مصر: نتائج تحقيقات «غش البنزين» تثير تندراً

شكاوى المصريين من وجود «بنزين مغشوش» في بعض محطات الوقود تصاعدت خلال الأيام الماضية (محافظة الإسكندرية)
شكاوى المصريين من وجود «بنزين مغشوش» في بعض محطات الوقود تصاعدت خلال الأيام الماضية (محافظة الإسكندرية)
TT

مصر: نتائج تحقيقات «غش البنزين» تثير تندراً

شكاوى المصريين من وجود «بنزين مغشوش» في بعض محطات الوقود تصاعدت خلال الأيام الماضية (محافظة الإسكندرية)
شكاوى المصريين من وجود «بنزين مغشوش» في بعض محطات الوقود تصاعدت خلال الأيام الماضية (محافظة الإسكندرية)

أثارت نتائج تحقيقات «البنزين المغشوش» تندراً في مصر، وتفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي سريعاً، الأحد، مع «الاعتراف الحكومي» بوجود «بعض عينات غير مطابقة للمواصفات داخل محطات الوقود بالبلاد»، ليتصدر هاشتاغ «#البنزين» قائمة «التريند».

وكانت شكاوى كثيرة من بعض المواطنين واستغاثات قد تكررت على «الغروبات» الخاصة بالسيارات، الأيام الماضية حول «غش في البنزين»، وأشار بعضهم إلى حدوث عطل مفاجئ لسياراتهم على الطرق في أثناء السير، ما اضطرهم إلى تغيير «طلمبة البنزين»، لكن وزارة البترول المصرية نفت، الأسبوع الماضي، حدوث تغيير في «جودة البنزين».

تحاليل «جودة البنزين» في مصر أثبتت وجود عينات غير مطابقة للمواصفات (وزارة التنمية المحلية)

قبل أن تعود الوزارة، الأحد، لتؤكد في إفادة رسمية، أنه «تم تسجيل إجمالي 870 شكوى في البلاد، وتم تحليل 807 عينات من مختلف المحافظات بواسطة فرق من وزارتي البترول والتموين، بالإضافة إلى شركات تحليل محايدة، أثبتت وجود 802 عينة مطابقة للمواصفات و5 عينات غير مطابقة للمواصفات.

كما قررت وزارة البترول صرف مبلغ مماثل لقيمة الفاتورة المعتمدة لاستبدال «طلمبة البنزين» وبحد أقصى 2000 جنيه مصري لأصحاب الشكاوى (نحو 40 دولاراً)، موضحة أن كل من تقدم بشكوى للوزارة في الفترة من 6 وحتى 10 مايو (أيار) الحالي، سيتم تعويضه مالياً، شريطة أن يكون معه فاتورة رسمية تثبت استبدال مضخة الوقود بسيارته.

وجاء توضيح «البترول» حول نتائج التحقيقات بعد أن طالبها برلمانيون وإعلاميون خلال الأيام الماضية بـ«الكشف عن حقيقة ما يحدث».

وتندر المحامي والإعلامي المصري، خالد أبو بكر، من بيان وزارة البترول، عبر «تغريدة» تعكس حواراً متخيلاً بين الحكومة والمواطن المتضرر من البنزين، مبيناً أن الحكومة ستطالبه بإحضار شهادة تؤكد وضع بنزين لسيارته، وشهادة ثانية من «الميكانيكي» الذي غيَّر لديه «طلمبة البنزين».

وتفاعل البرلمان سريعاً مع الاعتراف الحكومي خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، الأحد، حيث شكـك الإعلامي المصري، عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، في الرقم المعلن، قائلاً إنه «يعرف شخصياً 3 حالات، وهو ما يعنى أن هناك كثيراً من الحالات»، مضيفاً: «شكاوى الناس في كل مكان... البنزين مش هو البنزين»، موضحاً: «لا نريد الاستخفاف بعقول الناس».

وهو التشكيك الذي امتد إلى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لكن بصيغة تهكمية، لا سيما ما يخص إجراءات صرف التعويض وشروطه. وانتقد البعض الشهادات المطلوبة لصرف التعويض.

وكان وزير الشؤون النيابية والقانونية المصري، محمود فوزي، قد علق على كلمات النائب مصطفى بكري، في جلسة البرلمان العامة، الأحد، مؤكداً أن الحكومة قررت التعامل مع المشكلة بفرض تدابير إضافية، وأن «التعويض مكفول لكل شخص تضرر من المسألة».

