السودان: الجيش يتقدم نحو القصر الرئاسي في الخرطوم وسط قتال ضارٍ

«الدعم السريع» تسيطر على منطقة «المالحة» الاستراتيجية قرب الحدود الليبية

مقاتل قرب عربة عسكرية مدمرة في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)
مقاتل قرب عربة عسكرية مدمرة في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

السودان: الجيش يتقدم نحو القصر الرئاسي في الخرطوم وسط قتال ضارٍ

مقاتل قرب عربة عسكرية مدمرة في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)
مقاتل قرب عربة عسكرية مدمرة في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

شهد محيط القصر الرئاسي بوسط العاصمة السودانية، الخرطوم، معارك طاحنة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، طوال ليل الأربعاء، واستمرت حتى صباح الخميس، حقّق خلالها الجيش تقدماً لافتاً، وألحق خسائر فادحة بـ«قوات الدعم»، المتحصنة بالقصر والمؤسسات الحكومية والبنايات المحيطة، فيما أكدت «قوات الدعم» أنها سيطرت على منطقة «المالحة» الاستراتيجية قرب الحدود السودانية - الليبية.

ومنذ الشهر الماضي، استعاد الجيش العديد من المناطق في العاصمة الخرطوم، وتبقت مناطق محدودة تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، بينها القصر الرئاسي، وكل الوزارات وبنك السودان المركزي والمؤسسات الحكومية المهمة. وتحاول قوات الجيش، المدعومة بالمستنفرين وكتائب الإسلاميين، استرداد القصر باعتباره رمزاً للسيادة والسيطرة.

مبنى متضرر بشدة جراء القتال في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)
مبنى متضرر بشدة جراء القتال في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وكان قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد قال، يوم السبت الماضي، إن الحرب ضد الجيش السوداني باتت الآن داخل الخرطوم، مشدداً على أن قواته لن تخرج منها أو من القصر الجمهوري. وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم غرب السودان وأجزاء من العاصمة، بعد ما يقرب من عامين من اندلاع الحرب، لكنها تتكبد خسائر في وسط البلاد أمام الجيش.

وواصل الجيش الأسبوع الماضي تقدمه على حساب «الدعم السريع»، واستطاع إعادة وصل وربط منطقة سلاح المدرعات بالقيادة العامة، بعد أن ظلتا جزيرتين معزولتين منذ الأيام الأولى للحرب، وأعلن «التحام» جنود المدرعات بالقوات المرابضة في القيادة العامة وسط الخرطوم.

وذكر الشهود أن معارك وسط الخرطوم قد استخدمت فيها أنواع الأسلحة كافة، وعلى رأسها المدفعية الموجهة والطيران الحربي والطائرات المسيرة، ما ألحق خسائر فادحة بالمباني والمنشآت، بما فيها القصر الرئاسي، ونقلت منصات موالية للجيش مقاطع فيديو لمبانٍ تشتعل فيها النيران إلى الجنوب من القصر.

مبنى متضرر جراء القتال في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)
مبنى متضرر جراء القتال في شمال الخرطوم 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ولم تصدر تصريحات رسمية من طرفي القتال بشأن المعارك الضارية التي شهدتها منطقة وسط الخرطوم، لكن منصات موالية للجيش ذكرت أن الطيران المسير لعب دوراً مهماً في القتال، ودمر عشرات المركبات القتالية التابعة للجيش.

وقالت المنصات إن المسيرة التركية من طراز «بيرقدار» التي حصل عليها الجيش السوداني أخيراً، مكّنته من إحكام الحصار على «الدعم السريع»، وحالت دون محاولات انسحاب مجموعات من جنوده.

وذكرت المنصات أن الجيش دمر معظم القوات الموجودة في منطقة السوق العربي وشارع النيل، وقضى على قوات حاولت الانسحاب بالقوارب النهرية إلى منطقة أم درمان، ودمر شاحنات ذخائر وأمداد وعربات قتالية، وأخرى مزودة بأجهزة تشويش متطورة.

وقال موالون للجيش إن «الدعم السريع» حاول إدخال قوات إسناد «فزع» آتية من الجنوب، لنجدة قواته المحاصرة وسط الخرطوم، لكن الجيش قطع الطريق عليها مستخدماً المسيرات والمدفعية الموجهة، وألحق بها خسائر فادحة، ما اضطرها للتراجع جنوباً.

سودانية تمر قرب البوابة الرئيسية لمستشفى بأم درمان في وقت خرجت منشآت صحية عديدة من الخدمة جراء القتال بين الجيش و«قوات التدخل السريع» الأربعاء (أ.ف.ب)
سودانية تمر قرب البوابة الرئيسية لمستشفى بأم درمان في وقت خرجت منشآت صحية عديدة من الخدمة جراء القتال بين الجيش و«قوات التدخل السريع» الأربعاء (أ.ف.ب)

وبثّت منصة «إعلام الدروع» التابعة لسلاح المدرعات، مقطع فيديو يظهر حرائق كبيرة في مناطق جنوب القصر الرئاسي، قالت إنها عملية دمرت خلالها قوات تابعة لـ«الدعم السريع» حاولت الانسحاب جنوباً، بجانب نشر مقاطع فيديو لأعداد من القتلى زعمت أنهم جنود من «قوات الدعم السريع».

