الجيش السوداني يقترب من استرداد القصر الرئاسي

قال إنه صدّ هجوماً كبيراً شنته «الدعم السريع» في شمال كردفان

البرهان وسط مناصريه في مدينة بورتسودان 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)
البرهان وسط مناصريه في مدينة بورتسودان 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

الجيش السوداني يقترب من استرداد القصر الرئاسي

البرهان وسط مناصريه في مدينة بورتسودان 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)
البرهان وسط مناصريه في مدينة بورتسودان 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)

اقترب الجيش السوداني من استرداد القصر الرئاسي في وسط الخرطوم، الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع» منذ بداية الحرب في أبريل (نيسان) 2023. وتتقدم قوات الجيش باتجاه القصر من عدة محاور، بينما استردّت قواته، المسماة «متحرك الصياد»، مدينة أم روابة؛ ثانية كبرى مدن ولاية شمال كردفان في غرب السودان. كما أعلن الجيش صد هجوم «قوات الدعم السريع» على مدينة أو روابة، الأربعاء، وألحق بها «خسائر فادحة»، وأن طيرانه الحربي «يلاحق القوات الهاربة».

ومنذ عدة أيام، يواصل الجيش هجماته على مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» في محاور مختلفة، حيث أحرز تقدماً سريعاً.

وقال شهود في الخرطوم إن قوات قادمة من مقر القيادة العامة للجيش تخوض قتالاً شرساً مع «قوات الدعم السريع»، وتتقدم في شارعَي «الجمهورية» و«الجامعة» باتجاه القصر الرئاسي الذي يبعد عن مقر قيادة الجيش نحو كيلومترين. وتوقعت مصادر أن يسترد الجيش القصر الرئاسي في وقت قريب، إذا واصل تقدمه بوتيرته الحالية.

ووفقاً لشهود ومنصات للتواصل الاجتماعي، فإن قوات الجيش دخلت حي «العزبة» في مدينة بحري، إحدى مدن العاصمة الثلاث، بعد أن استردت حي «دردوق» وحي «نبتة»، واقتربت من حي «الشقلة» في منطقة شرق النيل بمدينة بحري. كما حقق الجيش تقدماً في منطقة أم بدة بمدينة أم درمان.

تقاسم العاصمة المثلثة

جانب مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم 26 يناير 2025 (رويترز)
جانب مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم 26 يناير 2025 (رويترز)

ويتقاسم طرفا الحرب مناطق متداخلة في العاصمة المثلثة «الخرطوم الكبرى» التي تتكون من مدينة الخرطوم، ومدينة أم درمان، ومدينة بحري. وكان الجيش قد أعلن، يوم الأربعاء، بسط سيطرته على جسر «المك نمر» من جهة مدينة بحري، ويتقدم نحو وسط المدينة. لكن «قوات الدعم السريع» لا تزال تسيطر على أحياء كافوري، وكوبر، وشرق النيل، وسوبا، وغيرها، مع وجود جيوب مقاومة ببعض المناطق الأخرى.

وفي مدينة الخرطوم، استعاد الجيش سيطرته على أحياء الرميلة، والحلة الجديدة، وبعض أنحاء حي جبرة، بينما تسيطر «قوات الدعم السريع» على المنطقة الواقعة شرق مقر «القيادة العامة» للجيش وعلى مطار الخرطوم، وأحياء الصحافة والخرطوم 2، والخرطوم 3، وامتداد الدرجة الثالثة، وأركويت، والرياض، والطائف، والمنشية، والجريف، والبراري.

كما لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على الأحياء الجنوبية من مدينة الخرطوم، بما في ذلك السوق المركزية وأحياء السلمة، وسوبا، ومايو، وعد حسين، والكلاكلات، وتمتد سيطرته حتى شرق ضاحية جبل الأولياء.

وفي مدينة أم درمان، استطاع الجيش استرداد أجزاء كبيرة من المدينة، باستثناء جنوبها وغربها، بينما تبقت بعض أحياء محلية أم بدة، والسوق الشعبية، والمربعات، والشقلة، وصالحة، وتمتد جنوباً حتى ضاحية جبل الأولياء من جهة الغرب.

معارك الغرب

نازحون يصطفّون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال ولاية كردفان يونيو 2024 (أ.ف.ب)
نازحون يصطفّون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال ولاية كردفان يونيو 2024 (أ.ف.ب)

وفي ولاية شمال كردفان، ذكر شهود أيضاً أن قوات الجيش، القادمة من جهة الشرق باتجاه مدينة أم روابة، ثانية كبرى ولايات شمال كردفان، حققت تقدماً مكّنها من استرداد المدينة من سيطرة «قوات الدعم السريع». من جانبه، أعلن الجيش، على صفحته في منصة «فيسبوك»، أن قواته المدعومة بالطيران الحربي دحرت هجوماً كبيراً شنته «قوات الدعم السريع» على المدينة، يوم الأربعاء، وألحقت بها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، في معركةٍ استمرت أكثر من خمس ساعات.

