ليبيون يتوقّعون خضوع قادة الميليشيات المسلحة في ليبيا لعقوبات دولية

بعدما رصد تقرير أممي تصاعد نفوذها وتأثيرها «غير المسبوق» على مؤسسات البلاد

وزير العدل الإيطالي يرد على أسئلة البرلمانيين حول قضية إعادة أسامة نجيم إلى ليبيا (أ.ف.ب)
وزير العدل الإيطالي يرد على أسئلة البرلمانيين حول قضية إعادة أسامة نجيم إلى ليبيا (أ.ف.ب)
TT

ليبيون يتوقّعون خضوع قادة الميليشيات المسلحة في ليبيا لعقوبات دولية

وزير العدل الإيطالي يرد على أسئلة البرلمانيين حول قضية إعادة أسامة نجيم إلى ليبيا (أ.ف.ب)
وزير العدل الإيطالي يرد على أسئلة البرلمانيين حول قضية إعادة أسامة نجيم إلى ليبيا (أ.ف.ب)

يتوقَّع عددٌ من السياسيين الليبيين أن تطال «العقوبات الدولية» قادة الميليشيات المسلحة في البلاد، وذلك بعدما رصد تقرير أممي، أخيراً، تصاعد نفوذ تلك الميليشيات؛ وتأثيرها غير المسبوق على مؤسسات الدولة السيادية، بما في ذلك المصرف المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط.

وأشار الفريق الأممي في تقريره، الذي يغطي الفترة الممتدة من منتصف عام 2023 إلى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2024، إلى زيادة أرباح تلك الميليشيات من تهريب الديزل، كما وثَّق مسؤولية بعضها عن «انتهاكات حقوقية» وصلت إلى «ارتكاب جرائم القتل، والتعذيب، والاحتجاز التعسفي ضد مدنيين».

ووفقاً لرؤية عدد من السياسيين، فإنه من المستبعد التغاضي عمّا ورد في هذا التقرير، مشيرين إلى أن الأمم المتحدة قد تتخذ في «المستقبل القريب» إجراءات حاسمة لمواجهة قادة تلك المجموعات المسلحة.

سيف العقوبات

توقَّع رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، أسعد زهيو، «تسليط سيف العقوبات الدولية على قادة هذه المجموعات بعموم البلاد، وعدم إفلاتهم من العقاب كما كانت الحال في السابق». وعدّ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن نشر التقرير الأممي، بما تضمَّنه من سرد لانتهاكات قادة تلك المجموعات، بالتزامن مع إعلان البعثة الأممية تشكيل لجنتها الاستشارية «بمثابة رسالة تهديد لهم، حتى لا يقدموا على أي خطوة من شأنها عرقلة العملية السياسية، وإلا وجدوا أنفسهم في مواجهة العقوبات»، مبرزاً أن «هناك استشعاراً بوجود قرار دولي لمعاقبة هذه المجموعات المسلحة وتحجيم دورها».

زهيو عدّ أن خضوع رئيسة وزراء إيطاليا للتحقيق في الإفراج عن أسامة نجيم «سيكون بمثابة جرس إنذار بعدم التساهل في حماية أي قادة للمجموعات المسلحة» (أ.ف.ب)

ورأى زهيو أن خضوع رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، للتحقيق في واقعة الإفراج وترحيل آمر الشرطة القضائية الليبي، أسامة نجيم، إلى ليبيا رغم كونه ملاحقاً من قبل المحكمة الجنائية الدولية «سيكون بمثابة جرس إنذار بعدم التساهل في حماية أي قادة للمجموعات المسلحة».

واستبعد زهيو اقتصار «العقوبات المتوقعة» على هؤلاء، في قرارات المنع من السفر، وتجميد أرصدتهم خارج البلاد فقط، متوقعاً «إحالة التقرير بعض الأسماء إلى لجنة الجزاءات، إضافة إلى إحالة الشخصيات المتورطة في جرائم القتل والتعذيب والاحتجاز القسري للجنائية الدولية، قصد إدراجهم بقوائم المطلوبين لديها».

بدوره، رأى المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أنه من الوارد «فرض عقوبات على قادة الجماعات المسلحة في شرق البلاد وغربها»، مشدداً على أن قرار تفعيل تلك العقوبات من عدمه «قد يرتهن للمتغيرات السياسية خلال الفترة المقبلة».

أسامة نجيم رئيس مؤسسة الإصلاح والتأهيل في طرابلس (حسابات موثوقة على وسائل التواصل)

وذهب محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «إمكانية وقوع بعض أفرقاء الأزمة السياسية تحت طائلة العقوبات الدولية، خصوصاً مَن يثبت عدم انخراطه، أو عرقلته للمبادرة السياسية الجديدة للبعثة الأممية، التي يبدو أن هناك جديةً لدى الدول الغربية في دعمها».

ووفقاً لتقدير محفوظ، فإن تقرير الخبراء الأمميين «أحدث بعض التخوف في صفوف قادة الجماعات». وقال بهذا الخصوص: «بات هناك قلقٌ لدى هؤلاء بشأن السفر والوجود بإحدى الدول الأوروبية؛ لخشيتهم من أن يكونوا مدرجين على قوائم المطلوبين لدى (الجنائية الدولية) غير المعلنة؛ أو مطلوبين للتحقيق أمام محاكم تلك الدول، جراء دعاوى قضائية أقامها في الأغلب مهاجرون غير نظاميين».

مخاوف المجموعات المسلحة

الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، توافَق مع الطرح السابق، مشيراً إلى أن «تخوف بعض قادة المجموعات المسلحة من السفر لأوروبا في الوقت الراهن يجهض مخططاتهم للتمتع بما جمعوه من أموال عبر الإقامة، أو شراء مبانٍ فخمة في تلك الدول، أو حضور حفلات ومباريات رياضية». بحسب قوله.

ورغم تأكيده أن ملاحقة «الجنائية الدولية» أسامة نجيم «أحيت قدراً من الآمال» في تعقب المجتمع الدولي قادة تلك الجماعات، ومعاقبتهم، فإن القماطي يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «استعادة الليبيين ثقتهم بهذا المجتمع والأمم المتحدة باتت مرهونةً على المخرجات، التي سيسفر عنها اجتماع مرتقب للجنة الجزاءات التابعة لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي». وقال موضحاً: «إذا لم يتم وضع عدد من أسماء هؤلاء القادة في قائمة الجزاءات، فهذا يعني أن المنظمة الأممية، ومن خلفها الدول الغربية الكبرى، تركت الليبيين بمفردهم في مواجهة تلك الجماعات، على الرغم مما رصده خبراؤها في هذا التقرير، من تغول لنفوذ هذه الميليشيات في شرق ليبيا وغربها».

المهاجر لاماغوك بيل روي الذي رفع دعوى ضد رئيسة الحكومة الإيطالية بدعوى السماح بإعادة أسامة نجيم إلى ليبيا رغم وجود مذكرة باعتقاله (أ.ف.ب)

بالمقابل، توقَّع عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، «عدم الالتفات للتقرير الأممي»، ورأى أنه «لم يتضمَّن أي معلومات جديدة بشأن تصاعد نفوذ الجماعات المسلحة في البلاد». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تضارب المصالح للدول المنخرطة بالساحة الليبية، مثل فرنسا وإيطاليا وتركيا، ما بين الاستثمار بالقطاع النفطي، وحماية الحدود، ومكافحة الهجرة غير المشروعة، من شأنه تقويض أي محاولة لاستهداف كثير من قادة تلك الجماعات؛ كونهم مَن يحمون مصالحها».

وانتهى التكبالي إلى أن التقرير الأممي «رصد عدم تفعيل قرار حظر السلاح المفروض أممياً على ليبيا؛ وأن هناك دولاً مدَّت تلك الجماعات بمعدات عسكرية متطورة»، وهو ما عدّه دليلاً على «تعمّق العلاقة والمصالح بين هذه الدول وقادة المجموعات المسلحة».


مقالات ذات صلة

الدبيبة يحمّل البرلمان الليبي مسؤولية «غياب» القوانين اللازمة للانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة في ملتقى ضباط جهاز دعم المناطق بطرابلس (حكومة «الوحدة»)

الدبيبة يحمّل البرلمان الليبي مسؤولية «غياب» القوانين اللازمة للانتخابات

حمّل الدبيبة المسئولية الكاملة لعقيلة صالح رئيس مجلس النواب وأعضائه، باعتباره الجهة المخولة بإصدار هذه التشريعات. واتهمه بالإخفاق في توفير الأساس القانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من المهاجرين «المحررين» في شرق ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

ليبيا: حبس 4 متهمين بقتل 10 مهاجرين والاتجار بالبشر

قالت النيابة الليبية إن شبكة التهريب أخضعت المهاجرين لمعاملة قاسية لإجبار ذويهم على دفع مبالغ مالية تحت وطأة مشاهدة التسجيلات المرئية التي توثِّق مشاهد تعذيبهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صدام حفتر (رئاسة أركان القوات البرية التابعة للجيش الوطني)

ليبيا: مطالب بالتحقيق في «أنشطة مشبوهة» لشركة نفطية تابعة لنجل حفتر

رغم نفي المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بشأن ما يتعلق بشركة «أركنو»، فإن «التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني» يدعو الأجهزة الرقابية لفتح تحقيق في جميع أنشطتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لاجتماع اللافي مع المبعوثة الأممية (المجلس الرئاسي الليبي)

عضو في «المجلس الرئاسي» الليبي يسعى لـ«حوار جديد» لحلّ الأزمة السياسية

لم يحدد اللافي موعداً لبدء هذه الحوارات الليبية أو مكانها مكتفياً بالإشارة إلى أنها ستعقد خلال الفترة المقبلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا من حفل إفطار أقامه مستشار الدبيبة وحضره قادة ميليشيات مسلحة في طرابلس  (حسابات ليبية موثوقة)

إفطار رمضاني لقادة ميليشيات طرابلس يثير تساؤلات بشأن «نفوذهم السياسي»

جمع إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة على مائدة إفطار قيادات أمنية رسمية، بالإضافة إلى أمراء التشكيلات المسلحة البارزين في طرابلس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن سيطرته على مطار الخرطوم

عناصر تابعة للجيش السوداني يُسيِّرون دوريات في سوق بالخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
عناصر تابعة للجيش السوداني يُسيِّرون دوريات في سوق بالخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يعلن سيطرته على مطار الخرطوم

عناصر تابعة للجيش السوداني يُسيِّرون دوريات في سوق بالخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)
عناصر تابعة للجيش السوداني يُسيِّرون دوريات في سوق بالخرطوم أول من أمس (أ.ف.ب)

أعلنت القوات المسلحة السودانية اليوم (الأربعاء) سيطرتها على عدد من المواقع في شرق ولاية الخرطوم، بينما أفادت صحيفة «السوداني» باستعادته السيطرة على المطار الدولي في العاصمة.

وذكر المتحدث باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، في تصريحات نشرتها صفحة القوات المسلحة على «فيسبوك»، أن الجيش تمكَّن من إحكام سيطرته على الجهة الغربية من جسر المنشية الذي يربط بين الخرطوم وشرق النيل.

وأضاف عبد الله أن القوات المسلحة استعادت السيطرة أيضاً على منطقة الباقير جنوب شرقي العاصمة الخرطوم، كما سيطرت على معسكر طيبة التابع لـ«قوات الدعم السريع» في محلية جبل أولياء بولاية الخرطوم.

 

صورة ملتقطة بالأقمار الاصطناعية تُظهر القصر الرئاسي في الخرطوم (رويترز)

كما قال الجيش السوداني في حسابه على «تويتر»، إنه يواصل مع القوات المساندة له التقدم في محور شرق الخرطوم، لافتاً إلى استعادته السيطرة على مقر اللواء الأول مشاة في الباقير.

وأشار الجيش إلى أنه كبد «قوات الدعم السريع»: «خسائر كبيرة في المعدات والأرواح» في منطقة الباقير.

ويوم الجمعة الماضي، أعلنت وزارة الخارجية السودانية سيطرة الجيش والقوات المساندة له على القصر الجمهوري، ومباني الوزارات السيادية، ووسط العاصمة.

مسجد مثقوبة جدرانه بالرصاص في أم درمان (أ.ف.ب)

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023، بعد خلافات حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة خلال عملية سياسية للانتقال إلى حكم مدني.