تحذيرات محلية وأممية من اندلاع معارك في طرابلس بعد تحركات عسكرية

مصراتة تنفي المشاركة... و«أبو سليم» تدعو لوقف التحشيد «فوراً»

شرطي يقوم على تنظيم الحركة المرورية في أحد شوارع طرابلس (مديرية أمن طرابلس)
شرطي يقوم على تنظيم الحركة المرورية في أحد شوارع طرابلس (مديرية أمن طرابلس)
TT

تحذيرات محلية وأممية من اندلاع معارك في طرابلس بعد تحركات عسكرية

شرطي يقوم على تنظيم الحركة المرورية في أحد شوارع طرابلس (مديرية أمن طرابلس)
شرطي يقوم على تنظيم الحركة المرورية في أحد شوارع طرابلس (مديرية أمن طرابلس)

أثارت تحركات عسكرية مفاجئة ومقلقة، من مدينة مصراتة في الغرب الليبي، نحو العاصمة تحذيرات محلية ودولية من انفجار أمني وشيك، وسط صمت رسمي من «المجلس الرئاسي» وحكومة «الوحدة» المؤقتة، بشأن تحركات مماثلة داخل طرابلس.

ورصدت وسائل إعلام محلية، توجه أرتال مسلحة من مصراتة مزودة بالأسلحة الثقيلة والمدرعات وسيارات الإسعاف وغرفة عمليات متحركة، إلى طرابلس، بينما دعت بعثة الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى «خفض التصعيد بشكل عاجل، والامتناع عن أي أعمال استفزازية، والعمل على تسوية الخلافات من خلال الحوار البنّاء».

مشهد من «ساحة الشهداء» في طرابلس (أ.ف.ب)

وأعربت البعثة، التي قالت إنها تتابع من كثب التقارير الواردة بشأن التحركات العسكرية وتصاعد حدّة التوترات في مدينة طرابلس والمنطقة الغربية بشكل عام، عن دعمها الكامل للجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سلمي، بما في ذلك المبادرات التي يقودها الأعيان والقيادات الاجتماعية، وأكدت على ما وصفته بـ«المسؤولية الجوهرية التي تقع على عاتق جميع الأطراف في حماية المدنيين».

وأظهرت لقطات مصورة، بثتها وسائل إعلام محلية، تحرك قوات عسكرية من مصراتة باتجاه العاصمة، بعد ساعات فقط من نفي عميد بلدية مصراتة، محمود السقوطري، صحة بيان متداول باسم البلدية بشأن مشاركة عدد من الأجهزة الأمنية في أي عمل عسكري بالعاصمة طرابلس.

وسجل السقوطري، في تصريحات، رفضه وامتعاضه مما وصفه بـ«حيل تزوير البيانات، لشق الصف ونشر الفتن».

وحمل المجلس البلدي، الحكومة المسؤولية الكاملة عن أي تصعيد قد يشعل الحرب في طرابلس أو غيرها، محذراً من العواقب الوخيمة على الشعب الليبي، ودعا لتغليب الحوار على السلاح، مطالباً الليبيين، خصوصاً الشباب، «بعدم الانجرار إلى صراعات لا تخدم الوطن».

جانب من الحي القديم في طرابلس (أ.ف.ب)

بدوره، أعلن «المجلس المحلي لشباب بلدية أبو سليم» بطرابلس، رفضه «أي محاولة لجرّ العاصمة إلى أتون الحرب أو الصراع المسلح»، وحذر من «خطورة المساس بأمن طرابلس واستقرارها». وطالب «بالوقف الفوري لكل مظاهر التحشيد العسكري والتجول بالآليات المسلحة داخل أحياء طرابلس»، وعدَّ ذلك «تهديداً مباشراً لأمن المواطنين وسلامتهم». كما حمل «المجلس الرئاسي»، بصفته (القائد الأعلى للجيش)، المسؤولية الكاملة تجاه هذه التحركات، وطالبه «باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية العاصمة من الانزلاق إلى الفوضى».

في الإطار نفسه، حذر بيان منسوب لـ13 من أعضاء مجلس النواب، من خطر اندلاع صراع جديد في العاصمة «على النفوذ والسلطة والثروة، قد يهدد حياة المدنيين، ويقوّض ما تبقى من استقرار هش».

وطالب النواب بتشكيل «سلطة تنفيذية موحدة فوراً، تكون قادرة على فرض القانون والإشراف على الانتخابات، وتفعيل مخرجات لجنة (5+5) العسكرية بوصفها حجر الزاوية في تثبيت وقف إطلاق النار». كما دعوا لعقد اجتماع أمني عاجل في مدينة بنغازي، يضم قادة التشكيلات الأمنية في المنطقة الغربية، مع نظرائهم من الشرق والجنوب، بهدف وضع خطة ميدانية لتوحيد المؤسسة العسكرية تحت مظلة واحدة.

أحد شوارع بنغازي (أ.ف.ب)

ولم تعلق حكومة «الوحدة» المؤقتة، على هذه التطورات، كما التزمت الصمت حيال معلومات عن مشاركة الدبيبة، مساء الأحد، في اجتماع غير معلن لقادة التشكيلات المسلحة الموالية للحكومة، لتخفيف حدة التوتر، الذي ينذر باندلاع معارك جديدة بطرابلس.

ولم توضح حكومة «الوحدة» أسباب هذا التحشيد المسلح في العاصمة وما حولها... وبينما ترجعه مصادر إلى «الصراع على إدارة شركة الاتصالات القابضة»، يروي آخرون أن الأمر يتم «بإيعاز من الدبيبة لحماية العاصمة قبيل قرارات قد يتخذها المجلس الرئاسي قريباً».

في السياق نفسه، قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا نيكولا أورلاندو، إنه ناقش مع سفير دولة قطر، خالد الدوسري التقارير التي تتحدث عن التوترات في العاصمة، و«التأكيد على دعوة الأطراف كافة إلى التهدئة الفورية وحل الخلافات سلمياً».


مقالات ذات صلة

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

شمال افريقيا عماد الطرابلسي وزير داخلية «الوحدة» المكلف (من مقطع فيديو)

سلطات طرابلس للقبض على الميليشياوي «العمو» المطلوب دولياً

تعهدت الأجهزة الأمنية في غرب ليبيا بالقبض على الميليشياوي أحمد الدباشي، الشهير بـ«العمو»، وكل من تورط في جرائم بمدينة صبراتة، وذلك خلال 24 ساعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي يتوسط أطفالاً ليبيين خلال جولته في شوارع طرابلس (مكتب المنفي)

المنفي يشكّل «قوة مشتركة» لتأمين العاصمة الليبية

أجرى محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي جولة في شوارع طرابلس، وذلك عقب قراره بحظر المظاهر المسلحة في العاصمة، وتشكيله «قوة مشتركة» لتأمينها.

«الشرق الأوسط»
شمال افريقيا تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

قال الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» إن «القائمين عليها والمشاركين فيها عازمون على مواصلة مسيرتهم حتى بلوغ معبر رفح بعد إتمام الإجراءات القانونية المطلوبة».

هشام المياني (القاهرة )
شمال افريقيا ليبيون يرحبون بالمشاركين في «قافلة الصمود» أثناء مرورها بشوارع طرابلس (أ.ف.ب)

«شرق ليبيا» يرحّب بـ«قافلة الصمود» ويشدد على احترام «الضوابط المصرية»

في حين كانت تعبر «قافلة الصمود» مدينة مصراتة في غرب ليبيا، أبدت سلطات شرق ليبيا ممثلة في وزارة الخارجية بحكومة أسامة حمّاد، ترحيبها بالمبادرة المغربية.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا بعض المتهمين بتهريب الوقود والسلاح لـ«الحركات المسلحة» عبر الحدود مع ليبيا (كتيبة سبل السلام)

«الوطني الليبي» يعتقل مُهربين على الحدود مع السودان ومصر

قالت كتيبة تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي إنها «ضبطت شبكة مهربين على الحدود الليبية السودانية المصرية، وهم يهربون كميات كبيرة من الوقود والأسلحة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
TT

لماذا تثير جولات مسؤولين مصريين الجدل؟

وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)
وزير النقل والصناعة خلال جولته في «محطة مصر» (وزارة النقل)

يتجدد الجدل في مصر من وقت لآخر حول جولات ميدانية لمسؤولين مصريين، خصوصاً مع تكرار تداول مقاطع وأحاديث لمسؤولين تتضمن «تعنيفاً» أو ردوداً غير متوقعة، كان أحدثها واقعة «توبيخ» وزير النقل والصناعة، كامل الوزير، لمسؤول في هيئة «السكك الحديدية» خلال زيارته الأخيرة لـ«محطة مصر»، على خلفية «نقل كمية من الخردة لموقع غير معلوم»، مما اعتبره الوزير «مؤشراً على الإهمال».

وهذه ليست المرة الأولى التي يعنف فيها وزير النقل والصناعة أحد الموظفين خلال جولاته الميدانية؛ فسبق أن أعلن قبل أيام إقالة مسؤول في وزارة الصناعة على الهواء خلال برنامج متلفز.

أيضاً جرى تداول مقطع فيديو، أخيراً، لجولة قام بها محافظ الإسكندرية، أحمد خالد، برز خلاله «تعنيفه» لصاحب محل جزارة على خلفية تحديد سعر كيلو اللحم بـ700 جنيه، معتبراً أن «السعر مبالغ فيه بشكل كبير وبمثابة استغلال للمواطنين».

عضو «لجنة الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، سناء السعيد، انتقدت تكرار وقائع قيام مسؤولين بـ«تعنيف موظفين خلال الجولات الميدانية»، باعتباره أمراً لا يجب أن يتم «خلال الجولات»، في ظل وجود إطار قانوني ينظم عمل الموظفين، ولائحة جزاءات واضحة يمكن تطبيقها، وتتضمن عقوبات تلائم طبيعة كل مخالفة تم ارتكابها.

محافظ الإسكندرية خلال إحدى جولاته الميدانية (محافظة الإسكندرية)

في حين اعتبرت أستاذة الاجتماع السياسي، الدكتورة سامية خضر، أن «تصرفات بعض المسؤولين تؤدي إلى تشجيع موظفين بدرجات أقل على التعامل بالطريقة نفسها مع العاملين معهم، وهي رسائل خاطئة لا يجوز السماح بانتشارها». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض المسؤولين يلجأون لمثل هذه المواقف لمحاولة إظهار أنهم يقومون بعملهم بشكل كامل»، لكن المردود السلبي من هذه المواقف «يكون أكبر».

كما يرى مدرس الإعلام في جامعة حلوان، محمد فتحي، أن «بعض المواطنين قد يتفاعلون مع (لقطة بعض المسؤولين خلال جولاتهم الميدانية)»، على حد قوله، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن مع مرور الوقت سوف يشعرون بالملل من هذه اللقطات».

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، تسببت طريقة مخاطبة نائب رئيس الوزراء وزير الصحة، خالد عبد الغفار، للمرضى في أحد المستشفيات بمحافظة المنيا (صعيد مصر) في حالة جدل، بعدما طالبهم الوزير بشكر الدولة على بناء المستشفى الجديد بدلاً من الشكوى نتيجة نقص الخدمات، وطول فترة الانتظار، والمعاملة التي وصفوها بـ«السيئة» والتي تغيرت فقط بسبب زيارته.

وزير الصحة المصري خلال حديثه مع مواطنين في وقت سابق (وزارة الصحة)

وفي أبريل (نيسان) الماضي، شهدت جولة لوزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، في محافظة القليوبية جدلاً كبيراً بعد وفاة مسؤول بالإدارة التعليمية. وسرت انباء وقتذاك عن تعنيف الوزير للمسؤول، وهو الأمر الذي نفته الوزارة رسمياً لاحقاً رغم تكرار نشره من جانب بعض المعلمين الذين شهدوا الواقعة.

وقدم رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الصيف الماضي، الاعتذار على الهواء مباشرة لطبيبة في محافظة سوهاج (صعيد مصر) على خلفية تداول مقطع فيديو تعامل خلاله محافظ سوهاج، عبد الفتاح سراج، بشكل اعتُبر «غير لائق خلال جولة ميدانية على المستشفيات».

وترى سناء السعيد أن تكرار الوقائع يشير إلى «ضرورة ضبط بعض المسؤولين انفعالاتهم، وعدم المبالغة فيها خلال جولاتهم الميدانية»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض بيئات العمل تشهد تقصيراً وأخطاء من جانب بعض الموظفين، ولا يمكن أن يكون التعنيف حلاً في التعامل معها»، مطالبة بـ«ضرورة تطبيق القانون وعدم تجاوزه».

في مقابل ذلك، أوضحت عضو مجلس النواب المصري، فريدة الشوباشي، لـ«الشرق الأوسط» أن التقصير في أمور بسيطة أحياناً يؤدي لأخطاء كبيرة، وبالتالي تكون العقوبات الموقعة على الموظف الحكومي محدودة، وتستغرق وقتاً طويلاً لتعدد المسارات، معتبرة أن «جولات المسؤولين واتخاذ قرارات سريعة في التعامل مع المخالفين، وفي الوقت نفسه مكافأة الملتزمين، يعكس ذلك تطبيقاً سريعاً لمبدأ الثواب والعقاب».