البرهان يعلن عن توجه لتشكيل حكومة تكنوقراط وعدم رغبة الجيش في السياسية

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان خلال لقائه هيكو نتشكا المبعوث الألماني الخاص للقرن الأفريقي (مجلس السيادة الانتقالي السوداني)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان خلال لقائه هيكو نتشكا المبعوث الألماني الخاص للقرن الأفريقي (مجلس السيادة الانتقالي السوداني)
TT
20

البرهان يعلن عن توجه لتشكيل حكومة تكنوقراط وعدم رغبة الجيش في السياسية

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان خلال لقائه هيكو نتشكا المبعوث الألماني الخاص للقرن الأفريقي (مجلس السيادة الانتقالي السوداني)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان خلال لقائه هيكو نتشكا المبعوث الألماني الخاص للقرن الأفريقي (مجلس السيادة الانتقالي السوداني)

أكّد رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، يوم الخميس، أن الجيش يعمل على «تهيئة الظروف المواتية لتولّي حكومة مدنية منتخبة مقاليد السلطة في البلاد». وشدّد البرهان، خلال لقائه المبعوث الألماني الخاص للقرن الأفريقي، هيكو نتشكا، على «عدم رغبة القوات المسلّحة في الانخراط بالعمل السياسي».

وجاء في بيان صادر عن مجلس السيادة أن الطرفين بحَثا مساعي إجراء حوار شامل للسودانيين، وتشكيل حكومة تكنوقراط تعمل على تهيئة البلاد للانتخابات، ضمن خريطة الطريق التي أعلنت عنها الحكومة مؤخراً.

من جانبه، أكد المبعوث الألماني أن بلاده على استعداد لدعم جهود إعادة الإعمار في السودان والمساهمة مع الشركاء الدوليين في عمليات البناء والإعمار لما بعد الحرب، بحسب البيان.ومنذ الشهر الماضي، استعاد الجيش عدداً من المناطق في العاصمة الكبرى الخرطوم، أهمها القصر الرئاسي وكل مقار الوزارات وبنك السودان المركزي والمؤسسات الحكومية المهمة، فيما شُوهدت أرتال من مشاة «قوات الدعم السريع» تتجه خارج العاصمة، عبر جسر جبل الأولياء باتجاه ولاية النيل الأبيض.

وقال سكان إن الجيش قصف مناطق في مدينة أم درمان، أمس، بعد إعلانه النصر على «قوات الدعم السريع» في معركة استمرت عامين للسيطرة على العاصمة الخرطوم.

دمار واسع

وأبدى سكان الخرطوم سعادتهم بانتهاء القتال لأول مرة منذ اندلاعه في أبريل (نيسان) 2023.وفي مقابلة عبر الهاتف مع «رويترز»، قال أحمد حسن، وهو معلم يبلغ 49 عاماً: «خلال العامين الماضيين، حوّلت (قوات الدعم السريع) حياتنا إلى جحيم بالقتل والسرقة. لم يحترموا أحداً، حتى النساء والشيوخ».

وأسفرت الحرب عن تدمير مساحات شاسعة من الخرطوم، كما تسببت في نزوح أكثر من 12 مليون سوداني وانتشار الجوع الحاد بين ما يقرب من نصف سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 50 مليون نسمة، في أزمة وصفتها «الأمم المتحدة» بأسوأ كارثة إنسانية في العالم.

ويصعب تقدير عدد القتلى، لكن دراسة نُشرت العام الماضي أشارت إلى أنه ربما وصل إلى 61 ألفاً في ولاية الخرطوم وحدها خلال الأشهر الأربعة عشرة الأولى من الصراع. وزاد الصراع حالة عدم الاستقرار في شمال شرقي أفريقيا، حيث تواجه دول مجاورة للسودان، وهي ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان، صراعات داخلية خلال السنوات الماضية.

وفي مقطع فيديو، نُشر يوم الخميس من القصر الرئاسي الذي استعاده الجيش، أعلن رئيس الأركان الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن «الخرطوم حرة». وفي بيان يوم الخميس، قالت «قوات الدعم السريع» إن قواتها «لم تخسر أي معركة، لكنها أعادت تموضعها وانفتاحها على جبهات القتال، بما يضمن تحقيق أهدافها العسكرية التي تقود في نهاية المطاف إلى حسم هذه المعركة»، وفق ما ذكرته «رويترز».

وتمثل إعادة الجيش سيطرته على الخرطوم نقطة تحول بارزة، لكن الحرب لا تزال بعيدة عن الحسم. وأفاد سكان في ولاية غرب دارفور بأن «قوات الدعم السريع» قصفت مواقع للجيش في الفاشر يوم الخميس.

«قوات الدعم السريع» تنسحب

قال شهود إن «قوات الدعم السريع» الذين بدأوا الانسحاب من الخرطوم يوم الأربعاء، عبر سدّ على نهر النيل يقع على بعد 40 كيلومتراً جنوباً، أعادوا انتشارهم، حيث توجه بعضهم إلى مدينة أم درمان للمساعدة في صدّ هجمات الجيش، وتوجه آخرون غرباً نحو دارفور. ويسيطر الجيش على معظم أم درمان، حيث توجد قاعدتان عسكريتان كبيرتان، ويركز على ما يبدو على طرد آخر «قوات الدعم السريع» لضمان السيطرة على كامل المنطقة الحضرية في الخرطوم. وكان قصف الخميس موجهاً نحو جنوب أم درمان.

وقال اثنان من السكان إن «قوات الدعم السريع» لا تزال تسيطر على آخر رقعة من الأراضي حول السد في جبل الأولياء بجنوب الخرطوم، لتأمين خط انسحاب لمن تخلفوا في الانسحاب. وقال سكان قرية في ولاية شمال كردفان إنهم شاهدوا قافلة عسكرية تابعة لـ«قوات الدعم السريع» تضم عشرات المركبات تمر متجهة غرباً.

وتعاون الجيش و«قوات الدعم السريع» في تنفيذ انقلاب عام 2021، الذي عرقل عملية انتقال السلطة بعد حكم عمر البشير الذي أُطيح به في أبريل عام 2019.

عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية (أرشيفية - رويترز)

اندماج القوات في الجيش

وشكّل البشير «قوات الدعم السريع»، التي تعود جذورها إلى ميليشيا «الجنجويد» في دارفور، بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، لتصبح قوة موازية للجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان. وبموجب خطة انتقالية مدعومة دولياً، كان من المفترض أن تندمج «قوات الدعم السريع» في الجيش، لكن نشبت خلافات حول كيفية وتوقيت حدوث ذلك، واندلع القتال.

وفي الخرطوم، انتشرت «قوات الدعم السريع» بسرعة عبر الأحياء السكنية، وسيطرت على معظم المدينة وحاصرت الجيش الأفضل تجهيزاً في قواعد عسكرية كبيرة، ما جعل من الضروري إعادة إمداده جواً. وقد تفتح سيطرة الجيش على الخرطوم الطريق أمامه للإعلان عن تشكيل حكومة في وقت قريب.


مقالات ذات صلة

رئيس المخابرات المصرية يبحث مع البرهان سبل استعادة الاستقرار للسودان

العالم العربي رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل رئيس المخابرات المصرية (مجلس السيادة السوداني)

رئيس المخابرات المصرية يبحث مع البرهان سبل استعادة الاستقرار للسودان

بحث اللواء حسن رشاد رئيس المخابرات العامة المصرية، الثلاثاء، مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، سبل استعادة الاستقرار.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا البرهان مستقبلاً رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن محمود رشاد (مجلس السيادة / «إكس») play-circle 00:33

مصر والسودان لترقية التعاون المشترك

تلقى رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، رسالة شفوية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل ترقية التعاون المشترك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جنود يسيرون بالقرب من مركبة عسكرية مدمرة ومبانٍ تعرضت للقصف بينما يستعيد الجيش السوداني السيطرة على الأراضي في الخرطوم (رويترز)

رئيس المخابرات المصرية يبحث مع البرهان العمل المشترك لإنهاء الحرب السودانية

التقى رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد اليوم، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، خلال زيارة إلى بورتسودان، حيث بحثا العمل المشترك لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا نازحون من مدينة الفاشر المحاصرة (الشرق الأوسط)

السودان: تفاقم الوضع الإنساني يجبر آلاف المدنيين على الفرار من الفاشر

أجبر تفاقم الوضع الإنساني بمدينة الفاشر غرب السودان الآلاف من السكان على الفرار منها بعدما وصلت الأوضاع الإنسانية إلى مستويات وصفتها منظمات دولية بـ«الكارثية».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جانب من رحلة عودة سودانيون من القاهرة إلى بلدهم (مبادرة راجعين للبلد الطيب)

سودانيون يتزاحمون للعودة إلى بلدهم من مصر

تضاعفت أعداد الرحلات البرية لعودة سودانيين من مصر، على وقع انتصارات الجيش السوداني الأخيرة واسترداد العاصمة الخرطوم، حسب مسؤولين عن مبادرات «العودة الطوعية».

أحمد إمبابي (القاهرة )

وزير خارجية مصر يبحث مع ويتكوف «الأمن والحوكمة» في قطاع غزة

صورة ملتقطة في 18 سبتمبر 2024 بالقاهرة تُظهر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 18 سبتمبر 2024 بالقاهرة تُظهر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT
20

وزير خارجية مصر يبحث مع ويتكوف «الأمن والحوكمة» في قطاع غزة

صورة ملتقطة في 18 سبتمبر 2024 بالقاهرة تُظهر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 18 سبتمبر 2024 بالقاهرة تُظهر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية اليوم (الأربعاء) بأن اتصالاً هاتفياً جرى بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والمبعوث الأميركي الخاص بالشرق الأوسط ستيف ويتكوف، تناول ضمان بدء المرحلة الثانية لوقف إطلاق النار في غزة.

كما جرى بحث مسألة «الأمن والحوكمة» في قطاع غزة عقب وقف إطلاق النار، مع التأكيد على أهمية تضافر الجهود لخفض التصعيد في المنطقة، وتجنب توسيع رقعة الصراع، حسب البيان.

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

ونقل البيان عن تميم خلَّاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، القول إن الاتصال تناول الجهود المشتركة التي تقوم بها مصر والولايات المتحدة وقطر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وضمان بدء المرحلة الثانية، وتحقيق الهدوء، وخفض التصعيد.

وكذلك تناول الوزير عبد العاطي خطة إعادة إعمار غزة التي تم اعتمادها عربياً وإسلامياً، وتحظى بدعم من الاتحاد الأوروبي واليابان وفاعلين دوليين آخرين.

وشدد وزير الخارجية على ضرورة نفاذ المساعدات الإنسانية والطبية والإيوائية إلى غزة، ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وأهمية إيجاد أفق سياسي يؤدي إلى تسوية نهائية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وبما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي سياق متصل، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، بأن عبد العاطي بحث أمس مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان التحركات المقبلة للجنة العربية- الإسلامية الوزارية، بشأن إعادة إعمار غزة.

وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد (وام)
وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد (وام)

جاء ذلك على هامش فعاليات مؤتمر حوار الشرق الأوسط- أميركا (MEAD) بدولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث جرى أيضاً بحث استمرار التنسيق المشترك لخفض التصعيد، وتجنب انزلاق المنطقة لمزيد من التوترات. وتناول اللقاء، كذلك، العلاقات «في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والتجارية، والحرص المتبادل على مزيد من تطويرها وتعميقها».