تونس تسحب اعترافها باختصاص المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان

حقوقيون عدُّوا الخطوة «انتكاسة خطيرة لالتزامات البلاد الإقليمية والدولية»

الرئيس التونسي قيس سعيد (موقع الرئاسة)
الرئيس التونسي قيس سعيد (موقع الرئاسة)
TT
20

تونس تسحب اعترافها باختصاص المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان

الرئيس التونسي قيس سعيد (موقع الرئاسة)
الرئيس التونسي قيس سعيد (موقع الرئاسة)

أعلنت تونس سحب اعترافها باختصاص المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، في خطوةٍ ندّدت بها مجموعات حقوقية، بوصفها تراجعاً في الحريات في الدولة الواقعة بشمال أفريقيا. ووفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد جاء في إعلانٍ تداوله نشطاء، منذ الخميس، أن الحكومة التونسية «تعلن سحب اعترافها باختصاص المحكمة (الأفريقية لحقوق الإنسان)... في قبول العرائض الصادرة عن الأفراد والمنظمات غير الحكومية».

ولم يحدد الإعلان أي سبب لانسحاب الحكومة من المحكمة، التي يوجد مقرها في مدينة أروشا التنزانية، والمكلَّفة بتطبيق ميثاق الاتحاد الأفريقي لحقوق الإنسان. ولم تردَّ وزارة الخارجية التونسية على طلب «وكالة الصحافة الفرنسية» للتعليق.

ومنحت تونس مواطنيها والمنظمات غير الحكومية حق تقديم التماسات إلى المحكمة عام 2017، بعد أن برزت كديمقراطية وحيدة بعد الانتفاضات التي عُرفت باسم «الربيع العربي» عام 2011. وانتُخب قيس سعيّد رئيساً للبلاد عام 2019، لكنه أقدم، عام 2021، على احتكار السلطات، وعبّرت منظمات حقوق الإنسان منذ ذلك الحين عن مخاوف بشأن تراجع في الحريات. في حين يقبع حالياً عشرات من أبرز معارضيه في السجن، ويُحاكَم بعضهم في محاكمة جماعية جارية بتهمة «التآمر ضد أمن الدولة».

وندّدت منظمات حقوقية بالقضية بوصفها ذات دوافع سياسية. وفي مايو (أيار) 2013، رفع أقارب أربع من شخصيات المعارضة الموقوفين، ومن بينهم زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي، دعوى قضائية أمام المحكمة الأفريقية للمطالبة بالإفراج عنهم. وفي أغسطس (آب) أصدرت المحكمة حكماً ضد السلطات التونسية، وحثّتها على الكف عن منع الموقوفين من الاتصال بمحاميهم وأطبائهم.

واستنكرت «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» سحب تونس اعترافها باختصاص المحكمة، معتبرة ذلك خطوة «اتسمت بالطابع السري والمباغت». ورأت في القرار «انتكاسة خطيرة لالتزامات تونس الإقليمية والدولية، ومحاولة للانسحاب من آلية قضائية مستقلة من شأنها الحد من الإفلات من العقاب، وضمان سُبل الإنصاف للضحايا». وأكدت «اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس» أن الانسحاب «يُلغي التزاماً تاريخياً» تجاه المحكمة، ويُمثل «تنصلاً مُخجلاً» من تعهدات تونس بحماية حقوق الإنسان. وأضافت اللجنة غير الحكومية أن هذا القرار «يَحرم المواطنين التونسيين ومنظمات حقوق الإنسان من إمكانية رفع دعاوى مباشرة أمام المحكمة الأفريقية للطعن في انتهاكات الدولة».



السلطات الأمنية في غرب ليبيا تعلن تفكيك «تنظيم إرهابي»

قوات أمن في العاصمة الليبية طرابلس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
قوات أمن في العاصمة الليبية طرابلس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
TT
20

السلطات الأمنية في غرب ليبيا تعلن تفكيك «تنظيم إرهابي»

قوات أمن في العاصمة الليبية طرابلس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
قوات أمن في العاصمة الليبية طرابلس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

قال جهاز الأمن الداخلي بغرب ليبيا إنه شنّ عملية استباقية نوعية، وتمكن من تفكيك «تنظيم إرهابي محظور» كان يخطط لتنفيذ سلسلة من «العمليات التخريبية»؛ عبر تواصله الخارجي للحصول على دعم لوجيستي.

أفراد أمن بجهاز المباحث الجنائية يمشطون «ميدان الشهداء» بوسط طرابلس (وزارة الداخلية)
أفراد أمن بجهاز المباحث الجنائية يمشطون «ميدان الشهداء» بوسط طرابلس (وزارة الداخلية)

وجاء ذلك وسط ردود فعل متباينة حيال «حقيقة هذا التنظيم». وأضاف جهاز الأمن الداخلي، في تصريح صحافي، الأحد، مدعوماً بفيديو لما سمّاها «اعترافات المتهمين»، أن التنظيم «اتخذ لنفسه اسماً رمزياً زائفاً؛ سعى من خلاله إلى تضليل الآخرين وتجنيدهم». وقال إن التنظيم «اعتمد استخدام أساليب دعائية ملغومة عبر منشورات تحريضية مشبعة بالفكر المتطرف، بهدف التحشيد واستقطاب عناصر جديدة ضمن صفوفه، تمهيداً لاستهداف مواقع عسكرية وأمنية حيوية تابعة للدولة».

وأوضح جهاز الأمن أن إجراءات الاستدلال «كشفت عن أن هذا التنظيم قد شرع في التفكير والتدبير والتحضير المسبق؛ وثبت تواصله مع أشخاص خارج البلاد بهدف الحصول على دعم لوجيستي في إعداد العبوات الناسفة، والمواد الداخلة في صناعتها وطرق تحضيرها».

كما تحدث الجهاز الأمني أن هذا التنظيم الذي لم يُسمع به من قبل في ليبيا «سعى للحصول على طائرات مسيّرة (درون)؛ بهدف استخدامها في تنفيذ عمليات استطلاع للمواقع المستهدفة (...) وقد تبين قيام التنظيم بتجهيز موقع سري ليكون بمثابة قاعدة لتصنيع الأسلحة والمواد المتفجرة».

وبشيء من التشكيك، تساءل الناشط السياسي حسام القماطي عن هذا التنظيم وحقيقته، وقال إن بيان جهاز الأمن الداخلي «لم يوضح أي تفاصيل عمن قام بحظر هذا التنظيم المستحدث والصغير، مما يثير الشكوك حول مدى صدق قانونية التصنيف».

بدوره، قدم الجهاز الأمني جانباً من «اعترافات» اثنين من الموقوفين، وقال إن يقظة أفراده «أحبطت المخطط الإرهابي قبل الشروع في تنفيذه؛ وتمت إحالة الجناة إلى الجهات القضائية المختصة، وفقاً للأطر القانونية النافذة».

وأكد الجهاز الأمني عزمه على المضي قدماً في تنفيذ «الاستراتيجيات الأمنية الشاملة والهادفة إلى اجتثاث جذور الإرهاب وتطهير البلاد من براثن هذه الآفة الخطيرة، وتفكيك أي تنظيمات تسعى إلى تهديد أمن الدولة واستقرارها».

وقال أحد المتهمين، وهو من مواليد 1998، إنه في عام 2022 أنشأ صفحة على «تلغرام» لحركة «المقاومة الجهادية نصر» لدعم سرايا «اليرموك»، في حين قال موقوف آخر من مواليد 1995 إنه تعرف على بعض الأشخاص الذين عرضوا عليه الانضمام إلى الحركة «نصر»، ثم توافقوا على العمل على ضم أكبر عدد من الشباب إلى الحركة.

وقال أحد الموقوفين إنه اشترى طابعة وبدأ في طباعة المنشورات وتوزيعها في المساجد، واتفق مع شخص آخر على شراء بطارية لطائرة مسيّرة كان يملكها بهدف مراقبة المواقع العسكرية في المنطقة الغربية.

النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)
النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور (مكتب النائب العام)

وفي شأن ذي صلة، قالت وزارة الداخلية بغرب ليبيا إن جهاز المباحث الجنائية استعرض ما سمّاه «أبرز إنجازاته» خلال الربع الأول من عام 2025 التي أسفرت عن تحقيق نجاحات ملموسة في مواجهة التهديدات الرقمية وحماية المجتمع من المخاطر الإلكترونية، وتعزيز الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية.

وقالت وزارة الداخلية إن إدارة الجهاز تمكنت من ضبط «العديد من جرائم الاحتيال الرقمي عبر تتبع الشبكات الإجرامية التي تستهدف المستخدمين عبر منصات التواصل الاجتماعي والخدمات الإلكترونية، مما أسهم في الحد من الخسائر المالية وحماية البيانات الشخصية»، مضيفة أن السلطات الأمنية تصدت «لعمليات الاختراق الإلكتروني واتخذت إجراءات استباقية لتعزيز حماية الأنظمة والبيانات الشخصية، من خلال رفع مستوى الوعي الأمني لدى الأفراد والمؤسسات».

وفي إطار جهودها لمكافحة جرائم الابتزاز الإلكتروني ونشر الشائعات المغرضة، قالت وزارة الداخلية إن إدارة جهاز المباحث الجنائية «عملت على رصد الأنشطة المشبوهة وتقديم الدعم القانوني والتقني للضحايا، بما يضمن بيئة إلكترونية أكثر أماناً كما عززت تعاونها مع الجهات المحلية والدولية لتبادل المعلومات والخبرات، إضافة إلى تطوير آليات وتقنيات حديثة للتصدي للجرائم الإلكترونية بدعم من الجهاز».

وتعهدت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «الوحدة» بـ«الاستمرار في تكثيف الجهود لضمان بيئة رقمية آمنة»، مشددة على «أهمية تعاون المجتمع من خلال الإبلاغ الفوري عن أي شبهات أو محاولات استغلال إلكتروني عبر القنوات الرسمية».