هل تنجح «اللجنة الأممية» في تذليل الخلاف حول قانوني الانتخابات الليبية؟

سياسيون يرون أنها تحتاج دعماً دولياً للخروج بحلول تحظى بتوافق

من فعاليات الاجتماع السابق لـ«اللجنة الاستشارية» في مقر البعثة الأممية بطرابلس (البعثة الأممية)
من فعاليات الاجتماع السابق لـ«اللجنة الاستشارية» في مقر البعثة الأممية بطرابلس (البعثة الأممية)
TT

هل تنجح «اللجنة الأممية» في تذليل الخلاف حول قانوني الانتخابات الليبية؟

من فعاليات الاجتماع السابق لـ«اللجنة الاستشارية» في مقر البعثة الأممية بطرابلس (البعثة الأممية)
من فعاليات الاجتماع السابق لـ«اللجنة الاستشارية» في مقر البعثة الأممية بطرابلس (البعثة الأممية)

يرى سياسيون ليبيون أن اللجنة الاستشارية، التي شكلتها البعثة الأممية من 20 شخصية، بهدف حل خلافات الأفرقاء بشأن قانوني الانتخابات العامة المعطلة، تحتاج إلى دعم دولي لاعتماد مخرجاتها.

وتحدث عضو المجلس الأعلى في ليبيا، علي السويح، عن وجود «ترقب واسع» لإمكانية خروج اللجنة بتقديم مقترحات إيجابية، تسهم في تذليل معضلة التوافق على قانوني الانتخابات، التي تعد في مقدمة أسباب عرقلة الاستحقاق، الذي كان من المزمع إجراؤه نهاية عام 2021.

وكانت اللجنة قد سلطت الضوء خلال عملها على البنود الجدلية في القوانين الانتخابية، التي استنزف النقاش والتفاوض حولها طويلاً خلال السنوات الماضية، واحتدم الخلاف بشأنها، وفي مقدمتها ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للاستحقاق الرئاسي من عدمه.

المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني» (الجيش)

ويرهن السويح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» نجاح هذه اللجنة بدعم البعثة والدول الغربية الكبرى لمخرجاتها، بالإضافة إلى العمل على إبعادها عن تأثير الانقسام السياسي والحكومي الراهن، وحماية أعضائها من التعرض لأي ضغوط أو إغراءات. معتقداً أن البعثة شكلت هذه اللجنة الاستشارية بسبب «رفض أصوات عدة لمخرجات لجنة (6 + 6) المشتركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والتي أقرها البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، لكن الاعتراضات كانت حول السماح للشخصيات الراغبة في الترشح للرئاسة بخوض الاستحقاق، بما في ذلك مزدوجو الجنسية والعسكريون».

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة (الوحدة)

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتحظى أيضاً بدعم قائد «الجيش الوطني»، خليفة حفتر، وتدير أغلب مناطق الشرق وبعض مدن الجنوب برئاسة أسامة حماد.

بدوره، رأى رئيس لجنة الشؤون السياسية بالمجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن أعضاء اللجنة، وأغلبهم خبراء قانونيون: «باتوا في مأزق الخروج بمقترحات لصياغات جديدة للبنود الجدلية في القوانين الانتخابية، تحظى بقبول أفرقاء الأزمة، خصوصاً أن الخلاف بشأنها سياسي وليس قانونياً».

سيف الإسلام القذافي أثناء تقديمه أوراق ترشحه للرئاسة قبل نهاية العام الماضي (صفحته على إكس)

وعلى الرغم من تأكيده أن نقاط ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية من بين هذه البنود، فإن معزب أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى الانتقادات الموجهة لما ورد في القوانين الانتخابية، من ربط إجراء الاستحقاقات التشريعية بإجراء الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى الموقف القانوني للمترشحين للرئاسة، مثل سيف الإسلام القذافي، الذي يعد أيضاً من النقاط الجدلية.

ورغم تأكيد أنصار سيف القذافي على أنه «غير محكوم عليه بشكل نهائي في أي جنحة أو جناية كما تم النص بذلك من قِبل القانون المنظم لانتخاب رئيس الدولة، فإن المحكمة الجنائية الدولية تطالب في أغلب نشراتها السلطات الليبية بتسليمه، وتؤكد على أنه لا يزال ملاحقاً من جهتها بتهمة ارتكاب (جرائم حرب)».

وشدّد معزب على أنه «سيقود الالتزام بالمواثيق الدولية في وضع القوانين الانتخابية، والاسترشاد بتجارب دول عدة بالمنطقة وخارجها، لكتابة معايير موضوعية للترشح لمنصب رئيس الدولة، قد لا ترضي الجميع، ولكن ينبغي فرضها؛ لأن القوانين لا تُفصل لدعم ترشح شخصية ما أو إقصائها».

