«سرعة الإنترنت» تستنزف ميزانيات أُسر مصرية

وسط شكاوى من انتهاء الباقة في «نصف الشهر»

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

«سرعة الإنترنت» تستنزف ميزانيات أُسر مصرية

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

غادرت المصرية الخمسينية، سناء حامد، سنترال الجيزة، وهي تحمل جهاز «راوتر» جديداً خاصاً بالإنترنت المنزلي. ويضع الجهاز الذي يبلغ سعره نحو 1800 جنيه (الدولار الأميركي يساوي نحو 50.30 جنيه في البنوك المصرية) عبئاً جديداً على ميزانية المواطنة «سناء»، التي تعتمد فقط على معاش والدها للإنفاق على أبنائها الأربعة بعد طلاقها. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «اشتريت (الراوتر) بالتقسيط لعل الباقة لا تنتهي بعد 15 يوماً كما يحدث الآن».

ويشتكي مصريون من «انتهاء باقات الإنترنت قبل موعدها»، دون أن يطرأ أي تغيير على طريقة استهلاكهم. وبينما تقدم بعضهم بشكاوى إلى وزارة الاتصالات المصرية، فضل آخرون اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن «انتهاء الباقة».

«سناء»، كانت واحدة ممن تقدموا بشكوى إلى «الاتصالات»، حيث تحدثت مع «خدمة العملاء» عبر الجوال، فأوصاها مسؤول «الدعم الفني» بتغيير «الراوتر» وشراء آخر جديد، حتى يضمن لها سرعة إنترنت أكبر فلا تتقطع الخدمة، و«تكمل الباقة لآخر الشهر»، حسب السيدة الخمسينية، التي بدا عليها القلق الشديد من «ألا تُجدي حيلتها الجديدة نفعاً، فتتحمل قيمة قسط الراوتر (57 جنيهاً) لمدة 3 سنوات، ثم تضطر إلى زيادة الباقة، وهي تدفع حالياً 240 جنيهاً في الشهر».

المصرية سناء حامد عقب شرائها «راوتر جديداً» على أمل حل أزمة «سرعة انتهاء الباقة» (الشرق الأوسط)

رئيس قطاع التفاعل المجتمعي في «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد إبراهيم، أرجع انتهاء «الباقات بسرعة» إلى «سرعة الإنترنت»، قائلاً في تصريحات متلفزة، الشهر الماضي، إنهم «نفذوا خطة كبيرة لزيادة كفاءة الشبكة خلال السنوات الماضية؛ فقفزت زيادة متوسط سرعة الإنترنت من 5 ميغا في 2019 إلى 70 ميغا في 2024».

لكن ميزة «سرعة الإنترنت» التي تتيح جودة أعلى في مشاهدة الأفلام والمسلسلات والمقاطع التعليمية، جاءت لتضع أعباء إضافية على كاهل الأسر المصرية التي تكلفت بالفعل زيادة في أسعار الإنترنت خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وباتت الآن مطالبة بتجديد الباقة أكثر من مرة في الشهر، بحسب مراقبين.

مصريون يشتكون من انتهاء الباقة في «نصف الشهر» (المصرية للاتصالات)

وارتفعت أسعار باقات الإنترنت في مصر، ديسمبر الماضي، بنسبة تجاوزت الـ30 في المائة؛ لتصبح باقة الـ140 غيغا بـ240 جنيهاً بدلاً من 160 جنيهاً، وقفزت باقة الـ250 غيغا من 280 جنيهاً إلى 410 جنيهات.

العشرينية، أمل عزت، الطالبة في كلية الآداب بجامعة حلوان جنوب القاهرة، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الباقة الـ140 غيغا كانت في وقت سابق تكفي استخدامنا في المنزل طوال الشهر، لكن الآن تنتهي في نصف الشهر، وترفض أسرتي تجديدها سوى في بداية كل شهر». ويقتصر دخل أسرة «أمل» على معاش والدها، وبعض المدخرات الإضافية التي ينفقون منها، بعدما تزوجت شقيقتاها وغادرتا المنزل.

«أمل» تقوم من جانبها بشحن «كارت فكة» بـ18 جنيهاً، فيتيح لها الإنترنت لمدة يوم تقريباً، بشرط استخدامه في أقل الحدود الممكنة.

وعكس «أمل»، تكمل الباقة الشهر في منزل، محمد عماد، الطالب في الصف الثالث الثانوي الصناعي، لكنه «يعاني من سوء الخدمة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «السرعة البطيئة والانقطاع المستمر للإنترنت يعوقاني عن استكمال مذاكرتي اليومية التي تحتاج إلى مشاهد مقاطع مصورة».

أحد الطلاب يسأل عن طريقة للحفاظ على الباقة عبر «فيسبوك»

من جانبها، أكدت عضو «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، مها عبد الناصر، لـ«الشرق الأوسط» أنها «سوف تتقدم بمقترح إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في الفترة المقبلة، لإتاحة الاستخدام المجاني للمنصات التعليمية». وأضافت: «طالما الشخص مشترك، فلمَ لا نوقف حساب الاستهلاك إذا ما قصد المواقع التعليمية، كنوع من الدعم للطلاب والأسر».

وسبق أن ذكرت النائبة «مها» في مداخلة مع برنامج «الحكاية» على قناة «إم بي سي مصر»، الشهر الماضي، أنها «شخصياً تعاني من سرعة انتهاء الباقة، ولا تعلم سبباً لذلك».

الخبير في تكنولوجيا المعلومات، محمود فرج، نصح مستخدمو الإنترنت بـ«تحديد جودة منخفضة لمقاطع الفيديو التي يشاهدونها لتوفير الاستهلاك»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أسباباً عدة قد تكون خلف أزمة انتهاء الباقات، منها «سرقة الواي فاي» أو «سرعة الإنترنت»، لكن كثيراً من المستخدمين لا يدركون ذلك. وأشار إلى تنوع الأجهزة التي تدخل على الإنترنت في المنزل الواحد، ومشاهدة «تيك توك» والتصفح، كل ذلك يستهلك إنترنت.

ولا يستبعد فرج أن «تكون الأزمة في حسابات شركات الاتصالات، خصوصاً مع اتساع مجال الشكاوى»، وهو أمر «لا نستطيع الجزم به»، على حد وصفه.


مقالات ذات صلة

منع خبيرة تغذية علاجية «شهيرة» من الظهور في وسائل إعلام مصرية

يوميات الشرق دعاء سهيل عبر حسابها بموقع «فيسبوك»

منع خبيرة تغذية علاجية «شهيرة» من الظهور في وسائل إعلام مصرية

قرّرت «نقابة الإعلاميين» في مصر منع ظهور دعاء سهيل المعروفة إعلامياً بـ«خبيرة التغذية العلاجية» على أي وسيلة إعلام محلية.

داليا ماهر (القاهرة )
تحليل إخباري مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)

تحليل إخباري هل ينتهي حلم «الإخوان» بعودة نشاطهم في مصر؟

أكد مصدر مصري مسؤول أن «تنظيم الإخوان انتهى في البلاد، ولا سبيل لعودتهم، وكل ما يثار من أحاديث عن مصالحة معهم لا أساس لها في الواقع».

هشام المياني (القاهرة )
العالم العربي نقيب الصحافيين خالد البلشي في الوسط وبجواره منافسه في الانتخابات عبد المحسن سلامة وسكرتير عام النقابة جمال عبد الرحيم (النقابة)

منافسة محتدمة على مقعد نقيب الصحافيين في مصر

وسط وعود بتوسيع مظلة الخدمات الاجتماعية لأعضاء نقابة الصحافيين المصرية، وجولات انتخابية شملت صحفاً ومواقع عدة، تحتدم المنافسة على مقعد النقيب حالياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المحادثات المصرية - الإيطالية في القاهرة تناولت جهود وقف إطلاق النار في غزة (الرئاسة المصرية)

دعم إيطالي لخطة إعادة إعمار غزة

أكدت إيطاليا «دعم خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة التي طرحتها مصر، وحظيت بتأييد عربي وإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
رياضة عربية لاعبو الأهلي أمام إنجاز جديد (الأهلي المصري)

«أبطال أفريقيا»: الأهلي وبيراميدز لنهائي مصري خالص للمرة الثانية

يقف قطبا جنوب أفريقيا ماميلودي صنداونز وأورلاندو بايرتس حاجزاً أمام نهائي مصري ثانٍ بعد عام 2020، حيث يحلان على الأهلي وبيراميدز توالياً في إياب نصف النهائي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
TT

تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)

أعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصا الفئات المحرومة، قد دُمّر في الخرطوم بسبب الحرب في السودان.

وصرح مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان لوكالة الصحافة الفرنسية الخميس «لقد تضرر مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم بشدة جراء الحرب وتعرض لدمار كبير». واندلع النزاع في السودان بين الحليفين السابقين، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في 15 أبريل (نيسان) 2023 وسرعان ما امتدت الاشتباكات التي بدأت في الخرطوم إلى معظم ولايات البلد المترامي الأطراف.

وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى وأدت إلى تشريد 13 مليون شخص متسبّبة، وفق الأمم المتحدة، بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق. وقد تسببت أيضا بانهيار النظام الصحي.

وفي مقطع فيديو يظهر مركز الأبحاث متضررا بشكل كبير، إذ يمكن خصوصا رؤية أسقف منهارة ورفوف مقلوبة ووثائق متناثرة. وقال أحمد فحل مؤسس المركز «فقدنا كل المحتوى الموجود في بنوكنا البيولوجية وكانت فيها بيانات منذ أكثر من 40 سنة»، مضيفا أن هذا وضع «يصعب تحمله».

ولا يزال متعذرا على السلطات الصحية الوصول إلى موقع المركز، ما يحول دون «إجراء أي تقييم للأضرار»، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وأكدت المنظمة أن المركز الذي تأسس عام 1991 برعاية جامعة الخرطوم هو الوحيد في العالم المخصص لدراسة الورم الفطري. وكان المركز يستقبل كل عام 12 ألف مريض، وفقا لمؤسسه.

في عام 2019، أجرى المركز أول تجربة سريرية في العالم على هذا الورم، بدعم من منظمة الصحة العالمية والحكومة السودانية. وقد عالجت عيادة موقتة في كسلا، في شرق البلاد، 240 مريضا مصابين بالورم الفطري، وفق منظمة الصحة العالمية.

وأُعيد افتتاح مركز طبي آخر في قرية ود أونسة في جنوب شرق البلاد. ويتلقى كلا المرفقين دعما من وزارة الصحة، لكنهما يواجهان تحديات تمويلية كبيرة، حسب منظمة الصحة العالمية. ويمكن للورم الفطري الذي تسببه بكتيريا أو فطريات موجودة في التربة أو الماء، أن يؤدي إلى تآكل العظام.

في عام 2016، صنفت منظمة الصحة العالمية مرض المايستوما الذي يؤثر خصوصا في الفئات السكانية المحرومة وكذلك المزارعين والعمال والرعاة في البلدان النامية، على أنه من بين «الأمراض المدارية المُهمَلة».