إلا أن قيمة التعويض دعت رواد «السوشيال ميديا» إلى التفاعل معها بتندر أيضاً، مشيرين إلى أن مبلغ 2000 جنيه يعد قليلاً مقارنة بأسعار بيع «طلمبات البنزين» في الأسواق، التي يبدأ سعرها من ضعفي تلك القيمة. بينما تساءل آخرون عن سبب عدم الاعتراف منذ البداية بوجود «غش في البنزين».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بـ«الاستعداد الدائم» لمواجهة «التحديات المحتملة»

شمال افريقيا القائد العام للقوات المسلحة المصرية يلتقي عدداً من قوات حرس الحدود (المتحدث العسكري المصري)

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بـ«الاستعداد الدائم» لمواجهة «التحديات المحتملة»

طالب القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، قوات الجيش بـ«الاستعداد الدائم لمواجهة التحديات المحتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق صورة لملصق دعائي لطبق الكشري كما أعلنت عنه وزارة الثقافة المصرية

الكشري المصري يدخل القائمة التمثيلية للتراث غير المادي لـ«اليونيسكو»

أعلنت وزارة الثقافة المصرية أنها نجحت في إدراج أكلة الكشري في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية لمنظمة «اليونيسكو».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق حافلات تابعة لهيئة النقل العام في مصر (محافظة القاهرة)

«كمسري» حافلات النقل العام في مصر يغادر إلى محطته الأخيرة

تعتمد منظومة الدفع الإلكتروني داخل حافلات النقل العام على «كارت ذكي مسبق الدفع» يكون متوافراً في المحطات النهائية للحافلة ومنافذ هيئة النقل العام.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا ناخبون خلال التصويت في إحدى الدوائر الـ19 الملغاة (تنسيقية شباب الأحزاب)

أحزاب مصرية لاستعادة توازنها بالمنافسة في باقي «الدوائر الملغاة» بانتخابات «النواب»

كثفت الأحزاب الرئيسية في مصر «مستقبل وطن» و«حماة الوطن» و«الجبهة الوطنية» جهودها وتحركاتها الدعائية قبل بدء التصويت الجديد.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا الحكومة المصرية لتعزيز اكتشافات الغاز والبترول (وزارة البترول)

ترجيحات إسرائيلية بقرب إتمام «صفقة الغاز» مع مصر... هل تهدأ التوترات؟

رجحت وسائل إعلام عبرية إتمام «صفقة الغاز» مع مصر خلال الأيام المقبلة، وتحدثت عن أهميتها الاقتصادية والأمنية لإسرائيل بعد أن كانت تتحدث عن قرب إلغاء الصفقة.

أحمد جمال (القاهرة )

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بـ«الاستعداد الدائم» لمواجهة «التحديات المحتملة»

القائد العام للقوات المسلحة المصرية يلتقي عدداً من قوات حرس الحدود (المتحدث العسكري المصري)
القائد العام للقوات المسلحة المصرية يلتقي عدداً من قوات حرس الحدود (المتحدث العسكري المصري)
TT

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بـ«الاستعداد الدائم» لمواجهة «التحديات المحتملة»

القائد العام للقوات المسلحة المصرية يلتقي عدداً من قوات حرس الحدود (المتحدث العسكري المصري)
القائد العام للقوات المسلحة المصرية يلتقي عدداً من قوات حرس الحدود (المتحدث العسكري المصري)

طالب القائد العام للقوات المسلحة المصرية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفريق أول عبد المجيد صقر، قوات الجيش بـ«الاستعداد الدائم لمواجهة التحديات المحتملة». وقال إن «رجال القوات المسلحة سيواصلون التضحية والعطاء من أجل الدفاع عن أمن مصر واستقرارها».

جاء ذلك خلال لقاء صقر، الأربعاء، عدداً من مقاتلي قوات حرس الحدود، في حضور رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الفريق أحمد خليفة، وعدد من قادة القوات المسلحة.

وقال المتحدث العسكري المصري إن اللقاء يأتي «في إطار حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على التواصل المستمر مع أبنائها؛ لتوحيد المفاهيم تجاه مختلف القضايا والموضوعات، التي تتعلق بالأمن القومي المصري».

وقدم قائد قوات حرس الحدود، اللواء أسامة عبد الحميد داود، الشكر للقيادة العامة للقوات المسلحة على دعمها المستمر لقوات حرس الحدود، بما يمكنها من أداء المهام المكلفة بها بكفاءة واقتدار، مؤكداً أن «قوات حرس الحدود ستظل دائماً في أعلى درجات اليقظة والجاهزية».

وقام وزير الدفاع المصري بتكريم المتميزين من قوات حرس الحدود، تقديراً لجهودهم في «إحباط عديد من محاولات التسلل والتهريب، وحماية حدود الدولة على كافة الاتجاهات الاستراتيجية». ونقل تحيات وتقدير الرئيس عبد الفتاح السيسي لمقاتلي حرس الحدود، كما أشاد بالنجاحات التي حققتها قوات حرس الحدود خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى «أهمية الحفاظ على أعلى معدلات الكفاءة والاستعداد القتالي، والارتقاء بالمستوى المهاري والبدني بالتدريب المستمر، والحفاظ على الروح المعنوية العالية».

قوات حرس الحدود خلال لقاء وزير الدفاع المصري (المتحدث العسكري المصري)

ونهاية الشهر الماضي، شهد وزير الدفاع المصري المرحلة الرئيسية للرماية الصاروخية لقوات الدفاع الجوي. وتضمنت المرحلة حينها «التصدي لهجمات جوية معادية باستخدام الأنظمة الصاروخية متعددة المديات، والتي تمكنت من إصابة أهدافها بدقة وكفاءة عاليتين».

كما شهد القائد العام للقوات المسلحة، منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، «المشروع التكتيكي الذي نفذته إحدى وحدات المنطقة الغربية العسكرية باستخدام الذخيرة الحية».

وتضمنت المرحلة الرئيسية للمشروع «إدارة أعمال القتال لاقتحام الحد الأمامي لدفاعات العدو، بمعاونة القوات الجوية التي نفذت طلعات للاستطلاع والتأمين والمعاونة لدعم أعمال قتال القوات القائمة بالهجوم، تحت ستر وسائل وأسلحة الدفاع الجوي، وبمساندة المدفعية لتدمير الاحتياطات، وإرباك وتدمير مراكز القيادة والسيطرة المعادية».

وقال الوزير صقر حينها إن «القوات المسلحة، بما تمتلكه من نظم قتالية وأسلحة ومعدات، قادرة على حماية الوطن وصون مقدراته على كافة الاتجاهات الاستراتيجية للدولة»، مشيراً إلى أن ما تم تنفيذه من أنشطة تدريبية خلال المشروع «يبعث برسالة طمأنة للشعب المصري على قواته المسلحة واستعدادها القتالي الدائم».


«العنف الإلكتروني»... سلاح يهدد الطموح السياسي لليبيات

وقفة احتجاجية نسائية مناهضة للعنف ضد المرأة في ليبيا (الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في ليبيا)
وقفة احتجاجية نسائية مناهضة للعنف ضد المرأة في ليبيا (الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في ليبيا)
TT

«العنف الإلكتروني»... سلاح يهدد الطموح السياسي لليبيات

وقفة احتجاجية نسائية مناهضة للعنف ضد المرأة في ليبيا (الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في ليبيا)
وقفة احتجاجية نسائية مناهضة للعنف ضد المرأة في ليبيا (الوكالة الألمانية للتعاون الدولي في ليبيا)

أثار تقرير رسمي ليبي حديث حول العنف الرقمي ضد المرشحات في الانتخابات الليبية البلدية صدمة واسعة داخل الأوساط السياسية والحقوقية، بعدما كشفت وزيرة ليبية عن تسجيل 85 ألف حالة استهداف إلكتروني خلال الأشهر الستة الماضية.

وشكل هذا الرقم الصادم جرس إنذار قوياً لدى سلطات غرب ليبيا؛ إذ عدته وزيرة الدولة لشؤون المرأة في حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حورية الطرمال، «أكثر من مجرد مؤشرات تقنية»، بل «قاعدة ضرورية لصياغة سياسات حماية تضمن للنساء حق المشاركة في الحياة العامة دون خوف أو ابتزاز».

اتساع رقعة العنف الرقمي

هذا الإقرار الرسمي والحديث عن سياسات حمائية جديدة للمرأة، ورغم أهميته، لا يبدد القلق المتنامي لناشطات وسياسيات ليبيات تحدثت إليهن «الشرق الأوسط»، حيث رأين في اتساع رقعة العنف الرقمي دليلاً على بيئة سياسية غير آمنة، لا تمس فقط مشاركة المرأة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بل أيضاً قدرتها على البقاء في المجال العام.

وزيرتا العدل والدولة لشؤون المرأة الليبيتان خلال استلام تقرير مناهضة العنف ضد المرأة في الانتخابات البلدية (وزارة شؤون المرأة)

وعبّرت ناشطات عن خوف حقيقي من أن تتحول هذه الأرقام «مؤشر ردع»، يثني نساء أخريات عن الترشح أو التعبير، ما لم تُترجم سريعاً إلى إجراءات حماية ملموسة.

في هذا السياق، ترسم العضوة البارزة في اللجنة الاستشارية المكلفة من بعثة الأمم المتحدة، جازية شعيتير، صورة صادمة لتأثير الهجمات الإلكترونية على النساء اللواتي يتمتعن بطموح سياسي، واصفة إياها بأنها «أشد وطأة» مقارنة بفئات المجتمع الأخرى.

وقالت شعيتير لـ«الشرق الأوسط» إن إشاعة واحدة في مجتمع محافظ قد تُحدث «اغتيالاً معنوياً» يدمر الأسرة، وربما يؤدي إلى الطلاق، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة لا تزال «ملفاً مسكوتاً عنه» رغم اتساعها وخطورتها.

وحسب ما أعلنت عنه وزيرة الدولة لشؤون المرأة، فقد قفزت الاعتداءات الإلكترونية في الانتخابات البلدية هذا العام بنسبة تقارب 89 في المائة، مقارنة بجولات سابقة من الانتخابات ذاتها.

وتتنوع أنماط الاعتداءات الإلكترونية بحق المنخرطات في المجال العام بين «السب والقذف والتشهير، وتزييف الصور والفيديوهات باستخدام التطبيقات والذكاء الاصطناعي»، وفق شعيتير، التي أكدت أن سهولة التخفي وراء حسابات مجهولة حولت العنف الرقمي «أداةً للابتزاز الأخلاقي وتشويه صورة النساء»، مع آثار اجتماعية مضاعفة تطول خصوصاً المترشحات.

«ظاهرة مقصودة»

يبدو أن مخاطر هذا الاستهداف باتت «ظاهرة ممنهجة ومقصودة»، وفق المحامية والناشطة الحقوقية، هالة بوقعيقيص، التي أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن اتساع منصات الاستهداف ووتيرته «يعكس نمطاً منظماً يهدد حضور المرأة في المجال العام؛ إذ لا تضر الهجمات بالسمعة فقط، بل تخلق بيئة طاردة، تمنح خصوم المرأة أداة سياسية رخيصة وفعالة».

وتحدثت الطرمال عن «رصد 85 ألف حالة عنف إلكتروني ضد النساء الليبيات المترشحات»، خلال استلام التقرير نصف السنوي لمنظومة التصدي للعنف الإلكتروني من المفوضية العليا للانتخابات.

ناشطة ليبية خلال اجتماع مع وزير الحكم المحلي بغرب ليبيا محمد الدرسي في اجتماع عن العنف ضد المرأة (صفحة الوزارة)

وفي بلد مُثقل بالأزمات السياسية والأمنية منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، يربط «منبر المرأة الليبية من أجل السلام»، وهو منظمة حقوقية تُعنى بالدفاع عن حقوق النساء، تفاقم العنف بتنامي نفوذ الميليشيات والانقسام السياسي؛ ما يجعل النساء «الفئة الأكثر هشاشة» في ظل غياب سلطة قانونية رادعة.

وتستعيد رئيسة مفوضية المجتمع المدني في طرابلس، انتصار القليب، تجربتها الشخصية مع حملات تشويه وتهديد إلكتروني استهدفتها بشكل مباشر عبر صفحات تواصل اجتماعي ليبية. غير أن القليب قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها استطاعت تحويل «المحنة إلى مساحة تأثير أوسع». وأشارت في المقابل إلى أن الاستهداف الرقمي «يزيد هشاشة النساء المنخرطات في الشأن العام»؛ إذ تدفع «الضغوط الأمنية والاجتماعية الكثيرات منهن إلى التفكير في الانسحاب خوفاً من التشهير أو الابتزاز».

موجة استهداف الناشطات

قبل أن يتصدر العنف الرقمي المشهد الليبي، شهدت البلاد موجة استهداف ميداني للناشطات؛ فقد اغتيلت المحامية والحقوقية سلوى بوقعيقيص في يونيو (حزيران) 2014، وتلتها عضوة «المؤتمر الوطني العام» السابقة، فريحة البركاوي في يوليو (تموز) من العام نفسه. كما رسخ اختفاء البرلمانية سهام سرقيوة قسرياً منذ يوليو 2019، واغتيال المحامية والناشطة المدنية الليبية حنان البرعصي في بنغازي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، حالة من الإفلات من العقاب، دفعت سياسيات وإعلاميات وحقوقيات إلى الانسحاب، أو مغادرة البلاد بسبب غياب الحماية المؤسسية.

