المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

عدنان حزام لـ«الشرق الأوسط»: ندعو الأطراف المتحاربة للالتزام بالقانون الإنساني الدولي

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
TT

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)

قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، عدنان حزام، إن «الحرب أفرزت واقعاً إنسانياً مريراً»، وإن حجم الاحتياجات كبير جداً، لكن المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها متواضعة بسبب تعقيدات الوصول إلى المناطق المتضررة من الحرب، وإدخال المساعدات وحركتها داخل البلاد».

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع الإنساني في السودان بات «مأساوياً»، إذ إن الملايين من السودانيين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مشيراً إلى أن «عشرات الآلاف قتلوا وأصيبوا جراء الحرب التي تسببت أيضاً في نزوح أكثر من 11 مليون داخل وخارج السودان، وتأثرت البنى التحتية بشكل كبير خصوصاً خدمات المياه والصحة والكهرباء».

وأوضح حزام «أن ما يقدم من مساعدات للاستجابة الإنسانية للواقع المأساوي في السودان يهدف إلى التخفيف من هذه المعاناة بقدر المستطاع».

وقال إن اللجنة الدولية «تركز هذا العام على الأنشطة والاحتياجات الأساسية المنقذة للحياة في مجالي الصحة والحماية، وتقديم الإغاثة والمساعدات الغذائية والمالية للمجتمعات الأكثر تضرراً والقريبة من مناطق الحرب، بالإضافة إلى عملها في ملفات لم شمل الأسر التي تفرقت بسبب القتال، والبحث عن المفقودين».

وأضاف أن اللجنة تعمل بالتنسيق مع «الهلال الأحمر السوداني» في معظم مناطق البلاد، وتتعاون أيضاً مع السلطات الصحية الرسمية. وأشار إلى أن ملف المساعدات الإنسانية في السودان «شائك، وحجم الاحتياجات كبير جداً، وهذا التحدي يواجه المنظمات الإنسانية، ونحاول من خلال العمل المشترك التخفيف من المعاناة، ولا نستطيع أن نقول إنهاءها، لأن الصراع أفرز واقعاً إنسانياً مريراً».

أجزاء كبيرة من جنوب السودان تعاني من الحرب والمجاعة (أرشيفية - رويترز)

وأشار إلى أن اللجنة الدولية تتواصل مع جميع الأطراف في السودان لتسهيل عملها في الوصول للمحتاجين إلى المساعدات الإنسانية. وقال: «نحاول تذكير أطراف الصراع بالوفاء بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحرم استهداف المدنيين والأعيان المدنية، وتسهيل الخروج الآمن للمواطنين أثناء عمليات النزوح، وعدم استهداف المرافق الصحية والخدمية التي توقفت 80 في المائة منها عن العمل».

ورأى المتحدث باسم «الصليب الأحمر» أن «سوء الواقع الصحي والبيئي في السودان انعكس سلباً على المواطنين، ما صعب حصول الكثيرين منهم على الرعاية الصحية، وفي ظل تفشي بعض الأوبئة والأمراض الموسمية تتضاعف جهود المؤسسات الصحية التي لا تزال تعمل».

وقال: «نأمل في أن تتوقف الاعتداءات على المرافق الصحية والطواقم الصحية، وأن يكون هناك مزيد من الاحترام لقواعد القانون الدولي الإنساني».

دور الوسيط

وبشأن إجلاء المدنيين العالقين في مناطق الحرب، أفاد حزام، بأن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حوار دائم مع طرفي القتال: الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع) في ملف الحماية، وحضّهما على فتح ممرات آمنه في مناطق الصراع، وهذا التزام قانوني وأخلاقي يجب الوفاء به».

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة وسط البلاد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة الدولية «لعبت في الفترة الماضية دورها بوصفها وسيطاً محايداً في إخلاء وتسهيل خروج المحتجزين من الطرفين، لكن هذا يتم بتنسيق وطلب مباشر منهما، مع ضرورة وجود ضمانات أمنية». وأضاف: «مَن أراد البقاء من المدنيين يحظون بالحماية لكونهم لا يشاركون في العمليات العدائية والقتالية».

