ليبيا تعيش مخاوف استباقية خشية «استقبال» مرحّلين من أميركا

«الوحدة» تنفي مجدداً أي اتفاق لجلبهم... والبرلمان يطالب بالتحقيق

ليبيا تعيش مخاوف استباقية خشية «استقبال» مرحّلين من أميركا
TT

ليبيا تعيش مخاوف استباقية خشية «استقبال» مرحّلين من أميركا

ليبيا تعيش مخاوف استباقية خشية «استقبال» مرحّلين من أميركا

يسود ليبيا مناخ مضطرب تغلفه مخاوف استباقية من احتمال وجود «صفقة سرية» تسمح باستقبال مهاجرين مرحّلين من الولايات المتحدة.

وتنشغل الأوساط الليبية حالياً بتوجيه اتهامات لأطراف سياسية محلية، قد تكون متورّطة في إبرام تلك الصفقة مع واشنطن، التي تقضي باستقبال البلاد «مهاجرين خطرين»، كانت أميركا على وشك نقلهم، إلا أن قاضياً فيدرالياً أصدر، الأربعاء، قراراً منع بموجبه ترحيلهم مؤقتاً.

نفي ليبي

كلما هدأت الأوضاع في ليبيا بشأن هذه القضية الساخنة، تعود للاشتعال مجدداً، مع ظهور «أي تسريبات» تنقلها وسائل الإعلام الغربية عن طبيعة هذه العملية.

حكومة الدبيبة تعدّ الحديث عن «استقبال» مهاجرين من أميركا تغطية على قضية الدرسي المخطوف (حكومة الوحدة)

وأمام ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» وصحف أخرى عن مسؤول ليبي قوله بأن مسؤولين ليبيين «عرضوا على الإدارة الأميركية السابقة خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين قبول مرحّلين، مقابل دعم سياسي لحكومة طرابلس»، تصاعدت حدة الاتهامات لسلطات غرب ليبيا، التي نفت مجدداً أي اتفاق لجلبهم إلى ليبيا.

وكان مقرراً، وفق صحف غربية، أن تنفذ أولى عمليات الترحيل إلى مطار مصراتة الدولي عبر طائرة عسكرية أميركية من طراز «C - 17 غلوب ماستر»، انطلقت من قاعدة «كيلي فيلد» في تكساس، وفقاً لبيانات رصد الطيران. إلا أن الطائرة توجهت لاحقاً إلى غوانتانامو، بعد أن توقفت الخطة مؤقتاً بسبب أمر قضائي.

وبحسب هذه المعطيات، فقد سارع 112 عضواً بمجلس النواب الليبي إلى دعوة النائب العام، المستشار الصديق الصور، إلى فتح «تحقيق عاجل وشفاف» في هذه القضية، وكشف «ملابساتها كافة».

جلسة لأعضاء مجلس النواب (النواب)

وقال الأعضاء في بيان مشترك، مساء (الخميس)، إن «الأنباء التي ترددت عن نقل مجرمين من أميركا إلى ليبيا تعدٍّ سافر على السيادة الوطنية، واستباحة لأرض ليبيا، واستهانة بشعبها وتاريخه».

وأضاف الأعضاء، في البيان، أنه «لا يحق لأي جهة، مهما علت مكانتها أو ادعت شرعيتها، قبول أو التورط في إدخال عناصر مرفوضة قانونياً وأخلاقياً إلى ليبيا، ولذا ندعو النائب العام إلى فتح تحقيق في هذه القضية الخطيرة، وكشف جميع ملابساتها، ومساءلة كل من يثبت ضلوعه، أو تقصيره في حماية السيادة الليبية».

كما دعا النواب «القوى الوطنية السياسية والعسكرية كافة للتحرك العاجل، والموحد لحماية الوطن من هذا العبث الممنهج؛ ولو اضطر الأمر لاستخدام القوة».

كانت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة قد نفت «بشكل قاطع» تقارير في وسائل إعلام غربية بأن هناك نية أميركية لترحيل مهاجرين إلى ليبيا، لكن مع تكرار الحديث عن «صفقة سرية» جددت «الوحدة» نفيها في وقت مبكر من صباح الجمعة لهذه الخطوة.

وأمام إشارة بعض الأطراف السياسية المناوئة لـ«الوحدة» إلى مسؤوليتها عن هذه القضية، عدّت الأمر مجرد «ادعاءات» عن تواصل ليبي - أميركي بشأن هذه القضية، ورأت أنه «حملة دعائية لتشتيت الانتباه عن جريمة اختطاف النائب إبراهيم الدرسي».

«الوحدة» تلوح بقضية الدرسي

تحدثت «الوحدة» على لسان وزارة خارجيتها عن «تقارير مغلوطة»، نُشرت في صحف دولية، تزعم وجود تواصل بين مسؤولين ليبيين والإدارة الأميركية السابقة بخصوص قبول مهاجرين مرحّلين. وقالت إنها فوجئت بمحاولة «مشبوهة» لتشتيت الانتباه عن «صدمة واسعة جراء التسريبات المصورة، التي تظهر النائب الدرسي في وضع احتجاز مهين وغير إنساني».

وجددت «الوحدة» نفيها «القاطع» لما سمّته «مزاعم لا تستند إلى أي مصدر رسمي أو وثائق موثوقة»، ورأت أن «تعمد نشرها في هذا التوقيت جزء من حملة لصرف الانتباه عن المطالب المشروعة بالكشف عن الجهة المتورطة في تعذيب واختطاف النائب الدرسي».

واختُطف الدرسي منذ نحو عام من منزله في بنغازي، لكنه ظهر في فيديوهات «مزعومة» في الخامس من الشهر الحالي وهو عاري الجسد، والأغلال معلقة في عنقه، ويطالب حفتر ونجله صدام بالإفراج عنه.

وانتهت حكومة «الوحدة» بالتأكيد على أن موقفها من ملف الهجرة غير النظامية «واضح وثابت، ويرتكز على احترام السيادة الوطنية، ورفض أي محاولات لإعادة التوطين، أو استخدام الأراضي الليبية بديلاً لحلول مفروضة من الخارج».

توقيف عدد من المهاجرين الأفارقة في غرب ليبيا 1 مايو (الإدارة العامة للعمليات الأمنية)

وبخصوص ذكر مصراتة في هذه الأزمة وأنها قد تكون مقراً لهؤلاء المهاجرين، أكد مجلسها البلدي على ضرورة عدم الزج باسم المدينة في هذه النزاعات، محذراً من «زرع الفتن ونشر القلق والتوتر بين المواطنين».

مصراتة والسيادة الليبية

قال المجلس البلدي لمصراتة، في بيانه، إن «استجلاب مهاجرين من أميركا إلى ليبيا وإدخالهم عبر إحدى المنافذ الرسمية للدولة أمر يمسّ بسيادة بلدنا؛ ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تتحمل سلبياته وتداعياته مدينة بعينها، دون غيرها من المدن الليبية»، رافضاً بشكل قاطع «توطين المهجرين في ليبيا بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف من الظروف».

وكانت القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» قد نفت على لسان مدير إدارة التوجيه المعنوي اللواء خالد المحجوب وجود تنسيق أو اتفاق مع «القيادة العامة» بشأن استقبال مهاجرين مرحّلين من الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنها لن تستقبل أي رحلات من هذا النوع عبر المطارات والمنافذ التي تؤمنها.

ودخلت منظمة «هيومن رايتس ووتش» على خط الأزمة، ودعت الولايات المتحدة، الجمعة، إلى عدم نقل المهاجرين قسراً إلى ليبيا، وأرجعت ذلك إلى أن «ظروف الاحتجاز غير إنسانية، والتعذيب وسوء المعاملة والاعتداء الجنسي وعمليات القتل غير المشروعة في ليبيا موثقة جيداً»، بحسب قولها.

وقالت حنان صلاح، المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة: «لا يُعقل أن تُجبر دولة ممزقة، مثل ليبيا، على استقبال المزيد من المُحتجزين، مع تاريخها المُوثق جيداً، الذي يشمل ظروف احتجاز مُروعة على يد جماعات مُسلحة غير خاضعة للمساءلة».


