تعليق «أرض الصومال» محادثات السلام مع مقديشو «يفاقم التوتر»

احتجاجاً على زيارة بري لمدينة لاسعانود محل النزاع بين الجانبين

رئيس الوزراء الصومالي خلال مشاركته في مناسبة موسعة بإدارة «خاتمة» مع مسؤولين وشخصيات من المجتمع المدني (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس الوزراء الصومالي خلال مشاركته في مناسبة موسعة بإدارة «خاتمة» مع مسؤولين وشخصيات من المجتمع المدني (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

تعليق «أرض الصومال» محادثات السلام مع مقديشو «يفاقم التوتر»

رئيس الوزراء الصومالي خلال مشاركته في مناسبة موسعة بإدارة «خاتمة» مع مسؤولين وشخصيات من المجتمع المدني (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس الوزراء الصومالي خلال مشاركته في مناسبة موسعة بإدارة «خاتمة» مع مسؤولين وشخصيات من المجتمع المدني (وكالة الأنباء الصومالية)

أزمة جديدة بين «أرض الصومال» والحكومة الفيدرالية، عقب إعلان الإقليم الانفصالي تعليق محادثات السلام المستمرة منذ أكثر من عقد مع مقديشو، احتجاجاً على زيارة مسؤول صومالي كبير لمدينة لاسعانود محل النزاع بين الجانبين.

ووفق خبير في الشأن الصومالي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن ذلك التعليق «سيقود إلى تعميق توتر علاقات الإقليم الانفصالي مع مقديشو، ويدفع لتصعيد عسكري، أو دعم إثيوبيا في ملف الميناء البحري الذي تسبب في أزمة كبيرة مطلع 2024، ولا تزال تحت مفاوضات برعاية تركية»، متوقعاً أن الصومال لن يتراجع عن دعم لاسعانود لوجستياً وسياسياً لأسباب متعلقة بوحدة البلاد وتحالفاتها، لكن مع تهدئة إعلامية لامتصاص التوتر الكبير المقبل مع الإقليم الانفصالي.

وكانت مدينة لاسعانود بشكل خاص وإقليم سول بشكل عام، منذ سنوات طويلة، مسرحاً لصراع مرير بين ولاية بونتلاند ومنطقة «أرض الصومال» الانفصالية، لكن نشأت في الإقليم إدارة جديدة أطلقت على نفسها «خاتمة» تمكنت في عام 2023 من السيطرة على لاسعانود، ومناطق واسعة من إقليم سول.

وتحاول «خاتمة» الانضمام مباشرة إلى الحكومة الفيدرالية بعيداً عن كل من بونتلاند و«أرض الصومال»، وهذا ما جعل كلاً من بونتلاند و«أرض الصومال» تعارضان زيارة رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، إلى لاسعانود، بحسب وسائل إعلام صومالية.

وسبق أن حذر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من أن زيارة رئيس الوزراء الصومالي التاريخية لمدينة لاسعانود التي جرت قبل نحو أسبوع، ستؤدي إلى تباين وتوتر أكبر بين الجانبين، قبل أن يعلن مجلس وزراء «أرض الصومال»، الخميس، تعليق محادثات السلام مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، والتي استمرت لأكثر من عقد، وذلك احتجاجاً على زيارة رئيس الوزراء الصومالي إلى مدينة لاسعانود.

وأفاد وزير الإعلام في «أرض الصومال»، أحمد ياسين شيخ علي، بأنه «اعتباراً من 16 أبريل (نيسان) الجاري، لم تعد (أرض الصومال) طرفاً في أي مفاوضات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية»، متهماً مقديشو بـ«ارتكاب انتهاكات متكررة لسيادة (أرض الصومال)».

وكانت عدة جولات من الحوار بين الجانبين قد عُقدت سابقاً برعاية دولية في كل من جيبوتي وتركيا والإمارات العربية المتحدة، لكنها فشلت في التوصل إلى تسوية سياسية، بحسب ما ذكره الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وقبل الزيارة، وصف وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، خطوة رئيس وزراء الصومال بأنها «مهمة لتأكيد وحدة أراضي الصومال»، غير أن برلمان إقليم «أرض الصومال» أدان بشدة تلك الزيارة، وأكد نواب في اجتماع أن «لاسعانود لا تزال خاضعة لسلطة (أرض الصومال)»، ووصفوا زيارة رئيس الوزراء لها بأنها «انتهاك غير مقبول لسيادة (أرض الصومال)».