ودعا عضو الأعلى للدولة البعثة الأممية لضرورة تبني مثل هذه المخرجات، إذا ما سعت لحل الأزمة السياسية في بلاده، خاصة أنها تعلم جيداً أن البديل لها هو استمرار الوضع الراهن، أي «تقاسم فرقاء الأزمة في شرق وغرب البلاد للسلطة والثروة».

وفي ضوء ما رافق الإعلان عن أسماء اللجنة من جدل، بين مرحب ومعارض، تتوقع بعض الأصوات أن تلقى مخرجاتها أيضاً معارضة من بعض القوى والمؤسسات الليبية. إلا أن المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، استبعد عدم طرح البعثة «مخرجات اللجنة الاستشارية على أي من الأجسام والمؤسسات الليبية، خصوصاً مجلسي النواب و(الدولة)». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن البعثة «تدرك آراء المجلسين حول القوانين الانتخابية، وكيف استنزفت المفاوضات الكثيرة عدة سنوات، ما أدى لاتهامهما من قبل قطاعات واسعة من الليبيين بعرقلة الوصول للانتخابات لضمان بقائهم في المشهد».

وعد محفوظ ما أشارت إليه التقارير الأممية الأخيرة، وكذلك تقارير الأجهزة الرقابية الليبية من «ارتفاع معدل الفساد، وتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة بالبلاد سبباً آخر ستأخذه البعثة بعين الاعتبار في محاولة الدفع بالمضي بمسار الانتخابات، وعدم الالتفاف إلى أصوات معارضة لمخرجات تلك اللجنة».

وكانت اللجنة الاستشارية قد اختتمت منتصف الأسبوع الحالي اجتماعها الافتتاحي، الذي استمر ليومين بالعاصمة طرابلس، وسط تساؤلات كثيرة حول قدرتها على إنجاز مهمتها بتقديم مقترحات إيجابية وقابلة للتطبيق سياسياً، بشأن القضايا الخلافية في القوانين المنظمة للانتخابات بما يمهد لإجرائها.


مقالات ذات صلة

السجن لوزير التعليم بحكومة الدبيبة بتهمة الفساد

شمال افريقيا المقريف وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة» يتسلم درعاً للتميز اليوم رغم الحكم بحبسه (الوزارة)

السجن لوزير التعليم بحكومة الدبيبة بتهمة الفساد

قالت النيابة العامة الليبية إنه «بعد إثباتها إخلال المقريف بمبدأ المساواة، وممارسته الوساطة والمحسوبية» لإجراءات التعاقد على طباعة الكتاب المدرسي، قضت بسجنه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي خلال مأدبة إفطار أقامها في طرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

المنفي يتحدث عن «أفكار جديدة» لتوحيد الجيش والأمن في ليبيا

قال المنفي إن ليبيا اليوم «أمام مفترق طرق؛ وعلينا نتحمل مسؤولياتنا التاريخية لضمان عبورها إلى بر الأمان»، وقال إنه يعول على دعم من أسماهم بـ«الشركاء الدوليين».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي للوزارة)

حكومة شرق ليبيا تتحرك ضد المتورطين في «الاتجار بالبشر»

وجه أبو زريبة وزير الداخلية في حكومة شرق ليبيا بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد عمليات التهريب والمهربين وقال إن هذا الأمر يُشكل تهديداً للأمن القومي

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا أبو عجيلة المريمي (أرشيفية ـ رويترز)

أسرة المتهم بتفجير «لوكربي» تدعو إلى الضغط لإطلاق سراحه

جددت أسرة أبو عجيلة المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، الموقوف بأميركا مطالبتها بإطلاق سراحه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا من اجتماع سابق للافي مع المنفي والدبيبة (الوحدة)

عضو بـ«الرئاسي» الليبي يطرح «مبادرة جديدة» لحلحلة الأزمة السياسية

حماد يُؤكد أن ليبيا لن تسمح بأي إجراء قد يؤدي إلى تغيير ديموغرافي يهدد سيادتها واستقرارها.

خالد محمود (القاهرة )

«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

استهدافات إسرائيلية تعود بشكل لافت في قطاع غزة، وتحذيرات أميركية لحركة «حماس»، تتسارع مع بطء في محادثات بشأن مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، القاضي بتمديد اتفاق الهدنة، وسط اشتراط الحركة أن يكون بداية لمفاوضات المرحلة الثانية المعطلة منذ بداية مارس (آذار) الجاري.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن الاتفاق المتعثر دخل «مرحلة تبادل ضغوط»، الأولى يقودها ويتكوف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعودة للمفاوضات واستئناف الاستهدافات بالقطاع واستمرار منع المساعدات، والثانية تتمسك فيها «حماس» بورقة الرهائن الرابحة، والحرص على عدم فقدها دون اتفاق شامل. وتوقع الخبراء التوصل لتمديد المرحلة الأولى مع تغييرات بشكل المرحلة الثانية كحل وسط خلال 72 ساعة لو هناك إرادة أميركية.

