غادرت المصرية الخمسينية، سناء حامد، سنترال الجيزة، وهي تحمل جهاز «راوتر» جديداً خاصاً بالإنترنت المنزلي. ويضع الجهاز الذي يبلغ سعره نحو 1800 جنيه (الدولار الأميركي يساوي نحو 50.30 جنيه في البنوك المصرية) عبئاً جديداً على ميزانية المواطنة «سناء»، التي تعتمد فقط على معاش والدها للإنفاق على أبنائها الأربعة بعد طلاقها. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «اشتريت (الراوتر) بالتقسيط لعل الباقة لا تنتهي بعد 15 يوماً كما يحدث الآن».
ويشتكي مصريون من «انتهاء باقات الإنترنت قبل موعدها»، دون أن يطرأ أي تغيير على طريقة استهلاكهم. وبينما تقدم بعضهم بشكاوى إلى وزارة الاتصالات المصرية، فضل آخرون اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن «انتهاء الباقة».
باقة 200 جيجا خلصت في 8 ايام يا شركة we
— BEN0A (@Aywa_anaBen0a) January 5, 2025
«سناء»، كانت واحدة ممن تقدموا بشكوى إلى «الاتصالات»، حيث تحدثت مع «خدمة العملاء» عبر الجوال، فأوصاها مسؤول «الدعم الفني» بتغيير «الراوتر» وشراء آخر جديد، حتى يضمن لها سرعة إنترنت أكبر فلا تتقطع الخدمة، و«تكمل الباقة لآخر الشهر»، حسب السيدة الخمسينية، التي بدا عليها القلق الشديد من «ألا تُجدي حيلتها الجديدة نفعاً، فتتحمل قيمة قسط الراوتر (57 جنيهاً) لمدة 3 سنوات، ثم تضطر إلى زيادة الباقة، وهي تدفع حالياً 240 جنيهاً في الشهر».
رئيس قطاع التفاعل المجتمعي في «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات»، محمد إبراهيم، أرجع انتهاء «الباقات بسرعة» إلى «سرعة الإنترنت»، قائلاً في تصريحات متلفزة، الشهر الماضي، إنهم «نفذوا خطة كبيرة لزيادة كفاءة الشبكة خلال السنوات الماضية؛ فقفزت زيادة متوسط سرعة الإنترنت من 5 ميغا في 2019 إلى 70 ميغا في 2024».
لكن ميزة «سرعة الإنترنت» التي تتيح جودة أعلى في مشاهدة الأفلام والمسلسلات والمقاطع التعليمية، جاءت لتضع أعباء إضافية على كاهل الأسر المصرية التي تكلفت بالفعل زيادة في أسعار الإنترنت خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وباتت الآن مطالبة بتجديد الباقة أكثر من مرة في الشهر، بحسب مراقبين.
وارتفعت أسعار باقات الإنترنت في مصر، ديسمبر الماضي، بنسبة تجاوزت الـ30 في المائة؛ لتصبح باقة الـ140 غيغا بـ240 جنيهاً بدلاً من 160 جنيهاً، وقفزت باقة الـ250 غيغا من 280 جنيهاً إلى 410 جنيهات.
حد ملاحظ إنه من بعد زيادة أسعار باقات الإنترنت، الباقة مبقتش تقعد أسبوع ! حتى لو حجمها كبير بردو بتخلص بسرعه !- الأول كان شركة We بس ممكن يحصل فيها كده، دلوقتي حرفيًا كل الشركات !
— 91,s (@SsedoOfficiaI) January 8, 2025
العشرينية، أمل عزت، الطالبة في كلية الآداب بجامعة حلوان جنوب القاهرة، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الباقة الـ140 غيغا كانت في وقت سابق تكفي استخدامنا في المنزل طوال الشهر، لكن الآن تنتهي في نصف الشهر، وترفض أسرتي تجديدها سوى في بداية كل شهر». ويقتصر دخل أسرة «أمل» على معاش والدها، وبعض المدخرات الإضافية التي ينفقون منها، بعدما تزوجت شقيقتاها وغادرتا المنزل.
وطبعا العلاقة طردية كل ما النت يغلى كل ما تلاقي الباقة بتخلص اسرع
— ahmedtahana (@ahmedtahana) December 5, 2024
«أمل» تقوم من جانبها بشحن «كارت فكة» بـ18 جنيهاً، فيتيح لها الإنترنت لمدة يوم تقريباً، بشرط استخدامه في أقل الحدود الممكنة.
وعكس «أمل»، تكمل الباقة الشهر في منزل، محمد عماد، الطالب في الصف الثالث الثانوي الصناعي، لكنه «يعاني من سوء الخدمة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «السرعة البطيئة والانقطاع المستمر للإنترنت يعوقاني عن استكمال مذاكرتي اليومية التي تحتاج إلى مشاهد مقاطع مصورة».
من جانبها، أكدت عضو «لجنة الاتصالات» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، مها عبد الناصر، لـ«الشرق الأوسط» أنها «سوف تتقدم بمقترح إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في الفترة المقبلة، لإتاحة الاستخدام المجاني للمنصات التعليمية». وأضافت: «طالما الشخص مشترك، فلمَ لا نوقف حساب الاستهلاك إذا ما قصد المواقع التعليمية، كنوع من الدعم للطلاب والأسر».
وسبق أن ذكرت النائبة «مها» في مداخلة مع برنامج «الحكاية» على قناة «إم بي سي مصر»، الشهر الماضي، أنها «شخصياً تعاني من سرعة انتهاء الباقة، ولا تعلم سبباً لذلك».
الخبير في تكنولوجيا المعلومات، محمود فرج، نصح مستخدمو الإنترنت بـ«تحديد جودة منخفضة لمقاطع الفيديو التي يشاهدونها لتوفير الاستهلاك»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أسباباً عدة قد تكون خلف أزمة انتهاء الباقات، منها «سرقة الواي فاي» أو «سرعة الإنترنت»، لكن كثيراً من المستخدمين لا يدركون ذلك. وأشار إلى تنوع الأجهزة التي تدخل على الإنترنت في المنزل الواحد، ومشاهدة «تيك توك» والتصفح، كل ذلك يستهلك إنترنت.
ولا يستبعد فرج أن «تكون الأزمة في حسابات شركات الاتصالات، خصوصاً مع اتساع مجال الشكاوى»، وهو أمر «لا نستطيع الجزم به»، على حد وصفه.