الجزائر تطلق تدابير للخروج من «اللائحة الرمادية» لمكافحة الأنشطة الإجرامية

رقابة صارمة على القطاع المصرفي و«الحسابات المشبوهة»

المصرف المركزي الجزائري (متداولة)
المصرف المركزي الجزائري (متداولة)
TT
20

الجزائر تطلق تدابير للخروج من «اللائحة الرمادية» لمكافحة الأنشطة الإجرامية

المصرف المركزي الجزائري (متداولة)
المصرف المركزي الجزائري (متداولة)

أطلقت الجزائر تدابير جديدة للخروج من «اللائحة الرمادية» لـ«مجموعة الإجراءات المالية» التي تصنف البلدان «الأقل انخراطاً» في جهود مكافحة غسل الأموال وعائدات تمويل الإرهاب، وذلك بهدف جذب المستثمرين الأجانب الذين يشترطون «الأمان».

وتضمن العدد الجديد من «الجريدة الرسمية»، مرسوماً وقَّعه رئيس الوزراء، يتعلق بـ«إجراءات التجميد و/ أو حجز الأموال في إطار الوقاية من تمويل الإرهاب، وانتشار أسلحة الدمار، الشامل ومكافحتهما».

جانب من العاصمة الجزائرية (متداولة)
جانب من العاصمة الجزائرية (متداولة)

ويهدف هذا المرسوم إلى تعزيز الترسانة القانونية الجزائرية في هذا المجال، ويُعدُّ خطوة مهمة، في تقدير مراقبين، لاستعادة ثقة الشركاء الأجانب؛ خصوصاً أن الجزائر قد سنَّت قانوناً جديداً للاستثمار، تسعى من خلاله إلى جذب المستثمرين الأجانب.

ويشدد النص الجديد على «الاستجابة الفورية» من المؤسسات المالية للتدابير الواردة فيه، ويكون ذلك من خلال «تجميد الأموال المتعلقة بالأشخاص والكيانات المعنية (بغسل الأموال وتمويل الإرهاب) فوراً ومن دون تأخير أو إشعار مسبق»، بما في ذلك أيام العطل.

كما يفرض النص رقابة صارمة على القطاع المصرفي؛ إذ يلزم البنوك وبعض المهن غير المالية، مثل المحاماة ووكلاء العقارات، بالتأكد باستمرار مما إذا كان عملاؤهم مدرجين في قائمة العقوبات. وفي حال وجود تطابق، يتم تجميد أو مصادرة الأموال على الفور، ويجب إعلام الهيئة المختصة بذلك من دون تأخير. وتتماشى هذه الإجراءات مع التوصية رقم «10» لـ«مجموعة الإجراءات المالية» التي تفرض زيادة في العناية لمكافحة الشركات الوهمية والحسابات المجهولة.

اجتماع لقضاء جزائريين حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (صورة أرشيفية)
اجتماع لقضاء جزائريين حول تطبيق أحكام قانون مكافحة غسل الأموال (صورة أرشيفية)

إلى جانب تجميد الأصول، ينص المرسوم على «إدارة مركزية للأموال المصادرة»، والتي يجب نقلها إلى الخزينة المركزية لضمان تتبعها، وتجنب أي احتمال لتحويلها بطريقة غير شرعية. ورغم ذلك، يسمح النص بهامش مرونة للأشخاص الخاضعين للعقوبات، للوصول إلى موارد محدودة لتلبية احتياجاتهم الأساسية، مثل السكن والطعام والرعاية الطبية، بشرط الحصول على إذن خاص من وزير المالية والهيئات المختصة في الأمم المتحدة.

زيادة على ذلك، يفرض المرسوم قيوداً صارمة على أنشطة وتحركات الأشخاص الخاضعين للعقوبات، عن طريق حظر ممارسة أي نشاط اقتصادي، وإغلاق الفروع المعنية على الفور، وسحب جواز السفر ومنع مغادرة الأراضي الوطنية. كما يُمنع الأجانب المدرجون في قوائم العقوبات من دخول الأراضي الجزائرية. وتهدف هذه التدابير إلى «تحييد أي قدرة على التحرك للأفراد المتورطين في تمويل الإرهاب»، وفق المرسوم نفسه.

ومنذ إدراجها في هذه «اللائحة الرمادية» في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بذلت الجزائر جهوداً مضاعفة للامتثال للمعايير الدولية المرتبطة بمكافحة تمويل الأنشطة الإجرامية. وتم وضع «خطة عمل وطنية» بالتشاور مع «مجموعة الإجراءات المالية»، سمحت بتقليص الأعمال ذات الأولوية الواجب تطبيقها من 74 إلى 13.

سليمة مسراتي رئيسة سلطة الوقاية من الفساد (الشرق الأوسط)
سليمة مسراتي رئيسة سلطة الوقاية من الفساد (الشرق الأوسط)

وسبق هذا المرسوم «نظام» أصدره «البنك المركزي الجزائري» في أغسطس (آب) 2024، يخص «مكافحة غسل الأموال والوقاية منه، ومحاربة تمويل الإرهاب، وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل»، وألزم البنوك والمؤسسات المالية وخدمات «بريد الجزائر» بأن تؤدي فيها دوراً حاسماً، وحظر عليهم «فتح حسابات مجهولة أو مرقمة، أو حسابات بأسماء وهمية».

وعزَّز هذا «النظام» تدابير «قانون مكافحة الفساد والوقاية منه» الذي لا يزال جارياً منذ 2006، وصدوره يعكس -حسب مصادر قضائية متخصصة في ملفات الإجرام المالي- إرادة للتصدي لأشكال جديدة من غسل الأموال وتمويل الإرهاب وشراء الأسلحة الحربية، مع تطور التكنولوجيات الحديثة.

ومن المعروف أن «مجموعة الإجراءات المالية» تم إطلاقها عام 1989 وهي بمنزلة «منتدى» يضم أكبر اقتصادات العالم. ورغم أنها ليست منظمة حكومية دولية رسمية، مثل الأمم المتحدة أو منظمة التجارة العالمية، فإنها تتمتع بدعم وشرعية «مجموعة العشرين»، ما يمنحها سلطة كبيرة في وضع المعايير والسياسات الدولية لمكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وانتشار أسلحة الدمار الشامل.

وتتكفل هذه الآلية بوضع مجموعة من التوصيات الدولية، تُستخدم مرجعاً للدول في جهودها لتعزيز أنظمتها المالية والقانونية، لمكافحة إساءة استخدام التدفقات المالية. وتشمل هذه التوصيات جوانب، مثل: الشفافية في المؤسسات المالية، ومراقبة المعاملات المشبوهة، والتعاون الدولي لمكافحة الأنشطة الإجرامية المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا رئيس البرلمان يلقي كلمة بمناسبة تأسيس لجنة قانون تجريم الاستعمار (البرلمان)

الانفراجة بين الجزائر وفرنسا تضع «قانون تجريم الاستعمار» على المحك

المبادرة أخذت شكل «مقترح قانون» وليس «مشروع قانون». الأول يأتي من برلمانيين، والثاني تصدره الحكومة التي تحاشت أن تبادر به هي، تفادياً لمزيد من التصعيد مع فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عالمية النجم الجزائري أمين غويري لاعب مارسيليا (أ.ف.ب)

غويري: سنبذل أقصى الجهد لتصل الجزائر للمونديال

شدد النجم الجزائري أمين غويري على أنه وزملاءه سوف يبذلون قصارى جهدهم من أجل قيادة منتخب بلاده للصعود لنهائيات كأس العالم عام 2026.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عربية لاعب كرة القدم الجزائري الدولي السابق جمال مناد (وسائل إعلام جزائرية)

وفاة جمال مناد نجم الجزائر السابق عن عمر 64 عاماً

توفي المدرب ولاعب كرة القدم الجزائري الدولي السابق جمال مناد، السبت، عن عمر ناهز 64 عاماً، بعد صراع مع المرض.

مهند علي (الرياض)
رياضة عربية منتخب الجزائر هزم بوتسوانا وابتعد بصدارة مجموعته (الاتحاد الجزائري)

«تصفيات المونديال»: الجزائر تهزم بوتسوانا وتستعيد صدارة مجموعتها

حقّقت الجزائر فوزاً سهلاً 3 - 1 على مضيفتها بوتسوانا، الجمعة، لتستعيد صدارة المجموعة السابعة في تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم 2026.

«الشرق الأوسط» (غابورون )

السيسي يعوّل على «تماسك» المصريين أمام «تحديات استثنائية» تواجه المنطقة

الرئيس المصري يلقي كلمته في احتفالية ليلة القدر (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يلقي كلمته في احتفالية ليلة القدر (الرئاسة المصرية)
TT
20

السيسي يعوّل على «تماسك» المصريين أمام «تحديات استثنائية» تواجه المنطقة

الرئيس المصري يلقي كلمته في احتفالية ليلة القدر (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يلقي كلمته في احتفالية ليلة القدر (الرئاسة المصرية)

يُعول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «تماسك وصلابة» المصريين، في مواجهة «تحديات استثنائية» تمر بها المنطقة، معتبراً وحدة الشعب المصري «مفتاح تجاوز كل الصعاب».