وأضاف الجيش أن الطيران الحربي يلاحق ما تبقّى من «قوات الدعم السريع» الفارة، لكن هذه القوات الفارة «استهدفت أحياء المدينة وبعض مراكز الإيواء بالقصف المدفعي»، نتج عنه مقتل ثلاثة مواطنين وجرح ثمانية.

وتبعد مدينة أم روّابة عن العاصمة الخرطوم بنحو 300 كيلومتر، وهي مركز تجاري مهم وسوق كبيرة للحبوب الزيتية، كما أنها تُعد ملتقى طرق حديدية وبرية تربط ولايات غرب السودان وجنوب كردفان بالخرطوم وبميناء بورتسودان.


مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان يُندد بـ«الكارثة الإنسانية المروعة» في جنوب السودان

أوروبا نساء يبعن بضائعهن في سوق نزارا المفتوح جنوب السودان 15 فبراير (أ.ب)

بابا الفاتيكان يُندد بـ«الكارثة الإنسانية المروعة» في جنوب السودان

جدَّد بابا الفاتيكان فرنسيس، الأحد، دعوته للسلام في أوكرانيا وفلسطين وإسرائيل ولبنان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار وجنوب السودان.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
شمال افريقيا البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اليوم (السبت)، إنه لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني في مدينة أم درمان (أرشيفية - رويترز)

الجيش السوداني يسترد منطقة استراتيجية في أم درمان

أعلن الجيش السوداني، يوم السبت، استرداد واحد من أكبر معاقل «قوات الدعم السريع» الرئيسية في غرب مدينة أم درمان، وهي منطقة «سوق ليبيا».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جنود سودانيون يصلون إلى منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخراً من مجموعة «قوات الدعم السريع» (أ.ب) play-circle

الجيش السوداني يُسيطر على منطقة سوق ليبيا في أم درمان

أعلن المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل علي، السبت، أن القوات المسلحة نجحت في بسط سيطرتها على منطقة سوق ليبيا.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط) play-circle 00:42

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية.

رنا أبتر (واشنطن)

مصر: هل تم استيفاء الاستحقاق الدستوري بشأن الإنفاق على الصحة والتعليم؟

مواطنون مصريون في وسط العاصمة القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مواطنون مصريون في وسط العاصمة القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT
20

مصر: هل تم استيفاء الاستحقاق الدستوري بشأن الإنفاق على الصحة والتعليم؟

مواطنون مصريون في وسط العاصمة القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مواطنون مصريون في وسط العاصمة القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أثار إعلان وزارة المالية المصرية عن زيادة مخصصات قطاعي «التعليم والصحة»، تساؤلات حول مدى استيفاء الحكومة المصرية لنصوص دستور البلاد بشأن زيادة الإنفاق على القطاعين.

وبينما تحدث وزير المالية المصري، أحمد كجوك، عن «استيفاء نسب الاستحقاق الدستوري للصحة والتعليم لتعزيز الاستثمار في التنمية البشرية»، أشار برلمانيون إلى أن «زيادة الإنفاق السنوي على القطاعين، يواجه تحديات تتعلق بارتفاع نسب الزيادة السكانية، وتراكم مشكلات التطوير في قطاعي الصحة والتعليم».

ويقضي الدستور المصري، المعمول به منذ عام 2014، في المواد «18، 19، 21» بإلزام الحكومة بإنفاق ما لا يقل عن 3 في المائة لقطاع الصحة، و4 في المائة للتعليم قبل الجامعي، و2 في المائة للتعليم الجامعي والبحث العلمي، من الناتج القومي الإجمالي.

وبحسب وزير المالية المصري، الأحد، فإن «زيادة الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم، في موازنة العام المالي الجديد (2025 - 2026) بهدف تحسين الخدمات المقدمة فيها»، مضيفاً أن «الزيادة الجديدة تستوفي نسب الاستحقاق الدستوري للصحة والتعليم».

وبلغت نسبة الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة في موازنة العام المالي الحالي (2024 - 2025) نحو 496 مليار جنيه، ووصلت إلى 565 مليار جنيه على التعليم قبل الجامعي، ونحو 293 مليار جنيه للتعليم العالي والجامعي، و140.1 مليار جنيه للبحث العلمي، وفق «المالية المصرية».

جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
جلسة سابقة لمجلس النواب المصري (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

ووافق مجلس الوزراء المصري، على مشروع الموازنة الجديدة، قبل إرساله إلى مجلس النواب (البرلمان)، لإقراره، متضمناً إيرادات تُقدر بنحو 3.1 تريليون جنيه بمعدل نمو سنوي 19 في المائة، ومصروفات تُقدر بنحو 4.6 تريليون جنيه بزيادة 18 في المائة، حسب «المالية المصرية».

ولم توضح «المالية» النسب الجديدة للإنفاق على التعليم والصحة، لكن تحدث بيان الوزارة، الأحد، عن ارتفاع في بعض مخصصات الصحة، وتشمل «زيادة نسب الإنفاق على الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الخام وصيانة الأجهزة الطبية والأدوية العلاجية والألبان إلى 53.2 مليار جنيه»، و«تخصيص 15.1 مليار جنيه للعلاج على نفقة الدولة، و5.9 مليار جنيه للتأمين الصحي على الطلاب والمرأة المعيلة والأطفال والتأمين الصحي الشامل».

الوزير كجوك، قال الأحد، إن مشروع موازنة العام المالي الجديد، يشمل «مبادرات أكثر استهدافاً وتأثيراً في حياة المواطنين، تساهم في رفع مستوى معيشتهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية»، وعدّ «قطاعات الصحة والتعليم، تتصدر اهتمامات وأولويات ومستهدفات برنامج عمل حكومة بلاده، بوصفها الركيزة الرئيسية للتنمية الشاملة والمستدامة».

وزارة المالية تؤكد زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم في موازنة العام المالي الجديد (تصوير: عبد الفتاح فرج)
وزارة المالية تؤكد زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم في موازنة العام المالي الجديد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ووفق وكيل «لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، ياسر عمر، فإنه «على مدار أكثر من 10 سنوات، تلتزم الحكومة المصرية، باستيفاء الاستحقاق الدستوري للإنفاق على الصحة والتعليم»، وأشار إلى أن «(المالية المصرية) تحرص على إرفاق جداول إنفاق بكل مخصصات التعليم والصحة، بمشروع الموازنة السنوي، منعاً لتشكيك البعض أو إثارة اللغط حول الإنفاق على القطاعين».

وتواجه الزيادة في الإنفاق على الصحة والتعليم تحديات عديدة، بحسب عمر، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «زيادة الإنفاق السنوي على الصحة والتعليم، قد لا يلبي حجم الطموح الشعبي، لكنه ساهم في تغيير منظومة الخدمات بالقطاعين خلال السنوات الأخيرة». ونوّه إلى بعض المشروعات الجديدة فيها مثل «التأمين الصحي الشامل، والتوسع في إقامة المدارس الفنية والتطبيقية والجامعات الأهلية».

وتسعى الحكومة المصرية لتطوير منظومة خدماتها الصحي بتنفيذ مشروع «التأمين الصحي الشامل» وفق مراحل، وقامت بتنفيذه في 6 محافظات كمرحلة أولى، وهي «بورسعيد والسويس والإسماعيلية والأقصر وأسوان وجنوب سيناء».

طلاب داخل إحدى المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)
طلاب داخل إحدى المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)

ورغم شكاوى المصريين خلال السنوات الماضية من الإهمال في قطاعي التعليم والصحة، فإن وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب، أيمن أبو العلا، يعتقد أن «حجم الإنفاق السنوي على التعليم والصحة، مرهون بقدرات الاقتصاد المصري وتحدياته»، وأشار إلى أن «ما يخصص سنوياً، يتم تحديده وفقاً لإيرادات الدولة»، وقال إنه «لا يمكن المطالبة بمضاعفة الإنفاق عليها بالاقتراض من الخارج».

ويرى أبو العلا أن «الإنفاق على التعليم والصحة زاد بنحو 10 سنوات، خلال العقد الماضي»، مشيراً إلى أن هذه الزيادة «تواجه تحدي الزيادة السكانية، التي تقدر بأكثر من 2 في المائة سنوياً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «زيادة الطلب على خدمات الصحة والتعليم، تفرض منحها أولوية في حجم الإنفاق الحكومي السنوي».

وبحسب وكيل «لجنة حقوق الإنسان»: «لا تعد الإشكالية في نسب الإنفاق على قطاعي التعليم والصحة»، لكن في «كيفية تطبيق هذه المخصصات المالية وفق الأولويات».