وقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء اليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، على إعلان مشترك لترفيع العلاقات بين القاهرة وأثينا إلى «الشراكة الاستراتيجية».
وجاء ترفيع العلاقات المصرية - اليونانية خلال زيارة السيسي إلى أثينا، الأربعاء، في مستهل جولة خارجية تشمل اليونان، ثم روسيا، للمشاركة في احتفالات «عيد النصر» تلبية لدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسب الرئاسة المصرية.
وخلال زيارته لليونان، أجرى الرئيس المصري محادثات مع رئيس الوزراء اليوناني، لبحث العلاقات الثنائية، كما ترأس السيسي وميتسوتاكيس الاجتماع الأول لمجلس التعاون رفيع المستوى بين القاهرة وأثينا.
ووفق إفادة للرئاسة المصرية، ناقش المجلس «سبل مواصلة تعزيز وتنمية العلاقات وتطويرها في مختلف المجالات، خاصة الطاقة، والتبادل التجاري، والتعاون الاقتصادي».
وعقب المحادثات وقع السيسي ورئيس وزراء اليونان على «إعلان الشراكة الاستراتيجية»، كما شهدا التوقيع على «عدد من مذكرات التفاهم المشترك»، حسب الرئاسة المصرية.
وأعرب الرئيس المصري عن «سعادته بتوقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية بين بلاده واليونان»، وأكد في المؤتمر الصحافي، مع رئيس وزراء اليونان، «حرص بلاده على تعزيز التعاون مع أثينا»، كما جدد التأكيد على «رفض بلاده دعوات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».
وأشاد السيسي بـ«مواقف اليونان الداعمة لبلاده»، وقال إن «أثينا قامت بدور كبير لشرح وجهة النظر المصرية في الأحداث الداخلية بعد ثورتي 2011 و2013 للأوروبيين، ونجحت في ذلك»، مشيراً إلى أن «بلاده لن تنسى ذلك الموقف».
فيما أشار رئيس وزراء اليونان إلى وجود «أسس صحيحة وقوية بين بلاده والقاهرة لترفيع العلاقات»، منوهاً بأهمية «اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين»، وأكد «استعداد بلاده لدعم أي مبادرة لتعزيز الاستقرار الإقليمي»، وأشاد بـ«الخطة العربية - الإسلامية لإعادة إعمار غزة».
ووقعت مصر واليونان في أغسطس (آب) عام 2020 على «اتفاق ترسيم الحدود البحرية في المناطق الاقتصادية الخالصة بين البلدين في شرق البحر المتوسط».
وقبل محادثات السيسي مع رئيس وزراء اليونان التقى مع نظيره اليوناني، كونستانتينوس تاسولاس، وحسب إفادة للرئاسة المصرية، جرى التأكيد خلال اللقاء على «الزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - اليونانية، وتوافر الإرادة المشتركة للارتقاء بها لمستويات أكثر عمقاً، واتساعاً».
وأكد السيسي لنظيره اليوناني على «اهتمام بلاده بالشراكة مع أثينا، والتي تمثل ركيزة قوية للتعاون الثنائي والإقليمي»، وأشار إلى «حرص القاهرة على تعزيز التعاون مع اليونان في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية والثقافية»، إلى جانب «مجالات الطاقة والنقل»، لا سيما مع تنفيذ «مشروع الربط الكهربائي بين البلدين».
ويشار إلى أن مصر واليونان وقبرص وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021 اتفاقاً حول نقل الكهرباء في إطار تعزيز التعاون في مجال الطاقة بين الدول الواقعة في شرق المتوسط.
وأشار الرئيس اليوناني إلى «حرص بلاده على تعزيز علاقاتها مع القاهرة، خاصة مع الدور المصري في إرساء دعائم الأمن والاستقرار الإقليميين، ومعالجة أزمات المنطقة»، وأكد «أهمية مصر باعتبار أنها شريك استراتيجي رئيس للاتحاد الأوروبي».

