استهجن ليبيون دعوة أطلقها صلاح بادي، قائد ما يُعرف بـ«لواء الصمود» في غرب ليبيا، إلى «الثورة» ضمن هجومه على الحكومتين المتنازعتين على السلطة، موجهاً إليهما انتقادات واتهامات بـ«الفساد».
جاء الظهور النادر لبادي ضمن تسجيل مصور، حمل أيضاً رسالة وجّهها لمن أسماهم «الشرفاء» من أنصار معمر القذافي للمشاركة في «بناء المستقبل»، مشيراً إلى أنه «لا فرق بين حفيده وحفيد القذافي»، لكن دعوته قوبلت باستهجان أيضاً من جانب معسكر النظام السابق.
«الثورة» التي يحرض عليها بادي تستهدف من أسماه «حكم العائلتين»، في إشارة إلى الدبيبة وحفتر، في غرب ليبيا وشرقها.
ومن بين أنصار نظام القذافي، استهجن المحلل السياسي عثمان بركة، تصريحات بادي، واستبعد أن يستجيب أنصار النظام السابق لدعوة بادي، أو أن «يضعوا يدهم في يد» من وصفها بـ«ميليشيات ساهمت في تدمير بلدهم ومقدرات وطنهم»، بحسب إفادته لـ«الشرق الأوسط».
وبادي كان ضابطاً سابقاً في قوات القذافي، لكنه انشق في فبراير (شباط) 2011 وأسّس ميليشيا خاضت صراعاً دامياً في مصراتة، علماً أنه مدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن منذ 2018، بتهمة «تقويض جهود الحل السياسي في ليبيا».
وانتقد بركة على نحو حاد دعوة بادي لـ«الثورة»، قائلاً: «ليس له مصداقية، ولسنا ضعفاء أو جهلاء»، عادّاً أن هجومه على الحكومتين «لا يقع في دائرة اهتمام المناصرين لنظام القذافي؛ لأن همومهم أكبر من الصراع القائم».
وتداولت وسائل إعلام ليبية وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لكلمة بادي، إلا أن القاسم المشترك بينها هو وصفه بـ«المُعاقب دولياً»، في حين لم تخرج أي مبادرات تساند دعوته لـ«الثورة».
ويُتهم قائد ميليشيا «لواء الصمود» على نطاق واسع بقيادة حملة عسكرية لتهجير أهالي مدينة تاورغاء (240 كيلومتراً شرق طرابلس) التي كانت تدين بالولاء للنظام السابق بعد عام 2011، قبل اتفاق مصالحة مع مصراتة أنهى سنوات من الصراع والتهجير.
وهنا يشكك الناشط التاورغائي (نسبة إلى تاورغاء)، عياد عبد الجليل، في مصداقية حديث بادي، وقال متسائلاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يتحدث عن ثورة ضد فساد، ويدعو إلى مصالحة مع نظام سابق؛ وقد تورط في مأساة تهجير أهالي تاورغاء؟!».
من جهته، أدرج المحلل العسكري، محمد الترهوني، هذه التصريحات ضمن «صراع بين ميليشيات في مصراتة وطرابلس وتسخين الأجواء»، عادّاً دعوة بادي الليبيين إلى التحرك ضد الحكومتين من بين «محاولات متكررة لجس نبض الليبيين قبل افتعال الأزمات».
وسبق أن أعلنت ميليشيا «لواء المرسى - سرية الموت»، التابعة لبادي، في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، عن تحريك عدد من ألويتها باتجاه العاصمة طرابلس، في خطوة لتعزيز الوجود الميداني ورفع مستوى الجاهزية.
وفي سياق الاستهجان والتشكيك في حديث بادي ودعوته الليبيين للقيام بثورة، توقع وكيل وزارة الخارجية السابق، حسن الصغير، أن يكون هدف هذا الظهور هو «الوقوف أمام دعوة الحكم الفيدرالي التي أطلقها نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني». ويستند الصغير في توقعه إلى حديث قائد «لواء الصمود» عن مشروع الكوني، وأن «تقسيم ليبيا صار أمراً واقعاً بين إقليمين وحكومتين وجيشين».
ووفقاً لتقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، فإن بادي هو قائد أيضاً لـ«لواء المرسى» المصراتي، التابع لـ«قوة درع ليبيا الوسطى». وسبق أن قاد هجوماً للسيطرة على مطار طرابلس الدولي في يوليو (تموز) 2014؛ ما أسفر عن تدمير 15 طائرة مدنية ليبية. وفي عام 2018 فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على بادي بتهمة تقويض الأمن عبر توجيه هجمات على جماعات موالية لحكومة «الوفاق» السابقة.
وتعاني ليبيا من انقسام بين حكومتين: إحداهما في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية بقيادة أسامة حمّاد في شرق ليبيا، مكلفة من مجلس النواب، وتحظى بدعم من قائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر.