«إعلان بغداد»: فلسطين «قضية مركزية»... ولا رجعة عن حل الدولتين

دعا إلى حوار سوري شامل... و«حكومة مدنية منتخبة في السودان»

القادة المشاركون في «قمة بغداد» (الرئاسة المصرية)
القادة المشاركون في «قمة بغداد» (الرئاسة المصرية)
TT

«إعلان بغداد»: فلسطين «قضية مركزية»... ولا رجعة عن حل الدولتين

القادة المشاركون في «قمة بغداد» (الرئاسة المصرية)
القادة المشاركون في «قمة بغداد» (الرئاسة المصرية)

جدّد «إعلان بغداد» تأكيد الثوابت بشأن القضية الفلسطينية بصفتها «قضية العرب المركزية»، مشدداً على «الالتزام بمبادئ حسن الجوار، وحل الخلافات سلمياً»، وداعياً إلى حوار سوري شامل، وتشكيل حكومة مدنية منتخبة في السودان.

واستضافت العاصمة العراقية بغداد فعاليات الدورة الـ34 للقمة العربية التي عُقدت في ظروف تُوصف بأنها «الأسوأ» في تاريخ المنطقة، لا سيما مع استمرار حرب غزة، ومعاناة دول عربية من صراعات داخلية، بالإضافة إلى خلافات بينية عربية، وهو ما انعكس على مخرجات القمة.

وجاءت ديباجة «إعلان بغداد»، المكوّن من 19 صفحة، لتؤكد أن انعقاد القمة يأتي «رغبة في تحقيق الاستقرار والازدهار للأمة العربية، واستجابة للتحدّيات التي تواجهها في ظل التحولات الإقليمية والدولية الراهنة».

وقد شمل الإعلان ثلاثة أقسام، يتعلّق الأول بقرارات القمة العربية، والثاني بالقمة التنموية، أما الأخير فضم 16 مبادرة أطلقها العراق.

قضية العرب المركزية

وجاءت القضية الفلسطينية على رأس القسم الأول من الإعلان، مؤكداً الدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني؛ ومن بينها حق إقامة الدولة وحق العودة والتعويض للاجئين. وطالب بـ«الوقف الفوري للحرب في غزة». ودعا جميع الدول إلى تقديم الدعم السياسي والمالي والقانوني للخطة العربية - الإسلامية المشتركة بشأن إعادة الإعمار والتعافي المبكر في غزة التي اعتمدتها القمة العربية الطارئة بالقاهرة، في مارس (آذار) الماضي، ووزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في الشهر نفسه بجدة.

ورحّب الإعلان بالمقترحات والمبادرات التي تقدّمت بها الدول العربية لإنشاء صندوق لإعادة إعمار غزة. وشدّد على أهمية التنسيق المشترك للضغط باتجاه فتح جميع المعابر أمام إدخال المساعدات الإنسانية، وتمكين وكالات الأمم المتحدة، ولا سيما «الأونروا»، من العمل في الأراضي الفلسطينية.

صورة وزّعها مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو يلتقي رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز (إ.ب.أ)

وجدّد تأكيد «المواقف السابقة بالرفض القاطع لأي شكل من أشكال التهجير والنزوح للشعب الفلسطيني من أرضه، وتحت أيّ مُسمَّى أو ظرف أو مُبرِّر؛ الأمر الذي يُعَدُّ انتهاكاً جسيماً لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وجريمة ضد الإنسانية، وتطهيراً عِرقيّاً». وأيّد «دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، واتخاذ خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل الدولتَيْن».

وفي هذا الصدد، دعّم إعلان بغداد «جُهود عقد مؤتمر دولي رفيع المستوى لتطبيق حل الدولتَيْن، وتجسيد استقلال فلسطين برئاسة مشتركة سعودية - فرنسية خلال يونيو (حزيران) المقبل في مقر الأمم المتحدة».

وطالب بنشر قوات حماية للشعب الفلسطيني وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في فلسطين إلى حين تنفيذ حل الدولتَيْن، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى «اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ حل الدولتَيْن»، مشدداً على «ضرورة وضع سقف زمني لهذه العملية».

وأكد الإعلان «دعم رؤية الرئيس الفلسطيني حول أهمية تحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة الالتزام بمنظمة التحرير الفلسطينية المُمثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وفق مبدأ النظام الواحد، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد»، مع «تمكين حكومة دولة فلسطين من تولّي الحكم في غزة».

كما أكد أن «الخيار الديمقراطي والاحتكام إلى صندوق الاقتراع هما الطريق الوحيد لاحترام إرادة الشعب؛ لاختيار من يُمثّله عبر انتخابات عامة رئاسية وتشريعية تُجرى في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية».

ورحّب بـ«الجهود المستمرة للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتَيْن، الذي أُطلق بنيويورك في سبتمبر (أيلول) 2024 من قِبل المملكة العربية السعودية». ودعّم «الجهود الدبلوماسيّة الحثيثة للجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية - الإسلامية المشتركة بشأن غزة؛ للحثّ على وقف إطلاق نار فوري، وبدء اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ حل الدولتَيْن».

حوار وطني سوري

وحول الوضع في سوريا، أكد «إعلان بغداد» احترام خيارات الشعب السوري، بكل مُكوّناته وأطيافه، ودعم وحدة الأراضي السورية، ورفض جميع التدخلات في الشأن السوري. كما أدان «الاعتداءات الإسرائيليّة المُستمِرَّة على الأراضي السورية». ودعا المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى «مُمارسة الضغط لوقف هذه الاعتداءات».

وأكد «ضرورة المُضِي بعملية سياسية انتقالية شاملة تحفظ التنوع والسلم المُجتمعي مع أهمية احترام معتقدات ومُقدَّسات فئات ومُكوَّنات الشـعب السوري كافّة». ورحب بإعلان رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب الأخير رفع العقوبات المفروضة على سوريا، موجهاً الشكر إلى السعودية على الجهود المبذولة لدعم الموقف السوري في هذا الشأن. كما رحّب بتخفيف العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا. ودعا إلى تبنّي مُؤتمر حوار وطني شامل يضمُّ مُكوّنات الشعب السوري كافّة».

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في قمة بغداد (أ.ب)

حكومة سودانية منتخبة

وأكد إعلان بغداد «دعمه الدائم للبنان في مواجهة التحدّيات، والحفاظ على أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها وحماية حدودها المُعترف بها دولياً في وجه أي اعتداءات عليها وعلى سيادتها، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية»، مشدداً على «ضرورة تطبيق الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية بجميع بنوده، والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم (1701) بكامل مندرجاته، وإدانة خروقات إسرائيل لهما، ومطالبتها بالانسحاب الكامل والفوري وغير المشروط من لبنان إلى الحدود المُعترف بها دولياً».

وجدد الإعلان تأكيد «الدعم الثابت لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن برئاسة الدكتور رشاد محمد العليمي»، مؤكداً «مُساندة جُهود الحُكومة اليمنية الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية بين مكوّنات الشعب اليمني كافّة». كما أيّد «المساعي الأممية والإقليمية الهادفة إلى التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية».

وأكد «التضامن مع السودان وشعبه في سعيه لتأمين مُقدَّراته وحماية أراضيه وبنيته التحتية الحيوية، والحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، ورفض التدخل في شؤونه، وتعزيز جهوده في الحفاظ على مؤسساته الوطنية، والحيلولة دون انهيارها عن طريق تشكيل حكومة مدنيّة مُستقلّة ومُنتخَبة».

ودعا إلى «بحث إمكانية الدعوة إلى استئناف مسار جدة (3) للتوصل إلى الحلول السلمية المستدامة». وطالب مجموعة الاتصال العربيّة المُشكَّلة من وزراء خارجية مصر والسعودية والأمين العام لجامعة الدول العربية بـ«مواصلة جهودهم ومساعيهم الحميدة بغية التوصل إلى حلول تُلبّي التطلعات السودانية في الاستقرار والتنمية».

وأكد الإعلان «دعم ليبيا الكامل، وحل الأزمة فيها عبر الحوار الوطني بما يحفظ وحدة الدولة»، مع «رفض جميع أشكال التدخل في شُؤُونها الداخلية». وجدد دعمه «خروج القوات الأجنبية والمرتزقة كافّة من ليبيا في مدى زمني مُحدَّد».

وأكد سيادة الإمارات على جُزُرها الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى)، داعياً إيران إلى «التجاوب مع مُبادرة الإمارات لإيجاد حل سلمي لهذه القضية عبر المُفاوضات المُباشرة، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية؛ وفقاً لقواعد القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة».

وأكد ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وفقاً للمرجعيات المُتفق عليها. وشدد على أنَّ الأمن المائي يُشكّل ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي العربي. وأبرز في هذا السياق أهمية دعم الجهود التي تبذلها كلّ من العراق، ومصر، والسودان، وسوريا؛ لضمان حقوقها المائية المشروعة.

وأدان جميع أشكال وأنماط الإرهاب والأفكار المرتبطة به، مشدداً على التصدّي للجريمة المنظمة، ومكافحة المُخدّرات والاتجار بالبشر، وغسل الأموال. كما دعا إلى تفعيل الإجراءات الرادعة لمكافحة خطاب الكراهية والتطرف والتحريض.

وحول الأوضاع الإقليمية والدولية، أكد أن «التوترات المتصاعدة على الساحة الدولية تسلط الضوء على تراجع الدبلوماسية مقابل استخدام القوة في تسوية الخلافات والنزاعات، مما يُنذر بخطر انعدام الحلول العادلة والمنصفة».

وفي هذا الصدد أعرب القادة العرب عن دعم المحادثات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية للتوصل إلى نتائج إيجابية لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. كما ثمّن الإعلان دور سلطنة عُمان في هذه المحادثات، مؤكداً من جديد الحرص على التعاون الوثيق مع منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.

استراتيجية الأمن الغذائي

وتضمّن القسم الثاني من إعلان بغداد القرارات الخاصة بالقمة التنموية الخامسة؛ إذ أشاد بمبادرة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، حول الاقتصاد الأزرق. ورحّب بالمبادرة العربية للذكاء الاصطناعي. وأشاد بمبادرة مصر في مجال مكافحة الأمراض. وحيّا دور الإمارات في مبادرة صنع الأمل والمستقبل الأفضل للإنسان العربي.

وأقر الاستراتيجية العربية للأمن الغذائي للفترة (2025-2035)، داعياً إلى دعم خطة الاحتياجات التنموية، ومشاريع البنية التحتية في اليمن، ودعم مشاريع التنمية المقدمة من السودان. وأقر مشروع دعم وإيواء الأسر النازحة جراء العدوان الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية. وطالب برفع العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة والكهرباء في سوريا. ورحّب باعتماد الخطة التنفيذية للاستراتيجية العربية للأمن المائي 2030.

مبادرات عراقية

واختتم إعلان بغداد بالترحيب بالمبادرات التي أطلقها العراق، منها «المبادرة العربية للدعم الإنساني والتنموي» التي تمّ من خلالها إنشاء «الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار من آثار الأزمات»؛ إذ أعلن العراق التبرُّع بمبلغ قدره 40 مليون دولار إلى الصندوق؛ تُخصص 20 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانيّة، وإعادة الإعمار في قطاع غزة، و20 مليون دولار لدعم جهود إعادة الإعمار في لبنان.

وتضمن الإعلان إطلاق مبادرة «العهد العربي لدعم الشعب السوريّ»؛ لدعم التأسيس لعملية انتقالية سياسية شاملة في سوريا، وتدعم المُبادرة تنظيم مؤتمر دولي لتحشيد الدعم الدولي لعملية إعادة الإعمار في سوريا، وتعزيز جهود العودة الآمنة والمنظمة والكريمة لأبناء الشعب السوري النازحين والمهجرين.

ورحّب بدعوة العراق إلى مشاركة الدول العربية في «مشروع طريق التنمية»، بوصفه من المشاريع العربية التنموية والاستراتيجية في المنطقة.

كما رحب بدعوة بغداد إلى «تشكيل لجنة وزارية عليا مفتوحة العضوية تتكوّن من العراق والبحرين والأمين العام لجامعة الدول العربية، والدول العربية الراغبة في الانضمام إليها، تتولّى مهمة تقريب وجهات النظر بين الأشقاء لتسوية الخلافات وتهدئة الأجواء».

ومع تأييد العراق جميع ما جاء في الفقرات الخاصة بالقضية الفلسطينية سجّل «تحفظه على عبارة (حدود الرابع من حزيران 1967)، وعبارة (القدس الشرقية)، وعبارة (حل الدولتَيْن)، وأي عبارة تدل صراحة أو ضمناً إلى الكيان الإسرائيلي كـ(دولة) أينما يتمّ ذكرها، وذلك في إطار الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس، لكونها لا تتماشى مع القوانين العراقية النافذة».


مقالات ذات صلة

«الجامعة العربية»: الهجمات الإسرائيلية على إيران تهدد بإشعال المنطقة

شمال افريقيا مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية»: الهجمات الإسرائيلية على إيران تهدد بإشعال المنطقة

أدانت جامعة الدول العربية الهجمات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية. وأكدت أنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية» تدعو لإجراءات ضد المتورطين في استهداف الفلسطينيين

دعت جامعة الدول العربية إلى «اتخاذ إجراءات عملية نحو محاسبة المتورطين في العنف والتحريض على التطهير العرقي والإبادة ضد الفلسطينيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

تضارب وغموض بشأن تعديل وزاري في مصر

حالة من «التضارب والغموض» تكتنف أحاديث مصرية عن تعديل وزاري مرتقب، واتجاه لدى السلطات نحو ترشيح رئيس الوزراء الحالي لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية.

هشام المياني (القاهرة)
المشرق العربي جانب من الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في بغداد (جامعة الدول العربية)

وزير خارجية العراق: القمة العربية شهدت تقارباً إيجابياً

أكد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أن اجتماعات القمة العربية شهدت تقارباً إيجابياً في وجهات النظر بشأن أبرز القضايا.

فتحية الدخاخني (بغداد)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

الكرملين: بوتين يستضيف أول قمة روسية - عربية في أكتوبر المقبل

ذكرت وكالات أنباء روسية، اليوم السبت، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا جميع قادة الدول العربية إلى أول قمة روسية - عربية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بنغازي تشترط «تأشيرات وموافقات» مصرية لمرور «قافلة الصمود»

«قافلة الصمود» المغاربية عند مدخل مدينة سرت (صفحة تنسيقية القافلة)
«قافلة الصمود» المغاربية عند مدخل مدينة سرت (صفحة تنسيقية القافلة)
TT

بنغازي تشترط «تأشيرات وموافقات» مصرية لمرور «قافلة الصمود»

«قافلة الصمود» المغاربية عند مدخل مدينة سرت (صفحة تنسيقية القافلة)
«قافلة الصمود» المغاربية عند مدخل مدينة سرت (صفحة تنسيقية القافلة)

خيّمت «قافلة الصمود» المغاربية، التي تروم كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، عند مدخل مدينة سرت الليبية، بعدما طالبتها سلطات شرق البلاد بتقديم الموافقات اللازمة للعبور إلى الجانب المصري.

وبات أفراد القافلة ليلتهم قرب سرت، الخاضعة لسيطرة «الجيش الوطني»، برئاسة المشير خليفة حفتر، بعد أن عبروا مدينة مصراتة، وسط ترحيب واسع شعبي ورسمي، لكنها «توقفت» هناك، بحسب «تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين».

«قافلة الصمود» المغاربية تنتظر على مدخل مدينة سرت الليبية (صفحة تنسيقية القافلة)

وليبيا منقسمة بين حكومتين في غرب ليبيا وشرقها؛ الأولى يقودها عبد الحميد الدبيبة، والثانية يترأسها أسامة حماد، وتتلقى إسناداً من مجلس النواب والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، بقيادة حفتر.

وإزاء الموقف الذي وصفته بـ«المفاجئ»، نقلت التنسيقية عن هيئة تسيير القافلة قرارها عدم المغادرة، والتوقف على يمين الطريق والتخييم في المكان.

وأوضحت التنسيقية، عبر صفحتها بموقع «فيسبوك»، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، أن «قوات الأمن والجيش بسلطات شرق ليبيا قامت بوقف القافلة عند مدخل مدينة سرت»، مشيرة إلى أن مسؤولي الأمن «تعللوا بضرورة انتظار الحصول على تعليمات بالموافقة من بنغازي من أجل المرور».

وأمام حالة من اللغط بعد توقف القافلة عند بوابة سرت، نفت وزارة الداخلية بحكومة حمّاد، التي تدير المنطقة الشرقية، ما تردد عن أنها أوقفت سير القافلة من دون سبب، وقالت إنها «طلبت من أفرد القافلة إبراز تأشيرات وموافقات من مصر، لكن لم يُقدَّم شيء حتى الآن».

جانب من السيارات المشاركة في «قافلة الصمود» المغاربية (صفحة تنسيقية القافلة)

وأوضحت الداخلية الليبية، في تصريح نقلته «صحيفة المرصد»، المقربة من القيادة العامة، أن «جوازات سفر بعض أفراد القافلة منتهية، وأخرى على وشك الانتهاء، ولا تتيح لهم عبور أي دولة»، متابعة: «بعضهم لا يملك جوازات أصلاً، ولا نعلم كيف سمحت حكومة الدبيبة بدخولهم من رأس أجدير، بالمخالفة للقوانين الليبية بشأن سريان جوازات السفر».

كانت القافلة التي تضم مئات النشطاء قد وصلت إلى ليبيا بعد قيادتها من الجزائر، وعبورها تونس في طريقها إلى غزة لتحدي الحصار الإسرائيلي، المفروض على المساعدات الإنسانية في القطاع. وتتكون من قرابة 1500 شخص على الأقل، بينهم نشطاء وداعمون من الجزائر وتونس، مع توقع انضمام مزيد من ليبيا.

وحثّ وائل نوار، المتحدث باسم القافلة، أفرادها على «التحلي بالصبر والتمسك بوحدتهم»، لحين تمكنهم من مواصلة مسيرتهم إلى معبر رفح.

ودعت هيئة تسيير القافلة سلطات شرق البلاد إلى استقبالها، وتجسيد موقفها المرحب بالمبادرة، التي وصفتها وزارة الخارجية في بنغازي بـ«الشجاعة»، معقبة بالقول: «كلنا ثقة في أن حفاوة الشعب الليبي، واحتضانه لقافلتنا لا يعرف فرقاً بين شرق وغرب».

ودعت الهيئة كل الأطراف ذات الصلة إلى التدخل من أجل تسهيل مهمة القافلة، والمساهمة شعبيّاً في «فكّ الحصار والتجويع والإبادة عن أهل غزة».

عدد من المشاركين في «قافلة الصمود» المغاربية يأخذون قسطاً من الراحة عند مدخل سرت (صفحة تنسيقية القافلة)

غير أن الداخلية الليبية قالت إنها «رصدت نبرة عدائية غير مبررة لمنظمي القافلة منذ اللحظة الأولى لوصولهم أطراف سرت، وبعضهم يردد عبارات؛ أعداء الله وطواغيت».

وأوضحت الداخلية أن «تعليماتها هي السماح بعبور وضيافة كل من يملك تأشيرة على جواز سفر ساري المفعول، تنفيذاً للقوانين المحلية واتفاقيات عبور الأفراد بين الدول، لكننا فوجئنا بأن القادمين لا يملكون أيّاً من هذه المتطلبات».

وشدّدت الداخلية على أنها «لا تسمح بعبور مواطنيها لمصر دون إجراءات، ومصر كذلك لا تسمح بعبور مواطنيها إلينا بالمثل، والجزائريون والتونسيون ليسوا استثناءً من القوانين المنظمة لحركة الأفراد».

كانت هيئة تسيير القافلة قد طمأنت أهالي المشاركين فيها بأن جميع أفرادها بخير، ومجتمعون بمكان واحد على بعد بضعة كيلومترات من سرت؛ موضحة أن عدم الردّ على الاتصالات يعود إلى انقطاع شبكات الهاتف في مكان توقفهم.

وسبق أن أبدت سلطات شرق ليبيا، عبر وزارة الخارجية بحكومة حمّاد، ترحيبها بـ«قافلة الصمود»، لكنها أكدت «أهمية احترام الضوابط التنظيمية الخاصة بزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة، التي حددتها وزارة الخارجية المصرية، وضرورة التنسيق الكامل مع الجهات المختصة».

وبادرت مصر مرحبة «بكل الجهود الدولية الداعمة للقضية الفلسطينية»، مشترطة «الحصول على موافقات مسبقة لتنظيم زيارات للحدود المحاذية لغزة، فضلاً عن ضرورة الحصول على تأشيرات لدخول مصر أولاً».

وأكّد الفريق الإعلامي للقافلة على أن هدفها هو «الاعتصام في معبر رفح وكسر الحصار عن غزة»، مشيراً إلى أنه «قد تم إعداد المشاركين وتوعيتهم بهذه الهدف مسبقاً، لكن التوقف الإجباري الذي حصل عند بوابة سرت لم يكن ضمن المخطط له».

وأضاف الفريق، الجمعة، موضحاً: «لا يزال التواصل قائماً مع السلطات الليبية لإكمال ترتيبات استكمال مسار القافلة، بما يراعي احتياجات المشاركين فيها وإجراءاتهم، التي نحرص على تلبيتها واحترامها دون المساس بهدف القافلة، المتمثل في الوصول إلى معبر رفح».

وتقع سرت في منتصف الطريق بين طرابلس وبنغازي، وتبعد عن الحدود المصرية قرابة ألف كيلومتر.