وعبَّرَ عن أمله في «أن يعم الأمن والسلام في السودان، لأن ذلك سيخفف بشكل كبير من المعاناة الإنسانية»، وقال: «إن الشعب السوداني يستحق أن يعيش في أمان». وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر «محايدة وتعمل باستقلالية وفق مبدأ عدم التحيز، وتحاول من خلال عملها الوصول إلى مَن هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية».

نساء وأطفال في مخيم للنازحين أقيم في مدينة ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة «منفتحة على الاستماع لأي انتقادات والرد عليها، ونأمل إنصاف ما تقدمه المنظمات من عمل، لأن الأزمة الإنسانية في السودان لا تحتمل الكثير من الجدل، الذي يؤثر بشكل كبير على عمليات الاستجابة الإنسانية»، مشيراً إلى مقتل وإصابة عدد من الموظفين في الحرب الدائرة.

ووفقاً لأحدث تقارير وكالات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 25.6 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 755 ألفاً في خطر المجاعة الحاد.


مقالات ذات صلة

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

شمال افريقيا سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم  (أرشيفية - أ.ب)

البرهان يرفض السلام قبل القضاء على «الدعم السريع»

أوضح البرهان، أنه قدم «شرحاً وتنويراً للقادة في دول غرب أفريقيا»، وأبلغهم أن السودان «يواجه غزواً واستعماراً جديدين»...

أحمد يونس (كمبالا)

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)
TT

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

شهدت بعض مناطق غرب ليبيا مظاهرات متكررة، بعضها كان خلال الأسبوع الماضي، وذلك على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل»، لكن هذه المظاهرات الاحتجاجية عادة ما تنتهي إلى «لا شيء»، بحسب تعبير مراقبين.

سياسيون ومراقبون يرون أن هناك عوامل عديدة ساعدت حكومة «الوحدة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، على امتصاص موجة الغضب الشعبي، التي انفجرت في أعقاب تصريحات وزيرة خارجيته المقالة، نجلاء المنقوش، حول لقائها بنظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في وقت سابق، والتي أكدت فيها أن اللقاء جاء وفق «تنسيق» حكومي.

قوات الأمن تحاول تفريق محتجين ضد الدبيبة في طرابلس (أ.ف.ب)

وتتنوع الآراء حول أسباب عدم تأثير هذه الاحتجاجات في السلطة الحاكمة، وفي هذا السياق يرى عضو المجلس الأعلى للدولة، محمد معزب، أن جل الليبيين «يدركون مدى تباين دوافع المتظاهرين، المنقسمة ما بين أصوات وطنية ترفض التطبيع، وبين موالين لخصوم الدبيبة السياسيين، الذين يحاولون توظيف تصريحات المنقوش بهدف إسقاط حكومته»، معتقداً أن هذا بالتحديد «ما دفع قطاعاً كبيراً منهم للإحجام عن الالتحاق بتلك الاحتجاجات؛ ولذا انحسر وتقلص نطاقها بشكل سريع».

الدبيبة ووزير داخليته خلال حفل تخريج الدفعتين السابعة والثامنة من ضباط صف وزارة الداخلية (الوحدة)

وتكررت المظاهرات الاحتجاجية منذ تسلم الدبيبة السلطة في العاصمة طرابلس في فبراير (شباط) 2021. وكان أبرزها تلك التي حدثت في أعقاب إذاعة مقابلة المنقوش مع منصة إعلامية. وفي هذا السياق قال معزب لـ«الشرق الأوسط» إن بعض المحتجين «تخوف من إمكانية استغلال خصوم الدبيبة، وتحديداً البرلمان والمتقاربين معه من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، لهذه الأجواء، ولذلك لم يستجب لدعوة منصات إعلامية وصفحات نشطاء للتظاهر، رغم شعوره بالاحتقان من تصريحات المنقوش».

وفي أول تعليق على المظاهرات التي خرجت ضده، اتهم الدبيبة بعض المتظاهرين بالحصول على «المال والمخدرات» من قوى محلية، لم يسمها، فيما طالب رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، أسامة حماد، باتخاذ الإجراءات القانونية ضد «الوحدة».

