صعّد خالد المشري المتنازع على رئاسة «الأعلى للدولة» في ليبيا ضد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، واتهمه بـ«تجاهل أحكام القضاء»، وذلك على خلفية استقباله في مكتبه بطرابلس محمد تكالة المتنازع هو الآخر على رئاسة المجلس.
والمشري وتكالة يتنازعان رئاسة «الأعلى للدولة» منذ الانتخابات التي جرت في 6 أغسطس (آب) 2024، ويحتكمان للقضاء الذي أصدر أحكاماً لكل منهما على مدار الأشهر الماضية. غير أن استقبال الدبيبة للأخير مع بعض مؤيديه من «مجلس الدولة» أغضب المشري الذي وجه إليهم اتهامات بأنهم «من منتحلي الصفة ومغتصبي السلطة بالأعلى للدولة».
وكان الدبيبة تحدث خلال لقائه تكالة مساء الأربعاء عن «ضرورة احترام أحكام القضاء» المتعلقة بالخلاف السابق حول جلسة انتخاب رئيس المجلس، مؤكداً، أن «الالتزام بالمسار القانوني والمؤسسي هو الضامن لاستقرار البلاد».
غير أن المشري أبدى استغرابه من حديث الدبيبة عن «احترام القضاء والالتزام بالمسار القانوني والمؤسسي ضامناً لاستقرار البلاد»، واتهمه بأنه «يصر على تجاهل أحكام القضاء»، وضرب مثلاً على ذلك بقضية وزير النفط محمد عون.

ومضى مصعداً ضد الدبيبة، قائلاً: إن «جميع الجالسين أمامه قد صدرت بحقهم أحكام قضائية بعدم صحة انتخابهم»؛ متابعاً: «ما تقوم به الحكومة من خلال مثل هذه الاجتماعات يعبر عن ارتباك واضح أمام التوافق بين مجلسي النواب والدولة في العديد من الملفات». ومن بين الذين حضروا اللقاء موسى فرج وبلقاسم دبرز، ومسعود عبيد.
وفي نهاية مارس (آذار) 2024، كلّف الدبيبة، وكيل وزارة النفط والغاز خليفة عبد الصادق، بتسيير مهام الوزارة، خلفاً لعون الذي حصل على حكم قضائي بعودته إلى عمله، لكن «الوحدة» تتعامل مع عبد الصادق وزيراً للنفط.
ويرجع المشري سبب الانقسام الحاصل في مجلسه إلى «تدخل حكومة (الوحدة) في أعمال المجلس»، مدللاً على ذلك بـ«تدخل الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة في جلسة المجلس يوم 28 أغسطس الماضي»، كما شدد على «رفض استمرار تدخل الحكومة في أعمال المجلس».

يشار إلى أن المشري فاز في الانتخابات التي جرت في 6 أغسطس الماضي، بمنصب رئاسة المجلس بحصوله على 69 صوتاً، مقابل 68 لتكالة، قبل أن يتفجَّر جدل واسع حول قانونية تصويت أحد الأعضاء، بعد كتابته اسم الأخير في غير المكان المخصص، وتم على أثر ذلك اللجوء إلى القضاء لحسم هذا الخلاف.
وحرص الدبيبة خلال استقباله تكالة على إعلان «دعم الجهود الرامية إلى توسيع دائرة التوافقات داخل المجلس الأعلى للدولة، بما يضمن قيامه بدوره في صياغة القوانين اللازمة ووضع الأساس الدستوري المطلوب لإجراء الانتخابات، باعتبارها هدفاً وطنياً لا يحتمل التأجيل».
وتطرق إلى «خطورة وجود أجندات حزبية وخارجية تسعى إلى تعميق الانقسام لتأخير إجراء الانتخابات»، وقال: «يجب التنبه لهذه المحاولات والتصدي لها بحزم».
كما أشاد بجهود رئاسة المجلس في حماية المؤسسات التشريعية من «محاولات البعض لفرض التدخلات الخارجية»، مؤكداً أهمية الحفاظ على «استقلالية القرار الوطني بما يخدم مصالح الشعب الليبي ويعزز استقرار الدولة».
وكان تكالة شدد على ضرورة «استمرار التنسيق بين المجلس والحكومة في الملفات السياسية والتنفيذية، بما يضمن اضطلاع أعضاء المجلس بدورهم الكامل في متابعة أداء السلطة التنفيذية، وتعزيز التكامل بين المؤسسات لضمان تحقيق الاستقرار».

في غضون ذلك، وفيما تراوح العملية السياسية بالبلاد مكانها، اجتمعت نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية بالبعثة الأممية ستيفاني خوري ونائب الممثل الخاص، المنسق الإنساني أينياس تشوما مع رئيس هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا، عبد الله قادربوه.
وأوضحت البعثة أن الجانبين «ناقشا أهمية الإصلاحات الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى توفير خدمات عالية الجودة في جميع أنحاء البلاد، واتفقا على ضرورة وجود ميزانية موحدة».
وأكدت خوري أن «الإصلاحات الاقتصادية والمالية أساسية لمكافحة الفساد، وتحسين الحوكمة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل في ليبيا». وأضافت أن هيئات الرقابة والمتابعة، مثل هيئة الرقابة الإدارية، «تلعب دوراً حاسماً في هذا المجال، وشددت على أهمية استقلاليتها».

وإلى ذلك، قالت البعثة الأممية إن 32 ليبياً وليبية من غرب ليبيا ووسطها شاركوا في جلسة تدريبية حول «الاتصال الاستراتيجي» في مقر البعثة بطرابلس، مشيرة إلى «تعلم المشاركين كيفية تطوير الحملات السياسية وحملات نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج».
وقال البعثة في تصريح صحافي: «إدراكاً منهم بأن الشباب يمثل أكبر شريحة من السكان في ليبيا، طالب المشاركون بتمكينهم ليصبحوا قادرين على التواصل وإيصال أصواتهم من أجل إحداث التغيير في ليبيا».
وفيما يتعلق بالتأثير المرتقب للمبعوثة الأممية الجديدة على العملية السياسية المتكلسة، يرى عضو مجلس النواب صالحين عبد النبي أن تعيين المبعوثة هانا سيروا تيتيه «خطوة مشابهة لتعيينات سابقيها»، مشيراً إلى أنها «لن تقدم جديداً في معالجة الأزمة».
وأرجع عبد النبي في تصريح نقلته وكالة الأنباء الليبية «وال» أسباب ذلك إلى «بعض الدول المتداخلة في الشأن الليبي وتعارض مصالحها؛ في ظل عدم وجود توافق دولي حقيقي بشأن حل الأزمة»، ويرى أن «الحل لا بد أن يكون ليبياً خالصاً، ويجب أن يتم التوافق بين القوى المتصدرة للمشهد السياسي في ليبيا على آلية حقيقية لإنقاذ البلاد من التدخلات الخارجية المستمرة».