مصر: كيف بدأ «يناير» بمخاوف من الاحتجاج وانتهى بـ«اصطفاف»؟

احتفاء واسع برفض السيسي مقترح «تهجير» الفلسطينيين

نشطاء مصريون يشاركون في قافلة إغاثية لأهالي غزة (الهلال الأحمر المصري)
نشطاء مصريون يشاركون في قافلة إغاثية لأهالي غزة (الهلال الأحمر المصري)
TT
20

مصر: كيف بدأ «يناير» بمخاوف من الاحتجاج وانتهى بـ«اصطفاف»؟

نشطاء مصريون يشاركون في قافلة إغاثية لأهالي غزة (الهلال الأحمر المصري)
نشطاء مصريون يشاركون في قافلة إغاثية لأهالي غزة (الهلال الأحمر المصري)

تصاعدت مخاوف و«قلق» على مستقبل مصر مع دعوات احتجاج «سوشيالية» بداية شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، لكنها ما لبثت أن خفتت وتحولت حالة «اصطفاف» لدعم الدولة؛ تجاوباً مع مخاطر «تهجير» الفلسطينيين، وإعادة توطينهم في سيناء.

حالة «الاصطفاف» التي بدأت مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء السبت الماضي، داعياً مصر والأردن إلى استقبال لاجئين من غزة، تصاعدت مع تأكيد الرئيس المصري الواضح، الأربعاء، رفض بلاده التهجير.

وفي أول رد مباشر من الرئيس المصري على المسعى الأميركي، قال السيسي إن تهجير الفلسطينيين «ظلم لا يمكن أن نشارك فيه»، ليتصدر هاشتاغ «مصر قالت كلمتها» التريند، وسط احتفاء واسع من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوة إلى «الاصطفاف» مع الدولة.

واحتفى المدون المصري وائل الخطيب بتصريحات السيسي، مؤكداً عبر حسابه على منصة «إكس» أن «المصريين وراء قائدهم داعمين مساندين رافضين لأي مخطط شرير يستهدف أمنهم القومي».

وقال حساب آخر على «إكس»: «الشعب كله متضامن مع قرارات الرئيس الخاصة برفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم».

لينتهي شهر يناير بدعم واسع للرئيس ولموقف الدولة الرافض التهجير، حتى من جانب عناصر محسوبة على تنظيم «الإخوان» الذي تصنّفه القاهرة «إرهابياً».

ومنذ عام 2011 اعتاد المصريون أن يأتي شهر يناير مصحوباً بدعوات للاحتجاج، تزامناً مع الاحتفالات بذكرى 25 يناير، التي يتباين تعريفها بين يصفها بـ«الثورة»، ومن يعدّها «أحداثاً» أدت إلى إطاحة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبين من يتجاهلها تماماً، مؤكداً أن «هذا اليوم هو عيد للشرطة فقط».

لكن دعوات الاحتجاج هذا العام جاءت مختلفة، لا سيما أنها أعقبت سقوط النظام السوري؛ ما أثار حالة من القلق بين مصريين على مستقبل البلاد، قال عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الاحتفال بعيد الشرطة الأسبوع الماضي، إنه «قلق مشروع»، مطمئناً مواطنيه بقدرة البلاد على «تجاوز الصعاب»، قائلاً: «لا أحد يستطيع أن يمس مصر، رغم ما يتردد من إشاعات وأكاذيب ومحاولات لاستهدافنا».

دعوات الاحتجاج «السوشيالية»، دفعت نواباً وإعلاميين للتفاعل في محاولة لتفنيدها والتأكيد على محدودية تأثيرها على الأرض، وهو ما عبَّر عنه الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري، في منشور عبر حسابه على «إكس»، صبيحة الاحتفال بذكرى «25 يناير»، أشار فيه إلى أنه «سبق وقال إن أحداً لن يستجيب لدعوات التظاهر».

وقال إنه «ظل يبحث عن أي مظاهرة، لكنه لم يجد»، وأضاف ساخراً من أصحاب الدعوة كون دعوتهم لم تلق صدى في الشارع: «إما أن الناس نسيت الدعوة، وإما أن حكومتنا اللئيمة تآمرت وحذفت يوم 25 يناير من الأجندة فاحتار الناس».

أما المدوّن لؤي الخطيب، فكتب عبر حسابه على «إكس» منشوراً ساخراً قال فيه: «هل هذا منظر شعب عنده ثورة غداً»، مطالباً ببعض الجدية.

