بعد تبادل طرد الدبلوماسيين... الجزائر توظف سلاح «اللغة» ضد فرنسا

قرار تعريب تذاكر الرحلات سبقه إلغاء اللغة الفرنسية من المدارس الخاصة

مصافحة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل تفجر الخلافات بين البلدين (الرئاسة الجزائرية)
مصافحة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل تفجر الخلافات بين البلدين (الرئاسة الجزائرية)
TT

بعد تبادل طرد الدبلوماسيين... الجزائر توظف سلاح «اللغة» ضد فرنسا

مصافحة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل تفجر الخلافات بين البلدين (الرئاسة الجزائرية)
مصافحة بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل تفجر الخلافات بين البلدين (الرئاسة الجزائرية)

في خطوة مرتبطة بالمناكفات، التي تجمعها مع الحكومة الفرنسية منذ أشهر، قررت السلطات الجزائرية حذف اللغة الفرنسية من التذاكر، التي تصدرها شركة الطيران المملوكة للدولة، علماً بأنه منذ 2023 أزاحت الفرنسية من تدريس كل المواد بالمدارس الخاصة، التي كانت تفضّل لغة موليير.

وأكّد عبد القادر سالمي، مسؤول قسم الشؤون العامة بشركة الخطوط الجوية الجزائرية، في تصريح لتلفزيون «الشروق»، أن الشركة «قررت مستقبلاً طباعة التذاكر باللغتين العربية والإنجليزية فقط»، بعدما كانت باللغة الرسمية للدولة ومعها الفرنسية، مبرزاً أن القرار «اتُّخذ تماشياً مع ما يجري استعماله في شركات طيران عربية ودولية أخرى». كما قال إن «اللغة الإنجليزية هي لغة عالمية، فيما استعمال العربية يعود إلى شراكاتنا مع دول عربية تفضل استخدام العربية في تواصلها الجوي».

* إعادة تموضع اللغة

يأتي هذا الإعلان لتكريس توجه بدأ بالفعل منذ عام 2024، وذلك حينما قررت الشركة تعميم استخدام اللغة العربية في مراسلاتها مع الإدارات والسفارات، والمؤسسات الرسمية، وحتى في مراسلاتها الداخلية. وبالتالي، فإن التخلي عن الفرنسية يندرج ضمن «استراتيجية أوسع لإعادة تموضع اللغة».

الرئيس الجزائري مع رئيسة الوزراء الفرنسية سابقاً في 10 أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

لكن الحجة التي تطرحها إدارة الخطوط الجوية الجزائرية تتغاضى عن عنصر أساسي، يخص الوزن الاستراتيجي للسوق الفرنسية. ففرنسا تمثل واحدةً من أكبر قواعد الزبائن للشركة، نظراً للرحلات المنتظمة وللجالية الجزائرية الكبيرة هناك. ولذلك فإن حذف اللغة الفرنسية في هذا السياق لا ينبع من منطق تجاري، بل هو فعل رمزي قوي، حسب خبراء في مجال التسويق التجاري.

يأتي هذا القرار في إطار توجّه أكبر من مجرد «تعريب تذاكر الرحلات الجوبة»، حيث يندرج حسب مراقبين في إطار قطيعة معلنة مع دولة الاستعمار سابقاً. ومنذ سنوات، يتم توظيف «القضية اللغوية» في الجزائر وسيلةً لإبراز شكل من أشكال السيادة الثقافية تجاه فرنسا، وفق تقدير متابعين لتطورات العلاقات الجزائرية - الفرنسية.

قال وزير سابق، فضل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «في الجزائر، اللغة ليست أبداً محايدة. إنها مسألة سياسية وهوية وتاريخ. والقرار الأخير للخطوط الجوية الجزائرية بحذف اللغة الفرنسية نهائياً من تذاكرها، والإبقاء فقط على العربية والإنجليزية، هو دليل جديد على ذلك».

طائرة من أسطول الخطوط الجوية الجزائرية (متداولة)

ومن شأن هذا القرار أن يثير تساؤلات، حسب المتابعين للعلاقات مع فرنسا، قد تظهر تناقضاً في التوجه المتبع في سياسة التعريب. فإذا تم الاستناد إلى الدستور لتأكيد إبراز اللغة العربية، يفترض أن يتم استعمال الأمازيغية أيضاً في منشورات شركة الخطوط الجوية، فهي أيضاً لغة وطنية ورسمية، كما أن استعمالها يعطي تصوراً حقيقياً عن التنوع الثقافي واللغوي في البلاد، علماً بأن هناك لغات أخرى كثيرة في الجزائر، منها الشاوية والميزابية والطرقية، يتحدث بها ملايين الأشخاص في شتى المناطق.

ويعكس القرار الخاص بـ«تعريب تذاكر الرحلات الجوية» عن علاقة في غاية التعقيد مع فرنسا. ففي الجزائر ينظر إلى استمرار استخدام اللغة الفرنسية كنوع من «الخضوع الثقافي». ومع ذلك، تُظهر الوقائع أن المجتمع الجزائري ومؤسساته لا يمكنهما الاستغناء كلياً عن اللغة الفرنسية، لكونها مترسخة في الاستخدام اليومي والعلاقات الدولية والدبلوماسية، والنظامين التعليمي والاقتصادي، خصوصاً في العلوم الدقيقة والتكنولوجيا، وفي الاستخدامات داخل الأجهزة والهيئات الفنية، وفي تواصلها فيما بينها. وعلى أرض الواقع، ورغم محاولات التعريب المتكررة، أو «إزالة الفرنسية»، فهي تظل عنصراً أساسياً في البنية الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية في البلاد.

وتمر العلاقات الجزائرية الفرنسية بمرحلة شديدة التعقيد، منذ الصيف الماضي، على أثر اعتراف باريس بمغربية الصحراء. وتفاقمت التوترات بمرور الوقت بسبب تتابع أحداث، مرتبطة بالهجرة والاستعمار ومعارضين جزائريين يقيمون بفرنسا، دلَت على صعوبة بالغة يواجهها البلدان لبناء علاقات طبيعية. كما زادت حدة التوتر منذ أسبوع بسبب سجن دبلوماسي جزائري في فرنسا.

* «توحش لغوي»

في مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط»، نشرت في 21 أبريل (نيسان) 2022، قال صالح بلعيد، رئيس «المجلس الأعلى للغة العربية»، إن الجزائر «تشهد منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم (في نهاية 2019) وعياً، يتمثل في إعطاء اللغة العربية القيمة العليا الجديرة بها»، مؤكداً أن البلد «يعاني ضعفاً كبيراً في التخطيط اللغوي». كما قال إن الجزائر «تكبدت توحشاً لغوياً لم يعرفه أي بلد عربي آخر»، في إشارة إلى أن الاحتلال الفرنسي كان استعماراً استيطانياً استهدف هوية الشعب الجزائري وضرب ثقافته.

صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية (الشرق الأوسط)

وأوضح بلعيد، بوصفه باحثاً متخصصاً في اللسانيات، أنه «يعيش الوعي اللغوي في تواصله مع من يهمه الأمر. فنحن نقدم التقارير بشكل جيد لرئاسة الجمهورية، وتأتينا الاستجابة بشكل جيد وسريع. ونقترح أفكاراً تخص تطوير استعمالات اللغة العربية، لا تقدح ولا تهين أحداً. كما نراقب استعمال العربية على جميع الأصعدة والسلطات».



6 قتلى في الاشتباكات بين المجموعات المسلحة بطرابلس

عنصران من عناصر الشرطة الليبية وسط العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
عنصران من عناصر الشرطة الليبية وسط العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
TT

6 قتلى في الاشتباكات بين المجموعات المسلحة بطرابلس

عنصران من عناصر الشرطة الليبية وسط العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)
عنصران من عناصر الشرطة الليبية وسط العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

أدت اشتباكات شهدتها العاصمة الليبية طرابلس أمس (الاثنين)، بين مجموعات مسلحة متنافسة، إلى مقتل 6 أشخاص على الأقل، بحسب ما أفاد مصدر طبي الثلاثاء.

وقال مركز الطب الميداني بحكومة طرابلس في بيان صحافي، إنه بدأ «الشروع في انتشال 6 جثامين بمحيط منطقة أبو سليم»، الواقعة في جنوب العاصمة.

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس السيطرة على كامل منطقة أبو سليم، وطمأنت وزارة الداخلية المواطنين في مناطق جنوب وغرب العاصمة الليبية، بأنها «تتابع عن كثب الأوضاع الجارية»، وأكدت أنها «تتجه نحو السيطرة»، وأن الأجهزة الأمنية «تبذل جهودها لضبط الأمن واحتواء الموقف».

وأعلنت الوزارة في وقت لاحق من صباح اليوم (الثلاثاء)، أن العملية العسكرية انتهت بنجاح، وأعطت تعليماتها بإكمال خطتها في المنطقة بما يضمن استدامة الأمن والاستقرار.

من جهتها، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها البالغ إزاء تفاقم الوضع الأمني في طرابلس، مع اشتداد القتال بالأسلحة الثقيلة في الأحياء المدنية ذات الكثافة السكانية العالية. وفي بيان بوقت متأخر من ليلة الاثنين، دعت البعثة جميع الأطراف إلى وقف الاقتتال فوراً واستعادة الهدوء، وذكّرت بضرورة الالتزام بحماية المدنيين في جميع الأوقات، محذرة من أن الهجمات على المدنيين والأهداف المدنية قد ترقى إلى جرائم حرب، ومؤكدة دعمها جهود الأعيان والقيادات المجتمعية لتهدئة الوضع.

ولا تزال تسمع أصوات الاشتباكات في أحياء متفرقة من طرابلس، وسط تواتر أنباء وانتشار مقاطع تظهر سيطرة القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية على أغلب مقرات جهاز دعم الاستقرار في العاصمة، وأيضاً مقر جهاز الأمن الداخلي المساند له.