وعلى نطاق أوسع، يُلقي حقوقيون باللائمة على حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة بإجهاض أول خطة وطنية لأجندة المرأة والسلام والأمن عام 2021، بعد تجريمها، وإحالة وزيرة المرأة السابقة للتحقيق إثر توقيعها مذكرة تفاهم مع «هيئة الأمم المتحدة للمرأة»، وفق «منبر المرأة الليبية».

مجلس النواب في شرق ليبيا أصدر قانوناً لمكافحة الجرائم الإلكترونية (مجلس النواب)

في المقابل، أصدر مجلس النواب في شرق ليبيا قانوناً لمكافحة الجرائم الإلكترونية، بينما يدرس مسودة قانون خاصة بمكافحة العنف الرقمي ضد المرأة.

ومع ذلك، تؤكد حقوقيات أن المواجهة «تتطلب إجراءات عملية لا شعارات»، سواء من جانب الحكومتين في شرق ليبيا وغربها أو المجتمع المدني.

وفي هذا السياق، دعت شعيتير إلى «وضع آليات واضحة للوقاية والعقاب»، في حين ترى بوقعيقيص «ضرورة توفير دعم نفسي وقانوني للمترشحات، تتولاه جهات وطنية، وفي مقدمتها المفوضية الوطنية للانتخابات». أما القليب، فتقترح إنشاء «خط ساخن ومنصة تبليغ موحدة» داخل وزارة الداخلية أو المفوضية، وعقد اتفاقات مع شركات التواصل لحذف المحتوى المسيء فوراً، وربط الشكاوى بالأنظمة الدولية. كما دعت إلى تأسيس «وحدة متخصصة داخل النيابة العامة» لتعقب الحسابات الوهمية، وتجريم الحملات المنظمة ضد المترشحات، إلى جانب إطلاق ميثاق شرف إعلامي يمنع إعادة نشر المحتوى المسيء.

وفي خضم صدمة واسعة أحدثتها أرقام الاعتداءات الرقمية، التي طالت المترشحات في الاقتراع البلدي، تختتم منظمات نسوية عدة، ومن بينها منبر المرأة الليبية، الأربعاء، مشاركتها في حملة «الستة عشر يوماً» لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وسط تحذيرات متزايدة من أن الفضاء الرقمي أصبح أكثر عدائية تجاه النساء العاملات في الشأن العام.


«الاستقرار» الليبية تستدعي قنصل اليونان بسبب «تصريحات غير مسؤولة»

الحويج خلال لقائه قنصل اليونان في بنغازي (حكومة الاستقرار)
الحويج خلال لقائه قنصل اليونان في بنغازي (حكومة الاستقرار)
TT

«الاستقرار» الليبية تستدعي قنصل اليونان بسبب «تصريحات غير مسؤولة»

الحويج خلال لقائه قنصل اليونان في بنغازي (حكومة الاستقرار)
الحويج خلال لقائه قنصل اليونان في بنغازي (حكومة الاستقرار)

تصاعد التوتر الدبلوماسي بين حكومة «الاستقرار» في شرق ليبيا واليونان، تزامناً مع استمرار الخلافات بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» حول المناصب السيادية.

واستدعت وزارة الخارجية بحكومة «الاستقرار» القنصل اليوناني، أثاناسيوس أناستوبولوس ونائبته، مساء الثلاثاء في مدينة بنغازي (شرق)، على خلفية التصريحات الصادرة عن بعض المسؤولين في السلطات اليونانية، والتي اعتبرتها الحكومة «مساساً بسيادتها، ومصالحها الوطنية».

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» (الحكومة)

ونقل وزير الخارجية بالحكومة غير المعترف بها دولياً، عبد الهادي الحويج، لقنصل اليونان الموقف الرسمي لحكومته، الرافض لما وصفه بـ«التصريحات غير المسؤولة»، كما سلّمه نسخة من بيان الحكومة الذي تضمن احتجاجها على أي تجاوز، أو تدخل يمس سيادتها، أو استقلال قرارها الوطني.

وأكد الحويج أن سيادة ليبيا ومصالح الشعب الليبي «خط أحمر»، وأن الدولة الليبية «حريصة على بناء علاقات متوازنة مع مختلف الدول، تقوم على الندية، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية»، وطالب الجانب اليوناني بالحرص على «ضبط التصريحات الرسمية، وعدم إطلاق مواقف استفزازية قد تضر بالعلاقات بين البلدين».