وتحدث السيسي خلال كلمته، في احتفالية أقامتها وزارة الأوقاف المصرية، الأربعاء، بمناسبة «ليلة القدر»، عن «تأثيرات سلبية» توقع البعض حدوثها في مصر نتيجة للظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، غير أنه أشار إلى أن «موقف وصلابة المصريين، واجها تلك التحديات».

السيسي وعدد من الوزراء على هامش الاحتفال الذي أقيم بمدينة الفنون والثقافة (قاعة الأوبرا) بالعاصمة الإدارية الجديدة (الرئاسة المصرية)
السيسي وعدد من الوزراء على هامش الاحتفال الذي أقيم بمدينة الفنون والثقافة (قاعة الأوبرا) بالعاصمة الإدارية الجديدة (الرئاسة المصرية)

ويشير السيسي إلى تداعيات الاضطرابات الأمنية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة الحرب في قطاع غزة، والتي تسببت في تراجع إيرادات قناة السويس، إلى ما يزيد عن 60 في المائة، حسب تقديرات رسمية.

وفي كلمته، ثمَّن الرئيس المصري «مواقف الشعب المصري، في التصدي بثبات للتحديات الاستثنائية التي تواجه المنطقة»، وسجل «تقديره لتماسك المصريين، خلال الفترة الصعبة التي مرت وما زالت على المنطقة ومصر»، عادَّاً ذلك «أمراً أثار إعجاب الكثيرين».

واعتبر السيسي، أن «المصريين يظهرون في المواقف الصعبة بشكل مختلف، لتجاوز أي شيء». وشدد على أن «وحدة وتماسك الشعب المصري، وصلابته، ستكون هي المفتاح لعبور كل التحديات، وتجاوز كل الصعاب».

جانب من تكريم السيسي لحفظة القرآن (الرئاسة المصرية)
جانب من تكريم السيسي لحفظة القرآن (الرئاسة المصرية)

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، في حديث السيسي عن تماسك المصريين، «رسالة مهمة لطمأنة الشعب المصري»، إلى جانب «السعي لتحقيق ما يسمى بمناعة الدولة الوطنية، في مواجهة التحديات المختلفة»، وقال إن «الإدارة المصرية تسعى لتوعية الأجيال الجديدة في الداخل، بمخاطر ما يحدث في المنطقة».

ويعتقد فهمي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحديات التي تحدث عنها السيسي، تشمل مصاعب أمنية واستراتيجية واقتصادية» تتعلق بالحروب المحيطة وتأثيراتها، مشيراً إلى أن «الرئيس المصري يراهن على شعبه في مواجهة هذه التحديات».

وجدَّد الرئيس المصري، التأكيد على دعم بلاده للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن «السعي الحثيث من مصر، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ باقي مراحله»، كما دعا «الشركاء والأصدقاء لحشد الجهود من أجل وقف نزيف الدم، وإعادة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة».

السيسي يكرم حفظة القرآن (الرئاسة المصرية)
السيسي يكرم حفظة القرآن (الرئاسة المصرية)

وحديث السيسي، عن دعم مصر للقضية الفلسطينية، في مناسبة دينية، يأتي للتأكيد على انخراط بلاده في تطورات ما يحدث في غزة، وفق فهمي، وأشار إلى أن «مصر تسعى لوقف إطلاق النار الشامل، ووقف نزيف الحرب، حفاظاً على الاستقرار في المنطقة».

وتشارك مصر في جهود الوساطة الدولية مع قطر والولايات المتحدة، لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، في قطاع غزة، واستكمال المرحلتين الثانية والثالثة منه، بعد انتهاء المرحلة الأولى، وعودة العدوان الإسرائيلي على القطاع.

ودائماً ما يعول الرئيس المصري، على مواقف قوة تحمل المصريين، في مواجهة الأزمات، وفق عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، عبد المنعم السعيد، الذي أشار إلى «إشادات السيسي المستمرة، بتحمل المصريين آثار الأزمة الاقتصادية، ومن قبلها في الحرب على الإرهاب، وجائحة كورونا».

ويرى السعيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطاب السيسي المستمر بشأن التحديات الإقليمية، أمر ضروري ومهم، للتوعية بكيفية التعامل مع الاضطرابات الإقليمية، والتوترات التي تشهدها دول الجوار المباشر لمصر».