ندد الرئيس التونسي قيس سعيد، مساء الاثنين، بالانتقادات الدولية الصادرة خصوصاً من فرنسا وألمانيا، في أعقاب صدور أحكام سجن طويلة على معارضين، واصفاً إياها بأنها «تدخُّل سافر في الشأن الداخلي»، بحسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ووفق بيان للرئاسة، قال سعيد خلال استقباله وزير الخارجية إن «التصريحات والبيانات الصادرة عن جهات أجنبية مرفوضة شكلاً وتفصيلاً، وتُعدّ تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي التونسي»، مضيفاً: «إذا كان البعض يُعبّر عن أسفه لاستبعاد المراقبين الدوليين، فإنّ تونس يمكن أيضاً أن تُوجّه مراقبين إلى هذه الجهات التي عبّرت عن قلقها، وعن أرقها المزعوم، وتُطالبها أيضاً بتغيير تشريعاتها واستبدال إجراءاتها».
في وقت سابق من الشهر الحالي، أصدرت محكمة تونسية أحكاماً مشددة بالسجن، وصلت إلى 66 عاماً في حق نحو 40 من شخصيات المعارضة ومحامين ورجال أعمال، بعد إدانتهم بتهمة «التآمر على أمن الدولة». وكانت فرنسا والأمم المتحدة قد أكدتا أنّه لم يتم احترام شروط محاكمة «عادلة». بينما أعربت برلين عن أسفها خصوصاً «لاستبعاد مراقبين دوليين»، لا سيما أولئك التابعين للسفارة الألمانية لدى تونس، من اليوم الأخير للمحاكمة. كما أدان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، «انتهاكات للحق في محاكمة عادلة، تثير مخاوف جدية بشأن الدوافع السياسية»، وحث تونس على «الامتناع عن استخدام تشريعات الأمن القومي، ومكافحة الإرهاب لإسكات المعارضة، وتقييد المساحة المدنية». ومنذ تفرّد الرئيس قيس سعيّد بالسلطة في صيف عام 2021، يندد المدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضون بتراجع الحريات في تونس التي انطلق منها «الربيع العربي» في عام 2011. وبالإضافة إلى المحاكمة الضخمة بتهمة «التآمر»، سُجن عشرات السياسيين والمحامين، والكتَّاب البارزين في الصحف، منذ بداية عام 2023، بموجب مرسوم قيل إنّه أُصدر بهدف الحد من انتشار الأخبار الكاذبة. وجدد المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان دعوته تونس إلى «وضع حد للاضطهاد السياسي، والاحتجازات والاعتقالات التعسفية والسجن» بحق شخصيات بارزة، و«احترام جميع حقوقهم الإنسانية، بما في ذلك الحق في حرية الرأي والتعبير». وقال المسؤول الأممي إنّ تونس «كانت نموذجاً، ومصدر إلهام للعديد من الدول في المنطقة بعد التحوّل السياسي في عام 2011، وآمل أن تعود البلاد إلى المسار الديمقراطي، وسيادة القانون وحقوق الإنسان». وشدد الرئيس سعيّد في لقائه بوزير الخارجية، محمد علي النفطي، على أن تونس «ليست ضيعة ولا بستاناً، وإذا كان البعض يعبر عن أسفه لاستبعاد المراقبين الدوليين فإن تونس يمكن أيضاً أن توجه مراقبين إلى هذه الجهات... التي تقلق حين تريد أن تظهر القلق، ولا يصيبها الأرق حين تنظر إلى حاضرها قبل ماضيها». ورداً على هذه الأحكام، ذكرت متحدثة باسم «الخارجية» الألمانية أن «الشراكة المتميزة بين الاتحاد الأوروبي وتونس ترتكز على السعي المشترك لتحقيق دولة القانون، وضمان الحريات الأساسية والديمقراطية، وكذلك التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة».