مع استمرار الحرائق بمدينة لوس أنجليس واتساع نطاقها لتطول مناطق كانت بمنأًى عن النيران، امتدت آثار الحرائق إلى «السوشيال ميديا» العربية، التي تفاعل جمهورها على نطاق واسع مع الحدث غير المسبوق الذي تشهده الولايات المتحدة الأميركية.
وعبّرَ جمهور منصات التواصل الاجتماعي عن مشاعر متنوعة انتابتهم تجاه تلك الحرائق، وتراوحت بين «التعاطف مع الضحايا وحالة الدمار التي اجتاحت لوس أنجليس»، و«الشماتة في الولايات المتحدة نتيجة صمتها تجاه ما يحدث في قطاع غزة».
وقفزت «الهاشتاغات» المتفاعلة مع الحرائق إلى صدارة «التريند» في الدول العربية، وأبرزها (#حرائق_كالفورنيا)، و(#لوس_أنجلوس)، و(#أمريكا_تحترق)، و(#مخيمات_لوس_أنجلوس).
فمع تدمير الحرائق أجزاءً كاملة من ثاني كبرى المدن الأميركية، ومشاهد المنازل والسيارات المشتعلة، أبدت بعض الحسابات تعاطفها مع المواطنين بالمدينة، وإشفاقها على فزع الأمهات على أطفالهن.
#حرايق_كالفورنيا أنا متعاطف مع المواطنين مع خوفهم وحزنهم، مع أم فزعت على أبنها، وأب فقد ابنته، لكني متشفي بالخسائرالمادية،اناسعيد بالتدخل الكوني ضدالجبروت والإستكبار وسعيد بالرسالة التي يذكرهم إنكم لستم ألهة الكون ولستم على كل شيئ قدير .ويمكن في لحظة ماأن تُخرب الدنياعلئ رؤسكم pic.twitter.com/kMiyYH8OSm
— عاصم راجح Asim Rajeh (@asim_rajeh) January 11, 2025
بينما أشار البعض إلى تعاطفهم مع الأشجار والنباتات وحيوانات الغابات.
صفر تعاطف مع امريكا و الامريكانالشيء الوحيد اللي كاسر خاطر الشجر والحيوانات !!
— ✨ (@YunaK1991) January 11, 2025
وأتت النيران على أكثر من 12 ألف مبنى، و15 ألف هكتار من الأراضي، وسط ترجيحات من وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية أن «تكون الحرائق من بين الكوارث الطبيعية الأعلى تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة».
في المقابل، أكد بعض رواد «السوشيال ميديا» صراحة أنهم لا يشعرون بأي تعاطف إنساني مع ما يحدث، وأن الأحق بالتعاطف هم العرب والمسلمون.
أقسم بالله بإني لا أشعر بأي تعاطف إنساني تجاه ما يحدث من حرائق في أمريكا أبداً أبداً أبداً، وإني أرثي لحال من يتعاطف معهم وعليه أن يسخّر تعاطفه لإخوانه المسلمين هم أولى وأحق بتعاطفه..لقد أحرقوا الشرق الأوسط بما يكفي وما زالوا..فالله ينتقم لنا كيفما أراد والحمدلله على عدله.
— عبد العزيز (@Azooz_Alzeen) January 11, 2025
كما وصف آخرون ما تشهده أميركا بأنه «عدالة إلهية».
أنا معاكى شمتان أوى أوى
— Ahmed Shoaib (@AhmedSh36557650) January 12, 2025
وبينما تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن أخيراً عن أن المشهد «أشبه بساحة حرب وعمليات قصف»، عقد كثير من رواد «التواصل» مقارنات بين المشاهد في قطاع غزة ومدينة لوس أنجليس، عبر نشر صور تعكس حالة الدمار بين الجانبين.
إخلاء المستشفيات في كاليفورنيا بسبب الحرائقأليست نفس المشاهد التي رأيناها في مستشفى الشفاء ومستشفى كمال عدوان!"وما كان ربُّكَ نسياً"! pic.twitter.com/TpLDMDf9oe
— أدهم شرقاوي (@adhamsharkawi) January 10, 2025
وبينما أجبرت الحرائق عشرات الآلاف على إخلاء منازلهم، والذي وصفه رواد «التواصل» بأنه «أكبر عملية نزوح في تاريخ أميركا»، شبّه البعض مشاهد الهاربين بسبب حرائق لوس أنجليس بمشاهد نزوح سكان شمال قطاع غزة إلى جنوبه، في أعقاب حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والدمار الذي تعرضت له منازلهم.
أمريكا تحترق ، اللهم لاشماته . غزه تباد بيد الصهاينه بتآمر أمريكي - غربي ، سبحان الله
— مصطفى بكري (@BakryMP) January 11, 2025
كما امتدت المقارنات إلى مشاهد تلقّي الفارين من الحرائق للمساعدات من طعام وملابس في المخيمات التي أقيمت لهم، في مقابل ما يعانيه سكان غزة من ظروف صعبة داخل مخيماتهم.
كفاية خوف من المجتمع انا مش قادرة نتشمت فاللي صاير فأمريكاالموضوع إنساني يعني
— شيما ملكة العالم (@Sh_04_sh) January 12, 2025
ويرى المتخصص في تطوير المحتوى الرقمي بمصر، محمد الهواري، أن «التفاعل بشأن الحرائق على (السوشيال ميديا) العربية، يُمكن تفسيره بأنه خطاب انفعالي، سواء كان للتعاطف أم الشماتة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض المتابعين رافضون لموقف أميركا مما يحدث في غزة، ومن ثَمَّ وجدوا الحرائق فرصة للتعبير عن رأيهم».
الاختصاصية النفسية والاجتماعية في مصر، داليا الحزاوي، ذكرت أن «إظهار (الشماتة) و(السخرية) من بعض رواد (التواصل) جاء رد فعل لسياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لذلك رأى البعض أن هذه الحرائق (عقاب من الله)»، مضيفةً أن «الدافع وراء الشماتة هو الإحساس بالظلم تجاه ما تقوم به الإدارة الأميركية».
الشماته لا تليق والتشفي بنوازِل الناس أمر مُعيب.
— د. رائـد عباس الحسن® (@raed_a_alhassan) January 12, 2025
كما أوضحت الحزاوي لـ«الشرق الأوسط» أن حالة التعاطف مع الحرائق وجدناها تتمثل في أكثر من شكل عبّر عنه رواد مواقع (التواصل)، وصلت إلى استعداد البعض لتقديم المساعدات والإغاثات، وهذا التعاطف مع هذه الكارثة الطبيعية شأن إنساني بعيد عن الحسابات العقلية والسياسية.
ومع تناقُل مقاطع الفيديو والصور للحرائق المستعرة، شبّه بعض المغردين ما يحدث بأنه يحاكي مشاهد تمثيلية في أفلام سينما هوليوود، لافتين إلى تحوُّل منازل نجوم السينما الأميركية في كاليفورنيا، التي تُقدَّر قيمتها بالملايين، إلى أكوام من الرماد بفعل الحرائق، وجذب النجم ميل جيبسون اهتمام كثيرين بحديثه عما يشبه نظريات المؤامرة حول أسباب اشتعال هذه الحرائق.
هوليوود فلم . . . . . . . . . . . . vs . . . . الواقع pic.twitter.com/IGbF1EPGQF
— مطشر ابن مرشد (@motasher) January 12, 2025
كما وصف آخرون الحرائق بأنها مشهد من «يوم القيامة»، وتناقلت كثير من الحسابات مقطع فيديو لـ«تيك توكر» يوثق من خلاله لوس أنجليس بعد الحرائق كأنها مدينة من نهاية الزمان.
#أمريكاتيك توكر يوثق لوس أنجلوس بعد الحرائق وكأنها مدينة من نهاية العالم.#LosAngelesFires #CaliforniaWildfires #NCT127 #sstvi #StarAcademy pic.twitter.com/fFM1pYp44i
— Gada hashim (@ggh_hashem) January 12, 2025
وتناول إعلاميون عرب ما تنقُله الصور الواردة من مناطق الحرائق من مشاهد الدمار الكبير الذي خلَّفته الكوارث، وصعوبة السيطرة على النيران وسط الرياح العاتية.
حرائق لوس أنجلوس ضمن الكوارث الأكثر تكلفة في التاريخ الأمريكي #على_مسئوليتي #صدى_البلد pic.twitter.com/tl9K2d26gd
— صدى البلد (@baladtv) January 11, 2025
ونال كثير من التعليقات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بـ«الشماتة»، حيث اتفق أصحابها أنه «تَوَعَّدَ الشرق الأوسط بالجحيم، فانقلب عليه تهديده». كما رأى متابعون أن حرائق الولايات المتحدة «نهاية تليق بحقبة بايدن، وبداية تليق بسنوات ترمب».
الجحيم يضرب الولايات المتحدة قبل أن يشعله دونالد ترمب في الشرق الأوسط.لوس أنجلوس؛ المدينة التي كانت رمزًا للأحلام في حكايات السينما، صارت اليوم مسرحًا لكابوسٍ حقيقي. النيران لا تعرف حدودًا، والدمار لا يعرف رحمة.ها هي لوس أنجلوس تغرق في بحر من النيران وكأنها مشاهد تُجسّد فيلم... pic.twitter.com/unQMq7FQtI
— مصطفى كامل (@mustafakamilm) January 9, 2025
عودة إلى الهواري الذي تَحَدَّثَ عن «المحتوى الخاص بالحرائق على منصات التواصل الاجتماعي بوصفه نوعاً من الاستهلاك دون وجود مساحات للتحقُّق من صحته، حيث شهدنا تداول (أخبار كاذبة) مثل المشاركة الواسعة لمقاطع فيديو تروِّج لعمليات نزوح في لوس أنجليس، وقد تَبَيَّنَ لاحقاً أنها غير حقيقية، وهو ما يطرح تساؤلات بخصوص أهمية الوعي المعلوماتي على منصات التواصل الاجتماعي».