سودانيون بالقاهرة يقترحون مشاركة مصرية واسعة في إعادة إعمار بلدهم

أعدوا خطة تتضمن أولويات مشروعات البنية التحتية

مشاورات سياسية بين وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة خلال فبراير الماضي (وزارة الخارجية المصرية)
مشاورات سياسية بين وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة خلال فبراير الماضي (وزارة الخارجية المصرية)
TT
20

سودانيون بالقاهرة يقترحون مشاركة مصرية واسعة في إعادة إعمار بلدهم

مشاورات سياسية بين وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة خلال فبراير الماضي (وزارة الخارجية المصرية)
مشاورات سياسية بين وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة خلال فبراير الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

اقترح سودانيون مقيمون في القاهرة منح الأولوية للشركات المصرية، للمساهمة بشكل موسع في عمليات «إعادة الإعمار»، بعد انتهاء الحرب الحالية في بلدهم.

وصاغ مركز «التكامل السوداني - المصري» (مؤسسة سودانية مقرها القاهرة) خطة بأولويات القطاعات التي تتطلب إعادة إعمار حالياً في السودان، أعلن عنها خلال فاعلية عقدها بالعاصمة المصرية، مساء السبت، وأشار فيها إلى «بدء شركات مصرية تنفيذ بعض الأعمال حالياً، من بينها تأهيل بعض الكباري في الخرطوم».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، وتسببت في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.

وقدّر المركز حجم خسائر القطاعات المختلفة، من الحرب، بنحو 127 مليار دولار، وتشمل تلك القيمة «نحو 90 مليار دولار خسائر القطاعات الإنتاجية من الزراعة والصناعة والنفط والكهرباء، و3 مليارات دولار خسائر قطاع الطيران المدني، و10 مليارات دولار في قطاعي الصحة والمياه، و15 مليار دولار خسائر قطاع السياحة، إضافة إلى 10 مليارات دولار خسائر المواطنين الخاصة».

ووفق «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» في أبريل (نيسان) العام الماضي، فإن خسائر السودان الاقتصادية بلغت 25 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، خلال سنة واحدة من الحرب.

الملتقى الأول لرجال الأعمال المصريين والسودانيين بالقاهرة في نوفمبر الماضي (وزارة النقل المصرية)
الملتقى الأول لرجال الأعمال المصريين والسودانيين بالقاهرة في نوفمبر الماضي (وزارة النقل المصرية)

وتتمسك الحكومة السودانية بدعوة أكبر عدد من الشركات المصرية، للمساهمة في عملية إعادة الإعمار، والاستثمار، وفق المستشار الثقافي بسفارة السودان في القاهرة، عاصم أحمد حسن، الذي قال خلال مشاركته في إعلان المركز «رؤية إعادة إعمار السودان ومساهمة الشركات المصرية»، أن هناك «تسهيلات ستقدمها بلاده للشركات المصرية والمستثمرين».

وقال حسن: «هناك فرص جيدة للاستثمار الزراعي حالياً في السودان، خصوصاً مع اقتراب بداية الموسم الزراعي»، ودعا إلى «إقامة سوق حرة» بين بلاده والقاهرة، لزيادة الصادرات، خصوصاً الزراعية.

واتفقت مصر والسودان على تشكيل «فريق مشترك لدراسة خطة إعادة الإعمار والتجارب الدولية لتحقيقها»، خلال مشاورات سياسية، جمعت وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره السوداني علي يوسف الشريف، في القاهرة نهاية فبراير (شباط) الماضي. وأكدت القاهرة «استعدادها المساهمة في جهود إعادة تهيئة قطاعات الدولة السودانية»، حسب الخارجية المصرية.

وبدأت مصر في أعمال إعادة الإعمار في السودان، وفق مدير «مركز التكامل السوداني المصري»، عادل عبد العزيز، الذي أشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «شركات مصرية بدأت في صيانة وإعادة تأهيل اثنين من الكباري المهمة بالعاصمة الخرطوم، وهما شمبات والحلفايا»، خصوصاً مع تقدم الجيش السوداني أخيراً، واستعادته مناطق حيوية.

واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المدن الرئيسية التي كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة.

وتقترح «الخطة» بدء جهود إعادة الإعمار، من خلال «التوسع في الاستثمارات الزراعية بالسودان، لإعادة تشغيل القطاع الزراعي، بما يضمن ملايين الوظائف للسودانيين»، ودعت إلى «منح الأولوية للمساهمات المصرية في هذا القطاع، كون القاهرة تمتلك مصادر جيدة للأسمدة والتقنيات الزراعية المتقدمة». وأشارت إلى أن «مشاركة مصر في الاستثمارات الزراعية تمكنها من توفير احتياجاتها من المحاصيل الاستراتيجية، مثل القمح، الذي تستورد كميات كبيرة منه سنوياً».

وتعدّ مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، حسب وزارة التموين المصرية، إذ تستورد أكثر من 10 ملايين طن سنوياً، لتلبية الاحتياج المحلي، الذي يصل إلى نحو 20 مليون طن في السنة.

