أكد مسؤول بمحكمة جزائرية لـ«الشرق الأوسط»، طلب عدم نشر اسمه، أن القضاء المحلي سيرفع مذكرة توقيف إلى الشرطة الدولية تتعلق بعبد السلام بوشوارب (72 سنة)، الوزير في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019)، وهذه هي المذكرة الثانية بعد أمر التوقيف الأول الصادر في 2019.
وأوضح المسؤول ذاته أن «أمام القضاء الفرنسي أدلة جديدة تؤكد تورط بوشوارب في قضايا فساد»، في إشارة إلى تراكم ملاحقات الجزائر ضده. مبرزاً أن مذكرة التوقيف الجديدة «تضع فرنسا وجهازها القضائي تحت الاختبار، بعد تلقي طلبات ملحة في وقت سابق لتسليم بوشوارب، مع مسؤولين آخرين محل شبهة فساد، لم يتم التعاطي معها إيجابياً».
والأربعاء الماضي، طلب المدعي العام بـ«القطب القضائي المختص في محاربة الفساد» في محكمة بالعاصمة الجزائرية، إنزال عقوبة السجن غيابياً لمدة 20 سنة مع التنفيذ بحق بوشوارب، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 800 مليون دينار جزائري (ما يعادل 5.89 مليون دولار أميركي)، بتهم «غسيل أموال وفساد»، تتعلق بصفقات تمت بين شركته الخاصة وشركة أجنبية، وحساب مصرفي خاص به في بنك سويسري، وذلك على خلفية شبهة اختلاس مال عام خلال فترة توليه وزارة الصناعة والمناجم (2015-2017).
كما تضمنت التماسات النيابة غرامة ضد شركته الخاصة، بقيمة 32 مليار دينار (ما يعادل 236.8 مليون دولار)، مع إصدار مذكرة توقيف جديدة تُعد الثانية في 6 سنوات. ومن المتوقع إصدار الحكم الأسبوع المقبل، مع العلم أنه يوجد حكم غيابي سابق بالسجن لمدة 20 سنة في إطار محاكمات طالت عشرات المسؤولين، بعد رحيل بوتفليقة عن الحكم في 2 أبريل (نيسان) 2019، تحت ضغط الشارع الذي رفض ترشحه لولاية خامسة.
ووفقاً للمحاكمة الجديدة، يُتهم بوشوارب بإنشاء شركة «وهمية» خارج الجزائر في الفترة التي كان فيها وزيراً، وفتح حساب باسم هذه الشركة في بنك بلوكسمبرغ، حيث أودع 700 ألف يورو، ثم نقل الحساب إلى بنك في جنيف بسويسرا، وفقاً لتحقيقات القضاء الجزائري.
وتشمل لائحة الاتهام الجديدة ضد أحد وجوه النظام في مرحلة مهمة من تاريخ البلاد، تهم «غسل أموال وحيازة إيرادات ناتجة عن أنشطة إجرامية مصدرها الفساد، وتحويل ممتلكات، وأموال ناتجة عن جرائم بهدف إخفاء مصدرها غير المشروع». ويُتهم أيضاً بـ«تلقي مزايا غير مشروعة»، و«استلام رشى ومزايا أثناء تنفيذ اتفاقات وعقود باسم الدولة»، و«إهدار أموال عامة».
وغادر بوشوارب الجزائر بعد فترة قصيرة من عزله في تعديل حكومي، أدخله بوتفليقة في مايو (أيار) 2017، حين عين عبد المجيد تبون، رئيس الجزائر الحالي، وزيراً أول، خلفاً لعبد المالك سلال، الذي يقضي فترة سجن طويلة بتهم «فساد».
وفي 2022 صادرت الحكومة مصنعاً لإنتاج رقائق البطاطس في ملكية بوشوارب، ضمن أملاك أخرى تقدر قيمتها بعشرات ملايين الدولارات، وفقاً للتحقيقات. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، التمس محامو بوشوارب من محكمة فرنسية عدم تنفيذ طلبات ترحيله إلى الجزائر. وبعدها بشهر واحد، جمد القضاء الفيدرالي السويسري أرصدة بوشوارب المالية في أحد مصارف جنيف، ومنعه من التصرف في 1.7 مليون يورو، على خلفية شبهة فساد. وتم اتخاذ هذا الإجراء بناءً على طلب من الجزائر، التي ترى أن برن «أكثر تعاوناً من باريس» في ملاحقة المسؤولين المدانين بالسجن.
وكان الرئيس تبون قد لمح إلى بوشوارب في مقابلة مع صحيفة «لوبينيون» الفرنسية، نشرتها يوم 3 فبراير (شباط) الحالي، حين قال إن بلاده «تود أن تستجيب فرنسا لطلباتنا في مجال التسليم، كما فعلت إسبانيا وإيطاليا وألمانيا»، معبراً عن دهشته لكون باريس «تمنح الجنسية أو حق اللجوء لشخصيات ارتكبت جرائم اقتصادية، أو تقوم بأنشطة تخريبية على الأراضي الفرنسية».