وكان رئيس البرلمان اليوناني، نيكيتاس كاكلامانيس، قد دعا رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، خلال محادثتهما في العاصمة اليونانية أثينا الأسبوع الماضي، إلى عدم التصديق على مذكرة التفاهم التركية-الليبية لعام 2019، وطالب بإلغائها. وقد أثارت هذه التصريحات غضب نائبي صالح في إطار تصاعد الخلافات داخل مجلس النواب، والذي بدأت علاقته في التحسن أخيراً مع تركيا.

وتتيح مذكرة التفاهم البحرية، الموقَّعة بين حكومة الوفاق السابقة برئاسة فايز السراج وتركيا عام 2019، والتي أعادت حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة التأكيد على الالتزام بها عام 2021، مع اتفاقات إضافية، مثل تلك التي تتعلق بالهيدروكربونات، ترسيم مناطق اقتصادية خالصة متصلة بين البلدين في شرق البحر المتوسط.

ويعني هذا من وجهة نظر اليونان إلغاء حقوقها البحرية لجزر كريت، ورودس، وغيرهما، ولهذا عارضتها بشدة، واعتبرتها «انتهاكاً صارخاً لقانون البحار» الذي يمنح الجزر حقوقاً بحرية كاملة، ورأت أنها تمنح في المقابل تركيا نفوذاً غير مشروع في منطقة غنية بالغاز والطاقة، ما يؤثر على حقوقها السيادية والبحرية بشكل مباشر، ومشاريعها الإقليمية في شرق المتوسط.

في غضون ذلك، تحدثت وسائل إعلام محلية عن رفض رئيس مجلس النواب لقاء رئيس مجلس الدولة، محمد تكالة، في العاصمة الفرنسية باريس، بوساطة فرنسية، ونقلت عن مصدر برلماني أنه لا تزال هناك ضغوط فرنسية لعقد اللقاء الأسبوع المقبل للتباحث حول هذا الملف. ولم يعلق عقيلة صالح على هذه المعلومات، كما امتنع الناطق الرسمي باسم المجلس، عبد الله بليحق، عن الرد عليها، وهو نفس الموقف الذي اتخذه تكالة، ومجلس الدولة.

لكن أعضاء في المجلس الأعلى للدولة أعلنوا في تصريحات أن صالح وتكالة سيجتمعان قريباً، من دون تحديد مكان وزمان الاجتماع لمناقشة ملف المناصب السيادية.

القائم بأعمال السفارة الأميركية مع رئيسة البعثة الأممية (السفارة)

بموازاة ذلك، أعلن القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمي برنت، أنه بحث الأربعاء في طرابلس مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة، هانا تيتيه، الجهود المشتركة لمساعدة الليبيين على تجاوز الانقسامات، وتعزيز الاستقرار، والوحدة، معرباً عن ترحيبه بخريطة الطريق التي وضعتها تيتيه، كما «حث جميع الأطراف الليبية المعنية على استخدامها، وتيسير عمل البعثة الأممية لدفع عملية سياسية بقيادة ليبية نحو حكم موحد، وانتخابات».

كما بحث برنت في طرابلس مع وزير الخارجية المكلف بحكومة الوحدة، الطاهر الباعور، سبل تعزيز التعاون الثنائي بين الولايات المتحدة وليبيا، فضلاً عن دعم الولايات المتحدة للجهود الرامية إلى مساعدة الليبيين على تجاوز الانقسامات، وبناء ليبيا أكثر استقراراً، ووحدة، وازدهاراً.

وكان برنت قد ناقش مساء الثلاثاء في طرابلس مع النائب العام، الصديق الصور، جهوده لتعزيز ممارسات إنفاذ القانون في ليبيا.

الفريق خالد حفتر خلال استقبال رئيس وفد الأردن (الجيش الوطني)

من جانبه، قال رئيس أركان الجيش الوطني، الفريق خالد حفتر، إنه بحث الأربعاء في بنغازي مع وفد عسكري رفيع المستوى من الأردن، برئاسة العميد نجي عبد الجليل، مساعد رئيس هيئة الأركان العامة للعمليات والتدريب، سبل تعزيز التعاون العسكري في مجالات التدريب، وتبادل الخبرات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين، مؤكداً على أهمية تطوير الشراكة العسكرية، واستمرار التنسيق بين الجانبين، لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.