وزيرة خارجية حكومة الوحدة المقالة نجلاء المنقوش (أ.ب)

ووفقاً لرؤية معزب فإنه «رغم شعور عدد من المواطنين بالاحتقان من تصريحات المنقوش؛ فإنها فضلت التركيز على الدفع باتجاه إجراء انتخابات عادلة؛ كون هذا الإجراء قد يكون الحل الرئيس لإزاحة كافة السلطات المتصدرة للمشهد راهناً».

ويعد ملف تشكيل «حكومة جديدة» من القضايا الخلافية في ليبيا، حيث يتمسك البرلمان بها، تمهيداً لإجراء الانتخابات، لكن في المقابل يرفض الدبيبة القوانين الانتخابية التي أقرّها البرلمان، ويصفها بأنها «غير عادلة»، ويطالب بقوانين تُجرى على أساسها الانتخابات، وبعدها يُسلِّم السلطة.

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، اعتبر أن حكومة الدبيبة «نجت مجدداً من نيران» تصريحات المنقوش. وسلط محفوظ الضوء على «انحصار الاحتجاجات في المنطقة الغربية؛ وقلة عدد المشاركين فيها، مقارنة بمن شاركوا بالمظاهرات التي اندلعت قبل عام وأربعة أشهر عندما كشفت الصحافة الإسرائيلية في المرة الأولى عن تفاصيل عقد لقاء المنقوش وكوهين». وأرجع ذلك «لشعور قطاع كبير من المواطنين بأن مظاهراتهم السابقة في مواجهة تلك الحادثة، أو غيرها، لم تحدث فارقاً كبيراً، ولم تؤد في النهاية إلى إزاحة أي من السلطات المتصدرة للسلطة منذ سنوات».

هناك أساب أخرى لهذا الإحجام لعدم توسع دائرة الاحتجاجات، من بينها «التخوف من الاصطدام مع المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الدبيبة؛ وتركيز الأسر الليبية على أوضاعهم المعيشية»، بحسب محفوظ الذي قال لـ«الشرق الأوسط» موضحاً: «للأسف فقد أفقد عدم تحديد موعد لإجراء الانتخابات منذ ثلاث سنوات قطاعات كبيرة من المواطنين اهتمامهم بالشأن السياسي، وباتوا يركزون أكثر على شؤونهم الخاصة، ويرون أن كل ما يحدث هو مجرد صراع بين القوى الرئيسة على السلطة، وأنهم لن يستفيدوا من ورائه شيئاً».

من جهته، اعتبر عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «خفوت الحراك الشعبي الغاضب لا يعني أن الاتهامات التي تواجه حكومة الوحدة بعقد لقاء مع مسؤول إسرائيلي سوف تتلاشى»، لافتاً إلى أن «تهمة التطبيع لا تسقط بالتقادم؛ وستظل وصمة عار تلاحق فترة حكم الدبيبة».

وذهب التكبالي إلى أن «استشعار قطاع من الليبيين بوجود مبادرة سياسية جديدة للبعثة الأممية قد تؤدي لإزاحة كافة الأجسام والسلطات الراهنة، بما فيها حكومة الوحدة بعد فترة زمنية، ربما أقنع بعضهم بأن الأمر لا يستحق التظاهر ضدها». مبرزاً أنه سيتقدم مع بعض النواب البرلمانيين الجلسة المقبلة بتساؤل حول أسباب عدم اتخاذ النائب العام، الصديق الصور، أي تحرك قانوني بشأن ما تحدثت عنه المنقوش في لقائها الذي عقد في العاصمة الإيطالية روما قبل أكثر من عام.

النائب العام الصديق الصور (الشرق الأوسط)

وكانت العاصمة طرابلس قد شهدت عدة مظاهرات، من بينها الاحتجاجات التي دعا إليها «تيار بالتريس» في العاصمة، تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية، بالإضافة إلى مظاهرات عديدة طالبت بطرد القوات الأجنبية و«المرتزقة»، لكنها انتهت إلى «لا شيء».