وبعد محطات من المحادثات بين القاهرة والدوحة متواصلة منذ الأسبوع الماضي، أفاد ويتكوف، الأحد، في تصريحات لـ«سي إن إن» الأميركية، بأن الجواب الذي وصل من «حماس» على مقترح «إطلاق سراح 5 أسرى أحياء بينهم مواطن أميركي (...) غير مقبول على الإطلاق»، مشجعاً الحركة أن «تكون أكثر عقلانية مما كانت عليه، خاصة أن هناك فرصة لها؛ لكنها تتلاشى بسرعة».

وسبق أن أعلن ويتكوف في بيان، الخميس، أنه «قدم اقتراحاً لتضييق الفجوات لتمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي، الذي ينتهي في 20 أبريل (نيسان) المقبل، وإتاحة الوقت للتفاوض على إطار عمل لوقف إطلاق نار دائم»، لافتاً إلى أن «(حماس) على علم بالموعد النهائي، والولايات المتحدة سترد بمقتضى ذلك إذا انقضى الموعد المحدد»، دون أن يذكره.

دخان تصاعد في وقت سابق خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وذكرت «حماس» في بيان صحافي، الجمعة، أنها «تسلّمت، الخميس، مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات، وردت عليه موافقتها على إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية مع جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية».

وتجاوزاً لورطة مغازلة «حماس» لواشنطن، أعلن مكتب نتنياهو في بيان، مساء السبت، أن الأخير «أوعز إلى فريق التفاوض بالاستعداد لمواصلة المحادثات على أساس رد الوسطاء على اقتراح (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف) بالإفراج الفوري عن 11 رهينة أحياء ونصف الرهائن القتلى»، مستبعداً بذلك عرض «حماس» الإفراج عن رهينة إسرائيلي - أميركي وإعادة جثث 4 آخرين، ومخالفاً لمقترح ويتكوف.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أننا «إزاء مرحلة يتبادل فيها الضغوط باحتراف، خاصة بعد عودة نتنياهو للمفاوضات ليفوت الفرصة على (حماس) التي قبلت بالإفراج عن رهينة أميركية، وتضغط في ظل إدراكها بوجود موجة داخلية عالية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، سواء باستطلاعات للرأي العام التي تشير إلى أن 70 في المائة يطالبون بخروج الرهائن أو خلافاته مع الأجهزة الأمنية».

في المقابل، ستستمر واشنطن عبر ويتكوف في الضغط على «حماس»، بحسب تقدير أنور، مشيراً إلى أن مبعوث ترمب لا يعلي سقف التطلعات هكذا؛ إلا وهو يدرك أن هناك تقدماً بالمفاوضات، ويريد نسبته لإدارته وضغوطها.

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، فإن نتنياهو يحاول أن يرمي الكرة في ملعب «حماس» ويتهمها بأنها من تعطل تنفيذ الاتفاق ويبرر أي عودة مستقبلية للقتال، متوقعاً أن تستمر ضغوط ويتكوف لأجل إقرار مقترحه، خاصة أن هناك موعداً نهائياً من واشنطن لم يعلن لكن يبدو أنه قريب.

منازل ومبانٍ مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وسط تبادل الشد والجذب بين أطراف المحادثات، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، الأحد، وصول 29 قتيلاً و51 مصاباً إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية، «جراء اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي»، فيما توقعت مصادر عسكرية في الجيش الإسرائيلي لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، أن تعطي حكومة نتنياهو الإذن باستئناف القتال «على مراحل»، إذا لم يحدث تقدم في مفاوضات استكمال صفقة إطلاق الرهائن.

وبعد انتهاء المرحلة الأولى مطلع الشهر الجاري وتعثر بدء المرحلة الثانية المعنية بانسحابات إسرائيلية كاملة، أوقفت حكومة نتنياهو دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المدمر، فيما لا تزال «حماس» تحتجز 59 إسرائيلياً، بينهم 24 على قيد الحياة و35 يُعتقد أنهم فارقوا الحياة، بعدما أتاحت أول مرحلة بالاتفاق إعادة 33 رهينة إلى إسرائيل بينهم 8 قتلى، في حين أفرجت إسرائيل عن 1800 معتقل فلسطيني من سجونها، وأفرجت الفصائل الفلسطينية عن 5 رهائن تايلانديين خارج إطار عمليات التبادل هذه.

ويتوقع أنور أن تتوقف عودة الاستهدافات والتلويح بالحرب حال وجود إرادة أميركية للضغط على إسرائيل والذهاب لحلول وسط، مرجحاً تغيير دراماتيكي خلال 72 ساعة نحو إبرام اتفاق، وتغييرات بشكل المرحلة الثانية حال توافرت الإرادة والتفاهمات الجادة.

وبتقديرات مطاوع فإن الضغوط المتصاعدة حالياً ستجبر «حماس» على قبول الاتفاق والتمديد خاصة، والحركة ليست لديها خيارات مع الوضع المتدهور في القطاع ومع الاستهدافات ومنع المساعدات.