والإقليم الانفصالي لا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991، وتعهد في مايو (أيار) 2024 باستعادة مدينة لاسعانود، والمناطق الأخرى الخارجة عن سيطرة قواته.

رئيس وزراء الصومال خلال وضع حجر الأساس لمشاريع تنموية في مدينة لاسعانود (وكالة الأنباء الصومالية)

ويرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «تعليق المحادثات يفاقم التوتر السياسي والأمني، خصوصاً أن لاسعانود تُعد نقطة اشتعال مزمنة بين الإقليم الانفصالي والمكونات المحلية المتحالفة مع مقديشو أو الرافضة للانفصال»، مؤكداً أن «القرار يُعد رسالة تصعيدية تعكس عمق الخلاف، وقد يُفسر بأنه تخلٍّ مؤقت عن الحلول السلمية؛ ما قد يعيد الحسابات العسكرية والسياسية على الأرض».

ويعتقد أن «مقديشو لا يمكنها التراجع العلني عن دعم لاسعانود؛ لأسباب أولها أنها تخشى فقدان شرعيتها أمام المكونات الفيدرالية، وستعتبر أن أي تراجع هو تنازل ضمني عن السيادة، فضلاً عن أنها تجد في الحراك الشعبي في لاسعانود فرصة لتقويض مشروع الانفصال»، مضيفاً: «لكن مع ذلك، قد تتجه مقديشو إلى تهدئة إعلامية أو دبلوماسية، لكنها لن تتخلى عن دعمها السياسي واللوجستي غير المباشر للمنطقة».

ولم يعلن «أرض الصومال» الغاضب من زيارة رئيس الوزراء الصومالي إلى لاسعانود عن موقف بعدُ تجاه محادثاته بشأن الميناء البحري مع إثيوبيا، وسط ترقب لاحتمال استخدامه في التصعيد الحالي.

ودخل الإقليم الانفصالي في توتر مع مقديشو منذ وقّع اتفاقية مع إثيوبيا في مطلع 2024، تحصل بموجبها أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

وقاد اتفاق رعته تركيا في 11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد شهور من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، إلى الذهاب لمحادثات في فبراير (شباط) الماضي، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية.

ولا يستبعد عبد الولي جامع بري أن «يمتد الخلاف ليشمل (إعلان أنقرة)، ودعم (أرض الصومال) لمطالب إثيوبيا»، قائلاً إن «السيناريو غير مستبعد بالكامل، خاصة في ظل التحركات الإقليمية الأخيرة ومحاولة إثيوبيا كسب اعتراف بدخول بحري عبر (أرض الصومال)»، موضحاً أنه «إذا شعرت (أرض الصومال) أنها محاصرة دبلوماسياً أو عسكرياً في لاسعانود، فقد تعزز تحالفاتها مع أديس أبابا كورقة ضغط؛ ما قد يُضعف (إعلان أنقرة)، ويُشعل جبهات جديدة دبلوماسية وربما عسكرية»، لكن هذا يعتمد على «حجم الضغط الإقليمي والدولي على الطرفين من الدول ذات النفوذ بالمنطقة».


مقالات ذات صلة

أكثر من 100 قتيل في «هجوم إرهابي» شمال بوركينا فاسو

أفريقيا استمرت الهجمات المسلحة في بوركينا فاسو على الرغم من وعود الجيش بالتصدي للتمرد (غيتي)

أكثر من 100 قتيل في «هجوم إرهابي» شمال بوركينا فاسو

قال عامل في منظمة غير حكومية وسكان محليون إن أكثر من 100 شخص قتلوا في هجوم شنه مسلحون متشددون في شمال بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» ( باماكو)
أفريقيا امرأة تقف أمام منزلها الذي غمرته المياه بعد هطول أمطار غزيرة  في مقديشو... السبت 10 مايو 2025 (أ.ب)

فيضانات في مقديشو تودي بـ7 أشخاص

قضى 7 أشخاص على الأقل جرّاء فيضانات مُدمِّرة ضربت العاصمة الصومالية مقديشو، ليلاً، وفق ما أفاد مسؤولون في الحكومة المحلية.