وأظهر إعلام «قوات الدعم السريع» مقطع فيديو لجنوده، وهم على أعلى جسر «المنشية» الذي كان الجيش قد سيطر على ضفته الشرقية، وقال إن قواته تتجه إلى ضاحية «شرق النيل» وتحكم الحصار على القيادة العامة، فيما أكدت المنصات الموالية له إفشال هجوم القصر، وبثّت مقاطع فيديو، قالت إنها من «داخل» القصر.

وفي شمال دارفور، قالت «قوات الدعم السريع» في نشرة وزّعها الإعلام التابع لها، إنها استولت على منطقة «المالحة» بولاية شمال دارفور، وتسلمت معسكر القوات المشتركة الموالية للجيش، واستولت على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والعربات القتالية.

سودانيون ينتظرون للحصول على وجبة إفطار تقدمها جمعية خيرية في أم درمان الأربعاء (أ.ف.ب)
سودانيون ينتظرون للحصول على وجبة إفطار تقدمها جمعية خيرية في أم درمان الأربعاء (أ.ف.ب)

و«المالحة» من المناطق التي يسيطر عليها الجيش والقوات المشتركة الحليفة له، في شمال دارفور، لكنها تخضع لحصار من «قوات الدعم السريع» وتقع في قلب الصحراء بالقرب من الحدود مع ليبيا، وتعد نقطة وصل بين مدينة «الدبة» في الولاية الشمالية، ومدينة «حمرة الشيخ» في ولاية شمال كردفان.

وأرسل الجيش السوداني تعزيزات عسكرية إلى «المالحة» منذ فبراير (شباط) الماضي، محاولاً فكّ الحصار عنها، ومن ثم فكّ الحصار الذي يفرضه «الدعم السريع» على مدينة الفاشر منذ مايو (آيار) 2024.

يذكر أنه في 2021، نفّذ الطرفان العسكريان انقلاباً أدى إلى تعطيل عملية الانتقال للحكم المدني، واندلعت الحرب في أبريل (نيسان) 2023 بعد أن أدّت خطط تسليم جديدة للحكم إلى نشوب صراع عنيف. وأدّت الحرب إلى ما وصفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر أزمة إنسانية في العالم، مع اتهام كل من «قوات الدعم السريع» والجيش بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.


مقالات ذات صلة

البرهان: لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

شمال افريقيا البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اليوم (السبت)، إنه لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني في مدينة أم درمان (أرشيفية - رويترز)

الجيش السوداني يسترد منطقة استراتيجية في أم درمان

أعلن الجيش السوداني، يوم السبت، استرداد واحد من أكبر معاقل «قوات الدعم السريع» الرئيسية في غرب مدينة أم درمان، وهي منطقة «سوق ليبيا».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني في القاهرة (الخارجية المصرية)

محادثات مصرية - سودانية تتناول المستجدات الميدانية في الخرطوم

جددت مصر «التأكيد على دعمها للمؤسسات الوطنية السودانية في استعادة الاستقرار والسلام».

أحمد إمبابي (القاهرة )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبِلاً رئيس مجلس السيادة السوداني بقصر الصفا في مكة المكرمة الجمعة (واس)

محمد بن سلمان والبرهان يستعرضان مستجدات أوضاع السودان

استعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق الأول ركن عبد الفتاح البرهان، مستجدات أوضاع السودان والجهود المبذولة تجاهها.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)
شمال افريقيا نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط) play-circle 00:42

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية.

رنا أبتر (واشنطن)

«رؤية هلال شوال» تثير جدلاً وتندراً في مصر

مفتي الديار المصرية يعلن مساء السبت تعذر رؤية هلال شوال
مفتي الديار المصرية يعلن مساء السبت تعذر رؤية هلال شوال
TT
20

«رؤية هلال شوال» تثير جدلاً وتندراً في مصر

مفتي الديار المصرية يعلن مساء السبت تعذر رؤية هلال شوال
مفتي الديار المصرية يعلن مساء السبت تعذر رؤية هلال شوال

أثارت عملية تحري هلال شهر شوال في مصر حالة من الجدل، كما تحولت إلى مادة خصبة للتندر على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد التضارب بين الحسابات الفلكية والرؤية الشرعية.

ففي الوقت الذي استبق فيه المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر حلول شهر شوال بالتشديد على أن الحسابات الفلكية تؤكد أن يوم الأحد هو أول أيام عيد الفطر، جاءت الرؤية الشرعية مخالفة، لتعلن تعذر رؤية الهلال، وأن الاثنين هو أول أيام العيد، وقال الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، إن الرؤية البصرية الشرعية الصحيحة (بعد غروب شمس السبت) أوضحت عدمُ ثبوتِ رؤية هلالِ شهر شوال.

الاثنين أول أيام عيد الفطر في مصر (المعهد القومي للبحوث الفلكيّة والجيوفيزيقية)
الاثنين أول أيام عيد الفطر في مصر (المعهد القومي للبحوث الفلكيّة والجيوفيزيقية)

وفجر ذلك التضارب جدلاً متصاعداً بين أنصار الاعتماد على علوم الفلك وآخرين متمسكون بالرؤية الشرعية، وهو ما عبَّر عنه كثير من رواد منصات التواصل الاجتماعي عقب الإعلان عن عدم ثبوت الرؤية. مما دعا دار الإفتاء المصرية إلى إصدار بيان توضيحي آخر، يفسر آلية العمل لديها.

وقال الإعلامي والطبيب الدكتور خالد منتصر، إن هذا التضارب يعد بمثابة «إعلان الهزيمة العلمية بالضربة القاضية»، وهو «إهدار للعلم». بينما رأى آخرون أن الخلاف بين موعد العيد بين الأحد أو الاثنين يعكس تراجع دور العلم في تنسيق شؤون الأمة.

https://x.com/khaledmontaser/status/1906137012874178725

كما دخل رجل الأعمال نجيب ساويرس، على خط الجدل، موضحاً أنه يتمنى حدوث اتفاق على توحيد يوم العيد، كونها من المرات القلائل التي يختلف فيها أول يوم للعيد بين مصر والسعودية.

في المقابل، كتب الباحث في الشؤون الإسلامية، إسلام بحيري، أن «ما قام به المفتي هو الصحيح، والدين هنا لا يضاد العلم إطلاقاً، لأنه الموضوع هنا لا علاقة له بالعلم».

وتفاعل رواد «السوشيال ميديا» مع الرؤية الشرعية، ومعها تصدرت «هاشتاغات»: «دار الإفتاء»، «العيد الاثنين»، «الأحد المتمم»، «اليوم الزيادة»، صدارة «الترند» في مصر خلال الساعات الماضية.

وفيما عبر البعض عن تشككهم في صحة الرؤية، مستشهدين ببيان المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، إلا أن كثيرين أيدوا ما انتهت إليه دار الإفتاء.

بينما أشار عدد من المستخدمين العرب إلى أن تضارب الرؤية في مختلف الدول العربية أمر غير مقبول في ظل التطور العلمي، وطالب بعضهم بوجود مرصد موحد لكافة الدول المسلمة.

كانت المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين والسودان ولبنان وفلسطين قد أعلنت الأحد أول أيام عيد الفطر، بينما أعلنت مصر والأردن والعراق وسوريا وسلطنة عُمان والجزائر أن الاثنين أول أيام عيد الفطر.

من ناحية أخرى، فجرت «الرؤية» تندر المصريين، ووظف رواد «السوشيال ميديا» الكوميكس ومشاهد الأفلام للتعبير عن رأيهم في عدم ثبوت الهلال.

وتراوحت جلّ التعليقات حول أن القطاع الأكبر من المصريين كان قد أعد العدة للاحتفال بالعيد يوم الأحد، وفق ما أشارت إليه الحسابات الفلكية.

وكان للطعام نصيب من هذه التعليقات، وجاء أبرزها حول «الزبادي»، الذي يرتبط بموائد السحور لدى مختلف الفئات، وكذلك الأسماك المملحة (الرنجة) التي يفضل كثيرون تناولها في أول أيام العيد.

ووظَّف البعض مشهداً للفنان عادل إمام، كرمز لعدم الرغبة في تناول الزبادي والفول مجدداً، والرغبة في تناول «كعك العيد».

الأمهات والفتيات كان لهن نصيب من التعليقات، خاصة مع الانتهاء من تجهيزات العيد، وعدم الرغبة مجدداً في إعداد موائد السحور والإفطار، بعد أن أرهقتهن طوال أيام الشهر الكريم.

كما تندر رواد كثيرون على حال الفتيات بعدما قاموا بتجهيز أنفسهن لاستقبال العيد الأحد. وظهر التندر من «الزبادي» مجدداً مع لجوء كثيرات إليه كـ«ماسك» للبشرة تزيناً للعيد، بدلاً من تناوله على السحور.

كما تداولت حسابات عديدة مقطعاً طريفاً لشيخ مسجد قام بعد صلاة العشاء بالحديث عن استقبال العيد، ليخبره المصلون أنه يجب أن يصلي القيام، لأن غداً ما زال رمضان، ليخبرهم أنه لم يعرف الرؤية، معللاً: «معلش كنت نايم».