة لا يجوز السماح بانتشارها». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض المسؤولين يلجأون لمثل هذه المواقف لمحاولة إظهار أنهم يقومون بعملهم بشكل كامل»، لكن المردود السلبي من هذه المواقف «يكون أكبر».

كما يرى مدرس الإعلام في جامعة حلوان، محمد فتحي، أن «بعض المواطنين قد يتفاعلون مع (لقطة بعض المسؤولين خلال جولاتهم الميدانية)»، على حد قوله، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن مع مرور الوقت سوف يشعرون بالملل من هذه اللقطات».

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، تسببت طريقة مخاطبة نائب رئيس الوزراء وزير الصحة، خالد عبد الغفار، للمرضى في أحد المستشفيات بمحافظة المنيا (صعيد مصر) في حالة جدل، بعدما طالبهم الوزير بشكر الدولة على بناء المستشفى الجديد بدلاً من الشكوى نتيجة نقص الخدمات، وطول فترة الانتظار، والمعاملة التي وصفوها بـ«السيئة» والتي تغيرت فقط بسبب زيارته.

وزير الصحة المصري خلال حديثه مع مواطنين في وقت سابق (وزارة الصحة)

وفي أبريل (نيسان) الماضي، شهدت جولة لوزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، في محافظة القليوبية جدلاً كبيراً بعد وفاة مسؤول بالإدارة التعليمية. وسرت انباء وقتذاك عن تعنيف الوزير للمسؤول، وهو الأمر الذي نفته الوزارة رسمياً لاحقاً رغم تكرار نشره من جانب بعض المعلمين الذين شهدوا الواقعة.

وقدم رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الصيف الماضي، الاعتذار على الهواء مباشرة لطبيبة في محافظة سوهاج (صعيد مصر) على خلفية تداول مقطع فيديو تعامل خلاله محافظ سوهاج، عبد الفتاح سراج، بشكل اعتُبر «غير لائق خلال جولة ميدانية على المستشفيات».

وترى سناء السعيد أن تكرار الوقائع يشير إلى «ضرورة ضبط بعض المسؤولين انفعالاتهم، وعدم المبالغة فيها خلال جولاتهم الميدانية»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض بيئات العمل تشهد تقصيراً وأخطاء من جانب بعض الموظفين، ولا يمكن أن يكون التعنيف حلاً في التعامل معها»، مطالبة بـ«ضرورة تطبيق القانون وعدم تجاوزه».

في مقابل ذلك، أوضحت عضو مجلس النواب المصري، فريدة الشوباشي، لـ«الشرق الأوسط» أن التقصير في أمور بسيطة أحياناً يؤدي لأخطاء كبيرة، وبالتالي تكون العقوبات الموقعة على الموظف الحكومي محدودة، وتستغرق وقتاً طويلاً لتعدد المسارات، معتبرة أن «جولات المسؤولين واتخاذ قرارات سريعة في التعامل مع المخالفين، وفي الوقت نفسه مكافأة الملتزمين، يعكس ذلك تطبيقاً سريعاً لمبدأ الثواب والعقاب».