«الشرق الأوسط» (مقديشو )
أفريقيا لقطة من لقاء رئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود بالعاصمة مقديشو مع قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا - أفريكوم» الجنرال مايكل لانغلي (متداولة)

الرئيس الصومالي يلتقي قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا»

التقى رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، حسن شيخ محمود، بالعاصمة مقديشو، قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)» الجنرال مايكل لانغلي.

العالم العربي الرئيس الصومالي حسن شيخ خلال أعمال منتدى التشاور الوطني في مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

غيابات «المجلس الاستشاري» تعمق أزمة الانتخابات بالصومال

التئام المجلس الاستشاري الوطني في الصومال دون حضور زعيمي «بونتلاند» و«غوبالاند»، يفتح تساؤلات حول انعكاسات ذلك على «الانتخابات المباشرة» التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس الصومالي يترأس اجتماعا سابقاً لـ«المجلس الاستشاري الوطني» في العاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

اجتماع «المجلس الاستشاري» الصومالي... مساعٍ لإنهاء «أزمة الانتخابات»

تترقب الأوساط السياسية مخرجات اجتماع لـ«المجلس الاستشاري الوطني» الصومالي، الذي يعد أعلى سلطة سياسية بالبلاد، في وقت مفصلي في الحرب مع حركة «الشباب» الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

معارك طاحنة في العاصمة الليبية... وفرار سجناء

آلية مدرعة مدمرة جراء الاشتباكات لدى حي أبو سليم في طرابلس (أ.ف.ب)
آلية مدرعة مدمرة جراء الاشتباكات لدى حي أبو سليم في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

معارك طاحنة في العاصمة الليبية... وفرار سجناء

آلية مدرعة مدمرة جراء الاشتباكات لدى حي أبو سليم في طرابلس (أ.ف.ب)
آلية مدرعة مدمرة جراء الاشتباكات لدى حي أبو سليم في طرابلس (أ.ف.ب)

ارتفعت وتيرة الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس بين قوات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع.

وقال شهود عيان أن أصوات الاشتباكات لم تتوقف منذ منتصف ليل الثلاثاء، وانتشرت قوات الردع في عدة مناطق منها سوق الجمعة ومطار معيتيقة.

وأعلنت جمعية الهلال الأحمر بطرابلس حالة الطوارئ ورفع درجة التأهب القصوى في مدينة طرابلس. وفي بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أهابت بالمواطنين توخي الحذر، والتقيد بالتعليمات الصادرة من الجهات المختصة حفاظا على سلامتهم. وجرى تحويل الرحلات الجوية من مطار معيتيقة إلى مطار مصراتة، وفق ما أظهرته سجلات تتبع الرحلات.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن عميق قلقها إزاء تصاعد أعمال العنف في الأحياء السكنية المكتظة في طرابلس، لليلة الثانية على التوالي، ما يعرض حياة المدنيين للخطر. ودعت في بيان على موقعها الرسمي إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في جميع المناطق المأهولة بالمدنيين، محذرة من أن استمرار الاشتباكات لن يؤدي إلا لزيادة زعزعة الاستقرار في العاصمة وفي عموم البلاد.

كما أكدت دعمها الكامل لجميع الجهود الرامية إلى التهدئة والوساطة، واستعدادها لتقديم مساعيها الحميدة لإنهاء القتال وتيسير الحوار حفاظا على الاستقرار وعلى أرواح وممتلكات الليبيين.

وقال جهاز الشرطة القضائية إن المعارك المحتدمة بالقرب من سجن اجديدة سببت حالة من الهلع والفزع بين النزلاء. وأكدت أن عددا كبيرا من السجناء تمكنوا من الهرب معظمهم من ذوي الأحكام المشددة، بحسب بيان صحفي.

وقال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في اجتماع مع أعيان منطقة سوق الجمعة نشرته منصة إعلامية تابعة للمجلس الرئاسي إن الحفاظ على السلم الاجتماعي بالعاصمة مسؤولية جماعية لا يمكن التفريط بها، ومؤسسات الدولة يجب أن تظل بعيدة عن التجاذبات السياسية. وأضاف المنفي أن الوقت الراهن يتطلب أعلى درجات الحكمة والانضباط الوطني، وتوحيد الجبهة الداخلية والالتفاف حول مشروع وطني جامع، يقطع الطريق أمام «دعاة الفوضى».

ولم تعلق حكومة الوحدة الوطنية على أحداث الليلة والاشتباكات الدائرة.