دعوات الاحتجاج «ليست غريبة» على شهر يناير، بحسب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي، الذي يقول في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: إنها «غالباً ما تصدر في التوقيت نفسه كل عام من أصوات معارضة في الخارج ليس لها قواعد شعبية؛ لذلك قلما تجد لها صدى على الأرض».

ويرى أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «المعارضة السوشيالية حاولت استغلال سقوط النظام السوري بالدعوة إلى احتجاجات في مصر؛ ما أثار بعض المخاوف»، لكنها في النهاية «دعوات لم تجد صدى شعبياً».

وبينما لم تجد دعوات الاحتجاج استجابة لدى المصريين، ومع نهاية يوم 25 يناير الماضي، تصدر هاشتاغ «محدش نزل» التريند في سخرية من نشطاء محسوبين على تنظيم «الإخوان»، حاولوا الترويج لمظاهرات احتجاجية في البلاد.

ولم يكد يوم 25 يناير ينقضي حتى خرج الرئيس الأميركي يدعو مصر والأردن إلى استقبال لاجئين من غزة، وهي الدعوة التي قوبلت برفض رسمي وشعبي في القاهرة وعمَّان.

حالة الرفض تلك سرعان ما تحولت دعوات «اصطفاف» لدعم الدولة ضد «التهجير»، قال عنها عضو مجلس النواب، محمود بدر، عبر منشور في حسابه على «إكس» إنها «لم تحدث منذ (30 يونيو)/حزيران»، مؤكداً أن «كل المصريين في مواجهة تصريحات ترمب ومشروع التهجير القسري، كما كانوا من قبل في مواجهة (الإخوان)».

وعلق حساب آخر قائلاً إن «المصري وقت الخطر ينتفض وينسى كل مشاكله الحياتية».

انعكس هذا «الاصطفاف» في بيانات حزبية، وتصريحات برلمانية، ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ما عده الباحث السياسي والأمين المساعد للشؤون السياسية بحزب «حماة وطن» جمال رائف، «نتاج وعي وإدراك كامل لخطورة الوضع الإقليمي وتداعياته على الداخل المصري، وخطورة الأوضاع داخل غزة وتداعياتها السلبية على الأمن القومي المصري ومستقبل القضية».

يرى رائف، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المتغيرات الإقليمية والأوضاع الأمنية المتردية في المنطقة، خصوصاً داخل قطاع غزة كانت حافزاً مهماً لتحريك الشعب وتوحيد صفوفه مع الدولة في مواجهة أي ضغوط قد تمارس عليه لإتمام مخطط التهجير».

وترفض القاهرة «مساعي التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الشعوب من أراضيها، سواء كان ذلك بشكل مؤقت أو طويل الأجل»، وتعدّه «تهديداً للاستقرار يقوض فرص السلام والتعايش بين الشعوب»، بحسب تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في كلمته بجلسة «مجلس حقوق الإنسان الدولي»، في جنيف، الثلاثاء.

«الاصطفاف» المصري مع الدولة ضد «التهجير» هو «نتاج قلق وخوف» من أن تتعرض البلاد لضغوط أميركية لتنفيذ المخطط الذي «يهدد الأمن القومي»، وفق أستاذ علم الاجتماع السياسي.

وهو أيضاً مرتبط بحالة «الشحن ضد إسرائيل الناتجة من 15 شهراً من الحرب على قطاع غزة»، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، الذي يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التفاف المصريين حول الدولة في هذا الموقف «يرجع إلى أن التهجير يعدّ بمثابة خطر خارجي يهدد البلاد»، موضحاً أن «المواطن قد يختلف مع الحكومة وينتقدها لكنه يدعمها إذا تعرضت لضغوط أو هجوم من دولة أخرى».

وهنا يرى الشوبكي أن «دعوات الاحتجاج أو (الاصطفاف) هي في الأصل دعوات نخبوية، الأولى من عناصر معارضة في الخارج ليس لها قواعد شعبية، والأخرى من نخبة حزبية أو سياسية أو ثقافية ربما لا يصل تأثيرها لقطاعات عريضة». وإن اعترف بأن «هناك تضامناً شعبياً لرفض التهجير، لكنه لا يصل حد الخروج للشوارع بالملايين مقارنة بأحداث سابقة».


مقالات ذات صلة

«شين فين» يقاطع زيارة البيت الأبيض بسبب خطة ترمب في غزة

أوروبا زعيمة حزب «شين فين» ماري لو ماكدونالد (يسار) ونائبة رئيسه ميشيل أونيل (رويترز) play-circle

«شين فين» يقاطع زيارة البيت الأبيض بسبب خطة ترمب في غزة

أعلن حزب المعارضة الآيرلندي «شين فين»، الجمعة، أنه سيمتنع عن زيارة البيت الأبيض، بمناسبة عيد القديس باتريك؛ احتجاجاً على مقترحات الرئيس الأميركي بشأن غزة.

«الشرق الأوسط» (دبلن)
تحليل إخباري رجل يقف خارج كوخ شُيّد خارج مبنى منهار في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري إشارات أميركية إيجابية بشأن «تهجير الفلسطينيين» تعزز الحلول العربية

تصريحات أميركية جديدة حملت «إشارات إيجابية» بشأن خطط تهجير الفلسطينيين، وسط ترقب لطرح رؤية عربية شاملة بشأن إعادة إعمار قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بُعيد اجتماع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومستشار السياسة الخارجية للكرملين يوري أوشاكوف في الرياض الثلاثاء الماضي (أ.ب)

ستيف ويتكوف يلعب دوراً أكبر في السياسة الخارجية الأميركية

رغم أنه اختير مبعوثاً خاصاً للبيت الأبيض إلى الشرق الأوسط، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتمد على ستيف ويتكوف في المحادثات مع روسيا أيضاً.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي أطفال فلسطينيون في مواصي خان يونس الجمعة (د.ب.أ)

70 % من الإسرائيليين يؤيدون اقتراح «حماس» بإنهاء المرحلة الثانية بصفقة واحدة

دلت نتائج استطلاع رأي، الجمعة، على أن غالبية كبيرة من الإسرائيليين، بنسبة 70 في المائة، يؤيدون مقترح «حماس» بتنفيذ المرحلة الثانية من تبادل الأسرى دفعة واحدة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مقاتلون مسلحون من «حماس» بجوار أربعة جثامين سلمتهم الحركة في خان يونس جنوب قطاع غزة 20 فبراير (شباط) 2025 (رويترز) play-circle

«حماس»: سننظر في احتمال حدوث خطأ في تحديد هوية أشلاء الرهينة شيري بيباس

قالت حركة «حماس»، اليوم الجمعة، إنها ستنظر في خطأ محتمل في التعرف على أشلاء الرهينة شيري بيباس التي سلمتها لإسرائيل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة - تل أبيب)

«حكومة موازية في السودان»... ما الموقف المصري؟

جانب من مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)
جانب من مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)
TT
20

«حكومة موازية في السودان»... ما الموقف المصري؟

جانب من مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)
جانب من مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)

تشهد الساحة السودانية تصعيداً جديداً، يفاقم من أزمة الانقسام السياسي الداخلي، مع تحركات من قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة لإعلان تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، وذلك على وقع الحرب الداخلية الممتدة منذ نحو 22 شهراً.

ومع تنديد الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، بتلك الخطوة، والتحذيرات الأممية من تأثيرها على «تفاقم الأزمة الداخلية»، قال خبير ودبلوماسي سابق مصريان إن «القاهرة تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره السلطة الرسمية المعترف بها دولياً، ومن المستبعد اعترافها بأي (حكومة موازية)»، في حين «لم تعلق مصر رسمياً على هذه التحركات».

وتسببت الحرب الداخلية في السودان التي اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.

واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المدن الرئيسية التي كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.

وبدأت قوى سودانية في مشاورات التوقيع على «وثيقة إعلان سياسي، ودستور مؤقت للحكومة الموازية»، في العاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، بمشاركة ممثلين لـ«الدعم السريع»، وأحزاب مثل «الأمة، والاتحادي الديمقراطي (الأصل)»، وشخصيات سودانية، بينهم قائد «الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال» عبد العزيز الحلو، وعضوا «مجلس السيادة» السابقان الهادي إدريس، والطاهر حجر.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله الفريق عبد الفتاح البرهان في القاهرة نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله الفريق عبد الفتاح البرهان في القاهرة نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

واستدعت «الخارجية السودانية» سفيرها لدى كينيا للتشاور، رداً على استضافة اجتماعات تشكيل «حكومة موازية»، ووعدت في إفادة، الخميس، باتخاذ «إجراءات لصون أمن السودان، وحماية سيادته ووحدة أراضيه». وسبق ذلك، إعلان «مجلس السيادة» السوداني، الأربعاء، «تشكيل حكومة انتقالية، يرأسها شخصية تكنوقراط، لا تنتمي لأي جهة سياسية».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليقات رسمية من الجهات المصرية المعنية، على تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، لكن لم يتسنَّ ذلك. في حين جاء أحدث مواقف القاهرة الداعمة للسودان، في بيان مصري - إسباني، الخميس، خلال ختام زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمدريد، أكد «ضرورة احترام وحدة وسلامة أراضي السودان، والحفاظ على مؤسساته الوطنية». وشدد البيان على «أهمية العمل على إطلاق عملية سياسية شاملة بملكية وقيادة القوى السياسية والمدنية السودانية، دون إملاءات خارجية».

وبحسب عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فإن «مصر تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره النظام الرسمي الذي يمثل السودان دولياً»، مشيراً إلى أن «القاهرة تعترف بالحكومة السودانية، وتستقبل رئيس (مجلس السيادة) وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، باعتباره رئيس السلطة الحالية في السودان».

وترأس البرهان وفد السودان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويستبعد حليمة «اعتراف مصر بخطوة تشكيل (حكومة موازية)»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم عدم اكتمال تشكيل القوى والأطراف لتلك الحكومة، فإنه لا يوجد اعتراف دولي بها، سوى من بعض الأطراف الإقليمية، منها كينيا التي تستضيف اجتماعات صياغة الإعلان السياسي لها»، لافتاً إلى أن «القاهرة تدعم مؤسسات السودان الوطنية».

محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره السوداني على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري مع نظيره السوداني على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن (الخارجية المصرية)

الدعم المصري للحكومة السودانية، أكده وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، مجدداً خلال محادثات مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في 14 فبراير (شباط) الجاري، وشدد على «موقف بلاده الداعم للسودان، ومؤسساته الوطنية، وبذلها كافة الجهود لتعزيز سيادته ووحدته وسلامة أراضيه»، حسب «الخارجية المصرية».

ويرى حليمة افتقاد «الحكومة الموازية» للتأثير والدعم السياسي والشعبي بالمقارنة بتفاعل السودانيين داخلياً وخارجياً مع انتصارات الجيش الأخيرة، وأكد أن «هناك إدانات ورفضاً من أحزاب وقوى سياسية سودانية لهذه الحكومة»، لكنه لم يقلل من خطورتها حال اكتمالها، قائلاً إن «إعلان سلطة موازية سيضر بوحدة السودان، ويزيد من حالة الانقسام الداخلي، ويفاقم من صراع السلطة والنفوذ بين الأطراف السياسية».

و«تتابع القاهرة مساعي تشكيل حكومة سودانية موازية، لحين بحث الموقف مع أقرب محادثات مع مسؤولي الحكومة الشرعية في السودان»، وفق قنصل مصر السابق لدى السودان، اللواء حاتم باشات، الذي أشار إلى أن «مصر لا تستطيع أن تعلن موقفاً بشأن هذه التحركات؛ لكونها شأناً سودانياً داخلياً»، كما أن «موقفها ثابت بشأن دعم المؤسسات السودانية».

ويربط باشات بين خطوة الإعلان عن تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وانتصارات الجيش السوداني الأخيرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تأثير الجيش بات أقوى ميدانياً، وفي طريقه للسيطرة الكاملة على الأراضي السودانية»، وعدّ ذلك التقدم «يدفع معارضين للبحث عن دور في السلطة، ما بعد انتهاء الحرب».

مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)
مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)

وحذرت الأمم المتحدة من إعلان «قوات الدعم السريع» تشكيل «حكومة موازية»، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الأربعاء، إن تلك الخطوة «تزيد الانقسام وتفاقم الأزمة في السودان».

وتتعارض خطوة تشكيل «حكومة موازية» مع مبادئ أساسية وثابتة في سياسة مصر الخارجية تجاه السودان، وفق الباحث السياسي السوداني المقيم في القاهرة، صلاح خليل، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تدفع نحو تدشين عملية سياسية شاملة، تشارك فيها الأطراف السودانية كافة، دون إملاءات خارجية».

ويرى خليل أن «تشكيل حكومة موازية يتعارض مع التحركات المصرية لحل الأزمة في السودان، ومنها استضافة مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، العام الماضي، لتوحيد جهودها، ووضع خريطة طريق لإنهاء الأزمة في البلاد ووقف الحرب الداخلية».

وجمعت القاهرة في يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، خلال مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاثة ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».