الجيش السوداني يواصل السيطرة على مواقع استراتيجية في الخرطوم

بينها مقر البنك المركزي ورئاسة مقر الأمن والاستخبارات

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يحيِّي مؤيديه في مدينة أم درمان غرب الخرطوم (أرشيفية - أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يحيِّي مؤيديه في مدينة أم درمان غرب الخرطوم (أرشيفية - أ.ب)
TT

الجيش السوداني يواصل السيطرة على مواقع استراتيجية في الخرطوم

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يحيِّي مؤيديه في مدينة أم درمان غرب الخرطوم (أرشيفية - أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يحيِّي مؤيديه في مدينة أم درمان غرب الخرطوم (أرشيفية - أ.ب)

بعد استعادة الجيش السوداني سيطرته على القصر الرئاسي، يوم الجمعة، واصلت قواته، السبت، التقدم في مناطق أخرى من العاصمة، إذ استعاد السيطرة على مؤسسات عسكرية ومدنية مهمة، من بينها مقر البنك المركزي، بينما أخذت «قوات الدعم السريع» تتراجع من دون قتال عن المواقع التي ظلت تسيطر عليها في المدينة لنحو عامين.

وقال المتحدث باسم الجيش، نبيل عبد الله، السبت، إن القوات المسلحة تواصل الضغط على «قوات الدعم السريع»، وسيطرت على إدارة المرافق الاستراتيجية. وأضاف في بيان على الصفحة الرسمية للجيش بـ«فيسبوك»، أنه «تم تطهير مباني رئاسة جهاز الأمن والمخابرات الوطني».

ونقلت منصات إعلامية موالية للجيش عن مصادر عسكرية، تسلم قوات الجيش منزل قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حي المطار، بجوار بيت الضيافة بمقر القيادة العامة للجيش.

وقال الناطق الرسمي باسم الجيش، نبيل عبد الله، إن المواقع التي تمت السيطرة عليها تشمل: مقر جهاز المخابرات الوطنية، وفندق كورينثيا بوسط الخرطوم، وكلية البيان، والمتحف القومي، وجامعة السودان، وقاعة الصداقة، وعمارة زين، ومصرف الساحل والصحراء، وبرج الشركة التعاونية، بحسب موقع «أخبار السودان».

وأشار عبد الله إلى أن «قوات الدعم السريع» تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح خلال محاولتها الانسحاب من بعض المناطق التي وجدت فيها وسط الخرطوم، مما يعكس تصاعد حدة الصراع في المنطقة.

الانسحاب إلى دارفور

عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

من جانبه، قال فولكر بيرتس، مبعوث الأمم المتحدة السابق لدى السودان، إن أحدث التطورات العسكرية ستجبر «قوات الدعم السريع» على الانسحاب إلى معقلها في إقليم دارفور غرب السودان.

وذكر بيرتس، في تصريح لوكالة أنباء «أسوشييتد برس»، أن «الجيش حقق انتصاراً مهماً وكبيراً في الخرطوم، عسكرياً وسياسياً»، وأضاف أن الجيش سيخلي العاصمة والمناطق المحيطة بها من «قوات الدعم السريع». وأضاف بيرتس: «ستقتصر (قوات الدعم السريع) إلى حد كبير على دارفور، سنعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين»، في إشارة إلى الصراع بين الجماعات المسلحة وحكومة الخرطوم، التي كان يقودها الرئيس السابق عمر البشير.

وعزّزت «قوات الدعم السريع» سيطرتها في غرب البلاد، دافعة البلاد نحو تقسيم فعلي. وتعمل «الدعم السريع» على إنشاء حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها، رغم أنه من المتوقع ألا تحظى باعتراف دولي واسع النطاق.

«لواء البراء بن مالك»

عناصر من الجيش السوداني في أم درمان (أرشيفية - رويترز)

وأظهرت مقاطع فيديو عبور قوات الجيش وعناصر من «لواء البراء بن مالك»، وهي ميليشيات تتبع للحركة الإسلامية المساندة للجيش، جسر جزيرة توتي، ودخولها إلى وسط الجزيرة في النيل الأزرق.

وجاء هذا التقدم الكبير في وسط الخرطوم، بعد التحام كامل لقوات الجيش القادمة من مقر القيادة العامة مع القوات القادمة من سلاح المدرعات في منطقة الشجرة بجنوب الخرطوم، ودخول القوات إلى منطقة المقرن التي يوجد بها مقر البنك المركزي.

ولم تقر «قوات الدعم السريع» فوراً بخسارتها، الأمر الذي لن يوقف على الأرجح القتال في الحرب، إذ لا تزال الجماعة وحلفاؤها يسيطرون على أراضٍ في مناطق أخرى بالسودان. كما لا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على مواقع مهمة في الخرطوم، منها جزء من مقر القيادة العامة للجيش، ومطار الخرطوم الدولي، والمدينة الرياضية ومعسكر الدفاع الجوي، بالإضافة إلى عدد من المقار الأمنية والعسكرية.

كما تنتشر قواتها بأعداد كبيرة في أحياء شرق الخرطوم، مثل البراري وامتداد ناصر والرياض والمعمورة والطائف، وكل مناطق وضواحي جنوب الحزام الأخضر الواقعة جنوب العاصمة الخرطوم، بجانب سيطرتها على جسري سوبا وشرق النيل.

ومنذ الخميس الماضي، فرضت «قوات الدعم السريع» سيطرتها بالكامل على مدينة المالحة ذات الموقع الاستراتيجي في شمال إقليم دارفور، بعد معارك عنيفة ضد «القوات المشتركة»، وهي أيضاً ميليشيات تقاتل بجانب الجيش.

مواصلة الحرب

جانب من الأضرار في الخرطوم جراء الصراع بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (أرشيفية - أ.ب)

يذكر أن الجيش و«قوات الدعم السريع» يخوضان قتالاً منذ 15 أبريل (نيسان) عام 2023، للسيطرة على الحكم في البلاد، أسفر عن أزمة إنسانية ونزوح داخل البلاد وخارجها، فضلاً عن مقتل آلاف الأشخاص، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف».

من جانبه، أكد القائد العام للجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، أنه «لا تراجع ولا تأخير في القضاء على التمرد»، في إشارة إلى «قوات الدعم السريع». وتعهد البرهان خلال زيارة إلى منطقة الكاملين بولاية الجزيرة وسط البلاد، باسترداد حقوق الشعب السوداني والثأر له ممن انتهكوا حرماته ونهبوا ممتلكاته، قائلاً: «نحن ماضون والمعركة مستمرة، والقوات المسلحة تتقدم بثبات نحو تحقيق هذه الغاية»، محذراً من أن استمراره «سيقسم البلاد ويروع الناس».

وتصاعدت التوترات على مدى أشهر قبل اندلاع القتال في العاصمة الخرطوم؛ إذ كانت الشراكة بين الطرفين هشّة بعد أن أطاحا معاً بالحكومة المدنية في انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وهي الخطوة التي عرقلت انتقال السلطة من حكم الرئيس المعزول عمر البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية كبيرة، وساندها الجيش و«قوات الدعم السريع»، في أبريل عام 2019.

وبعد انقلاب أكتوبر على الحكومة المدنية، أخذ الخلاف بين الطرفين العسكريين يتصاعد حتى بلغ ذروته؛ بسبب خطة مدعومة دولياً لإطلاق فترة انتقالية جديدة تعيد الحكم إلى المدنيين، ومن ثم يعود العسكريون إلى ثكناتهم.


مقالات ذات صلة

مجلس الأمن «قلق للغاية» من عواقب هجمات الفاشر على السودان

شمال افريقيا لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)

مجلس الأمن «قلق للغاية» من عواقب هجمات الفاشر على السودان

عبر أعضاء مجلس الأمن عن «قلقهم البالغ» من تصاعد العنف في السودان، ولا سيما في مدينة الفاشر والمخيمات حولها، منددين بشدة بهجمات «قوات الدعم السريع» عليها.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا نازحون فروا من مخيم «زمزم» إلى مخيم بالعراء في دارفور الغربية (أرشيفية - أ.ف.ب)

عشرات القتلى المدنيين في الفاشر بدارفور

قُتل عشرات المدنيين في مدينة الفاشر في إقليم دارفور غرب السودان في ظل تصاعد الاشتباكات ووسط مخاوف من اقتحام «قوات الدعم السريع» للمدينة.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
تحليل إخباري المشاركون في مؤتمر لندن حول السودان أثناء اجتماعهم (موقع وزارة الخارجية البريطانية)

تحليل إخباري مؤتمر لندن للسودان... بصيص أمل في نفق «الحرب المنسية»

استضافت العاصمة البريطانية لندن مؤتمراً دولياً حول النزاع في السودان الثلاثاء الماضي وصفه البعض بـ«الفشل الدبلوماسي» فيما رأى فيه آخرون «بصيص أمل»

عيدروس عبد العزيز (لندن)
تحليل إخباري سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات ليل الثلاثاء - الأربعاء (وكالة السودان للأنباء/ سونا)

تحليل إخباري هل يصمد سد مروي في السودان أمام ضربات المسيرات؟

يواجه سد مروي أحد أكبر المشاريع الكهرومائية في السودان، أخطاراً جمة، بسبب هجمات مسيرات «قوات الدعم السريع» على بنيته التحتية، خاصة بنية الكهرباء والبوابات.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» يستريحون في مخيم مؤقت بالقرب من بلدة طويلة بمنطقة دارفور غرب السودان التي مزَّقتها الحرب 13 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

السودان: 57 قتيلاً جراء اشتباكات وهجمات على مدينة الفاشر بإقليم دارفور

قُتل 57 مدنياً على الأقل في اشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، وفي قصف نفذته «الدعم السريع» على مدينة الفاشر في إقليم دارفور بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مجلس الأمن «قلق للغاية» من عواقب هجمات الفاشر على السودان

لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)
لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن «قلق للغاية» من عواقب هجمات الفاشر على السودان

لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)
لاجئون سودانيون فرُّوا من مخيم زمزم للنازحين بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)

عبر أعضاء مجلس الأمن عن «قلقهم البالغ» من تصاعد العنف في السودان، ولا سيما في مدينة الفاشر وحولها بشمال دارفور، منددين بشدة بهجمات «قوات الدعم السريع» في المنطقة وضد مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، مطالباً كل دول العالم بوقف تدخلاتها في الشؤون السودانية.

وتزامن هذا الموقف القوي من مجلس الأمن مع دخول الحرب عامها الثالث، وسط دعوات من وكالات الأمم المتحدة إلى تحرك دولي «فوري ومنسق» لتخفيف «المعاناة الإنسانية الهائلة الناجمة عن النزاع»، ومن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش الذي قال إن «السودان لا يزال عالقاً في أزمة ذات أبعاد مذهلة يدفع فيها المدنيون الثمن الأعلى»، مطالباً بـ«إنهاء هذا الصراع العبثي».

صورة قمر اصطناعي تُظهر نيراناً مشتعلة في مخيم «زمزم» للاجئين 11 أبريل (رويترز)

ووافق أعضاء مجلس الأمن بإجماع الأعضاء الـ15 فيه على البيان، الذي أبدوا فيه «القلق حيال تقارير تفيد بأن هجمات قوات الدعم السريع أدت إلى مقتل 400 شخص على الأقل، بينهم أطفال وما لا يقل عن 11 عامل إغاثة»، مطالبين بـ«مساءلة قوات الدعم السريع على هذه الهجمات». وإذ أشاروا إلى القرار 2736 الصادر عام 2024، أكدوا على «مطالبتهم بإنهاء قوات الدعم السريع لحصار الفاشر، ودعوتهم إلى الوقف الفوري للقتال وإلى تهدئة التصعيد في الفاشر وما حولها». ودعوا أطراف الصراع إلى حماية المدنيين والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي والوفاء بالقرار 2736، وتعهداتها بموجب إعلان جدة.

وأدى عامان من الحرب في السودان إلى أكبر أزمة إنسانية ونزوح في العالم، تفاقمت بسبب التخفيضات الحادة في المساعدات الدولية. فهناك أكثر من 13 مليون شخص نازحين في البلاد، بينما لجأ 3.9 مليون عبر الحدود إلى الدول المجاورة خلال العامين الماضيين وحدهما، بحثا عن الأمان والغذاء والمأوى. ويحتاج أكثر من 30 مليون شخص، أي ثلثا سكان البلاد، إلى مساعدة إنسانية عاجلة.

غوتيريش يذكّر بإعلان جدة

وإذ أشار غوتيريش أخيراً إلى الالتزامات التي أعلنتها الأطراف في شأن حماية المدنيين بما في ذلك في إعلان جدة في مايو (أيار) 2023، بالإضافة إلى الالتزامات التي تقع عليها بموجب القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، قال: «يواصل المدنيون تحمل عبء تجاهل الأطراف للحياة البشرية»، مؤكداً ضرورة ترجمة مثل هذه الالتزامات إلى عمل حاسم، وأهمية إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة وشفافة في كل التقارير التي أفادت بوقوع انتهاكات.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قلق مما يجري في السودان (إ.ب.أ)

وفي بيانهم، دعا أعضاء المجلس إلى مساءلة قوات الدعم السريع ومرتكبي الهجمات على المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان في السودان. كما طالبوا كل أطراف الصراع بحماية واحترام العاملين في المجال الإنساني ومنشآتهم وأرصدتهم بموجب التزاماتها وفق القانون الدولي. ودعوا الأطراف إلى السماح بالوصول الإنساني الآمن ودون إعاقات إلى السودان وجميع أنحائه. وأبدى الأعضاء قلقهم البالغ بشأن مرور عامين على اندلاع الصراع في السودان وأثره على الشعب السوداني والمنطقة، داعين الأطراف جميعاً إلى «السعي إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية»، وشجعوها على «الانخراط بنية صادقة في حوار سياسي للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية جامعة وشاملة يمتلك زمامها السودانيون». وكذلك حضوا الأطراف على «استغلال فرصة المحادثات غير المباشرة التي تقودها الأمم المتحدة للاتفاق على خطوات تحقيق تلك الأهداف والعمل على مسار إنهاء الأزمة في السودان بشكل دائم». ودعا كل الدول الأعضاء بالأمم المتحدة الى «الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، وأن تقوم بدلاً من ذلك بدعم جهود التوصل إلى سلام دائم».

سودانيون فروا من مخيم زمزم للنازحين داخلياً بعد سقوطه تحت سيطرة «قوات الدعم السريع» 13 أبريل (أ.ف.ب)

وذكـّر الأعضاء كل أطراف الصراع والدول الأعضاء بالامتثال لالتزاماتها بشأن تدابير الحظر المفروض على الأسلحة وفق المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الرقم 1556 لعام 2004، التي تم التأكيد عليها في القرار 2750. وكشف غوتيريش أخيراً عن أن أعمال القصف والغارات الجوية العشوائية تواصل قتل وتشويه الناس، فيما تُهاجَم الأسواق والمستشفيات والمدارس وأماكن العبادة ومواقع النزوح. وأضاف أن العنف الجنسي متفش، لتتعرض النساء والفتيات لأعمال مروعة. كما يعاني المدنيون من انتهاكات جسيمة من جميع الأطراف المتقاتلة. وأشار إلى أن السودان أصبح أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ نزح ما يقرب من 12 مليون شخص، عبر أكثر من 3.8 مليون منهم الحدود إلى الدول المجاورة. وتطرق إلى تدمير الخدمات الأساسية وحرمان ملايين الأطفال في التعليم، وعدم قدرة سوى أقل من ربع المنشآت الصحية على مواصلة العمل في أكثر المناطق تضرراً. وذكر أن العاملين في المجال الإنساني غير قادرين على تعزيز وجودهم في الكثير من المناطق التي تشتد فيها الحاجة، بسبب الصراع وانعدام الأمن المقرونين بالعوائق البيروقراطية والخفض الحاد للتمويل.

اليونيسف قلقة

من جهة ثانية، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الجمعة، بمقتل ما لا يقل عن 15 طفلاً خلال أسبوع واحد مع استمرار المعارك في ولاية شمال دارفور بغرب السودان. وقالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية للمنظمة عبر منصة «إكس» إن أكثر من 330 ألف شخص فروا من مخيم زمزم للاجئين بشمال دارفور على مدار الأسبوع الماضي. وأكدت راسل على ضرورة وقف القتال بالمخيم لحماية المدنيين والسماح بإيصال المساعدات.

وفي هذا السياق، قالت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور (مجموعة محلية) الجمعة، إن استخبارات الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، شنت حملة اعتقالات واسعة استهدفت قيادات ونشطاء النازحين في معسكر أبو شوك للنازحين، بتهم التعاون مع «قوات الدعم السريع»، والتحريض على مغادرة المخيم إلى مناطق أكثر أماناً.

سودانيون فرُّوا من دارفور إلى أدري في تشاد (أرشيفية - رويترز)

وقال المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال إن «هذه التهم باطلة، والهدف الأساسي، هو قمع النازحين والقضاء عليهم لا أكثر». وأشارت المنسقية في بيان على منصة «فيسبوك»، إلى «تمركز الجيش السوداني والقوة المشتركة حول المعسكر، رافضين السماح للنازحين بالمغادرة، مستخدمين إياهم دروعاً بشرية». وأدان رجال سلوك أطراف الحرب التي وصفها بـ«غير الأخلاقية ولا إنسانية»، لمهاجمة النازحين بالأسلحة الثقيلة، بينما يستخدمهم طرف آخر وقوداً للحرب ودروعاً بشرية. وقال إن «هذه الأفعال تمثل جريمة حرب مكتملة الأركان».

مجاعة في المخيمات

وأضاف آدم رجال، أن سكان المخيمات يعانون من الجوع، ونقص المياه، بعد تدمير آبار مياه الشرب بسبب القصف المدفعي، مشيراً إلى ندرة السلع وارتفاع أسعارها، وإغلاق الأسواق، «كلها أمور تثير القلق». وذكر البيان: «تحمل المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين، الجيش السوداني والقوة المشتركة، المسؤولية الكاملة عن سلامة هؤلاء المعتقلين، فهم ليسوا مجرمين»، ويجب إطلاق سراحهم فوراً دون قيد أو شرط، ووقف استخدام النازحين كدروع بشرية. وطالب «قوات الدعم السريع» بالتوقف فوراً عن قصف المخيمات، «لأن استهداف الأبرياء يعد جريمة حرب».

وناشدت المنسقية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بحماية النازحين في المخيمات، وفقاً للاتفاقيات الدولية لحماية المدنيين في حالات النزاع. وتعد تلك الأحداث تصاعداً في وتيرة العنف بشمال دارفور، بعد أيام من استيلاء «قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين بالقرب من مدينة الفاشر.