ليبيا: سلطات «الوحدة» تحتوي توتراً أمنياً غرب طرابلس

اتفاق يقضي بسحب «التشكلات المسلحة» من «الريقاتة»

الحداد في أنقرة (رئاسة أركان حكومة «الوحدة»)
الحداد في أنقرة (رئاسة أركان حكومة «الوحدة»)
TT

ليبيا: سلطات «الوحدة» تحتوي توتراً أمنياً غرب طرابلس

الحداد في أنقرة (رئاسة أركان حكومة «الوحدة»)
الحداد في أنقرة (رئاسة أركان حكومة «الوحدة»)

بعد ليلة من التوتر والاستنفار الأمني المسلَّح، تمكنت السلطات في غرب ليبيا، اليوم الجمعة، من احتواء الوضع بمحيط «قرية المغرب العربي»، المعروفة بـ«الريقاتة» في المنطقة السياحية بغرب طرابلس، بعد سحب جميع التشكيلات المسلَّحة منها. وجاءت هذه التطورات في حين بحث رئيس الأركان بقوات «الوحدة الوطنية» المؤقتة، الفريق محمد الحداد، مع نظيره التركي في أنقرة، سبل التعاون بين البلدين وفق الاتفاقيات الموقَّعة بينهما.

واجهة الريقاتة السياحية (الشرق الأوسط)

وبعد أن أمضت «قرية المغرب العربي» ليلة من التوتر، تخلَّلتها أصوات الرصاص، اتفقت وزارة الداخلية مع قيادات الأجهزة الأمنية بطرابلس على «سحب جميع التشكيلات المسلَّحة من محيط القرية». وقال المدوِّن الليبي، جمال الكافالي، إن الاتفاق «تضمَّن عودة مجلس إدارة القرية، الذي مُنع من العمل منذ أربعة أشهر بسبب هجوم مجموعة مسلَّحة عليه، وأيضاً عودة جميع المستأجرين الذين لديهم عقود رسمية إلى مساكنهم، مع تطبيق الإخلاء على من لا يملك عقد إيجار رسمياً»، كما جرى الاتفاق على سحب «أي قوة مسلَّحة من محيط قرية المغرب العربي».

وكانت اشتباكات قد اندلعت، فجر الأربعاء، بين ميليشيات «الأمن العام» و«قوة الإسناد الأولي»، وجميعها أجهزة أمنية تابعة لحكومة «الوحدة»، في إطار نزاعها على السيطرة على القرية.

وزير الداخلية عماد الطرابلسي (أ.ف.ب)

وسبَق أن طلب وزير الداخلية عماد الطرابلسي من النائب العام التنسيق لمرافقة قوة كلَّفها من مديرية أمن طرابلس، وقوة العمليات الخاصة ودعم الاستقرار، ودعم المديريات؛ لضبط الأمن بالمنطقة. وأوضح الطرابلسي أنه أمر بـ«استخدام القوة لإخلاء القرية من الجماعات المسلَّحة، وتسليمها لمديرية أمن طرابلس».

إلى ذلك، قالت وزارة الداخلية إن الغرفة الأمنية المشتركة، المشكَّلة بقرار وزاري، عقدت أول اجتماعاتها برئاسة مدير إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية، اللواء عبد الحكيم الخيتوني، مشيرة إلى أن الاجتماع تناول سُبل تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الجبل الغربي، من خلال تكثيف الجهود لمكافحة الجريمة والتهريب، وتنسيق العمل بين الأجهزة الأمنية.

وأكد المجتمعون أهمية تطبيق القانون بحَزم لحماية المواطنين وضبط الأمن، مع اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة تشمل تكثيف الدوريات الأمنية، وإنشاء نقاط تفتيش جديدة، وملاحقة المطلوبين. كما تم وضع خطة عمل شاملة تهدف إلى تعزيز الأمن في المنطقة ومكافحة الجريمة المنظمة والتهريب.

في شأن منفصل، قالت رئاسة الأركان، التابعة لحكومة «الوحدة»، إن الفريق أول محمد الحداد رئيس الأركان، الذي يزور أنقرة بدعوة رسمية، التقى نظيره التركي متين غوراك، مشيرة إلى أنهما عقدا، خلال هذه الزيارة، اجتماعاً ناقشا فيه سُبل التعاون المشترك بين البلدين، وفق الاتفاقيات في جميع المجالات.

ونوهت رئاسة الأركان بأن الحداد التقى وزير الدفاع التركي ياشار غولر، بمقر وزارة الدفاع التركية، وناقشا سُبل التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين الصديقين، لافتة إلى أن الحداد قام، برفقة الوفد المرافق له، بوضع إكليل من الزهور على ضريح مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الدولة التركية الحديثة.

في شأن مختلف يتعلق بالنفط، قالت المؤسسة الوطنية إن إنتاج النفط في البلاد تراجع، اليوم الجمعة، مسجلاً مليوناً و408 آلاف و275 برميلًا، مقارنة بمليون و416 ألفا و509 براميل، أمس الخميس.

ويُعد هذا التراجع الذي لم تبرره المؤسسة الوطنية هو الثاني خلال يومين، إذ انخفض إنتاج الخميس بمقدار 15 ألفاً و468 برميل نفط عن الأربعاء، وفق ما أظهرت بيانات المؤسسة الوطنية للنفط.


مقالات ذات صلة

​المبعوثة الأممية الجديدة تتعهد العمل مع جميع أطراف الأزمة الليبية

شمال افريقيا غوتيريش خلال استقبال تيتيه (الأمم المتحدة)

​المبعوثة الأممية الجديدة تتعهد العمل مع جميع أطراف الأزمة الليبية

أعربت تيتيه عن امتنانها بثقة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتعيينها ممثلاً خاصاً له ورئيساً للبعثة الأممية في ليبيا.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جثث عثر عليها في «مقابر جماعية» بالكفرة (مركز طب الطوارئ والدعم)

«حفر الموت» في ليبيا تلفظ المزيد من جثث المهاجرين السريين

على مدار الأسبوعين الماضيين، يستيقظ الليبيون على أنباء الكشف عن «حفر جديدة للموت»، تُستخرج منها جثث لعشرات المهاجرين «تمت تصفيتهم»، وفقاً للأجهزة الأمنية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا احتفالات واسعة بذكرى إسقاط نظام القذافي (منصة حكومتنا)

كل ليبي يتمسك بـ«ثورته»... انقسام بين أنصار «الملكية» و«الفاتح» و«فبراير»

في ليبيا لم يطو الزمن المناسبات السياسية ولا ذكرى الأحداث الأليمة بعد؛ إذ إنه في البلد الأفريقي، يحتفل كل مواطن بثورته في مواعيدها.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا السلطات الأمنية بشرق ليبيا تستعرض المهاجرين «المحررين» قبل تسليمهم لجهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (جهاز البحث الجنائي)

«مقايضة» الفرد بـ10 آلاف دولار... تحقيقات ليبية في بيع وشراء «المهاجرين»

تبين لمحققين ليبيين مع عدد من «تجار البشر» وجود عمليات استغلال جنسي لمهاجرين وتجويع، لدرجة صهر أنابيب البلاستيك على ظهورهم بقصد إرغام أسرهم على الدفع.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا خوري في لقاء سابق بأعضاء من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا (البعثة الأممية)

تساؤلات عن أسباب الفشل في انتخاب رئيس لليبيا

تتوالى في ليبيا التساؤلات بشأن ما تحقق من أهداف «ثورة 17 فبراير»، وبالتالي البحث عن أسباب الفشل في إجراء انتخابات عامة حتى الآن.

جاكلين زاهر (القاهرة)

حديث الحرب المتصاعد بين مصر وإسرائيل لا يجد أنصاراً بين السياسيين

جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
TT

حديث الحرب المتصاعد بين مصر وإسرائيل لا يجد أنصاراً بين السياسيين

جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)
جنود مصريون يرفعون العلم على الضفة الشرقية من قناة السويس خلال معارك حرب أكتوبر 1973 (أرشيفية - أ.ب)

استبعدت مصادر مصرية مطلعة أن يؤدي التوتر المنعكس في وسائل الإعلام بين مصر وإسرائيل إلى أزمة عسكرية أو سياسية كبيرة بين البلدين، وقللت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» من احتمال تفجر الأوضاع، رغم ارتفاع حدة التراشق في وسائل الإعلام، ووسائط التواصل الاجتماعي، على مدى الأيام القليلة الماضية.

ومنذ وقّع الطرفان اتفاقاً للسلام في سبعينات القرن الماضي، لم تشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً متصاعداً كالذي حدث منذ اندلاع الحرب الحالية في غزة قبل 15 شهراً.

وبجانب التوتر النابع من الخلافات حول طريقة حل القضية الفلسطينية، فإن الخلافات زادت حدتها منذ مايو (أيار) الماضي، حينما استولت إسرائيل على محور «فيلادلفيا» الحدودي، وكذلك معبر رفح الحدودي مع مصر، واتهامها لمصر بأنها لم تقم بما يكفي لمنع وصول السلاح عبر الأنفاق لقطاع غزة، وهو ما نفته القاهرة واعتبرته خرقاً لبنود معاهدة السلام، وردت عليه بتكثيف قواتها العسكرية بالقرب من الحدود، بحسب ما رصدته صور وتقارير إعلامية.

وما لبثت أن هدأت وتيرة الخلافات بعض الشيء بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بوساطة مصرية - قطرية - أميركية، إلا أن التوتر تصاعد مجدداً بعدما طرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مقترح تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، وأيدته في ذلك إسرائيل، وأعلن مسؤولون بها أنهم شرعوا في اتخاذ خطوات لتنفيذه، وهو ما أدانته القاهرة بشدة، وتوالت ردود الفعل الرسمية المصرية الرافضة، مع دعم عربي ودولي واسع لموقف القاهرة.

بالتوازي مع ذلك، زادت حدة التراشق بين وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في مصر وإسرائيل، ما دفع البعض لإثارة تخوفات من احتمال تفجر الأوضاع وبلوغها الصدام العسكري بين الطرفين.

لكن وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لن يحدث «صدام عسكري» بين مصر وإسرائيل، مشدداً على أن إسرائيل «منهكة»، وليست لديها القدرة العسكرية حالياً لدخول مواجهة مع دولة بحجم مصر.

وشدد على أن التوترات الحادثة حالياً في العلاقات، أو في وسائل الإعلام، طبيعية بسبب أحداث حرب غزة والخلافات حولها، وستستمر طوال استمرار هذه الحرب، لكن «لن تتصعد» أكثر من ذلك، «فكل منهما يعرف قدرة الآخر»، كما أن مصر حريصة على السلام في المنطقة.

واتفق معه الخبير العسكري المصري، سمير فرج، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن كل ما يثار خاصة في الإعلام الإسرائيلي عن مواجهة عسكرية مع مصر «مجرد كلام» ليس له أساس من الصحة، ولا واقعية للتنفيذ.

وشدد على أن إسرائيل «لن تغامر» بدخول حرب نظامية مع مصر، في الوقت الذي تخوض فيه القوات الإسرائيلية نزاعاً منذ عام ونصف عام مع جماعات المقاومة المسلحة في فلسطين أو لبنان.

وشدد على أن عدوّ إسرائيل الأول في المنطقة هو إيران بسبب البرنامج النووي لطهران، ولن تغامر بمعاهدة السلام مع مصر.

وفي عام 1979، وقّعت مصر مع إسرائيل معاهدة السلام، وأكدت فيها الدولتان التزامهما «بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد».

وتمنع الاتفاقية التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بين طرفيها، وتلزمهما بحل كافة المنازعات التي تنشأ «بالوسائل السلمية».

ونظمت الاتفاقية التاريخية كذلك شكل الوجود العسكري على الحدود بين البلدين، وشُكلت بموجبها لجنة تنسيق عسكرية مشتركة لمراقبة تنفيذ الاتفاقية والالتزام بها.

وكيل المخابرات المصرية السابق اللواء محمد رشاد، أكد أن «اتفاقية كامب ديفيد تتضمن بنوداً نصت على عدم اعتداء أي طرف على الآخر»، ولكن ما حدث أن إسرائيل احتلت محور فيلادلفيا بالمخالفة للاتفاقية، وهو ما يعدّ تهديداً للأمن القومي المصري، ومن ثم حشدت مصر قواتها في المنطقة (ب) والمنطقة (ج) قرب حدود إسرائيل، والتي كانت تنص الاتفاقية على وجود قوات محدودة فيهما.

رشاد الذي كان يشغل رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بالمخابرات المصرية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر حشدت قواتها هناك لصد أي تهديد لأمنها القومي كرد على ما فعلته إسرائيل باحتلال محور فيلادلفيا»، مشيراً إلى أن «إسرائيل حالياً تدعي أن مصر خالفت معاهدة السلام، ومصر ترد عليها بأن المخالفة جاءت من تل أبيب أولاً، فحينما تنسحب إسرائيل من فيلادلفيا، وقتها يمكن مطالبة مصر بسحب قواتها من قرب الحدود المصرية - الإسرائيلية».

ولكن في الوقت نفسه، يرى رشاد أنه «لن يصل الأمر إلى الصدام العسكري، فهناك لجنة عسكرية بين الطرفين تناقش هذه الأمور وتعمل على حلها، وهناك حرص من الدولتين على استمرار معاهدة السلام».

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط».

وأعادت إسرائيل السيطرة على محور فيلادلفيا، الذي يعد منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية، كما يمثل ممراً ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة يمتد على مسافة 14 كيلومتراً، وترفض الانسحاب منه.

جغرافياً يمتد هذا الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، من البحر المتوسط شمالاً وحتى معبر كرم أبو سالم جنوباً.

وتؤمن إسرائيل بأن هذا المحور الحدودي مع مصر هو بوابة «حماس» الرئيسية للحصول على الأسلحة المهربة عبر أنفاق تمُرّ تحته، لكن مصر ترى أن حدودها تحت السيطرة، ولا أنفاق ولا تهريب عبر أراضيها.

ورغم تصاعد التوترات الإعلامية بين البلدين بسبب احتلال إسرائيل هذا المحور، وكذلك نشر القوات المصرية قرب الحدود، فلم يصدر أي تهديد رسمي من القاهرة أو تل أبيب باحتمال الدخول في مواجهة عسكرية بين الطرفين.