لماذا رفض البرلمان المصري «السوار الذكي» بديلاً للحبس الاحتياطي؟

أقرّ تقليص مدة الحجز أثناء التحقيقات

مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
TT

لماذا رفض البرلمان المصري «السوار الذكي» بديلاً للحبس الاحتياطي؟

مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)
مناقشات البرلمان المصري لقانون الإجراءات الجنائية (وزارة الشؤون النيابية والقانونية)

رفض مجلس النواب المصري (البرلمان)، مقترحاً بتطبيق «السوار الذكي»، بديلاً للحبس الاحتياطي، ضمن نصوص قانون «الإجراءات الجنائية» الجديد، وسط حالة من الجدل القانوني، بين نواب البرلمان وممثلي الحكومة.

وتباينت آراء برلمانيين، بشأن نظام «المراقبة الإلكترونية»، ما بين مواقف ترى أن هناك «صعوبة في تطبيقها مادياً وفنياً، لعدم توافر بنية تكنولوجية»، في حين رأى آخرون، أن تطبيق السوار الإلكتروني، أوفر اقتصادياً من الحبس الاحتياطي.

وانتهى البرلمان المصري، من إقرار 171 مادة، من قانون «الإجراءات الجنائية»، وسط جدل حقوقي. وفيما يُشكِّل استجابةً لمطالب حقوقية وسياسية، قلَّص مجلس النواب المصري، مدد الحبس الاحتياطي، بالقانون، بحيث لا تتجاوز «4 أشهر في قضايا الجنح، بدلاً من 6 أشهر في التشريع الحالي، و12 شهراً في قضايا الجنايات بدلاً من 16 شهراً، و18 شهراً في القضايا التي تصل عقوبتها للسجن المؤبد والإعدام، بدلاً من سنتين».

وخلال مناقشات القانون، لم يستجب نواب البرلمان لمقترحات بعض النواب، بتطبيق «السوار الذكي»، بوصفه أحد بدائل الحبس الاحتياطي، وأقرّ مجلس النواب (الاثنين)، ثلاثة بدائل أخرى في نص المادة 112، تشمل «إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، وإلزامه بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، وحظر ارتياد المتهم أماكن محددة».

وعدّ وزير الشؤون النيابية والقانونية المصري، المستشار محمود فوزي، أن «البنية التكنولوجية اللازمة لتطبيق (السوار الإلكتروني) غير جاهزة لتطبيقه حالياً»، مشيراً خلال جلسة البرلمان، إلى «إمكانية تطبيقه، من خلال القرارات التنفيذية»، ورأى عضو اللجنة الفرعية التي أعدَّت قانون الإجراءات الجنائية، المستشار عمرو يسري، أن «تطبيق السوار الإلكتروني، يمثل انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة، للمتهم وأسرته، في حالة مراقبته بكاميرات في منزله».

غير أن نائب رئيس «الحزب المصري الديمقراطي» عضو مجلس النواب المصري، فريدي البياضي، عدّ المبررات الحكومية لرفض تطبيق السوار الإلكتروني، «غير موضوعية»، مشيراً إلى أن «تطبيق المراقبة الإلكترونية لا يحتاج لتكنولوجيا معقدة، وكان يمكن النص عليه في القانون، وتنفيذه في المستقبل القريب».

ويعتقد البياضي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «السوار الإلكتروني، أكثر كرامةً من الحبس والبدائل الأخرى، التي قد يُساء استخدامها». وقال: «في تطبيقه توفير اقتصادي عن الحبس الاحتياطي»، مشيراً إلى أن «هناك دولاً عدة بالمنطقة، تُطبِّق المراقبة الإلكترونية، مثل الجزائر والأردن ولبنان».

بينما عدّ وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إيهاب الطماوي، أن «نجاح تطبيق المراقبة الإلكترونية في بعض الدول، لا يعني تطبيق المراقبة في مصر»، مشيراً إلى أن «هناك عدداً من الضوابط، التي يجب مراعاتها قبل الحديث عن تطبيق السوار الإلكتروني، وأهمها القدرة على التنفيذ فنياً بجميع المحافظات».

وباعتقاد الطماوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرقابة الإلكترونية، سواء بالكاميرات أو السوار الذكي، سينتج عنها المساس بحرمة الحياة الخاصة»، وقال: «حال فقد السوار أو تلفه، سيتم تفتيش المنزل؛ للتأكد من وجوده أو عدمه، ما يمس حرمة المنازل».

وأشار إلى سلبيات أخرى في التطبيق، من بينها «نظرة المجتمع لمَن يحمل السوار، وصعوبة المساواة بين فترة مراقبة الشخص إلكترونياً، وفترة الحبس الاحتياطي، بخصم هذه المدة من فترة العقوبة، حال الحكم على المتهم».

