تزامناً مع مشاورات مصرية - عربية لصياغة «خطة عربية متكاملة» لإعمار قطاع غزة، جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، التأكيد على رفض بلاده «تهجير» الفلسطينيين، مشيداً بموقف إسبانيا الداعم للقضية الفلسطينية.
وعقد الرئيس المصري، الأربعاء، في العاصمة مدريد جلسة مباحثات مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، وأشار السيسي، في مؤتمر صحافي مشترك، إلى أن اللقاء تناول استعراض التطورات المتعلقة بالحرب في قطاع غزة، ومستقبل القضية الفلسطينية.
وقال: «أكدنا ضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، واستمرار تبادل الرهائن والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية اللازمة، لإنقاذ أهالي غزة من الأوضاع المأساوية التي يعانون منها».
وأضاف: «أكدنا أهمية دعم المجتمع الدولي، وتبنيه خطة إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الشعب الفلسطيني»، مكرراً: «دون تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه التي يتمسك بها، ووطنه الذي لا يقبل التفريط فيه، وبما يضمن البدء الفوري في عمليات الإغاثة والتعافي المبكر».
وتابع: «أكدنا كذلك ضرورة دعم المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني بالقطاع، وفي مقدمتها وكالة (الأونروا) التي لا يمكن الاستغناء عنها في تقديم الخدمات الإنسانية الأساسية للشعب الفلسطيني».
وأشاد السيسي بموقف إسبانيا الذي وصفه بـ«الشجاع والتاريخي، والذي انحاز إلى الحق والعدل بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره». وقال: «اتفقنا في هذا الصدد على ضرورة السعي والدفع لإحياء عملية السلام، بهدف إقامة دولة فلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية».
من جانبه، أكد رئيس الحكومة الإسبانية اتفاق بلاده الكامل مع موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين. وقال: «ترفض إسبانيا بشكل حاسم وقاطع تهجير الفلسطينيين، وستدعم كل ما سيصدر عن القمة العربية المرتقبة المقرر عقدها بالقاهرة بشأن مسألة إعادة إعمار قطاع غزة، والخطة المصرية في هذا الشأن، وبما يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم»، مشدداً على «ضرورة تطبيق حل الدولتين»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي.
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره البلغاري، جورج جورجيف، أن «القاهرة بصدد وضع تصور شامل ومتعدد المراحل للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة»، معرباً عن «التطلع لقيام المجتمع الدولي ودول الاتحاد الأوروبي بدعم المساعي المصرية»، بحسب إفادة رسمية لوزارة الخارجية المصرية، الأربعاء.
وقالت مصر في وقت سابق: إنها «تعتزم تقديم تصور شامل لإعادة إعمار غزة»، وأشارت تقارير إعلامية إلى أنه «يتضمن إنشاء مناطق آمنة» في قطاع غزة.
من جانبه، أوضح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، أنه «يجري وضع الإطار العام لمخطط إعادة إعمار غزة بمشاركة عدد من المكاتب الاستشارية»، مضيفاً أن «القاهرة تمتلك من الخبرات ما يكفي لإعادة إعمار غزة في مدة تصل إلى 3 سنوات»، مشيراً إلى أن «القمة العربية المقبلة بالقاهرة ستكون مخرجاتها الرئيسة وضع تصور لإعادة إعمار قطاع غزة».
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء، أن القاهرة ستستضيف «القمة العربية الطارئة» بشأن تطورات القضية الفلسطينية يوم 4 مارس (آذار) المقبل.
وكان مقرراً أن تُعقد القمة في27 فبراير (شباط) الحالي، غير أن القاهرة عزت الإرجاء إلى «استكمال التحضير الموضوعي واللوجيستي».
وجاءت الدعوة للقمة الطارئة عقب طرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مقترحاً لـ«السيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه»، وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» وهو ما قوبل برفض عربي ودولي واسع.
وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»: إن القاهرة «تجري مشاورات حالياً مع الأطراف العربية المعنية لتحويل المقترح المصري بشأن إعادة إعمار غزة إلى خطة عربية، وذلك بهدف إكسابها مزيداً من القوة والحشد والدعم لتنفيذها»، موضحاً أن «الأساس في الخطة العربية التي يجري حالياً العمل عليها سيكون للأفكار والمقترحات المصرية، لا سيما فيما يتعلق بإعادة الإعمار، وتحديد المناطق التي سيبدأ العمل بها في القطاع، وتقسيمها وفق إطار زمني».
وأضاف أن «من المقرر أن يتم اعتماد الخطة العربية في القمة العربية الطارئة بداية الشهر المقبل»، وذلك «بعد مناقشتها والتنسيق بشأنها في القمة الخماسية المصغرة».
ومن المقرر عقد «قمة عربية مصغرة»، قبل القمة الموسعة في القاهرة، تشارك فيها مصر والأردن ودول أخرى، بهدف «تنسيق المواقف بشأن خطة إعادة إعمار غزة».
ولفت المصدر المصري المطلع إلى أن «مقترحات إعادة الإعمار تتضمن إنشاء مناطق آمنة أو معقمة يقيم فيها السكان خلال المراحل الأولى». وقال: «قطاع غزة ليس مدمراً بالكامل، ونحو 40 في المائة منه يمكن تجهيزه والبناء عليه».
وأكد أن «الخطة العربية ستكون حائط الصد في مواجهة الخطة الإسرائيلية والأميركية»، لافتاً إلى أن «تل أبيب ترفض إعادة الإعمار وتحاول الإبقاء على فكرة الإقامة المؤقتة... والولايات المتحدة تعد مشروعاً أيضاً بشأن غزة رداً على المشروع العربي المقترح».
وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن مصدرين أمنيين مصريين، الثلاثاء، قولهما: إن «خطة إعادة الإعمار قد تتضمن مساهمات مالية من دول المنطقة بقيمة تصل إلى 20 مليار دولار».
وقال السيناتور الأميركي، ريتشارد بلومنثال، لصحافيين في تل أبيب خلال زيارة لإسرائيل، الاثنين: «محادثاتي مع الزعماء العرب، وآخرهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أقنعتني بأن لديهم تقييماً واقعياً حقاً لما ينبغي أن يكون عليه دورهم»، بينما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر: إن «تل أبيب تنتظر تقييم الخطة فور طرحها»، محذراً من أن «أي خطة تستمر فيها (حماس) في حكم غزة لن تكون مقبولة»، بحسب «رويترز».