وحسب بيان الرئاسة المصرية، تناولت محادثات السيسي ونظيره اليوناني «مستجدات الأوضاع في قطاع غزة، وسوريا، وليبيا، واليمن، وأمن الملاحة في البحر الأحمر»، إلى جانب «سبل تجنب التصعيد الإقليمي، وتعزيز جهود مكافحة (الهجرة غير المشروعة)»، وأكد الجانبان «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لضمان التهدئة، واستعادة الاستقرار في المنطقة».
وتعكس زيارة السيسي لأثينا التطور في العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وفق مساعد وزير الخارجية المصري، السفير محمد حجازي، وأشار إلى أن «اليونان تمثل أقرب شريك أوروبي لمصر، وتشكل ركيزة أساسية لدعم المصالح المصرية داخل الاتحاد الأوروبي»، منوهاً إلى أن «الحكومة اليونانية لعبت دوراً مهماً في شريحة تمويل الاتحاد الأوروبي المقدمة للقاهرة أخيراً».
ويقدم الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو حتى عام 2027، في صورة مساعدات مالية، واعتمد البرلمان الأوروبي في مطلع أبريل (نيسان) الماضي الشريحة الثانية من الدعم المالي المقدم لمصر، بقيمة 4 مليارات يورو، بعد شريحة أولى بقيمة مليار يورو في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويعتقد حجازي أن «الأبعاد الاقتصادية والتجارية تحمل أولوية في مجالات التعاون بين مصر واليونان»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة تعوّل على الجانب اليوناني لدعم تعاونها التجاري والاستثماري مع الاتحاد الأوروبي»، إضافة إلى تنفيذ مشروعات استراتيجية كبرى، مثل «الربط الكهربائي بين الجانبين»، مضيفاً أن «معدلات التبادل التجاري بين القاهرة وأثينا شهدت ارتفاعاً خلال العقد الأخير».
وخلال لقائه نظيره اليوناني، عدّ السيسي مشروع الربط الكهربائي مع اليونان «نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، ويفتح آفاقاً جديدة لنقل الطاقة الكهربائية النظيفة إلى أوروبا للمرة الأولى».
وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر واليونان 1.6 مليار دولار خلال العام الماضي، مقابل ملياري دولار في 2023، حسب إفادة لـ«الجهاز المركزي للإحصاء» بمصر، الأربعاء. (الدولار يساوي 50.6 جنيه في البنوك المصرية).
وتتكامل العلاقات المصرية اليونانية مع «آلية التعاون الثلاثي» التي تجمع القاهرة وأثينا مع قبرص، وفق حجازي، وقال إن «العلاقات بين الدول الثلاث خلال العقد الأخير شكلت ركيزة أساسية للتعاون في شرق المتوسط»، كما شهدت «تنسيقاً مشتركاً في عدد من القضايا الإقليمية».
ودشّنت مصر واليونان وقبرص آلية للتعاون الثلاثي على مستوى القمة، عُقد الاجتماع الأول لها في القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وتناوبت الدول الثلاث على استضافة اجتماعاتها على مدار السنوات الماضية، حيث عُقدت الجولة العاشرة منها في يناير (كانون الثاني) الماضي بالقاهرة.
إلى ذلك أعلنت الرئاسة المصرية أن السيسي سيتوجه إلى روسيا عقب نهاية زيارته لليونان، وذلك لـ«المشاركة في احتفالات عيد النصر، المقررة التاسع من مايو (أيار) الحالي»، وقالت إن زيارة الرئيس المصري لموسكو تأتي «تلبية لدعوة من نظيره الروسي».
ويتوقف مساعد وزير الخارجية المصري مع أهمية زيارة السيسي إلى موسكو، وقال إن «احتفالات عيد النصر الروسية من المنتظر أن يشارك فيها عدد من رؤساء الدول، مثل الصين والبرازيل»، عاداً أن ذلك «سيشكل فرصة لمحادثات بين الرئيس المصري وقادة تلك الدول في توقيت مهم تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تطورات عديدة، تستدعي دعماً دولياً لجهود ومساعي التهدئة الإقليمية».




