مصر وإسرائيل... الحديث عن «انتهاكات اتفاقية السلام» لا يهدد بتقويضها

إعلام عبري يزعم أن «الكونغرس سيناقش الخروقات»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

مصر وإسرائيل... الحديث عن «انتهاكات اتفاقية السلام» لا يهدد بتقويضها

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «خروقات مصرية» لاتفاقية السلام الموقعة عام 1979 شمل «مزاعم» أن الكونغرس الأميركي سوف يناقش الملف «وقد يتخذ عقوبات اقتصادية بسبب ذلك»، وذلك بالتزامن مع إعلان واشنطن وقف كل المساعدات الخارجية، مستثنية إسرائيل ومصر.

وشدَّدت مصادر مصرية مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» على أن «مصر لم تخترق المعاهدة، وإسرائيل هي من أقدمت على تلك الخطوة باحتلالها (محور فيلادلفيا) والجانب الفلسطيني من معبر رفح منذ 7 مايو (أيار) 2024 ورفض أي انسحاب أو جهود أميركية ودولية في هذا الصدد قبل توقيع اتفاق الهدنة في غزة».

وأكدت المصادر أن «مصر توجد في سيناء لمحاربة الإرهاب على مدار سنوات، وبموافقة إسرائيلية، وأي مزاعم عن خروقات، فإن هناك لجنة أمنية تبحث ذلك باستمرار، وهناك اتفاق بشأن (هدنة غزة) يلزِم الجانب الإسرائيلي بالانسحاب من المحور في اليوم الـ50 ولا يجب تبرير البقاء به تحت أي مزاعم أو ضغوط جديدة».

وبينما يعتقد سفير أسبق لمصر لدى إسرائيل أن «تلك التسريبات التي صدرت من منابر غير مؤثرة لا تحمل جدية ولن تؤثر على مسار اتفاقية السلام»، وتحمل نوعاً معتاداً من «الإشغال» الإسرائيلي للجميع، رجح خبير استراتيجي وعسكري مصري، أن تكون تلك التحركات مقصودة للمساس بالمعونة الأميركية لمصر، وتبرير عدم تنفيذ الانسحاب من «محور فيلادلفيا» الذي يقع ضمن بنود المعاهدة التي لن تتأثر بتلك الضغوط.

وزعمت صحيفة «يسرائيل هيوم»، أخيراً، أن الكونغرس الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، حزب الرئيس دونالد ترمب، «سيناقش خروقات مصر لاتفاق السلام، بعد دخول قواتها المستمرة بسيناء والتهديد الاستراتيجي لإسرائيل». ولفتت الصحيفة إلى أنه «ستتم مناقشة هذه القضية، وبحث طلب إعادة تقييم المساعدات لمصر وسحب قواتها في اجتماع مغلق للأعضاء الجمهوريين بواشنطن».


منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

ولم يكن ذلك الحديث الإسرائيلي الأول هذا الشهر، ففي مطلع الشهر الحالي، زعمت «القناة 14» الإسرائيلية، انتهاك مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل بأنشطة لوجيستية في وسط سيناء، وبالتزامن تحدثت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن ضرورة وجود بلادها في «محور فيلادلفيا» لدعم أمنها، مشيرة إلى تهديد مصري بتعليق اتفاقية السلام بحال لم تنسحب منه.

ولم يعلق الكونغرس أو الجانب المصري أو الجانب الإسرائيلي على ذلك، غير أن «رويترز» نقلت مذكرة لوزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، تكشف عن أن قرار تعليق المساعدات الخارجية، الذي أمر ترمب به لمدة 90 يوماً، ينطبق على المساعدات الجديدة والقائمة، لكنه يشمل إعفاءات للتمويل العسكري لإسرائيل ومصر.

ويعتقد سفير مصر الأسبق لدى إسرائيل، عاطف سيد الأهل، أن تلك التسريبات التي تخرج من منابر غير ذات حيثية كبيرة بإسرائيل، تثير علامات استفهام، لكن لا تحمل أي جدية بالمستقبل، خصوصاً أن ترمب استثنى تمويل مصر وإسرائيل من قرار تقييم المساعدات، لافتاً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الواضح حتى الآن أن سياسة ترمب ستحافظ على علاقاتها مع مصر، وبالتالي لا تأثير على المساعدات».

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن تلك التقارير الإسرائيلية المتكررة خلال الشهر الحالي الذي يشهد تنفيذ اتفاق «هدنة غزة»، محاولة للضغوط على مصر للتأثير على الموقف الأميركي للإضرار بالمساعدات لمصر، متوقعاً أن «علاقات ترمب مع مصر لن تسمح بحدوث ذلك».

والسبب الثاني لتلك التسريبات، وفق فرج لـ«الشرق الأوسط»، هو تبرير احتمال عدم الانسحاب الإسرائيلي من «محور فيلادلفيا» في اليوم الـ50 كما هو منصوص باتفاق «هدنة غزة»، متوقعاً أن «تُحل تلك الأمور خصوصاً وأن (المحور) لا يحمل قيمة عسكرية لإسرائيل وكان مجرد رسائل للرأي الداخلي فقط».


جانب من الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وعقب احتلال إسرائيل «محور فيلادلفيا»، في مايو (أيار) 2024، أفادت وسائل إعلام مصرية وإسرائيلية وعربية، بانتشار عسكري مصري شرق معبر رفح وغربه في الجانب المصري، وأفاد أوفير جندلمان، متحدث نتنياهو، وقتها بأن العملية لا تخالف على الإطلاق معاهدة السلام المبرمة بين الجانبين.

ويستبعد عاطف سيد الأهل، أن يكون لتلك المزاعم أي تأثير على معاهدة السلام، متوقعاً أن تلك الأحاديث بمثابة عمليات إشغال معتادة من إسرائيل، لإبعاد الأنظار عن حقائق أخرى خصوصاً وأن إسرائيل تردد عادة أن «اتفاقية السلام أعظم شيء فعلته»، وأن الخروقات تعالج من خلال لجان أمنية كما هو معلوم، ولن تغامر بإلغائها، خصوصاً وجيشها عنده قناعة بأهميتها بينما السياسيون يناورون بخرقها بالوجود بـ«محور فيلادلفيا» ضمن أجندة داخلية وتعبئة شعبوية.

ويرجّح سمير فرج ألا تؤثر تلك الخروقات أو التجاذبات أو التسريبات على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، مشدداً على أهمية زيادة الضغوط الدولية لكي لا تواصل إسرائيل وضع حجج أو عراقيل للسلام في المنطقة أو تؤخر تنفيذ اتفاق «هدنة غزة».


مقالات ذات صلة

«حماس» تطالب بعقد قمة عربية طارئة لمواجهة مشروع «التهجير»

المشرق العربي فلسطينيون نازحون يسيرون عبر طريق موحل وسط الدمار في جباليا شمال قطاع غزة الخميس خلال الهدنة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

«حماس» تطالب بعقد قمة عربية طارئة لمواجهة مشروع «التهجير»

قال المتحدث باسم حركة «حماس» حازم قاسم، اليوم (الخميس)، إن الحركة تطالب بعقد قمة عربية طارئة لمواجهة مشروع التهجير، مشدداً على أهمية تحقيق الوحدة الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

مقترح ترمب بشأن غزة خطة فعلية أم خدعة جديدة للمراوغة؟

كثيرة هي الأفكار الغريبة التي أطلقها دونالد ترمب لمعالجة مشاكل العالم ومنها طرحه قبل يومين فكرة سيطرة بلاده على غزة وتهجير سكان القطاع الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا أبو الغيط خلال محادثات مع رئيس الوزراء الفلسطيني في القاهرة (جامعة الدول العربية)

«الجامعة العربية» تشدد على «إعمار غزة» لقطع الطريق على «التهجير»

شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، على «ضرورة تسريع جهود الإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة لقطع الطريق على مخطط التهجير».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المدمرة في يوم ممطر (رويترز)

وزير خارجية مصر: جهود مكثفة لتنفيذ اتفاق غزة بمراحله الثلاث

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي اليوم (الخميس) مواصلة  بلاده جهودها المكثفة في الدفع نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بجميع مراحله الثلاث

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يسير الفلسطينيون وسط المباني المنهارة على طول شارع الصفطاوي في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

أبو ردينة: فلسطين بأرضها وتاريخها ومقدساتها ليست للبيع

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، اليوم (الخميس)، أن فلسطين بأرضها وتاريخها ومقدساتها ليست للبيع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

رؤساء برلمانات أفريقيا يبحثون في المغرب تعزيز التعاون

واجهة مبنى البرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
واجهة مبنى البرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
TT

رؤساء برلمانات أفريقيا يبحثون في المغرب تعزيز التعاون

واجهة مبنى البرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
واجهة مبنى البرلمان المغربي (الشرق الأوسط)

افتُتحت، صباح الخميس، في مقر مجلس النواب المغربي أعمال اجتماع رؤساء برلمانات الدول الأفريقية الأطلسية، الذي يُعقد تحت شعار «نحو بناء شبكة برلمانية من أجل أفريقيا أطلسية مستقرة ومتكاملة ومزدهرة»، حسبما أورد تقرير لوكالة الأنباء المغربية الرسمية.

ويهدف هذا الاجتماع إلى تعزيز الحوار البرلماني بين دول أفريقيا الأطلسية لدعم مسلسل الدول الأفريقية الأطلسية، ووضع أسس شبكة برلمانية مخصصة لأفريقيا الأطلسية، وتشجيع تعاون منظم ومستدام بين الدول الأعضاء، وكذا تعزيز التنسيق البرلماني حول القضايا المشتركة، ومن بينها الإدارة المستدامة للموارد، والأمن البحري، والاستثمار والتكامل الإقليمي، إضافةً إلى تشجيع البرلمانات على الاضطلاع بدورها بوصفها قوة اقتراحية فعالة لدعم تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في إعلانات مسلسل الدول الأفريقية الأطلسية.

في هذا السياق، أبرزت ورقة تقديمية للاجتماع أن مسلسل الدول الأفريقية الأطلسية (PEAA)، الذي أُطلق في 8 يونيو (حزيران) 2022 في الرباط، والمستنِد إلى رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس، يعد مبادرة جوهرية لتحويل الواجهة الأطلسية الأفريقية إلى فضاء للتآزر البشري، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع الدولي.

كما يهدف هذا المسلسل، حسب الوثيقة، إلى تعزيز الحوار السياسي والأمني، وتحسين الإدارة المستدامة للموارد المشتركة، وجذب الاستثمارات الاستراتيجية، بالإضافة إلى تعزيز الروابط البحرية والطاقية.

وذكرت الورقة في هذا الإطار أن العاهل المغربي سبق أن أعلن منذ 2023، عن «المبادرة الأطلسية لفائدة دول الساحل»، التي تهدف إلى تعزيز ولوج هذه الدول إلى المحيط الأطلسي على أساس شراكة «رابح-رابح».

وتتمثل النتائج المنتظرة من هذا اللقاء، حسب الورقة التقديمية، في اعتماد إعلان برلماني مشترك يكرس التزاماً جماعياً لتحقيق أهداف مسلسل الدول الأفريقية الأطلسية، وإنشاء شبكة برلمانية أفريقية أطلسية لضمان متابعة منسقة، ودائمة للمشاريع والمبادرات الإقليمية، وإعداد توصيات ملموسة لتعزيز الإدارة المستدامة للموارد، وجذب الاستثمارات الاستراتيجية.

كما تتمثل في تعزيز مكانة أفريقيا الأطلسية بوصفها فضاءً جيوسياسياً متكاملاً وذا إشعاع، من خلال التآزر المتزايد بين البرلمانيين والمؤسسات العمومية، وتحسين التنسيق بين البرلمانات والحكومات والمؤسسات الإقليمية.