وحدّد «مركز التكامل السوداني - المصري» 6 قطاعات كأولوية لعمليات إعادة الإعمار. تشمل «البنية التحتية والنقل والطرق والمواني، والاتصالات، والخدمات الصحية، والتعليم، والكهرباء، ومياه الشرب». وأشار إلى ضرورة استثمار المشروعات الكبرى التي يتم تنفيذها بين البلدين، خصوصاً «الربط الكهربائي، ومشروع الربط السككي».

وتقيم مصر مع السودان مشروعاً للربط الكهربائي، بقدرة «300 ميغاوات». وأعلنت أخيراً عن مشروع للربط السككي بين شبكتي القطارات بالدولتين، من أبو سمبل (جنوب مصر) إلى منطقة أبو حمد، مروراً بوادي حلفا (شمال السودان). ووقّع وزير النقل المصري كامل الوزير، ونظيره السوداني أبو بكر أبو القاسم، في يناير (كانون الثاني) الماضي، على محضر الاجتماع الأول للجنة المشتركة المعنية بدراسة المشروع.

وتستهدف خطة «مركز التكامل السوداني - المصري» تشجيع الشركات والمؤسسات المصرية، للمساهمة في عملية إعادة الإعمار بالسودان، وفق مدير المركز، عادل عبد العزيز، الذي قال إن «المركز يوفر دعماً معلوماتياً، ودراسات جدوى، حول المشروعات التي يمكن تنفيذها في خطة إعادة الإعمار».

ويعوّل السودان على انعقاد النسخة الثانية لـ«ملتقى رجال الأعمال المصريين السودانيين»، في مدينة بورتسودان، لدفع جهود إعادة الإعمار، وفق عبد العزيز. وأشار إلى أن «الترتيبات قائمة لعقد الملتقى في شهر أبريل (نيسان) المقبل»، منوهاً إلى «اتصالات قائمة مع الشركات التي شاركت في النسخة الأولى منه بالقاهرة، لعرض أولويات عملية إعادة الإعمار».

واستضافت القاهرة «الملتقى الأول المصري السوداني لرجال الأعمال»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بمشاركة مسؤولين وممثلي مجتمع الأعمال بالبلدين، وبحث «فرص مشاركة الشركات المصرية، في إعادة الإعمار، وتوسيع التعاون الاقتصادي، ودعم الأمن الغذائي للبلدين».


مقالات ذات صلة

البرهان: لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

شمال افريقيا البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اليوم (السبت)، إنه لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني في مدينة أم درمان (أرشيفية - رويترز)

الجيش السوداني يسترد منطقة استراتيجية في أم درمان

أعلن الجيش السوداني، يوم السبت، استرداد واحد من أكبر معاقل «قوات الدعم السريع» الرئيسية في غرب مدينة أم درمان، وهي منطقة «سوق ليبيا».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني في القاهرة (الخارجية المصرية)

محادثات مصرية - سودانية تتناول المستجدات الميدانية في الخرطوم

جددت مصر «التأكيد على دعمها للمؤسسات الوطنية السودانية في استعادة الاستقرار والسلام».

أحمد إمبابي (القاهرة )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبِلاً رئيس مجلس السيادة السوداني بقصر الصفا في مكة المكرمة الجمعة (واس)

محمد بن سلمان والبرهان يستعرضان مستجدات أوضاع السودان

استعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق الأول ركن عبد الفتاح البرهان، مستجدات أوضاع السودان والجهود المبذولة تجاهها.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)
شمال افريقيا نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط) play-circle 00:42

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية.

رنا أبتر (واشنطن)

الدبيبة يدخل على خط المطالبات الدولية بوقف «الاعتقالات التعسفية»

الدبيبة خلال حضوره إعلان دار الإفتاء التابعة لحكومته حول مطلع هلال شوال (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال حضوره إعلان دار الإفتاء التابعة لحكومته حول مطلع هلال شوال (حكومة «الوحدة»)
TT
20

الدبيبة يدخل على خط المطالبات الدولية بوقف «الاعتقالات التعسفية»

الدبيبة خلال حضوره إعلان دار الإفتاء التابعة لحكومته حول مطلع هلال شوال (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال حضوره إعلان دار الإفتاء التابعة لحكومته حول مطلع هلال شوال (حكومة «الوحدة»)

بينما طالبت بعثتا الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، بالإفراج الفوري عن المعتقلين بشكل تعسفي في مختلف أنحاء البلاد، دخل رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، على خط المطالب الدولية والمحلية، بهذا الشأن، وقال إنه «لا يجوز في دولة تحترم نفسها أن يحتجز فيها أي شخص خارج المسار القضائي، أو دون إجراءات واضحة من النائب العام والقضاء».

وأضاف الدبيبة، في كلمة ألقاها مساء السبت، لدى حضوره إعلان بيان دار الإفتاء التابعة لحكومته في طرابلس، بدء عيد الفطر يوم الاثنين، أن «هذا مبدأ لا مساومة فيه شرقاً وغرباً وجنوباً»، لافتاً إلى أن «العدل هو أساس الحكم، والكرامة الإنسانية لا تتجزأ ولا تؤجل ولا تخضع لأي حسابات أو مساومات».

ورأى الدبيبة أن «الفرصة ما زالت قائمة لتجاوز الماضي والتوجه نحو المستقبل»، رغم ما شهدته البلاد من «تجارب صعبة وأزمات أثقلت كاهل المواطن».

وأعلن الدبيبة رفضه «لأي خطاب يحمل التحريض أو الكراهية والإساءة»، ودعا الأفراد والمؤسسات والمساجد والمنابر إلى «الالتزام بخطاب موحد». وفيما قال إن المرحلة الراهنة تتطلب تقديم التفاهم والابتعاد عن كل ما يؤدي للانقسام، أشار إلى أن عدم انقطاع الخدمات الأساسية وخاصة الكهرباء وتوافر السيولة، كلها مؤشرات طيبة يجب تعزيزها.

وتزامنت ملاحظات الدبيبة مع دعوة وجهتها مساء السبت، البعثة الأممية، للإفراج الفوري عن مئات الأشخاص الذين لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي في أنحاء ليبيا، مشيرة إلى ترحيبها بالإفراج مؤخراً عن بعض المحتجزين.

كما أعربت البعثة عن قلقها إزاء التقارير المتعلقة بالاختفاء القسري لمحمد القماطي، وحثّت السلطات المختصة على إجراء تحقيق شفاف والكشف عن مكان وجوده، وذكّرت جميع الأطراف الفاعلة بضرورة الالتزام بالقانون، والخضوع للمساءلة عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان.

وانضمت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى البعثة الأممية في الترحيب بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها السلطات الليبية لإطلاق سراح المعتقلين. وحثت في بيان لها جميع المؤسسات المعنية على التحقيق السريع في اختفاء القماطي، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان إطلاق سراحه فوراً وعودته سالماً إلى عائلته، مشيرة إلى مشاركتها البعثة الأممية قلقها العميق إزاء التقارير المقلقة عن حالات الإخفاء القسري، واعتبرت أن صون حقوق الإنسان الأساسية وسيادة القانون يعدان مسؤولية جوهرية تقع على عاتق أي دولة.

وفى شأن آخر، أشاد الدبيبة خلال مشاركته في مأدبة الإفطار التي أقيمت وسط طرابلس، بحضور نحو 1000 عامل من شركة الخدمات العامة طرابلس، بجهودهم في الحفاظ على نظافة المدينة وتعزيز الخدمات العامة، مشيداً بتفانيهم في أداء عملهم، خاصة خلال شهر رمضان المبارك.

وتزامن إعلان دار الإفتاء التابعة لحكومة الدبيبة عن موعد عيد الفطر، مع إعلان اللجنة العليا للإفتاء بحكومة «الاستقرار»، برئاسة أسامة حماد، أن الاثنين هو أول أيام العيد، بعد عدم ثبوت رؤية هلال شهر شوال.

وحدد حماد، أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء عطلة رسمية بمناسبة العيد، ونص في قرار أصدره مساء السبت، على منح الخميس عطلة رسمية تخصم من رصيد الإجازات.

فرحات بن قدارة الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
فرحات بن قدارة الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا (المكتب الإعلامي للمؤسسة)

من جهة أخرى، استدعت النيابة العامة في العاصمة طرابلس، الرئيس السابق لمؤسسة النفط الوطنية فرحات بن قدارة، للتحقيق في قضية «اختلال الشأن المالي للدولة من محصلة إيرادات المؤسسة». وأوضحت النيابة العامة في رسالة إلى الرئيس الحالي للمؤسسة، نشرتها وسائل إعلام محلية، أن القضية تتعلق بتعديل اتفاقية مقاسمة الإنتاج في عدة حقول نفطية، ورفع حصة الشريك الأجنبي في الإنتاج، مما أضر بالمصلحة والمال العام.

من جانبه، طالب مجلس زليتن البلدي، حكومة «الوحدة» ووزارة دفاعها، بالتدخل العاجل لحل النزاع القائم أمام مصنع الإسمنت بالمدينة، التي تقع على بعد 160 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس، وسحب القوات الموجودة من خارجها، مع التأكيد على ضرورة اعتماد الحلول السلمية والتفاوض لحل الاعتصام.

بدوره، أمر النائب العام بضبط 23 شخصاً بتهمة إقامة ساتر ترابي أمام بوابة المصنع وإيقاف تشغيله، مما تسبب في خسائر كبيرة.

يأتي ذلك فيما بثت إدارة إنفاذ القانون، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، والمكلفة بتأمين منفذ «رأس جدير» البري، على الحدود المشتركة مع تونس، لقطات فيديو فجر اليوم الأحد من داخل غرفة السيطرة بالمنفذ، مشيرة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية لمخالفات التهريب. كما أعلنت مساء السبت، ضبط بعض السيارات التي تحمل بضائع مهربة، مشيرة إلى تكثيف الدوريات الأمنية لضبط المخالفات ومكافحة أنشطة التهريب، لضمان سلامة حركة المسافرين.