مقالات ذات صلة

وفاة 11 سودانياً في صحراء الكفرة الليبية بسبب العطش

شمال افريقيا مقتل عدد من السودانيين بالصحراء الليبية جنوب الكفرة أغسطس الماضي (جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي)

وفاة 11 سودانياً في صحراء الكفرة الليبية بسبب العطش

وسط الصحراء الشاسعة بين ليبيا والسودان، لقي كثير من الفارّين من الحرب بالدولة المجاورة مصيراً غامضاً، بينما مات آخرون في حوادث متفرقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع لجنة «الهدنة» المكونة من المجلس الرئاسي الليبي وبعثة الأمم المتحدة (رئاسة أركان قوات الوحدة)

​البعثة الأممية و«الرئاسي» الليبي لمنع عودة الاشتباكات إلى طرابلس

قالت رئاسة الأركان التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية إن لجنة مراقبة «الهدنة» تعمل على تهدئة الأوضاع ومنع عودة النزاع المُسلّح في طرابلس والمناطق المُحيطة بها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص هانيبال القذافي خلال احتفال في الذكرى الـ40 لـ«الثورة الليبية» في 2 سبتمبر 2009 (أ.ف.ب)

خاص ليبيا تطلب مجدداً من لبنان تسليمها هانيبال القذافي أو ترحيله إلى بلد ثالث

عاد ملفّ هانيبال معمّر القذافي الموقوف في لبنان منذ 10 أعوام إلى الواجهة، مع مطالبة السلطات الليبية مجدداً تسليمها إياه بشكل سريع.

يوسف دياب (بيروت)
شمال افريقيا الدبيبة خلال استقباله وفداً من محفظي القرآن والخطباء والأئمة (حكومة «الوحدة»)

بسلاح «سحب الاعتراف»... دائرة المعارضين تضيق على حكومة «الوحدة» الليبية

أعلن أعضاء من مجلسَي النواب و«الدولة»، بالإضافة إلى عمداء بلديات غرب طرابلس، والمنطقة الغربية، «سحب الاعتراف» من حكومة «الوحدة»، بالتزامن مع دعوات للتظاهر ضدها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا زيارة خوري لبلدية الزنتان (البلدية)

مطالب أميركية لليبيين بالتحقيق في «انتهاكات» خلال اشتباكات طرابلس

أكد بيان لـ«دعم الاستقرار» التابع للمجلس الرئاسي، أن ما وصفه بـ«مؤامرة اغتيال الككلي»، حُبكت قبل أيام من الحادث دون تدخل دولي.

خالد محمود (القاهرة )

الأمم المتحدة تحذّر من تدهور الوضع الإنساني في السودان

نازحون في ولاية جنوب كردفان - السودان 22 يونيو 2024 (رويترز)
نازحون في ولاية جنوب كردفان - السودان 22 يونيو 2024 (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تحذّر من تدهور الوضع الإنساني في السودان

نازحون في ولاية جنوب كردفان - السودان 22 يونيو 2024 (رويترز)
نازحون في ولاية جنوب كردفان - السودان 22 يونيو 2024 (رويترز)

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن تصاعد القتال في مناطق مختلفة عبر السودان يدفع المدنيين إلى الفرار من منازلهم إلى الملاجئ.

وأضاف المتحدث، نقلاً عن «المنظمة الدولية للهجرة»، أنه في ولاية غرب كردفان، أجبر تزايد انعدام الأمن ما يقرب من 47 ألف شخص على النزوح من بلدتي الخوي والنهود هذا الشهر، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأشار دوجاريك إلى أن العديد من هؤلاء الأشخاص كانوا بالفعل نازحين داخلياً، ويُجبَرون الآن على التنقل للمرة الثانية.

وفي ولاية شمال دارفور، نزح نحو ألف شخص من مخيم أبو شوك ومدينة الفاشر، في الأسبوع الماضي وحده، مما رفع العدد الإجمالي للنازحين من هذين المكانين هذا الشهر إلى 6 آلاف شخص. وقال المتحدث إن شمال دارفور تستضيف ما يُقدَّر بأكثر من 1.7 مليون نازح إجمالاً.

ويؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تعميق الأزمة.

وأعرب المتحدث عن قلق الأمم المتحدة من تصاعد حالات الكوليرا في بعض المناطق بولاية الخرطوم.

وقال: «على الرغم من أن العاملين في المجال الإنساني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة المحتاجين، فإننا نكرر الحاجة الملحّة لمزيد من الوصول والتمويل المرن»، مشيراً إلى أنه، حتى الآن، لم يتم تلقّي سوى 552 مليون دولار أميركي من التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام، التي تتطلب 4.2 مليار دولار.