ولا يؤيد ذلك عضو اللجنة التشريعية، عاطف مغاوري، مشيراً إلى أن «مبررات رفض السوار الإلكتروني غير مقنعة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «وزير العدل المصري أشار، خلال الجلسات، إلى وجود محاكم تعمل بالأنظمة الرقمية حالياً، ما يعني توافر البنية التكنولوجية». وقال: «المراقبة الإلكترونية تشير إلى إحداثيات وجود المتهم، ولا تعني الرقابة بالصوت والصورة».

وفي وقت سابق، أوصى الحوار الوطني بمصر (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بضرورة التوسُّع في تطبيق بدائل الحبس الاحتياطي. وضمَّت التوصيات، التي تم رفعها إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مقترحات بديلة للحبس، من بينها «المراقبة الإلكترونية، (باستخدام السوار، أو البصمة الصوتية) كلما كان ذلك ممكناً وعملياً من الناحية الفنية».

واستجابةً لتوصيات الحوار الوطني، أكد السيسي، في أغسطس (آب) الماضي، على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وتفعيل تطبيق بدائل الحبس المختلفة»، حسب إفادة للرئاسة المصرية.

بينما رأى المحامي الحقوقي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، نجاد البرعي، أن «نصوص تشريع الإجراءات الجنائية، لم تأخذ بتوصيات الحوار الوطني». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم إقرار السوار الإلكتروني، جاء لعدم توافر التكلفة المالية لتطبيقه»، مشيراً في الوقت نفسه، إلى «ضرورة أن تأخذ مناقشات التشريع الجديد فترة أكبر بين مختلف الجهات والأطراف المعنية؛ لضمان صدوره بصيغة تحفظ حقوق الجميع».


مقالات ذات صلة

تشريع مصري يثير الجدل حول مراقبة الاتصالات ومواقع التواصل

العالم العربي وزير الشؤون النيابية المصري ممسكاً بالدستور خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية بمجلس النواب (مجلس الوزراء)

تشريع مصري يثير الجدل حول مراقبة الاتصالات ومواقع التواصل

أثارت مناقشة مجلس النواب المصري (البرلمان)، لقواعد مراقبة الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي من قبل سلطات التحقيق، ضمن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، جدلا واسعا

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مناقشات لجنة الصحة بالبرلمان المصري لمشروع قانون المسؤولية الطبية (وزارة الصحة المصرية)

مصر: «انفراجة» في أزمة قانون «المسؤولية الطبية»

في انفراجة لأزمة مشروع قانون «المسؤولية الطبية» بمصر، أرجأت نقابة الأطباء المصرية جمعية عمومية طارئة دعت إليها (الجمعة)، عقب تبني لجنة «الصحة» تعديلات جديدة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا الإعلان التأسيسي لحزب الجبهة الوطنية في مصر (الشرق الأوسط)

استعدادات مبكرة للانتخابات البرلمانية في مصر

قبل نحو عام من إجراء الانتخابات البرلمانية في مصر، يسعى سياسيون مصريون، بينهم مسؤولون سابقون، إلى الاستعداد مبكراً لخوض المنافسة، عبر تشكيل «تحالف سياسي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدين الخارجي للعام المالي الحالي.

محمد عجم (القاهرة)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)
سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)
TT

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)
سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم الأربعاء، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السودانية.

جاء ذلك خلال جلسة مباحثات رسمية عقدت بين الوزير عبد العاطي وعلي يوسف الشريف، وزير خارجية السودان فى بورتسودان، اليوم، وفق المتحدث باسم الخارجية المصري تميم خلاف.

وصرح المتحدث، في بيان صحافي، بأن الوزير عبد العاطي أعرب عن تقديره لزيادة وتيرة اللقاءات مع نظيره السوداني بما يتناسب مع عمق وخصوصية العلاقات بين البلدين.

وأكد الوزير عبد العاطي أهمية تحقيق وقف إطلاق النار، والحرص على بذل كل الجهود لاستعادة أمن واستقرار السودان، معرباً عن التقدير للخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية، بما يعكس الحرص على رفع المعاناة عن المواطنين السودانيين.

وأضاف المتحدث أن الوزير عبد العاطي أعرب عن سعادته بعقد امتحانات الثانوية العامة لنحو 28 ألف طالب من أبناء الجالية السودانية في مصر مؤخراً، وذلك في إطار الأهمية التي توليها مصر لمساعدتهم في استكمال مسيرتهم التعليمية.

كما استعرض الوزير عبد العاطي مستجدات الجهود التي تبذلها مصر من أجل ضمان استئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى أوجه انخراطه بفاعلية في المساعي الإقليمية والدولية المختلفة في إطار الحرص على الحفاظ على أمن واستقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه.

كما تناول الوزيران ملف الأمن المائي، حيث أعربا عن تثمينهما التعاون والتنسيق المستمر بشأن هذه القضية الحيوية بغرض تأمين المصالح الوجودية المشتركة للشعبين، واتفقا على استمرار التنسيق بصورة وثيقة بما يضمن صون وحماية الأمن المائي لكلا البلدين بوصفه أمراً لا تهاون فيه.

ووفق وكالة السودان للأنباء (سونا)، وصل الوزير عبد العاطي إلى البلاد في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً.